الحكومة المصرية تتأهب لـ«إقامة كاملة» في العاصمة الجديدة

توقعات باستكمال نقل الموظفين مايو المقبل

جانب من اجتماع مجلس الوزراء المصري في مقره بالعاصمة الجديدة (الحكومة المصرية)
جانب من اجتماع مجلس الوزراء المصري في مقره بالعاصمة الجديدة (الحكومة المصرية)
TT

الحكومة المصرية تتأهب لـ«إقامة كاملة» في العاصمة الجديدة

جانب من اجتماع مجلس الوزراء المصري في مقره بالعاصمة الجديدة (الحكومة المصرية)
جانب من اجتماع مجلس الوزراء المصري في مقره بالعاصمة الجديدة (الحكومة المصرية)

تتأهب الحكومة المصرية لإقامة كاملة بجميع وزاراتها، في العاصمة الإدارية الجديدة، خلال الأشهر القليلة المقبلة، وذلك بعد أن تحقق انتقال فعلي لـ14 وزارة، فضلاً عن بعض الجهات والهيئات، بداية مارس (آذار) الجاري.
ووفق خالد عباس، رئيس مجلس إدارة شركة العاصمة الإدارية، فإن «العاصمة باتت في جاهزية تامة لاستقبال الموظفين»، مضيفا لـ«الشرق الأوسط»: «انتهت الشركة من تجهيز 20 مبنى إداريا لاستقبال أكثر من 9 آلاف موظف في الدولة، كما تم تشكيل لجنة من قبل رئاسة الوزراء للتأكد من مدى جاهزية المباني».
ويردف «حسب خطة الانتقال المعتمدة، التي تسير على مرحلتين، الأولى تمت بالفعل وشملت 14 وزارة، ومرتقب تنفيذ المرحلة الثانية في منتصف مايو القادم، لتشمل ما تبقى من الجهاز الإداري للدولة».
ويشير «عباس» إلى أن خطة الانتقال انطلقت في التنفيذ الفعلي بعدما تم توفير وحدات سكنية وبدلات لتسهيل الانتقال، ويقول: «كل موظف يحصل على بدل انتقال 2000 جنيه شهرياً، فضلاً عن أنه تم التنسيق مع وزارة النقل لتوفير أتوبيسات حكومية وأخرى تابعة لجهات خاصة لتسهيل مهمة الانتقال الداخلي والخارجي من وإلى الحي الحكومي في العاصمة الإدارية».
ويعدد «عباس» مزايا انتقال الجهاز الإداري بالدولة المصرية إلى العاصمة الإدارية معتبراً أنها بمثابة فرصة لتطوير منظومة عمل الموظفين، ويوضح «العاصمة الإدارية مدينة ذكية تعمل على النموذج الإلكتروني بالكامل، وهذا يحاكي خطة الدولة للتحول الرقمي، والذي يشمل التعاون التشاركي بين الوزارات ومن ثم توفير خدمات أفضل وأسرع للمواطنين». ويضيف «لن يحتاج المواطن لاحقا إلى عناء إتمام المصالح والخدمات الحكومية، بعدما باتت منظومة لا ورقية تتيح الاستفادة من جميع الخدمات من خلال التعاملات الإلكترونية عبر الإنترنت».
وانطلق مشروع العاصمة الإدارية الجديدة في مارس 2015 بهدف تخفيف الضغط على القاهرة، التي باتت مهددة بأن تتحول إلى مدينة مغلقة بحلول 2030 بسبب معدلات النمو السكاني، حسب تقديرات الوكالة اليابانية للتعاون الدولي والمعروفة بـ«جايكا» صدرت في 2010 واستشهد بها وزير الإسكان، الدكتور عاصم الجزار، في أكثر من مناسبة لتوضيح الدافع وراء التوسعات العمرانية.
وتبلغ مساحة مشروع العاصمة الإدارية الجديدة نحو 700 كيلومتر مربع بنحو 170 ألف فدان، وحسب تصريحات حكومية، منتظر أن يتم تنفيذها بالكامل على ثلاث مراحل، تشمل المرحلة الأولى مساحة تقدر بنحو 168 كيلومتراً مربعاً (40 ألف فدان)، ما يعادل نصف مساحة القاهرة تقريباً، التي تبلغ نحو 90 ألف فدان.
ويعتبر الانتقال الكامل إلى العاصمة الإدارية الجديدة مشروعا مؤجلا، فكان مخططا له أن يتم تنفيذه في 2020. غير أن جائحة كورونا ومن بعدها الحرب الروسية الأوكرانية عصفت بالخطة وأرجئ انتقال الجهاز الإداري بالدولة حتى 2023.
ووفقاً للدكتورة يمنى الحماقي، أستاذة الاقتصاد بجامعة عين شمس، فإن انتقال الجهاز الإداري للدولة إلى العاصمة الإدارية، له قيمة اقتصادية تشمل محورين، تقول لـ«الشرق الأوسط»: «جميع مقرات الوزارات والجهات الحكومية والهيئات تتمركز في قلب القاهرة، في مناطق حيوية قريبة من نهر النيل، ومن ثم تعد أصولاً وثروات قيمة، يمكن استغلال هذه القيمة اقتصادياً من خلال طرحها للبيع لمستثمرين أجانب من خلال مناقصات تضمن تحقيق عائد اقتصادي يليق بقيمتها».
وتطرح المحور الثاني والذي يشمل ضرورة تفعيل قانون الخدمة الوطنية، وتوضح: «مراراً وتكراراً، طرحت فكرة إعادة هيكلة الجهاز الحكومي على نحو مشجع لمناخ الاستثمار».
وترهن أستاذ الاقتصاد نجاح تجربة انتقال الجهاز الإداري إلى العاصمة بتحقيق الإصلاحات الفعلية، وتضيف: «نحن بحاجة إلى توصيف وظيفي يحدد دور كل جهاز بالدولة، ووضع معايير وشروط اختيار الموظفين، وتقييم الأداء الوظيفي وفقاً لهذه المعايير للتأكد من سلامة المنظومة بالكامل ومن ثم تحقيق الهدف الأساسي منها وهو جذب الاستثمار وتحسين المنظومة الاقتصادية ككل». غير أن «الحماقي» أعربت عن أن ثمة قلقاً بشأن البرامج التأهيلية للموظفين قبل الانتقال الكامل.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.