واشنطن وباريس دعتا اللبنانيين للاتفاق على انتخاب رئيس

المقعد الرئاسي شاغرا في القصر الجمهوري اللبناني (إ.ب.أ)
المقعد الرئاسي شاغرا في القصر الجمهوري اللبناني (إ.ب.أ)
TT

واشنطن وباريس دعتا اللبنانيين للاتفاق على انتخاب رئيس

المقعد الرئاسي شاغرا في القصر الجمهوري اللبناني (إ.ب.أ)
المقعد الرئاسي شاغرا في القصر الجمهوري اللبناني (إ.ب.أ)

قال مصدر سياسي بارز إن الرهان على أن يأتي الترياق السياسي من الخارج لإخراج انتخاب رئيس للجمهورية من دوامة المراوحة والتعطيل ليس في محله، وكشف لـ«الشرق الأوسط» أن السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا، ومعها السفيرة الفرنسية آن غريو، كانتا واضحتين بدعوتهما الأطراف المعنية إلى إخراج الاستحقاق الرئاسي من التأزُّم وإنجازه لوقف تدحرج لبنان إلى الأسوأ، خصوصاً أن الأزمة اللبنانية ليست مدرجة على جدول أعمال المجتمع الدولي كأولوية؛ لأن انشغاله في مكان آخر، بدءاً بالحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، وانتهاءً بالأوضاع المسيطرة على سوريا والعراق واليمن.
ولفت المصدر السياسي الذي يتابع اللقاءات التي يعقدها سفراء الدول الخمس الذين اجتمعوا في باريس، وتحديداً السفير المصري ياسر العلوي، إضافة إلى السفيرتين الأميركية والفرنسية، إلى أن معظم هؤلاء السفراء يحثون الكتل النيابية للإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية، وأن تعطيل انتخابه يقع على عاتقها، خصوصاً أن المجتمع الدولي لن ينوب عنها في إنجاز الاستحقاق الرئاسي مع دخول الشغور في سدة الرئاسة الأولى شهره الخامس.
ورأى أن سفراء الدول الخمس لا يملكون سوى الضغط في حثهم الكتل النيابية على انتخاب رئيس للجمهورية؛ لأن ما يهمهم إعادة الانتظام إلى المؤسسات الدستورية بدءاً بانتخابه، لقطع الطريق على من يخطط لاستهداف الاستقرار. وقال إن لبنان وإن كان ليس مدرجاً في المدى المنظور على خريطة الاهتمام الدولي، فإن ما يشغل بال أصدقائه على المستويين الإقليمي والدولي يكمن في أن تمديد الشغور في رئاسة الجمهورية يمكن أن يأخذ البلد إلى مكان آخر.
وأكد المصدر السياسي أنه لا صحة لما يشاع بأن هناك في المجتمع الدولي من يراهن على أن إقحام البلد في فوضى شاملة سيفتح الباب أمام إعادة تركيبه، وقال بأن هناك صعوبة في إمكان انتشاله من هذه الفوضى؛ لأن أطرافاً معينة قد تلجأ للمطالبة بالاتفاق على عقد سياسي جديد يكون ثمنه الإطاحة باتفاق الطائف.
وحذّر من الجنوح نحو الفوضى الشاملة التي تدفع البعض إلى التطرف، وصولاً لمطالبة هؤلاء باعتماد النظام الفيدرالي من خلال مطالبتهم باللامركزية المالية والسياسية الموسعة، وقال إن معظم سفراء الدول الخمس أبلغوا القيادات السياسية التي التقوها رسالة واضحة مفادها «لا تنتظروا منا أن نأتيكم بمرشح ونطلب منكم أن تنتخبوه».
ونقل المصدر السياسي عن هؤلاء السفراء قولهم إن الكتل النيابية تطالب بلبننة الاستحقاق الرئاسي، «ونحن من جانبنا نحترم خياراتها، ولن نتدخل في تفضيل مرشح على آخر، ولا نضع فيتو على هذا أو ذاك من المرشحين، وما يهمنا انتخاب رئيس يكون مقبولاً عربياً ودولياً، ويحترم الدستور ويعمل على تطبيقه، ويلتزم بالإصلاحات المطلوبة لمساعدة لبنان عربياً ودولياً؛ للنهوض من أزماته المالية والاقتصادية، ولا يتردد في استكمال بسط سيادة الدولة على كامل أراضيها، ويضبط الحدود بين لبنان وسوريا لمنع التهريب».
وفي هذا السياق، يسأل هؤلاء السفراء، كما يقول المصدر نفسه: «ماذا تنتظرون؟ وما العمل لوقف تحليق سعر صرف الدولار، فيما الإجراءات والتدابير لضبطه والسيطرة عليه لم تُجد نفعاً؟»، و«هل تدركون ما يترتب على ارتفاع منسوب الفقر من ردود فعل تؤدي للإخلال بالأمن؟». ويؤكد هؤلاء أيضاً أن البلد يغرق في أزمة سياسية ومعيشية ومالية غير مسبوقة لا تُحل بالأمن، وإنما بالسياسة؛ لأن القوى الأمنية على اختلافها لا تصنع الحل، ويوكل إليها توفير الحماية للحل السياسي الذي لا يزال يتعثّر بتعطيل انتخاب رئيس للجمهورية، ويقول إن المجتمع الدولي يشترط على اللبنانيين أن يساعدوا أنفسهم ليكون في وسعه أن يساعدهم.
ويكشف المصدر السياسي أن الولايات المتحدة طرحت من خلال ممثلها في اجتماع الدول الخمس في باريس اتخاذ موقف سلبي من النواب الذين يعطّلون انتخاب رئيس للجمهورية، بفرض عقوبات فورية عليهم، لكن ممثل الرئاسة الفرنسية طلب التمهُّل إفساحاً في المجال أمام قيام السفراء بمروحة من الاتصالات لعلهم يتمكنون من تنقية الأجواء التي تسمح بمعاودة انعقاد الجلسات النيابية لانتخابه، شرط أن يتبدّل المزاج النيابي بامتناع كتل نيابية عن تعطيل الجلسات، وهذا ما يدعو له رئيس البرلمان نبيه بري؛ لئلا يؤدي انعقادها إلى تكرار المهزلة التي سادت الجلسات السابقة.
ومع أن الرئيس بري أيد قول السفراء بأن البلد إذا استمر تعذُّر انتخاب الرئيس يسير من سيئ إلى أسوأ، مضيفاً أن الوضع لم يعد يحتمل التأجيل، وأن أمامنا عدة أسابيع لانتخابه، فإن التواصل بين الكتل النيابية بحثاً عن مخرج يكون بمثابة تسوية لا يزال معدوماً، طالما أن الثنائي الشيعي بلسان رئيس المجلس أعلن رسمياً ترشيحه لفرنجية، وهذا ما يُدخل البلد في كباش سياسي لا تُحمد عقباه؛ لأن الحوار المطلوب يجب أن ينطلق من توسيع مروحة الخيارات الرئاسية التي يمكن أن تفتح ثغرة بحثاً عن مرشح يكون على قياس المواصفات التي حددها المجتمع الدولي، الذي يبدو أن همومه في مكان آخر.


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

سكان غزة يشعرون بالخوف بعد ظهور احتمال التوصل لاتفاق بين إسرائيل و«حزب الله»

فلسطينيون يتجمعون في موقع غارة إسرائيلية على منزل في قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتجمعون في موقع غارة إسرائيلية على منزل في قطاع غزة (رويترز)
TT

سكان غزة يشعرون بالخوف بعد ظهور احتمال التوصل لاتفاق بين إسرائيل و«حزب الله»

فلسطينيون يتجمعون في موقع غارة إسرائيلية على منزل في قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتجمعون في موقع غارة إسرائيلية على منزل في قطاع غزة (رويترز)

منبوذون بالعراء وخائفون يترقبون، هكذا يشعر الفلسطينيون في غزة، وهم أيضاً يخشون أن تصب إسرائيل كامل قوتها العسكرية على القطاع، بعد ظهور احتمال التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» اللبناني، دون بارقة في الأفق تبشر بالتوصل إلى اتفاق مماثل مع حركة «حماس» في القطاع.

وبدأ «حزب الله» المدعوم من إيران في إطلاق الصواريخ على إسرائيل تضامناً مع «حماس»، بعد أن هاجمت الحركة الفلسطينية إسرائيل في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، مما أدى إلى اندلاع حرب غزة.

وتصاعدت أعمال القتال في لبنان بشدة الشهرين الماضيين، مع تكثيف إسرائيل ضرباتها الجوية، وإرسالها قوات برية إلى جنوب لبنان، بينما واصل «حزب الله» إطلاق الصواريخ على إسرائيل.

وإسرائيل مستعدة الآن فيما يبدو للموافقة على خطة أميركية لوقف إطلاق النار مع «حزب الله»، حين تجتمع حكومتها، اليوم (الثلاثاء). كما أعرب وزير الخارجية والمغتربين اللبناني عبد الله بو حبيب عن أمله في التوصل إلى وقف لإطلاق النار بحلول ليل الثلاثاء.

وتنصب الجهود الدبلوماسية على لبنان، ولذا خاب أمل الفلسطينيين في المجتمع الدولي، بعد 14 شهراً من الصراع الذي دمر قطاع غزة، وأسفر عن مقتل أكثر من 44 ألف شخص.

وقال عبد الغني، وهو أب لخمسة أطفال اكتفى بذكر اسمه الأول: «هذا يُظهِر أن غزة يتيمة، من دون أي دعم ولا رحمة من قِبَل العالم الظالم»، مضيفاً: «أنا أشعر بالغضب تجاه العالم اللي فشل في أنه يعمل حل للمشكلة في المنطقتين سوا... يمكن أنه يكون في صفقة جاية لغزة، بقول يمكن».

وسيشكل وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» دون التوصل إلى اتفاق في غزة ضربة موجعة لـ«حماس» التي تشبث قادتها بأمل أن يؤدي توسع الحرب إلى لبنان إلى الضغط على إسرائيل، للتوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار. وكان «حزب الله» يصر على أنه لن يوافق على وقف إطلاق النار قبل انتهاء الحرب في غزة، ولكنه تخلى عن هذا الشرط.

وقال تامر البرعي، وهو رجل أعمال من مدينة غزة نزح عن منزله مثل أغلب سكان غزة: «إحنا خايفين؛ لأنه الجيش الآن راح يكون له مطلق الحرية في غزة، وسمعنا قيادات في الجيش الإسرائيلي بتقول إنه بعد استتباب الهدوء في لبنان، القوات الإسرائيلية راح يتم إعادتها لتواصل العمل في غزة».

وأضاف: «كان عِنَّا (لدينا) أمل كبير أنه (حزب الله) يظل صامداً حتى النهاية؛ لكن يبدو أنه ما قدروش، لبنان يتدمر والدولة بتنهار والقصف الإسرائيلي توسع لما بعد الضاحية الجنوبية».

وقد يترك الاتفاق مع لبنان بعض قادة «حزب الله» في مواقعهم، بعد أن اغتالت إسرائيل أمين عام الحزب حسن نصر الله وخليفته؛ لكن إسرائيل تعهدت بالقضاء التام على «حماس».

وقالت زكية رزق (56 عاماً) وهي أم لستة أطفال: «بيكفي، بيكفي، إحنا تعبنا، قديش كمان (كم أيضاً) لازم يموت لتوقف الحرب؟ الحرب في غزة لازم توقف، الناس عمالة بتنباد (تتعرض للإبادة) وبيتم تجويعهم وقصفهم كل يوم».