المسلسلات اللبنانية ـ السورية في رمضان: «عنصرية» ومطاردة وحب وحرية!

«وأخيراً»... «للموت 3»... «النار بالنار»... مع «الزند»

تيم حسن يخلع عباءة  شيخ الجبل في «الزند»      -       نادين نجيم وقصي خولي في قصة حب وحرية بمسلسل «وأخيراً»
تيم حسن يخلع عباءة شيخ الجبل في «الزند» - نادين نجيم وقصي خولي في قصة حب وحرية بمسلسل «وأخيراً»
TT

المسلسلات اللبنانية ـ السورية في رمضان: «عنصرية» ومطاردة وحب وحرية!

تيم حسن يخلع عباءة  شيخ الجبل في «الزند»      -       نادين نجيم وقصي خولي في قصة حب وحرية بمسلسل «وأخيراً»
تيم حسن يخلع عباءة شيخ الجبل في «الزند» - نادين نجيم وقصي خولي في قصة حب وحرية بمسلسل «وأخيراً»

طُرحت الـ«بوسترات» فأشعلت الحماسة. أبطال مسلسلات رمضان يشوّقون المنتظرين. جبين نادين نجيم على جبين قصي خولي في «قصة حب وحرية». هذا اختزالها لمسلسل «وأخيراً» من بطولتيهما. ماغي بوغصن ودانييلا رحمة تسبحان بصخب حياتهما. عودتهما في «للموت 3» مُنتظَرة، بعد تخبّط سيارتهما بالبحر. على «البوستر» يشير اللون الأزرق إلى الغرق. الوجوه الثلاثة المُشكّلة لبطولة مسلسل «النار بالنار»؛ عابد فهد، كاريس بشار، وجورج خباز، تنذر بجدلية متوقَّعة تُوقدها العلاقة الحسّاسة بين شعبيْ لبنان وسوريا.
ثلاثة أعمال مشتركة تطلّ بثقة على موسم رمضان 2023. وإن كان لا بدّ من حديث عن رابع، فهو «الزند» من بطولة تيم حسن. صحيح أنه سوري محض، ولا أسماء لبنانية تتلبّس شخصياته، لكنّ وقْع النجم بعد «الهيبة» يجعله طرفاً في الانتظار اللبناني، ويرفع التشويق حيال جديده «المُنسلخ» فيه عن «جبل شيخ الجبل».
يبقى لدراما رمضان مكانة خاصة؛ لارتباط المُشاهدة بالعادات والطقوس. منذ ثورة «شاهد»، والمسلسلات ترافق العام، لا تستريح ولا تضبط ساعتها على مزاج موسم. تدفقٌ طوال الوقت. ومع ذلك يؤرق شهر الصوم المنشغلين في الصناعة، يخططون ويسابقون الزمن للحاق بالقطار، ولا يفضّلون الخروج على سكّته. غياب شركة «الصبّاح أخوان» عن المنافسة الرمضانية على مستوى الدراما العربية المشتركة، في الموسم الفائت، تعوّضه بعملين مشتركين وثالث يوطّد ثنائية تيم حسن والمخرج سامر البرقاوي. جمال سنّان صاحب «إيغل فيلمز» يجدد رهانه على «للموت»، يراه «من أضخم الأعمال»، ويَعِد بـ«منافسة قوية ستجعله في الطليعة».

- «وأخيراً»: ماذا وراء القوة؟
كرَّس لقاء نادين نجيم وقصي خولي مسلسلُ «عشرين عشرين» (رمضان 2021) رغم اجتماعهما ومعتصم النهار في «خمسة ونص» (2019). وفي «أخيراً» يجددان الثنائية. المسلسل من 15 حلقة بعد حديث عن 30 حلقة كتبها بلال شحادات، فتغيّرت دفة القيادة بتسلُّم أسامة الناصر التأليف والإخراج، وتقلَّص العدد.
بالنسبة إلى نجيم، «صحيح أنها 15 حلقة لكنها تعادل الـ100». يتكلّم المنتج صادق الصبّاح عن «حلقات مكثفة» وهو يشير إلى «عمل مميز يتناول عالماً حقيقياً». تحمل بطلته اسم «خيال»، وبطله «ياقوت». ماضيها الأليم يحُول دون اكتمال الأشياء، وما القوة الخارجية لامرأة نافذة سوى قناع يخبّئ الندوب والعتم!
تشارك في البطولة منى واصف مع كميل سلامة، وغبريال يمّين، وسعيد سرحان، وبرناديت حديب... هنا الغاية تبرر الوسيلة، والحب الكبير يُسبب جرحاً أكبر. مسرح الأحداث إحدى ضواحي بيروت الشاهدة على تحولات المشاعر والأشخاص.
يقف قصي خولي للمرة الثانية أمام كاميرا أسامة الناصر بعد مسلسل «بارانويا» (2021). «الله وليّ التوفيق»، يدوّن جملته الشهيرة استعداداً لأداء دور «ياقوت»، بعد الإطلالة الأخيرة له بشخصية أستاذ الرياضيات «وليد» في مسلسل «من... إلى» (2022).

ماغي بوغصن ودانييلا رحمة  في «للموت 3»      -      ثلاثية «النار بالنار»، عابد فهد بين كاريس بشار وجورج خباز

- «للموت 3»: الحياة هي الخوف
يرفع المسلسل شعار الجزء الثالث: «ما تخاف من الموت... خاف من الحياة». لدى كاتبته نادين جابر ما تقوله بعد موسميْن، لثقتها بأن حكاية بطلتيها سحر (ماغي بوغصن) وريم (دانييلا رحمة) لم تنتهِ. وفق صنّاع المسلسل، «كل شيء جديد»، الأرضية والظروف وبعض الشخصيات.
«كأنه مسلسل آخر»، يُشوّقون. تُغني التركيبة أسماء تطلّ بعد غياب بطلَي الموسميْن باسم مغنية وأحمد الأحمد. يثير اسم فايز قزق الفضول عما سيقدّمه بعد شخصيته الجدلية في «كسر عضم» (رمضان الفائت). وإلى مهيار خضور ويامن الحجلي، تبرز ورد الخال بين الوجوه الجديدة. تُجدد وقوفها أمام كاميرا فيليب أسمر منذ اللقاء الأول بينهما في مسلسل «مدام كارمن» قبل أن تكرّ السبحة.
مع «للموت 3» (30 حلقة)، تعود الخال إلى دراما رمضان الغائبة عنها منذ عام 2019 (مسلسل «أسوَد»). دورها مُستفز يرتبط بمصير «سحر» و«ريم». تهوى الشخصية الشائكة وبراعتها في تحريك الأحداث. انضمامها إلى أسماء يألفها الناس؛ منها أحمد الزين ورندا كعدي وكارول عبود وفادي أبي سمرا... يُحلّي المُشاهدة.
في تونس، صُوِّر بعض مجرى الأحداث. تشهد أرض سيدي بوسعيد مطاردة البطلتين لاحتمال النجاة. بلال التونسي وفاطمة بن سعيدان يشاركان بلهجة بلديهما في المسلسل.

- «النار بالنار»: حقل ألغام
عمل يبرّر التداخل اللبناني السوري في مسلسل. ناره مستعرة، تُشعل أخذاً وردّاً بعد العرض. تناوُله العلاقات بين اللبنانيين واللاجئين السوريين في حيّ شعبي بيروتي، «عاصفة» لن تمرّ بهدوء. يلعب بالنار، واسمه يشهد!
البطولة لعابد فهد بدور «عمران» مع كاريس بشار بشخصية «مريم» المحجبة. بينهما جورج خباز بدور «عزيز» الناقم على اللجوء السوري. تخرج إلى العلن ما تتستّر عليه المسلسلات: إشكالية «العنصرية» ضدّ اللاجئين السوريين. الانهيار الاقتصادي في لبنان يفاقم واقعية التجاوز الأخلاقي والتجارة غير المشروعة. يبقى الحب هو الخلاص، فيغسل أحقاداً ويُهدّئ نفوساً.
المسلسل يسير في حقل ألغام؛ تأليف رامي كوسا، وإخراج محمد عبد العزيز، مع طوني عيسى، وزينة مكي، وفيفيان أنطونيوس، وأنجو ريحان، وطارق تميم، وساشا دحدوح... سبقت «LBCI» المحطات اللبنانية بإعلان عرضه، وهو من 30 حلقة. تتوجّه الأنظار إلى «النوايا» وكيفية المعالجة.

- «الزند»: وداع «جبل»
بشاربيْن عريضين ولحية خفيفة، يطلّ تيم حسن بشخصية «عاصي الزند». المسلسل سوري، كتابة المسرحي عمر أبو سعدة، وإخراج سامر البرقاوي، «نُقحمه» هنا؛ لكون بطله ممن ينتظر اللبنانيون جديده بعد 5 مواسم من «الهيبة» وفيلمها.
ارتباط العمل بحوض نهر العاصي والقرى المحيطة به، يفرض هوية مشروع يمتد على 60 حلقة تنقسم بين موسمين رمضانييْن. يوضح صنّاعه أنه ليس مسلسلاً تاريخياً رغم أن الأحداث تجري في القرن التاسع عشر، وشخصياته لا تتكلم بالفصحى. إنه «قصصنا وحكاياتنا ونسيجنا الاجتماعي»، من بطولة دانا مارديني، وفايز قزق، وأنس طيارة، وريهام قصار. مثيرٌ انتظار وداع «جبل» إلى الأبد.


مقالات ذات صلة

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

يوميات الشرق رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً. فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه.

يوميات الشرق ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.

محمود الرفاعي (القاهرة)
يوميات الشرق معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

زائرون يشاهدون عرضاً في معرض «أحلام الطبيعة - المناظر الطبيعية التوليدية»، بمتحف «كونستبلاست للفنون»، في دوسلدورف، بألمانيا. وكان الفنان التركي رفيق أنادول قد استخدم إطار التعلم الآلي للسماح للذكاء الصناعي باستخدام 1.3 مليون صورة للحدائق والعجائب الطبيعية لإنشاء مناظر طبيعية جديدة. (أ ب)

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق «نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

«نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

ستُطرح رواية غير منشورة للكاتب غابرييل غارسيا ماركيز في الأسواق عام 2024 لمناسبة الذكرى العاشرة لوفاة الروائي الكولومبي الحائز جائزة نوبل للآداب عام 1982، على ما أعلنت دار النشر «راندوم هاوس» أمس (الجمعة). وأشارت الدار في بيان، إلى أنّ الكتاب الجديد لمؤلف «مائة عام من العزلة» و«الحب في زمن الكوليرا» سيكون مُتاحاً «عام 2024 في أسواق مختلف البلدان الناطقة بالإسبانية باستثناء المكسيك» و«سيشكل نشره بالتأكيد الحدث الأدبي الأهم لسنة 2024».

«الشرق الأوسط» (بوغوتا)

الشاعر طلال حيدر مكرماً كأحد أعمدة قلعة بعلبك

الشاعر طلال حيدر مكرماً كأحد أعمدة قلعة بعلبك
TT

الشاعر طلال حيدر مكرماً كأحد أعمدة قلعة بعلبك

الشاعر طلال حيدر مكرماً كأحد أعمدة قلعة بعلبك

قليلاً ما يتحول حفل تكريم مبدع كبير إلى احتفاءٍ بكل الحلقة الخلاّقة التي تحيط به. هذا يتطلب رقياً من المكرّم والمنظمين، يعكس حالةً من التسامي باتت نادرة، إن لم تكن مفقودة.

فمن جماليات حفل تكريم الشاعر الفذّ طلال حيدر على «مسرح كركلا»، برعاية وزير الإعلام اللبناني زياد المكاري وحضوره، الأحد الماضي، هذا التحلق اللافت لجمع من الشعراء وأهل الفكر والثقافة والفنانين والإعلاميين، حول شاعرهم الذي رفد الأغنية اللبنانية بأجمل القصائد، وأغنى الشعر بصوره المدهشة وتعابيره المتفجرة.

طلال حيدر قبل التكريم مع الفنان عبد الحليم كركلا ووزير الإعلام زياد المكاري

طربيه ودور البطل

قدم الحفل الممثل القدير رفعت طربيه الذي هو نفسه قيمة فنية، معتبراً أن حيدر «كان دائماً البطل الأول على (مسرح كركلا). فهو ابن الأرض، وابن بعلبك، لكنه في الوقت عينه واكب الشعر العالمي ودخل الحداثة فكراً وصورةً وإيقاعاً، راكباً صهيل الخيل». فليس شائعاً أن يترجم شاعر بالعامية إلى لغات أجنبية كما هي دواوين المكرّم وقصائده.

عبد الحليم كركلا مع الشاعر نزار فرنسيس (خاص - الشرق الأوسط)

ومن أرشيف المايسترو عبد الحليم كركلا، شاهد الحضور فيلماً قصيراً بديعاً، عن طلال حيدر، رفيق طفولته ودربه طوال 75 عاماً. قال كركلا: «لقاؤنا في طفولتنا كان خُرافياً كَأَسَاطِيرِ الزَمَان، غامضاً ساحراً خارجاً عن المألوف، حَصَدنَا مَواسم التراث معاً، لنَتَكَامل مع بعضنا البعض في كل عمل نبدعه».

فيلم للتاريخ

«طلال حيدر عطية من عطايا الله» عنوان موفق لشريط، يظهر كم أن جيل الستينات الذي صنع زهو لبنان ومجده، كان متآلفاً متعاوناً.

نرى طلال حيدر إلى جانبه كركلا، يقرآن قصيدة للأول، ويرسمان ترجمتها حركةً على المسرح. مارسيل خليفة يدندن نغمة لقصيدة كتبها طلال وهو إلى جانبه، وهما يحضّران لإحدى المسرحيات.

لقطات أثيرة لهذه الورشات الإبداعية، التي تسبق مسرحيات كركلا. نمرّ على مجموعة العمل وقد انضم إليها سعيد عقل، ينشد إحدى قصائده التي ستتحول إلى أغنية، والعبقري زكي ناصيف يجلس معه أيضاً.

عن سعيد عقل يقول حيدر: «كنا في أول الطريق، إن كان كركلا أو أنا، وكان سعيد عقل يرينا القوى الكامنة فينا... كان يحلم ويوسّع حلمه، وهو علّمنا كيف نوسّع الحلم».

في أحد المشاهد طلال حيدر وصباح في قلعة بعلبك، يخبرها بظروف كتابته لأغنيتها الشهيرة «روحي يا صيفية»، بعد أن دندن فيلمون وهبي لحناً أمامه، ودعاه لأن يضع له كلمات، فكانت «روحي يا صيفية، وتعي يا صيفية، يا حبيبي خدني مشوار بشي سفرة بحرية. أنا بعرف مش رح بتروح بس ضحاك عليي».

في نهاية الحوار تقول له صباح: «الله ما هذه الكلمات العظيمة!»، فيجيبها بكل حب: «الله، ما هذا الصوت!» حقاً ما هذا اللطف والتشجيع المتبادل، بين المبدعين!

كبار يساندون بعضهم

في لقطة أخرى، وديع الصافي يغني قصيدة حيدر التي سمعناها من مارسيل خليفة: «لبسوا الكفافي ومشوا ما عرفت مينن هن»، ويصرخ طرباً: «آه يا طلال!» وجوه صنعت واجهة الثقافة اللبنانية في النصف الثاني من القرن العشرين، تتآلف وتتعاضد، تشتغل وتنحت، الكلمة بالموسيقى مع الرقصة والصورة. شريط للتاريخ، صيغ من كنوز أرشيف عبد الحليم كركلا.

المقطع الأخير جوهرة الفيلم، طلال حيدر يرتجل رقصة، ويترجم بجسده، ما كتبه في قصيدته ومعه راقصو فرقة كركلا، ونرى عبد الحليم كركلا، أشهر مصمم رقص عربي، يرقص أمامنا، هذه المرة، وهو ما لم نره من قبل.

عبد الحليم كركلا يلقي كلمته (خاص - الشرق الأوسط)

روح الألفة الفنية هي التي تصنع الإبداع. يقول حيدر عن تعاونه مع كركلا: «أقرأه جيداً، قرأنا معاً أول ضوء نحن وصغار. قبل أن أصل إلى الهدف، يعرف إلى أين سأصل، فيسبقني. هو يرسم الحركة التصويرية للغة الأجساد وأكون أنا أنسج اللغة التي ترسم طريق هذه الأجساد وما ستذهب إليه. كأن واحدنا يشتغل مع حاله».

طلال حيدر نجم التكريم، هو بالفعل بطل على مسرح كركلا، سواء في صوغ الأغنيات أو بعض الحوارات، تنشد قصائده هدى حداد، وجوزف عازار، وليس أشهر من قصيدته «وحدن بيبقوا مثل زهر البيلسان» التي غنتها فيروز بصوتها الملائكي.

أعلن رئيساً لجمهورية الخيال

طالب الشاعر شوقي بزيع، في كلمته، بأن ينصّب حيدر «رئيساً لجمهورية الخيال الشعري في دولة لبنان الكبير» بصرف النظر عمن سيتربع على عرش السياسة. ورغم أن لبنان كبير في «الإبداعوغرافيا»، كما قال الشاعر هنري زغيب، فإن طلال حيدر «يبقى الكلام عنه ضئيلاً أمام شعره. فهو لم يكن يقول الشعر لأنه هو الشعر».

وقال عنه كركلا: «إنه عمر الخيام في زمانه»، و«أسطورة بعلبك التي سكبت في عينيه نوراً منها، وجعلت من هيبة معابدها حصناً دفيناً لشعره». وعدَّه بطلاً من أبطال الحضارة الناطقين بالجمال والإبداع. سيعيش دوماً في ذاكرة الأجيال، شعلةً مُضيئةً في تاريخ لبنان.

الفنان مارسيل خليفة الذي تلا كلمته رفعت طربيه لتعذّر حضوره بداعي السفر، قال إن «شعره مأخوذ من المتسكعين والباعة المتجولين والعاملين في الحقول الغامرة بالخير والبركة». ووصفه بأنه «بطل وصعلوك في آن، حرّ حتى الانتحار والجنون، جاهليّ بدويّ فولكلوريّ خرافيّ، هجّاء، مدّاح، جاء إلى الحياة فتدبّر أمره».

وزير الإعلام المكاري في كلمته توجه إلى الشاعر: «أقول: طلال حيدر (بيكفّي). اسمُك أهمّ من كلّ لقب وتسمية ونعت. اسمُك هو اللقب والتسمية والنعت. تقول: كبروا اللي بدهن يكبروا، ما عندي وقت إكبر. وأنا أقول أنتَ وُلِدْتَ كبيراً»، وقال عنه إنه أحد أعمدة قلعة بعلبك.

أما المحامي محمد مطر، فركزّ على أن «طلال حيدر اختار الحرية دوماً، وحقق في حياته وشعره هذه الحرية حتى ضاقت به، لذا أراه كشاعر فيلسوف ناشداً للحرية وللتحرر في اشتباكه الدائم مع تجليات الزمان والمكان».

الحضور في أثناء التكريم (خاص - الشرق الأوسط)

وفي الختام كانت كلمة للمحتفى به ألقاها نجله علي حيدر، جاءت تكريماً لمكرميه واحداً واحداً، ثم خاطب الحضور: «من يظن أن الشعر ترف فكري أو مساحة جمالية عابرة، إنما لا يدرك إلا القشور... الشعر شريك في تغيير العالم وإعادة تكوين المستقبل».