الهزات الارتدادية المستمرة ترعب مناطق شمال غربي سوريا

متطوعون في إدلب يقدمون ما تيسر من أغذية وطعام إلى الأسر التي تأوي إلى الخيم كل ليلة (إ.ب.أ)
متطوعون في إدلب يقدمون ما تيسر من أغذية وطعام إلى الأسر التي تأوي إلى الخيم كل ليلة (إ.ب.أ)
TT

الهزات الارتدادية المستمرة ترعب مناطق شمال غربي سوريا

متطوعون في إدلب يقدمون ما تيسر من أغذية وطعام إلى الأسر التي تأوي إلى الخيم كل ليلة (إ.ب.أ)
متطوعون في إدلب يقدمون ما تيسر من أغذية وطعام إلى الأسر التي تأوي إلى الخيم كل ليلة (إ.ب.أ)

تثير الهزات الارتدادية المتكررة عقب الزلزال المدمر في 6 فبراير (شباط) المنصرم، وانتشار الإشاعات على مواقع التواصل الاجتماعي من تكرار الأمر، مخاوف السوريين، تزامناً مع الزلازل التي تضرب ولايات تركية قريبة من الحدود السورية كل يوم تقريباً.
ومع انقطاع التيار الكهربائي بشكل مفاجئ لبضع دقائق في سرمدا والدانا ومدن أخرى شمال إدلب مع ريف حلب الشمالي، ليلة الثلاثاء - الأربعاء، الذي تزامن مع هزات ارتدادية متسارعة شعر بها معظم سكان تلك المناطق، نزلت مئات العائلات من منازلها إلى الشوارع والمناطق المفتوحة والحدائق، وسط حالة من الخوف والذعر حتى ساعات الصباح الأولى، ودفع ذلك من جديد أرباب الأسر إلى شراء الخيام ولجوء البعض إلى مخيمات النازحين.
في مستودع كان سابقاً مخصصاً لتخزين البضائع التي جرى إفراغها عقب الزلزال المدمر، وسط مدينة أعزاز بريف حلب الشمالي، يقيم «أبو رشيد» وأسرته بعد أن ترك العيش في منزله بالطابق الرابع في المبنى ذاته؛ لتعزيز الشعور بالأمان بقربهم من الأرض وخروجهم في وقت قصير إلى الشارع في حال حدوث أي زلزال.
ويقول أبو رشيد (53 عاماً): «عندما وقع الزلزال المدمر الذي استمر لأكثر من دقيقة ونصف دقيقة، هرعت كل العائلات التي تقيم في المبنى إلى الشارع؛ خوفاً من انهيار المبنى، وشكل ذلك حالة ازدحام مرعبة... وتكرر ذلك عدة مرات أثناء الاهتزازات الارتدادية، الأمر الذي دفعنا في النهاية إلى تفريغ أحد المستودعات من البضائع والإقامة فيه؛ لمنح أنفسنا وأطفالنا شعور الأمان، كون المستودع في الطبقة الأولى من المبنى، وبابه موجه نحو الشارع مباشرة، وهذا يزيد من فرصة النجاة عند وقوع زلزال جديد، بحسب ما يتم تداوله والتنبؤ به على مواقع التواصل الاجتماعي، تزامناً مع استمرار وقوع الزلزال في الولايات الجنوبية التركية وهزات ارتدادية مرعبة للغاية».
«كل يوم نموت ما يقارب 10 إلى 20 موتة»، بهذه الكلمات وصف «أسامة» حياته وأسرته وما يعانيه من خوف وذعر، مع حدوث الهزات الارتدادية التي تشبه إلى حد كبير بداية الزلزال المدمر الذي ضرب شمال غربي سوريا وجنوب تركيا في 6 فبراير، ولا تزال لحظات وقوعه المرعبة عالقة في أذهان السوريين... قرر أخيراً ترك منزله في الطابق الثالث في أحد الأبنية السكنية بمدينة الدانا، ولجأ إلى خيمة للإقامة بها بشكل مؤقت.
ويقول أسامة (38 عاماً): «ربما نستطيع تحمل ظروف العيش المؤثرة والصعبة في خيمة لا تحوي أي شيء من مقومات الحياة، ولكن لا نستطيع العيش في منزل طابقي في حالة ترقب وتأهب دائمين إزاء الهزات الارتدادية التي تتكرر كل يوم ما بين 10 إلى 20 مرة، وفي كل مرة نتجه بأطفالنا الصغار بسرعة وهم يصرخون نحو باب الشقة وننزل إلى الشارع».
ويضيف: «منذ أن ضرب الزلزال المدمر المنطقة وأحدث فاجعة كبيرة ألمت بالجميع، ودمر مدناً بأكملها شمال سوريا، وأعقبه تكرار الهزات الارتدادية، تركت العمل في أحد معامل النسيج، الذي تعرض أيضاً لأضرار محدودة، وآثرت البقاء في المنزل إلى جانب عائلتي لإنقاذهم من أي زلزال قد يضرب المنطقة مجدداً، لكن مع ازدياد الهزات الارتدادية خلال الأيام الأخيرة الماضية بالتزامن مع زلزال منطقة هطاي الأخير، وشعورنا به، تجددت مخاوفنا، ما دفعني إلى شراء خيمة نأوي إليها كل يوم مساء أنا وأسرتي حتى الصباح، ونعود للعيش في منزلنا بحذر شديد وترقب لأي اهتزاز... حقاً إنها حياة صعبة».
وبحسب «المركز السوري لرصد الزلزال»، فقد بلغ مجموع الهزات الارتدادية 3438 هزة تسببت بسقوط 18 مبنى في مناطق حارم وجنديرس وسرمدا ومناطق أخرى في شمال غربي سوريا، وأدت إلى إصابة 22 مدنياً بجروح خطيرة.


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

بن مبارك: الحرب الاقتصادية الحوثية أشد أثراً من الصراع العسكري

رئيس الحكومة اليمنية خلال كلمة له أمام ممثلي التكتل الحزبي الجديد (سبأ)
رئيس الحكومة اليمنية خلال كلمة له أمام ممثلي التكتل الحزبي الجديد (سبأ)
TT

بن مبارك: الحرب الاقتصادية الحوثية أشد أثراً من الصراع العسكري

رئيس الحكومة اليمنية خلال كلمة له أمام ممثلي التكتل الحزبي الجديد (سبأ)
رئيس الحكومة اليمنية خلال كلمة له أمام ممثلي التكتل الحزبي الجديد (سبأ)

أكد رئيس مجلس الوزراء اليمني أحمد عوض بن مبارك تطلع حكومته للتفاعل الإيجابي مع التكتل السياسي الحزبي الجديد للقوى اليمنية الذي أُشهر من العاصمة المؤقتة عدن، وقال إن الحرب الحوثية الاقتصادية باتت أشد أثراً على معيشة اليمنيين من الصراع العسكري.

وكانت الأحزاب والقوى اليمنية قد أشهرت، الثلاثاء، تكتلاً حزبياً واسعاً في عدن هدفه العريض استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب الحوثي والحفاظ على الجمهورية وفق دولة اتحادية.

بن مبارك تعهد بالاستمرار في مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية في حكومته (سبأ)

وقال بن مبارك: «ننظر لهذا التكتل على أنه صوت جديد، ورؤية متجددة، وأداة للتغيير البناء وجهد بارز في السياق الوطني يضاف للجهود التي تسعى لرص الصفوف وتهيئة السبل لإنقاذ اليمن من براثن ميليشيا الحوثي».

وأضاف أن حكومته «تتطلع وبانفتاح كامل للتفاعل إيجابياً» مع هذا التكتل الحزبي وبما يقود لتوحيد الجهود لاستكمال استعادة الدولة وهزيمة الانقلاب وتحقيق السلام.

وشدد رئيس الوزراء اليمني على ضرورة تكاتف الجهود في إطار رؤية وطنية شاملة تهدف إلى تحقيق الاستقرار، وتعزيز السيادة، وبناء يمن اتحادي موحد وقوي، وقال: «ندرك جميعاً التحديات، ونعلم أن الطريق لن يكون سهلاً، ولكن بإيماننا العميق بقضيتنا وبإرادة أبناء شعبنا، يمكننا أن نصنع الفارق».

حرب الاقتصاد

استعرض رئيس الحكومة اليمنية الحرب الاقتصادية الحوثية وقال إن آثارها التدميرية «تتجاوز الآثار الناتجة عن الصراع العسكري»، مشيراً إلى أنها أضرت بحياة المواطنين وسبل عيشهم، واستنزفت موارد البلاد، وتسببت بارتفاع معدلات الفقر والبطالة، وانهيار الخدمات الأساسية.

ورأى بن مبارك أن ذلك «يتطلب توحيد الصفوف ودعم مؤسسات الدولة، لمواجهة هذه الحرب الاقتصادية وحماية الاقتصاد الوطني والتخفيف عن المواطنين الذين يتحملون أعباء كبيرة».

جانب من حفل إشهار التكتل الجديد للقوى والأحزاب اليمنية (سبأ)

وقال: «الحرب الاقتصادية المستمرة التي تشنها ميليشيات الحوثي، إلى جانب استهدافها المنشآت النفطية، أثرت بشكل كبير على استقرار الاقتصاد اليمني وأسهمت في التدهور السريع لسعر صرف العملة الوطنية، وتقويض قدرة الحكومة على الحفاظ على استقرار العملة، ونتيجة لذلك، واجه الريال اليمني انخفاضاً كبيراً في قيمته، مما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية وتفاقم الأزمة الإنسانية التي يعاني منها الملايين في جميع أنحاء البلاد».

وأكد بن مبارك أن إعادة تصدير النفط ورفد الخزينة العامة بالعملة الصعبة حق من حقوق الشعب يجب العمل على انتزاعه وعدم السماح للحوثيين باستمرار عرقلة الاستفادة من هذا المورد الذي يعد العصب الرئيسي للاقتصاد الوطني.

وأوضح أن حكومته تمضي «بكل جدية وتصميم» لمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية والمساءلة في جميع مؤسسات الدولة، وإرساء ثقافة النزاهة واحترام القانون، وأنها ستقوم باتخاذ خطوات عملية لتقوية الأجهزة الرقابية وتفعيل آليات المحاسبة.

تكتل واسع

كانت القوى اليمنية قد أشهرت من عدن «التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية» عقب سلسلة لقاءات تشاورية، توصلت إلى إعلان التكتل الجديد الذي يضم نحو 22 حزباً ومكوناً سياسياً وإقرار لائحته التنظيمية.

وتم التوافق على أن تكون رئاسة التكتل في دورته الأولى لحزب «المؤتمر الشعبي»، حيث سمى الحزب أحمد عبيد بن دغر رئيساً للمجلس الأعلى للتكتل في هذه الدورة.

وبحسب بيان الإشهار، يلتزم التكتل بالدستور والقوانين النافذة، والمرجعيات المتفق عليها وطنياً وإقليمياً ودولياً، والتعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة، والعدالة والمواطنة المتساوية، إضافة إلى التوافق والشراكة والشفافية والتسامح.

رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك مع رئيس مجلس الشورى أحمد عبيد بن دغر (سبأ)

كما يضع التكتل برنامجاً سياسياً لتحقيق عدد من الأهداف؛ بينها استعادة الدولة وتوحيد القوى الوطنية لمواجهة التمرد وإنهاء الانقلاب وحل القضية الجنوبية بوصفها قضية رئيسية ومفتاحاً لمعالجة القضايا الوطنية، ووضع إطار خاص لها في الحل السياسي النهائي، والتوافق على رؤية مشتركة لعملية السلام.

ويؤكد برنامج عمل التكتل على دعم سلطات الدولة لتوحيد قرارها وبسط نفوذها على التراب الوطني كافة، ومساندة الحكومة في برنامجها الاقتصادي لتقديم الخدمات ورفع المعاناة عن كاهل المواطنين، وعودة جميع مؤسسات الدولة للعمل من العاصمة المؤقتة عدن.

وأكد بيان الإشهار أن هذا التكتل باعثه الأساسي هو تعزيز الاصطفاف الوطني من أجل إنهاء انقلاب الحوثيين واستعادة الدولة، وأنه ليس موجهاً ضد أحد من شركاء العمل السياسي.