ما أبرز التحديات أمام الرئيس النيجيري المنتخب؟

عقب إعلان فوز مرشح الحزب الحاكم بولا تينوبو

المتحدث باسم مجلس النواب يهنئ بولا تينوبو بفوزه في الانتخابات بأبوجا أمس (رويترز)
المتحدث باسم مجلس النواب يهنئ بولا تينوبو بفوزه في الانتخابات بأبوجا أمس (رويترز)
TT

ما أبرز التحديات أمام الرئيس النيجيري المنتخب؟

المتحدث باسم مجلس النواب يهنئ بولا تينوبو بفوزه في الانتخابات بأبوجا أمس (رويترز)
المتحدث باسم مجلس النواب يهنئ بولا تينوبو بفوزه في الانتخابات بأبوجا أمس (رويترز)

أعلنت مفوضية الانتخابات في نيجيريا في ساعة مبكرة من صباح الأربعاء فوز بولا تينوبو، مرشح الحزب الحاكم في البلاد بالانتخابات الرئاسية التي جرت السبت وتنافس فيها 18 مرشحاً، وسط تحديات أمنية واقتصادية بالغة الصعوبة، تواجهها أكبر دولة أفريقية من حيث السكان، وأكبر منتج للنفط في القارة.
وقالت اللجنة الوطنية للانتخابات، إنّ تينوبو، مرشح حزب «مؤتمر كل التقدميين»، حصل على 8.8 مليون صوت، متقدماً على منافسيه الرئيسيين عتيق أبو بكر، مرشح حزب الشعب الديمقراطي (6.9 مليون صوت)، وبيتر أوبي، مرشح حزب العمال (6.1 مليون صوت). وتصدر تينوبو النتائج على المستوى الوطني، كما حصد أكثر من 25 في المائة من الأصوات في ثلثي ولايات البلاد (24 من 36 ولاية على الأقل)، بالإضافة إلى منطقة العاصمة أبوجا، وهو شرط لا بد منه لفوزه بالرئاسة.
واستبق حزبا المعارضة الرئيسيان في البلاد صدور النتائج بأن دعوَا الثلاثاء إلى إلغاء الانتخابات، معتبرين أن «التلاعب بالنتائج أدى إلى اقتراع لم يكن حراً ولا نزيهاً ولا شفافاً». وأصبح تينوبو، البالغ من العمر 71 عاماً، الرئيس السادس عشر للجمهورية النيجيرية، وسيخلف الرئيس الحالي محمد بخاري، ليواصل الحزب الحاكم وجوده في السلطة لأربعة أعوام مقبلة، بعد وصوله للحكم عام 2015. ووجّه تينوبو كلمة للنيجيريين، عقب إعلان فوزه، حرص خلالها على تأكيد أهمية التجربة الديمقراطية، كما بدا لافتاً تركيزه على مخاطبة الشباب الذين يمثلون الكتلة التصويتية الأكبر من بين أكثر من 87 مليون ناخب تمت دعوتهم للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية؛ إذ وجّه إليهم رسالة أكد خلالها تفهمه لمطالبهم وتطلعاتهم.
وقال تينوبو في كلمته «يا شباب هذا البلد، أسمع صوتكم بوضوح، وأتفهم آلامكم وتوقكم إلى الحكم الرشيد واقتصاد فعال وأمة آمنة تحميكم وتحمي مستقبلكم»، وأشار إلى أن نيجيريا صارت بالنسبة للكثيرين من الشباب «مكاناً للتحديات المستمرة التي تحدّ من قدرتهم على رؤية مستقبل مشرق».
ويواجه الرئيس النيجيري المنتخب العديد من التحديات الأمنية والاقتصادية المعقدة، والتي فرضتها طبيعة المجتمع النيجيري متعدد الأعراق والديانات؛ إذ تضم البلاد أكثر من 250 مجموعة عرقية، وتشهد استقطاباً بين الشمال ذي الغالبية المسلمة والجنوب ذي الأكثرية المسيحية.
ووضع المحلل السياسي النيجيري، مارتن أوبونو، التحدي الاقتصادي في صدارة التحديات التي سيكون على الرئيس المنتخب التعامل معها سريعاً لتفادي العديد من الأزمات التي خلفها سلفه الرئيس بخاري، المنتمي للحزب نفسه.
وأوضح أوبونو لـ«الشرق الأوسط»، أن نيجيريا تعاني تباطؤاً في النمو الاقتصادي؛ إذ تم تخفيض قيمة العملة الوطنية بشكل كبير وسط تقلب سعر الصرف، ومعدلات التضخم والبطالة المرتفعة والمتصاعدة، وقد أدت تلك الإجراءات إلى ارتفاع كبير في تكلفة المعيشة بشكل غير مسبوق، ومضاعفة أعباء البطالة، إضافة إلى أن نيجيريا واحدة من أكثر الدول معاناة من تفشي الفساد.
وتابع المحلل السياسي النيجيري، أن تلك الظروف دفعت بقطاعات واسعة من المجتمع النيجيري إلى إظهار غضبها خلال السباق الانتخابي الأخير، وأن صيحات الغضب الأعلى صوتاً كانت من جانب الشباب الذي يعاني ارتفاعاً كبيراً في معدل البطالة، وغياب رؤية إيجابية لقدرة الدولة على توفير فرص أفضل له مستقبلا.
ويتجاوز عدد سكان نيجيريا حالياً 216 مليون نسمة، ويتوقع أن تصبح في 2050 ثالث أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان، ويمثل الشباب أكثر من 42 في المائة من إجمالي السكان.
وشهدت الحملة الانتخابية التفافاً واضحاً من جانب فئات شبابية عدة حول حملة المرشح بيتر أوبي، خاصة من جانب الشباب والناخبين بالمدن الكبرى والأكثر تعليماً. وبينما يتفق الدكتور أحمد أمل، أستاذ العلوم السياسية المساعد بكلية الدراسات الأفريقية العليا في جامعة القاهرة، مع أن الشباب النيجيري بات من أبرز الفئات التي تعبر عن غضبها من استمرار مشكلات تراجع الاقتصاد والأمن، إلا أنه يشير إلى أن «المعيار العمري لا يمثل المتحكم الوحيد في حركة هؤلاء الشباب»، لافتاً إلى أن البعدين الديني والإثني يتحكمان إلى حد بعيد في حركة الشباب كعنصر ضغط اجتماعي وسياسي.
ويوضح أمل لـ«الشرق الأوسط»، أن التحدي الأمني سيكون أكبر التحديات التي تواجه الرئيس النيجيري الجديد، ويشير إلى أن ذلك التحدي «مركب» ولا يقتصر فقط على وجود تنظيم «بوكو حرام» في مناطق الشمال الشرقي، بل توجد تنظيمات أخرى في الجنوب الشرقي، وعصابات للجريمة المنظمة في منطقة دلتا نهر النيجر، التي تعد منطقة استراتيجية لتصدير النفط النيجيري، وتنتشر بها عصابات سرقة وتهريب النفط، فضلاً عن وجود جماعات انفصالية بالمنطقة.
ويضيف، أن هناك مخاطر أمنية تتعلق كذلك بانتشار القرصنة في المنطقة، كما أن تفشي الفساد يحد من قدرة نيجيريا على جذب استثمارات جادة، وبالتالي تعجز البلاد رغم كونها المنتج الأكبر للنفط في أفريقيا وعضو في مجموعة الدول المنتجة للنفط (أوبك) عن الوفاء بإنتاج حصتها السنوية، نتيجة الصعوبات الأمنية وعدم وجود استثمارات كافية لتطوير بنيتها النفطية.
ويعتقد أمل، أن المشكلات الاقتصادية التي تعاني منها نيجيريا، والتي ستكون في مقدمة التحديات الضاغطة على الرئيس الجديد، هي مشكلات «هيكلية» تسبق في وجودها الأزمات العالمية الأخيرة.
وقد تفاقمت التداعيات والضغوط على مؤشرات حياة المواطن النيجيري بفعل تلك الأزمات، وهو ما يفرض على الرئيس تينوبو أن يقود تجربة شاملة لإصلاح الاقتصاد والأمن.


مقالات ذات صلة

المعلومات المضللة حول الانتخابات تشوه سمعة المؤسسات في نيجيريا

العالم المعلومات المضللة حول الانتخابات تشوه سمعة المؤسسات في نيجيريا

المعلومات المضللة حول الانتخابات تشوه سمعة المؤسسات في نيجيريا

كشفت موجة المعلومات المضللة التي تستهدف حاليا لجنة الانتخابات وقضاة المحكمة العليا في نيجيريا، وهما الجهتان المسؤولتان عن الفصل في الانتخابات الرئاسية، عن تشويه سمعة المؤسسات في أكبر بلد في إفريقيا من حيث عدد السكان، وفقا لخبراء. في حين أن الانتخابات في نيجيريا غالبا ما تتميز بشراء الأصوات والعنف، فإن الإخفاقات التقنية والتأخير في إعلان النتائج اللذين تخللا انتخابات 25 فبراير (شباط)، أديا هذه المرة إلى انتشار المعلومات المضللة. وقال كيمي بوساري مدير النشر في منظمة «دوبابا» لتقصّي الحقائق إن تلك «مشكلة كبيرة في نيجيريا... الناس يسخرون من تقصّي الحقائق.

«الشرق الأوسط» (لاغوس)
العالم 8 تلميذات مخطوفات يفلتن من خاطفيهن بنيجيريا

8 تلميذات مخطوفات يفلتن من خاطفيهن بنيجيريا

تمكنت 8 تلميذات خطفن على طريق مدرستهنّ الثانوية في شمال غربي نيجيريا من الإفلات من خاطفيهن بعد أسبوعين، على ما أعلنت السلطات المحلية الأربعاء. وأفاد صامويل أروان مفوض الأمن الداخلي بولاية كادونا، حيث تكثر عمليات الخطف لقاء فدية، بأن التلميذات خطفن في 3 أبريل (نيسان).

«الشرق الأوسط» (كانو)
الاقتصاد هل تنجح نيجيريا في القضاء على ظاهرة «سرقة النفط»؟

هل تنجح نيجيريا في القضاء على ظاهرة «سرقة النفط»؟

بينما يعاني الاقتصاد النيجيري على كل المستويات، يستمر كذلك في تكبد خسائر تقدر بمليارات الدولارات نتيجة سرقة النفط الخام.

العالم مخيمات انتقالية للمتطرفين السابقين وضحاياهم في نيجيريا

مخيمات انتقالية للمتطرفين السابقين وضحاياهم في نيجيريا

يبدو مخيم الحج للوهلة الأولى شبيهاً بسائر مخيمات النازحين في شمال نيجيريا؛ ففيه تنهمك نساء محجبات في الأعمال اليومية في حين يجلس رجال متعطّلون أمام صفوف لا تنتهي من الخيم، لكن الفرق أن سكان المخيم جهاديون سابقون أو أشخاص كانوا تحت سيطرتهم. أقنعت الحكومة العناصر السابقين في تنظيم «بوكو حرام» أو تنظيم «داعش» في غرب أفريقيا بتسليم أنفسهم لقاء بقائهم أحراراً، على أمل وضع حد لحركة تمرد أوقعت عشرات آلاف القتلى وتسببت بنزوح أكثر من مليوني شخص منذ 2009. غير أن تحقيقاً أجرته وكالة الصحافة الفرنسية كشف عن ثغرات كبرى في آلية فرز المقاتلين واستئصال التطرف التي باشرتها السلطات بعد مقتل الزعيم التاريخي لحرك

«الشرق الأوسط» (مايدوغوري)
العالم «قضية مخدرات» تثير الجدل حول الرئيس النيجيري المنتخب

«قضية مخدرات» تثير الجدل حول الرئيس النيجيري المنتخب

أثارت تغريدات لمنصة إعلامية على موقع «تويتر» جدلاً في نيجيريا بعد أن نشرت أوراق قضية تتعلق باتهامات وُجهت من محكمة أميركية إلى الرئيس المنتخب حديثاً بولا أحمد تينوبو، بـ«الاتجار في المخدرات»، وهو ما اعتبره خبراء «ضمن حملة إعلامية تديرها المعارضة النيجيرية لجذب الانتباه الدولي لادعاءاتها ببطلان الانتخابات»، التي أُجريت في فبراير (شباط) الماضي. والاثنين، نشرت منصة «أوبر فاكتس (UBerFacts»)، التي تعرّف نفسها على أنها «منصة لنشر الحقائق الموثقة»، وتُعرَف بجمهورها الكبير على موقع «تويتر»، الذي يقارب 13.5 مليون متابع، وثائق ذكرت أنها صادرة عن محكمة أميركية (متاحة للجمهور العام) في ولاية شيكاغو، تقول


جزر المحيط الهادئ تعزز أمنها بعد اجتماع القادة... وترفض قطع العلاقة بتايوان

زعماء دول المحيط الهادئ خلال الاجتماع الثالث والخمسين لزعماء منتدى جزر المحيط الهادئ في نوكو ألوفا، تونغا 29 أغسطس 2024 (إ.ب.أ)
زعماء دول المحيط الهادئ خلال الاجتماع الثالث والخمسين لزعماء منتدى جزر المحيط الهادئ في نوكو ألوفا، تونغا 29 أغسطس 2024 (إ.ب.أ)
TT

جزر المحيط الهادئ تعزز أمنها بعد اجتماع القادة... وترفض قطع العلاقة بتايوان

زعماء دول المحيط الهادئ خلال الاجتماع الثالث والخمسين لزعماء منتدى جزر المحيط الهادئ في نوكو ألوفا، تونغا 29 أغسطس 2024 (إ.ب.أ)
زعماء دول المحيط الهادئ خلال الاجتماع الثالث والخمسين لزعماء منتدى جزر المحيط الهادئ في نوكو ألوفا، تونغا 29 أغسطس 2024 (إ.ب.أ)

أقر منتدى جزر المحيط الهادئ خطة لتعزيز أعداد الشرطة بين أعضائه، مما يقلل الحاجة إلى الاعتماد على القوى الخارجية في الأزمات، حيث أيدت جزر سليمان حليفة الصين الأمنية المبادرة التي تمولها أستراليا، اليوم (الجمعة)، وفق ما نقلته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال رئيس وزراء جزر كوك مارك براون، رئيس المنتدى، في اليوم الأخير من اجتماع سنوي لزعماء دول جزر المحيط الهادئ، إن الكتلة المكونة من 18 دولة لديها القدرة على الاضطلاع بدور قوي ونشط في الأمن الإقليمي.

وأضاف في مؤتمر صحافي في تونغا، إن جزر المحيط الهادئ «منطقة تعاون ودعم وعمل مشترك، وليس منطقة تنافس ومنطقة حيث تسعى الدول الأخرى إلى محاولة اكتساب ميزة علينا».

ورفض زعماء دول المحيط الهادئ دعوات تدعمها بكين إلى قطع العلاقات مع تايوان، قائلين إن التحالف الإقليمي سيبقي سياساته المستمرة منذ عقود. وفي البيان الختامي أعاد زعماء الكتلة تأكيد اتفاق وُقّع عام 1992 سمح بإجراء محادثات مع تايبيه.

وكانت جزر سليمان، الشريك الرئيسي للصين في جنوب المحيط الهادئ، مارست ضغوطا لتجريد تايوان من وضعها كشريك في منتدى جزر المحيط الهادئ، ما أثار غضب بعض حلفاء تايبيه.

وهذا المنتدى منقسم بين دول تقيم علاقات دبلوماسية مع بكين وأخرى، مثل جزر مارشال وبالاو وتوفالو، حليفة لتايوان التي أرسلت نائب وزير خارجيتها تيان تشونغ-كوانغ إلى تونغا سعيا لتعزيز العلاقات مع حلفائها في جزر المحيط الهادئ، الذين يتناقص عددهم.

وفي السنوات الخمس الماضية، قطعت جزر سليمان وكيريباتي وناورو علاقاتها الدبلوماسية مع تايوان لصالح الصين.

ومن المقرر تنظيم الانتخابات في بالاو هذا العام، وستكون علاقاتها مع تايوان، وتحول محتمل لصالح الصين، من أبرز قضايا الحملة الانتخابية.

ويرى بعض المحللين أن الخطة لإنشاء وحدة شرطة إقليمية لجزر المحيط الهادئ، يتم نشرها للتعامل مع الحوادث الكبرى هي خطوة من جانب أستراليا لمنع الوجود الأمني المتزايد للصين في المنطقة، وسط تنافس استراتيجي بين بكين وواشنطن.

وقالت جزر سليمان خلال المنتدى الجمعة، وهي دولة تربطها علاقات أمنية بأستراليا، أكبر عضو في المنتدى، وكذلك الصين، التي ليست عضواً في المنتدى، إنها وافقت على مبادرة الشرطة في المحيط الهادئ.

وصرّح رئيس وزراء جزر سليمان جيريميا مانيلي: «نحن نؤيد أيضاً، كجزء من تطوير هذه المبادرة، أهمية التشاور الوطني... لذلك نحن نقدّر حقاً المبادرة».

وقال رئيس وزراء تونغا سياوسي سوفاليني، إن ذلك من شأنه أن يعزز بنية الأمن الإقليمي الحالية. وأضاف أن الزعماء وافقوا أيضاً على شروط مهمة تقصّي الحقائق إلى كاليدونيا الجديدة، التي مزقتها أشهر من أعمال الشغب، لإجراء محادثات مع الأطراف المعنية لمحاولة حل الأزمة.

وأظهر البيان الختامي أن المنتدى قَبِل الإقليمين الأميركيين غوام وساموا الأميركية كعضوين مشاركين.

وأكد سوفاليني رئيس وزراء تونغا، الحاجة إلى المزيد من الموارد لمنطقة المحيط الهادئ للتخفيف من آثار تغير المناخ، وحض الدول المانحة على المساهمة للوصول إلى هدف تمويل أعلى يبلغ 1.5 مليار دولار.