برلمان ليبيا يرفض الاعتراف بشرعية محاكمة رموز نظام القذافي بطرابلس

ميليشيات الزنتان تصر على عدم تسليم سيف الإسلام إلى أي جهة دولية

برلمان ليبيا يرفض الاعتراف بشرعية محاكمة رموز نظام القذافي بطرابلس
TT

برلمان ليبيا يرفض الاعتراف بشرعية محاكمة رموز نظام القذافي بطرابلس

برلمان ليبيا يرفض الاعتراف بشرعية محاكمة رموز نظام القذافي بطرابلس

بينما قال مجلس النواب الليبي إنه يرفض الاعتراف رسميا بالأحكام الصادرة أخيرا من محكمة استئناف طرابلس في حق 37 شخصا من رموز وقيادات نظام العقيد الراحل معمر القذافي، أعلنت الميليشيات المسلحة، التي تحتجز نجله سيف الإسلام في مدينة الزنتان الجبلية، أنها لن تسلمه إلى السلطات غير المعترف بها دوليا في العاصمة الليبية طرابلس.
وحذر برلمان ليبيا المعترف به دوليا ميليشيات فجر ليبيا المسيطرة على العاصمة طرابلس، من مغبة تنفيذ هذه الأحكام، ولفت إلى أنها صدرت تحت الضغوط وبالإكراه، شأنها شأن حكم الدائرة الدستورية الذي صدر بإعلان بطلان عقد مجلس النواب جلساته في مقره المؤقت بمدينة طبرق، وذلك بعد انتقاله من العاصمة طرابلس.
وتعهد البرلمان بمحاسبة كل من تسول له نفسه المساس بأرواح وأملاك وحريات المواطنين، دون ضمان محاكمة عادلة، داعيا الأمم المتحدة وبعثتها في ليبيا إلى الاضطلاع بدورها الإنساني لوقف هذه الأحكام، حتى يتم تفعيل القضاء، وتتوفر مقتضيات المحاكمة العادلة النزيهة.
من جهته، أعلن العجمي العتيري، آمر كتيبة أبو بكر الصديق المكلفة حماية السجن الذي يقبع فيه نجل القذافي منذ سقوط نظام والده عام 2011، أنه لا يعترف بالحكم الذي أصدرته محكمة استئناف طرابلس، مشيرا إلى قرار وزير العدل الليبي السابق القاضي بوقف كل المحاكمات حتى تستقر البلاد.
واعتبر العجمي في تصريحات له أن محكمة طرابلس مسيطر عليها بقوة السلاح، وشدد على أن ميليشيات الزنتان لن تقوم بتسليم نجل القذافي إلى ما يسمى حكومة الإنقاذ الوطني غير المعترف بها دوليا في طرابلس، والتي تدعمها ميليشيات فجر ليبيا. وقال إن قوات الجيش لن تسلم سيف الإسلام القذافي إلى طرابلس، مبررا هذا الموقف بعدم الاعتراف بشرعية السلطات في طرابلس، وأن المحاكمة أجريت تحت فوهات البنادق.
كما استبعد العتيري تسليم سيف الإسلام إلى المحكمة الجنائية الدولية، موضحا في المقابل أن الميليشيات التي تحتجز نجل القذافي ستلتزم بما تقتضيه إجراءات السلطات الشرعية المتمثلة في مجلس النواب.
وكان العتيري يقود المجموعة المسلحة التي تمكنت في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2011 من اعتقال سيف الإسلام القذافي، البالغ من العمر 43 عاما، مع عدد من أعوانه، بينما كان يبحث عن ممر آمن في منطقة أوباري بالجنوب الليبي، في محاولة للفرار خارج البلاد.
واعترف العتيري وقتها بأن هذه المجموعة اعتقلت نجل القذافي عن طريق الصدفة البحتة، مشيرا إلى أن عناصر هذه المجموعة لم يكونوا مكلفين بالقبض على سيف الإسلام أو مطاردته، بل كانوا مكلفين بتأمين وحماية بعض المواقع النفطية، إضافة إلى حراسة الحدود الليبية الجنوبية.
ووفقا لما رواه العتيري فقد طلب نجل القذافي ممن اعتقلوه إطلاق رصاصة عليه في رأسه، أو أن يتم نقله إلى الزنتان.
إلى ذلك، وفى أول تنفيذ للحكم الصادر لصالحه بالبراءة وفقا لما قضت به محكمة استئناف طرابلس، غادر عبد العاطي العبيدي، آخر وزير للخارجية في عهد القذافي، العاصمة طرابلس ووصل إلى مطار الأبرق الدولي في المنطقة الشرقية، بعد ساعات فقط عقب إعلان محكمة استئناف طرابلس براءته من التهم الموجهة إليه، إلى جانب ثلاثة مسؤولين آخرين.
وكان المستشار المبروك اقريرة، وزير العدل في الحكومة الليبية الانتقالية، قد حث المجتمع الدولي على عدم الاعتراف بمحاكمة سيف الإسلام القذافي، وعدد من رموز نظامه الذي سقط إثر انتفاضة 2011 بمساعدة حلف شمال الأطلنطي (الناتو). وقال إن «القضاة العاملين في المحاكم بمدينة طرابلس، الخاضعة لسيطرة ميليشيات فجر ليبيا التي شكلت حكومة موازية لم يعترف بها المجتمع الدولي، يصدرون أحكامهم تحت تهديد السلاح».
وكانت محكمة استئناف طرابلس قد أصدرت أخيرا أحكاما بالإعدام بحق المتهم سيف الإسلام القذافي وعبد الله السنوسي رئيس جهاز استخبارات القذافي، وعبد الله المحمودي آخر رئيس للوزراء في نظامه. كما قضت المحكمة بالسجن المؤبد بحق خمسة متهمين والبراءة بحق أربعة متهمين، أبرزهم عبد العاطي العبيدي وزير خارجية حكومة القذافي، إلى جانب وقف سير الدعوة بحق متهم آخر، وإحالته إلى مستشفى للأمراض العقلية، نظرا لعدم سلامته النفسية.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم