تسعير البضائع في المخازن اللبنانية بالدولار بدءاً من اليوم

يشمل المواد الغذائية والاستهلاكية... ووزير الاقتصاد يرى القرار حلاً للفوضى

TT

تسعير البضائع في المخازن اللبنانية بالدولار بدءاً من اليوم

تتدحرج كرة «الدولرة» تباعاً إلى مختلف القطاعات في لبنان، ليصبح قرار التسعير بالعملة الخضراء أمراً واقعاً بقرار رسمي أو غير رسمي. وبينما سبق لقطاعات عدة أن اتخذت قرار التسعير بالدولار، بشكل مباشر أو غير مباشر، أعلن أمس وزير الاقتصاد في حكومة «تصريف الأعمال» أمين سلام، أن مخازن السوبر ماركت ستبدأ التسعير بالدولار بدءاً من اليوم الأربعاء، وفق سعر صرف الدولار في السوق السوداء.
ويأتي هذا القرار في موازاة إجراءات أخرى اتُّخذت سابقاً ترتبط بقطاعات أخرى على غرار المحروقات التي تسعّر بالليرة اللبنانية إنما وفق تقلبات سعر الصرف في السوق السوداء، إضافة إلى الدواء، والتأمين على اختلاف أنواعه، وبدل المستشفيات، بينما يتم دفع رواتب القطاع العام وفق ما يعرف في لبنان بـ«دولار صيرفة» الذي حدده مصرف لبنان، ويكون عادة أدنى من سعر السوق، كي يتسنى للموظف الاستفادة من هذا الفارق، وهو المحدد اليوم على سبيل المثال بـ45400 ليرة لبنانية مقابل نحو 88 ألفاً هو سعر الدولار في السوق السوداء.
وبينما يتوجّس اللبنانيون من تداعيات قرار التسعير بالدولار في سلاسل السوبر ماركت، التي تشكل مقصد معظم اللبنانيين لشراء المواد الغذائية والاستهلاكية، لا سيما في ظل التفلت في الأسواق وغياب الرقابة، يرى الخبراء أن هذا الأمر قد يكون لمصلحة المواطن شرط أن يترافق مع الشفافية ومراقبة حماية المستهلك. مع العلم أن الأسعار في الأسواق اللبنانية تشهد ارتفاعاً غير مسبوق نتيجة اعتماد التجار ما يعرف بـ«الهوامش الحمائية من تقلّب سعر الصرف»، بحيث يقومون بتسعير المنتجات وفق سعر صرف أعلى بما بين 3 و5 آلاف ليرة عن سعر الدولار في السوق.
ومع إقراره بارتهان المواطنين للفوضى، وقوله إن «النظام المالي الماضي انتهى وتساقطت آخر حلقات الهيكل»، أعلن أمس وزير الاقتصاد بدء العمل بالتسعير بالدولار، قائلاً: «قاومتُ موضوع التسعير بالدولار لسنة وستّة أشهر، ولكن لم يعد بإمكاني ترك الناس مرتهنين للفوضى والعشوائية، وهدفنا من هذا التغيير هو حماية المواطن من خلال معرفة الأسعار الحقيقية للسلع».
وأكد أنه لا يحق لمحلات السوبر ماركت أن تفرض على الزبون الدفع بالدولار، والفاتورة ستكون بالليرة اللبنانية حسب سعر الصرف «على أن يتم وضع سعر الصرف المعتمد على واجهة المحلات».
وتحدث سلام عن إيجابيات القرار، واصفاً إياه بـ«الاستثنائي» وكاشفاً أنه لولا قرض البنك الدولي، الذي عمل عليه لبقاء الدعم على الطحين، لكان سعر «ربطة الخبز» اليوم وصل إلى 200 ألف ليرة.
في المقابل، أوضح رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي، آلية الدفع التي ستُعتمد في السوبر ماركت، معتبراً أن «التسعير بالدولار يزيل الفوضى العارمة في الأسعار». وقال: «التسعير بالليرة يجعل هناك هوامش حمائية، بينما التسعير بالدولار يكون ثابتاً ويمكن مقارنته بين المحلات التجارية».
وأضاف: «آلية الدفع التي ستُتّبع هي تسعير البضائع على الرفوف بالدولار، بينما الفاتورة بالليرة اللبنانية، على أن يُعلن سعر الصرف بشكل واضح داخل المحل، كما سيُذكر على الفاتورة وفق أي سعر صرف احتُسبت، وتُحتسب الضريبة على القيمة المضافة بالليرة».
واعتبر أن «التسعير بالدولار سيسهم في وضوح الأسعار، والشفافية والعدل بالنسبة إلى المواطن والتاجر في آن واحد، كما أن توحيد العملة داخل المحلات يعيد عامل المنافسة ضمن القوانين الشرعية الصحيحة».
ويرى البعض أنه بهذه الإجراءات تتكرس «الدولرة» في لبنان، ويرى الخبير الاقتصادي وليد أبو سليمان، أنه يمكن الحديث عن «دولرة جزئية» وليس «دولرة شاملة»، أي الاعتماد الكلي على العملة الخضراء، معتبراً أنه في ظل الفوضى التي تتحكم في الأسواق اليوم، قد يكون قرار التسعير بالدولار لمصلحة المواطن، شرط أن يترافق مع مراقبة وشفافية.
ويقول سليمان لـ«الشرق الأوسط»: «ما يحصل اليوم هو (دولرة جزئية)، بحيث إنه لا يمكن إطلاق (الدولرة الشاملة)؛ لأن هناك 90 مليار دولار من الودائع لا ترد لأصحابها بالدولار، بل تدفع بالليرة اللبنانية، وما يدفع للقطاع العام وفق (دولار صيرفة) هو إما من الاحتياطي أي من الأموال التي تطبع في سياق برنامج تضخمي بامتياز، أي أننا لا نزال نعتمد على طباعة الليرة لشراء الدولار في وقت لا تدخل فيه دولارات كافية لتغطية حاجيات القطاعين العام والخاص».
أما عن التسعير بالدولار وانعكاسه على المواطن، فيقول أبو سليمان: «لا شك أن هذا القرار يفترض أن يكون إيجابياً على المواطن شرط أن يترافق مع مراقبة مصلحة حماية المستهلك والحد من جشع التجار، واعتماد سعر صرف متوسطي تصدره جهة رسمية، لكنه في المقابل يعكس مزيداً من التضخم وفقدان الليرة اللبنانية قيمتها، وزيادة في اضطراب الوضع الاقتصادي والمالي».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

البنك الدولي: ربع سكان اليمن يواجهون انعدام الغذاء

مليون يمني انضموا إلى قائمة الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي (الأمم المتحدة)
مليون يمني انضموا إلى قائمة الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي (الأمم المتحدة)
TT

البنك الدولي: ربع سكان اليمن يواجهون انعدام الغذاء

مليون يمني انضموا إلى قائمة الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي (الأمم المتحدة)
مليون يمني انضموا إلى قائمة الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي (الأمم المتحدة)

انضم البنك الدولي إلى الأمم المتحدة في التحذير من ارتفاع معدلات انعدام الأمن الغذائي في اليمن خلال بقية العام الحالي، وذكر أن عدد المتأثرين بذلك تجاوز حالياً حاجز المليون شخص، وتوقع أن يواجه 24 في المائة من سكان البلاد مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد خلال ما تبقى من هذا العام.

ووفق تقرير للبنك عن الأوضاع الغذائية، فقد شهد اليمن خلال العام الحالي ارتفاعاً في عدد الأشخاص الذين يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد بنسبة 6 في المائة مقارنة بالعام السابق.

استهداف الحوثيين الملاحة في البحر الأحمر أثر على تدفق السلع إلى اليمن (إعلام محلي)

وأورد التقرير أن هذه الزيادة تعود إلى مجموعة من العوامل، من بينها تصاعد الصراع، وتفاقم التغيرات المناخية مثل الجفاف والفيضانات. وذكر أن انعدام الأمن في البحر الأحمر كان له تأثير مباشر على توافر الغذاء في البلاد، حيث أدت الهجمات البحرية إلى تقييد تدفق المواد الغذائية والسلع الأساسية.

ووفق ما جاء في تقرير البنك الدولي، فإن تدهور قيمة العملة المحلية، وزيادة تكاليف الوقود، جعلا الحصول على الغذاء أكثر صعوبة، خاصة في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً.

وتوقع التقرير أن يواجه 24 في المائة من سكان اليمن مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد خلال النصف الثاني من العام الحالي، نتيجة لاستمرار الصراع، ونقص فرص العمل، وتأثيرات التغيرات المناخية الزائدة.

تضخم الأسعار

كان البنك الدولي قد ذكر نهاية الشهر الماضي أن تضخم أسعار الأغذية المحلية لا يزال مرتفعاً في كثير من البلدان منخفضة ومتوسطة ومرتفعة الدخل. ويشهد 77.3 في المائة من البلدان منخفضة الدخل معدلات تضخم أعلى من 5 في المائة، أعلى بنسبة 18.2 نقطة مئوية مما كان بالتحديث الأخير في 27 يونيو (حزيران) 2024.

وبيَّن البنك أن من هذه المعدلات نفسها يعاني 54.3 في المائة من الشريحة الدنيا من البلدان متوسطة الدخل (أقل بنسبة 8.7 نقطة مئوية)، و44 في المائة من الشريحة العليا من البلدان متوسطة الدخل، و10.7 في المائة من البلدان مرتفعة الدخل.

فاقم استمرار الصراع في اليمن وانعدام فرص العمل والتغير المناخي من انعدام الأمن الغذائي (الأمم المتحدة)

وقال إنه وبالقيمة الحقيقية، تجاوز تضخم أسعار الغذاء معدل التضخم العام في 55.6 في المائة من 167 بلداً تتوافر عنها البيانات.

ووفق هذه البيانات، فإنه ومنذ آخر تحديث في 27 يونيو 2024 أغلق مؤشرا أسعار السلع الزراعية والصادرات على ارتفاع بـ1 و2 في المائة على التوالي، ولم يطرأ أي تغيير على مؤشر الحبوب. وأغلقت أسعار الذرة والأرز على انخفاض بـ3 و4 في المائة على التوالي، وأغلق القمح على ارتفاع بنسبة 8 في المائة، وعلى أساس سنوي مقارن.

ويسلط تحديث منتصف العام للتقرير العالمي عن الأزمات الغذائية لعام 2024 الضوء على اتجاهات تثير القلق بشأن انعدام الأمن الغذائي الحاد وسوء التغذية، في أعقاب مستويات مرتفعة في عام 2023، حيث ارتفع عدد الأشخاص المتوقع أن يواجهوا كوارث (المرحلة الخامسة من التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي) من 705 آلاف في عام 2023 إلى 1.9 مليون شخص خلال العام.

نقص مستمر

كشف تقرير البنك الدولي عن تحديات كبيرة في سبيل تحقيق الهدف الثاني من أهداف التنمية المستدامة وهو القضاء على الجوع. وقال إنه على الرغم من إحراز بعض التقدم في بعض المناطق، فإن نقص التغذية على مستوى العالم لا يزال مستمراً على نحو مثير للقلق، مع تأثر ما بين 713 مليوناً و757 مليون شخص خلال العام الماضي.

ملايين اليمنيين يعيشون على المساعدات الإنسانية المقدمة من المنظمات الدولية (إ.ب.أ)

وينبه البنك الدولي إلى أنه ومع اقتراب عام 2024 من نهايته، فمن المرجح أن يكون من أشد الأعوام حرارة على الإطلاق، حيث كانت لأنماط الطقس الأخيرة آثار متباينة على تنبؤات الإنتاج الزراعي، إذ من المتوقع أن ينخفض إنتاج الذرة بسبب درجات الحرارة التي تؤثر على الاتحاد الأوروبي والمكسيك وأوكرانيا، في حين يُتوقع أن يرتفع إنتاج فول الصويا بفضل الظروف المواتية في الولايات المتحدة.

ومع ذلك أعاد البنك التذكير بأن السياسات المتصلة بالتجارة التي تفرضها البلدان قد تصاعدت في أعقاب اندلاع الحرب في أوكرانيا. وتفاقمت أزمة الغذاء العالمية لعدة أسباب، منها ازدياد عدد القيود المفروضة على تجارة الغذاء والأسمدة التي تضعها البلدان بهدف زيادة الإمدادات المحلية وخفض الأسعار.

وحتى سبتمبر (أيلول) 2024 قام 16 بلداً بتطبيق 22 قراراً بشأن حظر تصدير المواد الغذائية، كما قامت 8 بلدان بتطبيق 15 إجراءً مقيداً للصادرات.