«تحالف كردي» يفتتح مقرات رسمية في عفرين الخاضعة لفصائل موالية لتركيا

فيصل يوسف: الزلزال ضاعف معاناة السوريين في ظل توقف الجهود لحل سياسي

فيصل يوسف (المجلس الوطني الكردي)
فيصل يوسف (المجلس الوطني الكردي)
TT

«تحالف كردي» يفتتح مقرات رسمية في عفرين الخاضعة لفصائل موالية لتركيا

فيصل يوسف (المجلس الوطني الكردي)
فيصل يوسف (المجلس الوطني الكردي)

قررت الأمانة العامة للمجلس «الوطني الكردي» السوري المعارض، افتتاح مقرات رسمية في مدينة عفرين وبلدة جنديرس بريف حلب الشمالي، ويخضع هذا الجيب ذو الغالبية الكردية، لخليط من الفصائل السورية العسكرية الموالية لتركيا.
القرار جاء على أثر الزلزال المدمر الذي طال مناطق واسعة شمال غربي البلاد. ويقول قادة المجلس إنه يهدف إلى تفعيل دور المجلس، عبر فتح مقرات محلية لمساعدة المنكوبين والتخفيف من معاناتهم، وتوثيق الأضرار والانتهاكات التي ارتكبت بحق سكانها.
يذكر أن منطقة عفرين وريفها المحاذي للحدود التركية الجنوبية، كانت خاضعة حتى مارس (آذار) 2018 إدارياً وعسكرياً لـ«حزب الاتحاد الديمقراطي»، والإدارة الذاتية، و«قوات سوريا الديمقراطية»، وتخضع اليوم للجيش التركي ومجموعة فصائل سورية متناحرة، مارست الانتهاكات بحق المدنيين وممتلكات المهجَّرين، حسب تقارير وتوثيقات جهات حقوقية. مع ملاحظة أن «المجلس الكردي» الذي يعمل منذ سنوات في صفوف الائتلاف السوري المعارض، لا ينضوي في صفوف الجيش الوطني التابع للحكومة المؤقتة، ولا عناصر عسكرية تابعة له في التشكيلات المنتشرة في عفرين وضواحيها.
وقال فيصل يوسف، عضو الهيئة الرئاسية للمجلس، في حديث لجريدة «الشرق الأوسط»، من مدينة القامشلي التابعة لمحافظة الحسكة شمال شرقي سوريا: «منذ لحظة وقوع الزلزال، ناشدنا المجتمع الدولي والمنظمات الدولية الإنسانية والإغاثية القيام بواجبهم تجاه المنكوبين في المناطق المتضررة».
وأعلن المجلس الكردي الذي يضم طيفاً من الأحزاب الكردية والتيارات السياسية وشخصيات تكنوقراط، أن جنديرس وعفرين كبقية المناطق السورية التي ضربها الزلزال، باتت «مناطق منكوبة»، منتقدين استجابة المجتمع الدولي التي لم تكن بالمستوى المطلوب، حسب يوسف الذي يقول: «حجم الكارثة والدمار على كافة المستويات يفوق إمكانات المجلس؛ لكننا لم نقف مكتوفي الأيدي، وعملنا بكل ما لدينا من إمكانات في التعبئة اللازمة لإسناد المنكوبين والمتضررين». ولفت إلى أن الاستجابة السريعة لإقليم كردستان العراق و«مؤسسة البارزاني الخيرية» في تقديم المساعدة للمنكوبين: «كان لها الأثر البليغ في تخفيف معاناة سكان تلك المناطق بكافة مكوناتها، ولاقت ارتياحاً شعبياً كبيراً. وقد توجهنا بالشكر لقيادة إقليم كردستان والرئيس مسعود بارزاني».
فيصل يوسف الذي يشغل منصب المنسق العام لـ«حركة الإصلاح الكردي» أحد الكيانات السياسية التي أسست المجلس نهاية 2011، قال إن بعثات المجلس في الخارج جمعت التبرعات المادية والإغاثية وأرسلتها إلى المناطق المنكوبة، مضيفاً: «طالبنا المجتمع الدولي والأمم المتحدة بتقديم المساعدة المباشرة وتقييم حجم الضرر ميدانياً، وتوفير ملاذ آمن للمنكوبين، وتقديم الدعم اللازم لسكان المنطقة الأصليين، من أجل إعادة إعمار ما دمره الزلزال». وتابع بأن الزلزال المدمّر ضاعف معاناة السوريين في ظل صمت المجتمع الدولي، وتوقف الجهود لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية، داعياً الدول العظمى والأمم المتحدة: «إلى إعادة النظر في أولوياتها، وتفعيل العملية السياسية، لإيجاد حل سياسي على أرضية القرار الدولي 2254، يكون سبيلاً لإنهاء الكارثة السورية بكل تفاصيلها».
وعن الدور الأميركي في مناطق شمال شرقي سوريا، والمساعي الحثيثة لوحدة الصف الكردي بين حركتها السياسية المنقسمة، بين أحزاب منضوية في صفوف المجلس وأحزاب متحالفة مع «حزب الاتحاد الديمقراطي» في إطار «أحزاب الوحدة الوطنية الكردية» التي تدير منطقة شرقي الفرات، لفت يوسف إلى أن ترتيب البيت الكردي «يتم تناوله من قبل الدبلوماسيين الأميركيين العاملين هنا، في إطار أهمية توافق كل المكونات عبر الحوار؛ معتبرين الأمر مسألة ضرورية لدعم الاستقرار والحل السياسي».
وخلال لقاءات قادة المجلس مع السفير الأميركي نيكولاس غراينجر، المبعوث الأميركي الخاص لسوريا، نقل أن أولويات الإدارة الأميركية تنحصر في أربع نقاط رئيسية: «محاربة (داعش)، ودعم الاستقرار شمال شرقي سوريا، والتأكيد على الحل السياسي للأزمة القائمة في البلاد، وفق القرار الدولي 2254، وتسهيل مرور المساعدات الإنسانية».
ونوه فيصل يوسف إلى أن المجلس استجاب للوساطة الأميركية، وزاد: «خلال لقاءاتنا مع المبعوث الأميركي أبدينا الاستعداد لاستكمال المحادثات الكردية، على أرضية (اتفاقية دهوك) وما توصلنا إليه سابقاً بضمانات أميركية مع قائد قوات (قسد) السيد مظلوم عبدي».
أما عن الدور الروسي، فيرى يوسف أن روسيا دولة عظمى، ولها دور بارز في الشأن السوري، والمجلس عقد لقاءات رسمية مع خارجيتها خلال سنوات الحرب، وأوضح: «نسعى لبناء علاقات مع موسكو بما يخدم مصالح الشعب السوري بكافة مكوناته، فروسيا تؤكد أنها مع الحل وفق القرار 2254 وتدعم تنفيذه؛ لكن المشكلة تكمن في تفسيرها لتفاصيل القرار وكيفية تطبيقه». وشدد على أن سياسة المجلس تقوم على تطبيق القرار الدولي 2254، ورفض الحلول المجتزأة والتسويات الثنائية خارج إرادة السوريين «لأنها لا تلبي طموحات الشعب السوري، ولا تحقق أهداف ثورتهم التي نجدها وفق مسار جنيف والقرار 2254. كما نولي أهمية لوحدة المعارضة السورية في الائتلاف وهيئة التفاوض».
ويشارك ممثلون عن المجلس الكردي في العملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة في جنيف، وهو شريك في المعارضة السورية من خلال عضويته المستقلة في هيئة التفاوض السورية: «إيماناً منا بأهمية الحل السياسي الشامل وفقاً للقرارات الدولية، ومعالجة مختلف القضايا بشكل متكامل، وعلى رأسها القضية الكردية التي بقيت دون حلول منذ تأسيس الدولة السورية».
واتهم فيصل يوسف سياسات الأنظمة السورية المتعاقبة بمواقف «الشوفينية» من القضية الكردية، ووجود الأكراد على أرضهم التاريخية: «المجلس أكد التلازم بين حقوق الشعب الكردي والديمقراطية في البلاد، من خلال إقامة نظام حكم ديمقراطي لا مركزي، يضمن حقوق كل أبناء سوريا».


مقالات ذات صلة

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

أطلق الأردن سلسلة اتصالات مع دول عربية غداة استضافته اجتماعاً لبحث مسألة احتمالات عودة سوريا إلى الجامعة العربية، ومشاركتها في القمة المقبلة المقرر عقدها في المملكة العربية السعودية هذا الشهر. وقالت مصادر أردنية لـ«الشرق الأوسط»، إن اجتماع عمّان التشاوري الذي عُقد (الاثنين) بحضور وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن وسوريا، ناقش احتمالات التصويت على قرار عودة سوريا إلى الجامعة العربية ضمن أنظمة الجامعة وآليات اعتماد القرارات فيها. وفي حين أن قرار عودة سوريا إلى الجامعة ليس مقتصراً على الاجتماعات التشاورية التي يعقدها وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن، فإن المصادر لا تستبعد اتفاق

شؤون إقليمية الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

بدأ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أمس (الأربعاء) زيارة لدمشق تدوم يومين واستهلها بجولة محادثات مع نظيره السوري بشار الأسد تناولت تعزيز العلاقات المتينة أصلاً بين البلدين. وفيما تحدث رئيسي عن «انتصارات كبيرة» حققتها سوريا، أشار الأسد إلى أن إيران وقفت إلى جانب الحكومة السورية مثلما وقفت هذه الأخيرة إلى جانب إيران في حرب السنوات الثماني مع إيران في ثمانينات القرن الماضي. ووقع الأسد ورئيسي في نهاية محادثاتهما أمس «مذكرة تفاهم لخطة التعاون الاستراتيجي الشامل الطويل الأمد». وزيارة رئيسي لدمشق هي الأولى التي يقوم بها رئيس إيراني منذ 13 سنة عندما زارها الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.