أثارت المبادرة التي أعلنها عبد الله باتيلي، المبعوث الأممي لدى ليبيا، الأسبوع الماضي، بقصد تسهيل إجراء الانتخابات العامة قبل نهاية العام الحالي، أسئلة عديدة في الأوساط السياسية بالبلاد، بشأن كيفية تعامل مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» معها، وهل سيسلّم رئيساهما عقيلة صالح وخالد المشري أوراق العملية السياسية برمتها للبعثة كي تتولى إدارتها؟
ومع تفاعل هذه التساؤلات بين أطياف الليبيين، سارعت سفارة الولايات المتحدة لدى البلاد - التي تتبنى بقوة المبادرة الأممية - للإجابة عن شواغل النخبة السياسية، معتبرة أن مقترح المبعوث الأممي يستهدف «تحفيز الجسم السياسي الليبي».
وقالت السفارة في تغريدة عبر حسابها على «تويتر» مساء (الخميس): «سوف يُبنى على التقدم الذي أحرزه كل من مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة في التوصل إلى قاعدة قانونية للانتخابات».
رسالة الطمأنة التي بثتها السفارة الأميركية، سبقتها مخاوف عديدة من نواب وأعضاء من المجلسين، اعتبر مسؤول سياسي سابق بشرق ليبيا تحدث إلى «الشرق الأوسط»، أنها السبب وراء «مسارعة (الأعلى للدولة) برئاسة خالد المشري بالموافقة على تعديل الإعلان الدستوري، الذي أقره مجلس النواب، وهي الخطوة التي أشاد بها برلمانيون كانوا معارضين للمشري».
وتحدث المسؤول السياسي السابق، الذي رفض ذكر اسمه، عن حالة من «الرفض والغضب تدور داخل أروقة المجلسين بشأن دخول البعثة الأممية على خط الأزمة، بما يؤشر على تحييدهما وسحب ملف الانتخابات ومنحه للجنة التي تعتزم الأخيرة تشكيلها لإدارة الاستحقاق المنتظر».
ودلل المسؤول الليبي على حالة «الغضب» هذه بما نقلته وسائل إعلام محلية عن عضو مجلس النواب عبد المنعم العرفي، الذي توعد «بحمل السلاح في وجه البعثة الأممية، إن تجاوزت مجلسه، وتعديله الدستوري».
وذهب إلى أن التأييد الدولي المتمثل في أميركا وبريطانيا للمبادرة الأممية «سيجبر صالح والمشري على التعامل معها، بشكل أو بآخر، لكن يظل رهانهما على البقاء في المشهد السياسي بطرق عدة».
وسعت السفارة الأميركية إلى تبديد مخاوف المجلسين، وقالت إنه «سوف يُبنى على التقدم الذي أحرزاه في التوصل إلى قاعدة قانونية للانتخابات»، وحضت «القادة الليبيين الرئيسيين على التعامل مع (مخطط) المبعوث الأممي بطريقة بناءة»، بل إنها اعتبرت أن «هذه اللحظة تمثل فرصة لهؤلاء القادة لإظهار أنهم فعلاً متفانون في خدمة احتياجات الشعب الليبي»، في إشارة إلى المجلسين.
ورداً على خطوة موافقة المجلس الأعلى للدولة على التعديل الدستوري، رأى عضو المجلس بلقاسم قزيط، أن هذه الموافقة ليست «لقطع الطريق على مبادرة المبعوث الأممي»، كما يتردد، وقال في تصريحات نقلها موقع «ليبيا 24»، إنه «من الممكن التعاون مع باتيلي، في الوصول إلى حل للأزمة الليبية».
وفيما قال إن المجلسين «قطعا خطوات على طريق إعداد القاعدة الدستورية، وعليهما الاستمرار»، مضى محذراً من أنه « يجب ألا يسلما جميع الأوراق للبعثة الأممية؛ لأنها رفضت دعم الخطة الليبية منذ البداية».
ونفت البعثة الأممية أن تكون قد أعاقت أي خطط اتخذها مجلسا النواب و«الدولة»، مشيرة إلى أنها عملت منذ تسلم باتيلي مهام عمله على تيسير التقارب بين الطرفين، دون تدخل منها في أعمالهما.
ويرى الباحث القانوني الليبي رمضان التويجر أنه «في حالَ توافق المجلسين حول المناصب السيادية فإن ذلك سيشكل تحدياً كبيراً لبعض القوة الدولية المتمسكة ببعض الشخصيات منذ ما يزيد على 10 سنوات».
وقال التويجر، في تصريح صحافي (الجمعة)، إن «هذه الخطوة إذا تمت ستكون خطوة أولى نحو تحرير القرار الليبي من الهيمنة الاستعمارية، والذهاب نحو السلام والاستقرار»، متابعاً: «هذه الخطوة لن تكون سهلة، بل (قد تكون مستحيلة) في ظل تعقد المشهد المحلي والدولي».
ودعت بريطانيا، التي وافقت على المبادرة الأممية فور طرحها في الجلسة الأخيرة أمام مجلس الأمن الدولي، «الأطراف المعنية الليبية للاتفاق على الخطوات التالية لإجراء انتخابات حرة ونزيهة»، وقالت في تغريدة عبر حسابها على «تويتر» (الجمعة): «يجب أن يتفق الجميع على شروط الانتخابات واحترام النتائج».
وتنص مبادرة باتيلي على تشكيل لجنة يناط بها تسيير الانتخابات الرئاسية والنيابية في ليبيا، وتضم ممثلين للمؤسسات والشخصيات السياسية والقبائل والمجتمع المدني والمرأة والشباب، تتولى اعتماد القانون الانتخابي، ووضع التدابير اللازمة لتنفيذ الاستحقاق الوطني الذي يترقبه الليبيون.
وكان عبد الحميد الدبيبة، رئيس الحكومة المؤقتة، استبق أعمال اللجنة المزمع تكوينها، وطالب رسمياً أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، بإرسال مراقبين دوليين للعملية الانتخابية، حتى الانتهاء منها واعتماد نتائجها النهائية، بالإضافة إلى فريق لتقييم الاحتياجات الخاصة بالانتخابات.
هل سيسلّم صالح والمشري أوراق العملية السياسية للبعثة الأممية؟
المبعوث الأميركي لدى ليبيا يرى أن مبادرة باتيلي تستهدف «التحفيز»
هل سيسلّم صالح والمشري أوراق العملية السياسية للبعثة الأممية؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة