هل تعيد مبادرة باتيلي ترتيب المشهد السياسي الليبي؟

وسط تباين بشأن الأطراف الرابحة والخاسرة

عبد الله باتيلي المبعوث الأممي إلى ليبيا (البعثة الأممية)
عبد الله باتيلي المبعوث الأممي إلى ليبيا (البعثة الأممية)
TT

هل تعيد مبادرة باتيلي ترتيب المشهد السياسي الليبي؟

عبد الله باتيلي المبعوث الأممي إلى ليبيا (البعثة الأممية)
عبد الله باتيلي المبعوث الأممي إلى ليبيا (البعثة الأممية)

وسط تباين في الآراء حول المستفيدين والخاسرين من المبادرة التي طرحها عبد الله باتيلي، المبعوث الأممي إلى ليبيا، المتعلقة بالانتخابات المنتظرة، تساءل سياسيون عن مدى قدرة الطرح الأممي على إعادة ترتيب المشهد السياسي بالبلاد، من عدمه.
ووصف أسعد زهيو رئيس الهيئة التأسيسية لحزب «التجمع الوطني الليبي» الوضع الراهن بأنه سباق بين مؤيدي المبادرة الأممية من جهة، ومؤيدي مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» من جهة ثانية، لكنه قال إن «الفريق الذي يستطيع تنفيذ أهدافه أولاً سيكون في مقدمة الأطراف الرابحة والمتحكمة بالمشهد».
وأضاف زهيو لـ«الشرق الأوسط» أن «مؤيدي مبادرة باتيلي يمثلون شريحة واسعة ممن سئموا مناكفات مجلسي النواب و(الأعلى للدولة)، ويرون أنهما أهدرا كثيراً من الفرص في الخلافات بينهما خلال الفترة الماضية حول الإطار الدستوري، وأن طرح باتيلي هو الأقرب لإنهاء المراحل الانتقالية».
وتقضي المبادرة، التي طرحها باتيلي، بتشكيل لجنة توجيهية رفيعة المستوى تجمع كل أصحاب المصلحة، والمؤسسات، والشخصيات، وزعماء القبائل، والنساء والشباب، مهمتها الوصول للانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
ويرى زهيو أن مؤيدي المبادرة يحظون «بدعم الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وألمانيا، بينما يحظى الفريق الثاني من مؤيدي النواب و(الأعلى للدولة) بدعم قوى دولية لها ثقلها، من بينها روسيا والصين».
ووفقاً لزهيو، فإنه في «حال نجاح المجلسين في إقرار القوانين الانتخابية، فلن يكون أمام باتيلي إلا التسليم بقرارهما كونهما جسمين وطنيين، وحينها سيكون رئيس حكومة (الوحدة) عبد الحميد الدبيبة، هو الخاسر الأبرز نظراً للخصومة السياسية المعلنة معهما».
بيد أنه إذا استطاع المبعوث الأممي استصدار قرار من مجلس الأمن بالتصديق على مبادرته، فسيكون وضع الدبيبة أفضل «نسبياً»، حيث يرى زهيو أن الأخير «سوف يستمر بموقعه أشهراً قليلة، بينما بات خصومه خارج المشهد السياسي».
واعتبر عضو «ملتقى الحوار السياسي» أحمد الشركسي، بالمثل أن الدبيبة، «مستهدف» أيضاً من قبل مبادرة باتيلي، ولكن بدرجة أقل من مجلسي النواب و«الأعلى للدولة».
واستبعد الشركسي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» ما يردده البعض بتلقي الدبيبة رسائل طمأنة من قبل القوى الغربية باستمرار حكومته وإشرافها على الانتخابات المرتقبة، وقال: «الدبيبة يعلم أنه لو نجح المجلسان في وضع القوانين الانتخابية وقطع الطريق على مبادرة باتيلي، فسيكون أول قرار لهما هو الإطاحة بحكومته، وبالتالي لا يملك سوى التعاطي مع المبادرة».
وفيما يتعلق بوضع فتحي باشاغا، رئيس حكومة «الاستقرار» فرأى الشركسي، أنه «في كل الأوضاع باتت خارج الخريطة السياسية»، منوهاً بأن باتيلي «لم يشر لباشاغا أو حكومته، ولو بكلمة واحدة، أما مجلس النواب الذي كلفه فأعلن منذ مدة طويلة اعتزامه و(الأعلى للدولة) تشكيل حكومة جديدة ثالثة».
وأرجع الشركسي ترحيب سيف الإسلام القذافي بالمبادرة «لتعويله على أن روسيا لن تقبل بتمريرها في مجلس الأمن، إلا إذا خلت من شروط إقصائه من الرئاسيات».
وفي اتجاه مغاير، رأى وكيل وزارة الخارجية الأسبق بالحكومة المؤقتة، حسن الصغير، أن موقف باتيلي، بات هو «الأكثر تضرراً وصعوبة، خصوصاً بعد موافقة (الأعلى للدولة) على التعديل الـ13 للإعلان الدستوري».
وقال الصغير لـ«الشرق الأوسط» إن البعثة لم تجرِ مشاورات كافية لتحقيق التوافق حول مبادرتها، خصوصاً مع الأطراف الفاعلة بمجلس الأمن. ويرى الصغير، أنه «سواء استمر (النواب) و(الأعلى للدولة) في تطبيق التعديل أو استطاع باتيلي تطبيق مبادرته، فإن الدبيبة بات بموقف لا يحسد عليه».
وتابع: «الدبيبة لا يرغب في الانتخابات أو مغادرة موقعه، وبالتالي خياره الوحيد التوافق مع خصومه، أي المجلسين و(الجيش الوطني)، والقيام بتعديل وزاري، وتحديداً بالحقائب السيادية، واتفاقهم جميعاً على بدء الترتيب للانتخابات نهاية العام المقبل، أو بداية عام 2025».
واستبعد المحلل السياسي الليبي، أحمد المهدوي، إمكانية إجراء الانتخابات نهاية العام الحالي، خصوصاً في ظل عدم حدوث تقدم يذكر في الملفات الجوهرية الشائكة، وهي خروج القوات الأجنبية والمرتزقة من الأراضي الليبية، واستمرار فوضى السلاح.
ورفض المهدوي، تصنيف معارضي مبادرة باتيلي بأنهم مؤيدون لمجلسي النواب و(الأعلى للدولة) أو أصحاب مصالح في استمرارهما، موضحاً: «هناك قوى وطنية عديدة على الرغم من عدم ثقتها بالمجلسين فإنها لا تثق أيضاً بموقف البعثة الأممية؛ ولهؤلاء مبرراتهم الجدية من أن البعثة، وعلى مدار أكثر من عقد، عملت على إدارة الأزمة وليس حلها».
وانتهى المهدوي إلى القول: «هؤلاء يستشعرون الآن بأنهم بصدد حل تم إسقاطه من المجتمع الدولي، ويستهدف بالدرجة الأولى إعادة تقاسم مصالح هذا المجتمع بالساحة الليبية، أكثر من استهدافه إجراء انتخابات تلبي تطلعات الليبيين».


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

الرئيس المصري يؤكد أهمية الحفاظ على وحدة سوريا وسلامة أراضيها

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال استقبال جيك سوليفان مستشار الأمن القومي الأميركي (الصفحة الرسمية للمتحدث باسم الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال استقبال جيك سوليفان مستشار الأمن القومي الأميركي (الصفحة الرسمية للمتحدث باسم الرئاسة المصرية)
TT

الرئيس المصري يؤكد أهمية الحفاظ على وحدة سوريا وسلامة أراضيها

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال استقبال جيك سوليفان مستشار الأمن القومي الأميركي (الصفحة الرسمية للمتحدث باسم الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال استقبال جيك سوليفان مستشار الأمن القومي الأميركي (الصفحة الرسمية للمتحدث باسم الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اليوم السبت، الأهمية القصوى للحفاظ على وحدة سوريا وسلامة أراضيها وأمن شعبها، جاء ذلك خلال استقبال السيسي، اليوم، جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي الأميركي، وبريت ماكغورك منسق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمجلس الأمن القومي الأميركي، بحضور الدكتور بدر عبد العاطي وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج، وحسن رشاد رئيس المخابرات العامة، والسفيرة الأميركية بالقاهرة هيرو مصطفى جارج.

وصرح المتحدث باسم الرئاسة المصرية محمد الشناوي، في بيان نشره على صفحة الرئاسة بموقع «فيسبوك»، بأن اللقاء تناول مستجدات الأوضاع الإقليمية، واستعرض جهود الجانبين للتوصل إلى اتفاق لوقف لإطلاق النار وتبادل المحتجزين في غزة، إذ شدد الرئيس المصري على أهمية التحرك العاجل لإنفاذ المساعدات الإنسانية إلى القطاع، خصوصاً مع دخول فصل الشتاء، وتم التأكيد على حل الدولتين باعتباره الضمان الأساسي لتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط.

وأضاف المتحدث أن اللقاء تناول كذلك استعراض تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، وسبل المحافظة عليه، باعتباره نواة لجهود التهدئة الإقليمية، وكذا تطورات الوضع في سوريا. وأوضح المتحدث أنه تم التأكيد خلال اللقاء على عمق العلاقات الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة، وحرص البلدين على مواصلة تعزيزها بما يخدم مصالحهما المشتركة.