«المعجزة» الاقتصادية الصينية تعاني آثار «الشيخوخة» قبل نضوجها

انخفاض في معدل النمو وتراجع للنشاط الصناعي لأدنى مستوياته في 15 شهرًا

«المعجزة» الاقتصادية الصينية تعاني آثار «الشيخوخة» قبل نضوجها
TT

«المعجزة» الاقتصادية الصينية تعاني آثار «الشيخوخة» قبل نضوجها

«المعجزة» الاقتصادية الصينية تعاني آثار «الشيخوخة» قبل نضوجها

قبل أربعين عامًا من الآن، كانت الصين تعاني من ضخامة عدد سكانها الذين ينتمون بشكل متزايد لفئة العمال الريفيين الفقراء، وطالما اشتكت الدولة من نقص العمالة الماهرة. ومع التحرك نحو اقتصاد قائم على السوق والانفتاح على التجارة العالمية، تغيرت معالم الاقتصاد الصيني.
كان جزءًا أساسيا من هذا التغيير أن الكثير من هؤلاء العمال الريفيين العاطلين انتقلوا إلى العمل بقطاع التصنيع. فقد كان العرض اللانهائي من العمالة غير الماهرة عنصرًا أساسيا في النمو السريع للغاية الذي شهده الاقتصاد الصيني منذ الربع الأخير من القرن الماضي.
وفي حين لا يزال عدد السكان الريفيين الفقراء في الصين كبيرا، نمت المدن الكبرى بمعدل مرتفع حتى أصبحت تواجه صعوبة في خلق البنية التحتية لاستيعاب الهجرة من المناطق الريفية. في حين أن السلطات الصينية تعهدت خلال برنامج ضخم للاستثمار في البنية التحتية، بأنها ستوفر طُرقا يمكن من خلالها أن تستوعب المدن الكبرى المزدحمة عدد كاف من حجم سكانها الضخم.
يقول معهد البحوث الاقتصادية والاجتماعية، ومقره دبلن بآيرلندا: «بسبب النمو السريع في المدن، دون نمو مماثل في الريف، ارتفع معدل الهجرة من الريف للمدن في وقت لا يستطيع فيه الريفي المهاجر للمدينة الوصول إلى الخدمات الأساسية أو توفير سُبل المعيشة، مما أسهم في ترك الكثيرين للعمل الذي أدى بدورة إلى سرعة دوران العمالة الذي يسبب مشاكل كبيرة لأرباب العمل».
ومنذ سنوات أطلق الاقتصاديون حول العالم على الصين وصف «المعجزة الاقتصادية»، بعد أن رأوا أن الصين تنمو بمعدلات مرتفعة ومستدامة بما يُمكنها من تهديد هيمنة الاقتصاديات المتقدمة على الاقتصاد العالم.
لكن في الأشهر الأخيرة، تزايدت الآراء المتشائمة والمشككة في قوة الصين الاقتصادية. تبنى هذه الآراء أيضًا كبار علماء الصين بما في ذلك ديفيد شامباو، أستاذ العلاقات الدولية ومدير برنامج السياسة الصينية في جامعة جورج واشنطن، الذي تنبأ بـ«تصدع» الصين اقتصاديا وسياسيا.
يأتي تنبؤ «شامباو» وسط عدد من المؤشرات على ضعف النظام الاقتصادي والسياسي في الصين؛ أهمها استعداد النخب الصينية للفرار خارج الصين. ففي عام 2014، قام معهد بحوث «هورون» شنغهاي بعمل دراسة حول توجهات أثرياء الصين، ووجدت الدراسة أن 64 في المائة من الأفراد ذوي الملاءة المالية العالية، من أصل 393 مليونيرا ومليارديرا تم استطلاع آرائهم، إما هاجروا أو يخططون للقيام بذلك. ووجدت الدراسة أيضًا أن الأسر الصينية الغنية تقوم إرسال أبنائهم للدراسة في الخارج بأعداد قياسية، وذلك في حد ذاته اتهام لجودة نظام التعليم العالي في الصين.
ويبدو أن البيانات الاقتصادية الصينية تُدعم هذا الرأي، فالحكومة الصينية أعلنت عن خفضها لمعدل النمو المستهدف للناتج المحلي الإجمالي خلال العام الجاري. كما تراجع الناتج الإجمالي خلال الربع الأول من عام 2015 إلى 7 في المائة وهو أدنى عائد منذ الربع الأول من عام 2009، والمعدل السنوي المستهدف للعام الجاري هو أدنى مستوى في 15 عامًا، وفقًا للإحصاءات الرسمية.
وكانت الحكومة الصينية قد أعلنت الأسبوع الماضي عن نمو الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنسبة 7 في المائة خلال الربع الثاني من العام الجاري، وفقًا للمستهدف. وفي هذا الجانب شكك تقرير نشره موقع «الإيكونوميست» في البيانات الأخيرة حول معدل نمو الاقتصاد في الصين التي وصفها بأنها «أفضل من أن تُصدق».
ويُشير التقرير إلى أن الحكومة الصينية أعلنت أنها تستهدف تحقيق معدل نمو يبلغ 7 في المائة خلال العام الجاري، وهي أقل من نسبة النمو المتسارع بأكثر من 10 في المائة في السنوات الأخيرة. في حين تشير البيانات إلى أنه للفصل الثاني على التوالي ينجح الاقتصاد في النمو بنفس المعدل المستهدف دون أدنى انحياد عنه، رغم وجود الكثير من الدلالات على التراجع الكبير في القطاع الصناعي.
وتراجع النشاط الصناعي في الصين إلى أدنى مستوياته في 15 شهرًا خلال يوليو (تموز) الجاري، وأعلنت مؤسسة «ماركت» لأبحاث السوق، أن القراءة المبدئية لمؤشر مديري المشتريات الصناعي في الصين بلغت 48.2 نقطة في يوليو الجاري مقابل 49.4 نقطة في يونيو (حزيران). وتشير قراءة المؤشر أدنى من 50 نقطة إلى انكماش الأداء، فيما تعني القراءة أعلى مستوى 50 نقطة نمو النشاط الصناعي في البلاد.
وتواجه سوق الأوراق المالية في الصين ضربة سقوط قاسية، فالبورصة تراجعت بما يقرب من 28 في المائة من أعلى مستوياتها في يونيو عند مستوى 5131.88 إلى أدنى مستوياتها عند مستوى 3663 نقطة المُسجل يوم الثلاثاء الماضي.
ويقول جون فيتزجيرالد، وهو أستاذ مساعد في الاقتصاد في كلية ترينيتي في دبلن، إنه أصبح واضحًا أن النمو الصيني مكملاً للنمو في أوروبا والولايات المتحدة. وتمنى جون لو أن الاقتصاد الصيني استمر في النمو ليُقدم سوقًا جاهزة عندما تعاني أسواق أوروبا والولايات المتحدة من فترات الكساد والركود.
ويضيف فيتزجيرالد، وهو باحث سابق أيضًا بمعهد البحوث الاقتصادية والاجتماعية: «على مدى السنوات الـ20 المقبلة، ستواجه الصين تحديًا كبيرًا. فتبني سياسة الطفل الواحد يعني أن عدد الشباب الذين يدخلون سوق العمل سوف ينخفض سريعًا. وإذا استمر العمال الصينيون في التقاعد عند سن 60 عامًا، ذلك يعني أنه بحلول عام 2030 ستتراجع نسبة العاملين إلى المتقاعدين بشكل حاد من نحو 1:5 حاليًا إلى 1:2 فقط».
وعلى النحو الآخر يرى ميلتون ازراتي، وهو خبير اقتصادي واستراتيجي منتسب لمركز دراسات رأس المال البشري في جامعة نيويورك في بوفالو، أن الصين يُمكنها أن تواجه أي أزمة قد تتعرض لها لما تملكه من 4 تريليونات دولار كاحتياطيات من النقد الأجنبي، بما يُعادل 35 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، والتي يمكن نشرها لدعم الاقتصاد إذا ما دعت الحاجة إلى ذلك.
ويقول ميلتون، في مقالته المنشورة بمجلة «The National Interest» الأميركية، إن مستوى ديون الحكومة الصينية المنخفضة نسبيًا لا يزال يعطيها خيارات مالية أخرى.
ويُضيف ميلتون، في مقالته التي جاءت بعنوان «أعترض: اقتصاد الصين لن ينهار»، قائلاً: «رغم وجود الكثير من الديون الخاصة في الصين، فإن المبالغ المستحقة للدين العام تبلغ نحو 25 في المائة فقط من الناتج المحلي الإجمالي. ويقارن هذا مع عبء الدين العام البالغ نحو 100 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة. وبالتالي يُمكن تحفيز الاقتصاد في الوقت الذي قد يتعرض فيه لحالة من الكساد».
أما جيو جان، التي تدير مركز بحوث النمو المالي والاقتصادي في كلية تشونغ كونغ للدراسات العليا، فترى أن الاقتصاد الصناعي في الصين من غير المحتمل أن يشهد حالة من الهبوط الحاد لثلاثة أسباب. أولها أن ظروف التشغيل في الشركات قد تحسنت خلال الفصول الأربعة الماضية. وثانيها، أن مشكلة الطاقة المُفرطة، أكبر تحد يواجه الاقتصاد الصيني، استقرت منذ الربع الرابع من العام الماضي.
وتقول جيو، في مقالتها بمجلة «فوربس» العالمية، إن السبب الثالث هو أن مشكلة التمويل أيضًا ليست هي عنق الزجاجة للنمو الصناعي.
لكن من ناحية أخرى، في وقت يواجه فيه الاقتصاد الصيني بعض التحديات الهيكلية والأساسية، ترى جان أن النمو والانتعاش السريع للاقتصاد الصيني هو أمر غير محتمل.

* الوحدة الاقتصادية بـ«الشرق الأوسط»



3 شركات عالمية لتنظيم المعارض تفتح مكاتبها في السعودية

رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للمعارض والمؤتمرات فهد الرشيد مع مسؤول في إحدى الشركات التي قررت افتتاح مكتبها في السعودية (الشرق الأوسط)
رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للمعارض والمؤتمرات فهد الرشيد مع مسؤول في إحدى الشركات التي قررت افتتاح مكتبها في السعودية (الشرق الأوسط)
TT

3 شركات عالمية لتنظيم المعارض تفتح مكاتبها في السعودية

رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للمعارض والمؤتمرات فهد الرشيد مع مسؤول في إحدى الشركات التي قررت افتتاح مكتبها في السعودية (الشرق الأوسط)
رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للمعارض والمؤتمرات فهد الرشيد مع مسؤول في إحدى الشركات التي قررت افتتاح مكتبها في السعودية (الشرق الأوسط)

قررت 3 من أكبر 10 شركات عالمية متخصصة في تنظيم المعارض، افتتاح مكاتبها في السعودية، في خطوة للاستفادة من التنامي المتسارع في القطاع بالمملكة، في الوقت الذي تمضي فيه «الرياض» لتعزيز محوريتها في هذا القطاع من خلال توقيع 19 اتفاقية ومذكرة تفاهم لدعم صناعة الفعاليات، وذلك مع ختام اليوم الأول من القمة الدولية للمعارض والمؤتمرات، المنعقدة حالياً في الرياض من 15 إلى 17 ديسمبر (كانون أول) الحالي.

وقال رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للمعارض والمؤتمرات، فهد الرشيد، إن اليوم الأول للقمة الدولية للمعارض والمؤتمرات شهد نجاحاً كبيراً، بعد إعلان الاتفاقيات، وإطلاق 12 فعالية جديدة، بالإضافة إلى توقيع مذكرات تفاهم، ما يعزز مكانة المملكة كواحدة من أهم وجهات قطاع المعارض والمؤتمرات على مستوى العالم.

وأضاف الرشيد أن هذه الإعلانات تؤكد أهمية قطاع المعارض والمؤتمرات، ودوره المحوري كمحفز للتحول، حيث يساهم في التعريف بحجم الفرص غير المسبوقة التي توفرها المملكة سعياً إلى تحقيق مستهدفات «رؤية 2030»، ودور القطاع في استكشاف الأفكار المبتكرة، وخلق فرص الاستثمار، وتعزيز الشراكات الجديدة عبر مختلف قطاعات الاقتصاد.

وأعلنت كل من شركات «RX Global» و«Messe Munich» و«Clarion»، وهي من كبرى الشركات العالمية المتخصصة في تنظيم الفعاليات، افتتاح مكاتب جديدة لها في المملكة، لدعم خطط نمو قطاع المعارض والمؤتمرات السعودي خلال السنوات العشر المقبلة.

وشهدت القمة توقيع 4 مذكرات تفاهم مع كلٍّ من وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، والهيئة السعودية للسياحة، وصندوق الفعاليات الاستثماري، والمركز الوطني للفعاليات.

وتتواصل فعاليات القمة الدولية للمعارض والمؤتمرات على مدار اليومين المقبلين، حيث تركز على جهود تحفيز الاستثمار في قطاع المعارض والمؤتمرات، وإنشاء مساحات فعاليات مبتكرة ومستقبلية، ومعالجة مسائل الاستدامة العالمية في القطاع.

يُذكَر أن النسخة الأولى من القمة الدولية للمعارض والمؤتمرات تقام في مدينة الأمير محمد بن سلمان غير الربحية «مسك»، بمشاركة أكثر من 1000 من قادة قطاع المعارض والمؤتمرات العالميين من 73 دولة، بهدف إعادة تشكيل مستقبل القطاع.