النمسا تعتبر مخطط الحكم الذاتي أساسا لحل جدي وذي مصداقية لنزاع الصحراء

الرباط وفيينا أكدتا مركزية الشراكة بين المملكة والاتحاد الأوروبي

رئيس الحكومة المغربية مستقبلاً نظيره النمساوي أمس (د.ب.أ)
رئيس الحكومة المغربية مستقبلاً نظيره النمساوي أمس (د.ب.أ)
TT

النمسا تعتبر مخطط الحكم الذاتي أساسا لحل جدي وذي مصداقية لنزاع الصحراء

رئيس الحكومة المغربية مستقبلاً نظيره النمساوي أمس (د.ب.أ)
رئيس الحكومة المغربية مستقبلاً نظيره النمساوي أمس (د.ب.أ)

أعلنت النمسا أنها تعتبر مخطط الحكم الذاتي للصحراء، الذي قدمه المغرب سنة 2007، أساسا لحل النزاع حول الصحراء المغربية، مقبول من كافة الأطراف.
 ووصفت النمسا جهود المغرب بالجادة وذات مصداقية.
وأكد البلدان في إعلان مشترك، صدر عقب اجتماع عُقد اليوم الثلاثاء في الرباط بين رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش، والمستشار الفيدرالي النمساوي، كارل نيهامر، دعمهما لجهود المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، ستافان دي ميستورا، وجهوده لمواصلة العملية السياسية الهادفة إلى تحقيق "حل عادل ودائم وسياسي ومقبول لدى الأطراف"، وفقا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة والأهداف والمبادئ المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة.
فيما أشاد المغرب برغبة النمسا في مواصلة دعمها القيم لبعثة الأمم المتحدة في الصحراء «مينورسو».
وحل المستشار النمساوي كارل نيهامر أمس بالمغرب، في إطار زيارة رسمية تدوم يومين، على رأس وفد رفيع المستوى، بدعوة من رئيس الحكومة عزيز أخنوش. وتندرج هذه الزيارة في إطار الاحتفاء، اليوم (28 فبراير (شباط) الجاري)، بالذكرى الـ240 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، حينما قدم محمد بن عبد المالك أوراق اعتماده، كسفير للسلطان مولاي محمد الثالث، إلى الإمبراطور جوزيف الثاني يوم 28 فبراير 1783. في سياق ذلك، أشادت النمسا أيضاً بالإصلاحات الواسعة التي أطلقها المغرب، وجاء في الإعلان المشترك أن النمسا «تشيد بالإصلاحات الواسعة التي أطلقها المغرب، بقيادة الملك محمد السادس، والهادفة إلى جعل المجتمع والاقتصاد المغربيين أكثر انفتاحاً وأكثر دينامية، لا سيما بفضل النموذج التنموي الجديد والجهوية المتقدمة، وكذا تمكين النساء والتنمية المستدامة»، مشيراً إلى أن المستشار النمساوي هنأ المملكة المغربية على النجاح، الذي حققه المنتدى الدولي التاسع لمنظمة الأمم المتحدة لتحالف الحضارات، الذي احتضنته مدينة فاس في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وعلى ريادة الملك محمد السادس الراسخة في هذا المجال. كما أشادت النمسا بريادة المغرب في المنطقة، ودوره كقطب إقليمي للاستقرار، وكداعم للنمو والتنمية في أفريقيا، فيما نوه رئيسا الحكومتين بالدور البناء والإيجابي للمغرب والنمسا في حفظ السلم والاستقرار في منطقتهما.
من جهة ثانية، سجل الإعلان المشترك أن النمسا تشيد باستئناف العلاقات بين المغرب وإسرائيل وتطورها المطرد، مضيفاً أن الجانبين أكدا أهمية العلاقات مع إسرائيل في إرساء السلام، والأمن والازدهار في المنطقة. كما أكد الطرفان أيضاً التزامهما بحل الدولتين، الذي تعيش بموجبه دولتا إسرائيل وفلسطين الديمقراطيتان جنباً إلى جنب في سلام، وضمن حدود آمنة ومعترف بها، بما يتفق مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة. وخلال اللقاء المشترك، أكدت النمسا التزامها بالمساهمة في تقوية الشراكة الاستراتيجية بين المغرب والاتحاد الأوروبي على جميع الأصعدة، وأعرب البلدان عن ارتياحهما لجودة العلاقات التي تجمع البلدين، والتي عرفت خلال السنوات الأخيرة تقدماً مضطرداً خلال السنوات الأخيرة. كما أعربا عن إرادتهما المشتركة لإقامة حوار استراتيجي على مستوى وزيري الخارجية، بهدف تعميق مجالات التعاون القائمة وتطوير سبل جديدة للتعاون.
وبخصوص موضوع الهجرة، أكد المغرب والنمسا عزمهما على تعزيز تعاونهما في مكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر، فيما أعربت النمسا عن تقديرها لجهود المغرب في مكافحة الهجرة غير الشرعية، مسلطة الضوء على رئاسة المغرب سنة 2023 لـ«مسلسل الرباط». وعلى المستوى البرلماني، شدد الجانبان على أهمية الاتصالات البرلمانية التي تضطلع بدور رئيسي في توطيد العلاقات الثنائية، منوهين بالزيارة الرسمية التي قام بها رئيس مجلس النواب المغربي إلى النمسا في ديسمبر (كانون الأول) 2022، وبالزيارة الرسمية التي من المقرر أن يقوم بها رئيس المجلس الوطني النمساوي إلى المغرب في مارس (آذار) المقبل، وكذا بزيارات رئيسي مجموعتي الصداقة البرلمانيتين اللتين أحدثتهما المؤسستان.
أما على الصعيد الاقتصادي، فقد أعرب رئيسا الحكومتين عن ارتياحهما لنمو المبادلات التجارية بين البلدين والاستثمارات التي تقوم بها المقاولات النمساوية بالمغرب خلال السنوات الأخيرة. وبعدما نوها بالتوقيع الاثنين على بروتوكول اتفاق للتعاون بين الغرفة الاقتصادية الفيدرالية النمساوية، والاتحاد العام لمقاولات المغرب، رأى رئيسا الحكومتين أن مستوى التعاون الاقتصادي لم يرق بعد إلى إمكانات الاقتصادين المغربي والنمساوي.
وفي الجانب الثقافي، أكد البلدان أهمية التعاون الثنائي في المجال الثقافي والجامعي، من أجل تعزيز التنمية البشرية والاقتصادية، وكذا النهوض بتبادل الخبرات على المستويين الحكومي الدولي والمجتمع المدني. ومن جهة أخرى، أعرب رئيسا الحكومتين عن ارتياحهما للتوقيع خلال السنتين الماضيتين على مذكرة تفاهم بين المجلس الأعلى للسلطة القضائية بالمغرب، والمحكمة العليا بالنمسا، تروم تعزيز التعاون، وتبادل الخبرات في المجالات المرتبطة بالشؤون القضائية والقانونية.
كما نوه رئيسا الحكومتين بتوقيع مذكرة تفاهم بشأن توطيد التعاون الثنائي في مجال الحوار بين الأديان، وأخرى لتعزيز التعاون في مجال التعليم العالي بين جامعة القاضي عياض بمراكش وجامعة فيينا المستقلة.


مقالات ذات صلة

إشادة أميركية بالتزام العاهل المغربي «تعزيز السلام»

الولايات المتحدة​ إشادة أميركية بالتزام العاهل المغربي «تعزيز السلام»

إشادة أميركية بالتزام العاهل المغربي «تعزيز السلام»

أشاد وفد من الكونغرس الأميركي، يقوده رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب الأميركي مايك روجرز، مساء أول من أمس في العاصمة المغربية الرباط، بالتزام الملك محمد السادس بتعزيز السلام والازدهار والأمن في المنطقة والعالم. وأعرب روجرز خلال مؤتمر صحافي عقب مباحثات أجراها مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، عن «امتنانه العميق للملك محمد السادس لالتزامه بتوطيد العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة والمغرب، ولدوره في النهوض بالسلام والازدهار والأمن في المنطقة وحول العالم».

«الشرق الأوسط» (الرباط)
شمال افريقيا ترحيب مغربي بإقرار رأس السنة الأمازيغية عطلة رسمية

ترحيب مغربي بإقرار رأس السنة الأمازيغية عطلة رسمية

أعلن بيان للديوان الملكي المغربي، مساء أول من أمس، أن الملك محمد السادس تفضل بإقرار رأس السنة الأمازيغية عطلة وطنية رسمية مؤدى عنها، على غرار فاتح (أول) محرم من السنة الهجرية ورأس السنة الميلادية. وجاء في البيان أن العاهل المغربي أصدر توجيهاته إلى رئيس الحكومة لاتخاذ الإجراءات اللازمة لتفعيل هذا القرار الملكي. ويأتي هذا القرار تجسيداً للعناية الكريمة التي يوليها العاهل المغربي للأمازيغية «باعتبارها مكوناً رئيسياً للهوية المغربية الأصيلة الغنية بتعدد روافدها، ورصيداً مشتركاً لجميع المغاربة دون استثناء».

«الشرق الأوسط» (الرباط)
شمال افريقيا أعضاء «الكونغرس» الأميركي يشيدون بالتزام العاهل المغربي بـ«تعزيز السلام»

أعضاء «الكونغرس» الأميركي يشيدون بالتزام العاهل المغربي بـ«تعزيز السلام»

أشاد وفد من الكونغرس الأميركي، يقوده رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب، مايك روجرز، مساء أمس، في العاصمة المغربية الرباط، بالتزام الملك محمد السادس بتعزيز السلام والازدهار والأمن في المنطقة والعالم. وأعرب روجرز، خلال مؤتمر صحافي، عقب محادثات أجراها مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين في الخارج، ناصر بوريطة، عن «امتنانه العميق للملك محمد السادس لالتزامه بتوطيد العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة والمغرب، ولدوره في النهوض بالسلام والازدهار والأمن في المنطقة وحول العالم»، مبرزاً أن هذه المحادثات شكلت مناسبة للتأكيد على الدور الجوهري للمملكة، باعتبارها شريكاً للول

«الشرق الأوسط» (الرباط)
شمال افريقيا حزبان معارضان يبحثان تدهور القدرة الشرائية للمغاربة

حزبان معارضان يبحثان تدهور القدرة الشرائية للمغاربة

عقد حزبا التقدم والاشتراكية اليساري، والحركة الشعبية اليميني (معارضة برلمانية) المغربيين، مساء أول من أمس، لقاء بالمقر الوطني لحزب التقدم والاشتراكية في الرباط، قصد مناقشة أزمة تدهور القدرة الشرائية للمواطنين بسبب موجة الغلاء. وقال الحزبان في بيان مشترك إنهما عازمان على تقوية أشكال التنسيق والتعاون بينهما على مختلف الواجهات السياسية والمؤسساتية، من أجل بلورة مزيد من المبادرات المشتركة في جميع القضايا، التي تستأثر باهتمام الرأي العام الوطني، وذلك «من منطلق الدفاع عن المصالح الوطنية العليا للبلاد، وعن القضايا الأساسية لجميع المواطنات والمواطنين».

«الشرق الأوسط» (الرباط)
شمال افريقيا عائلات مغربية تحتج لمعرفة مصير أبنائها المفقودين والمحتجزين

عائلات مغربية تحتج لمعرفة مصير أبنائها المفقودين والمحتجزين

دعت «تنسيقية أسر وعائلات الشبان المغاربة المرشحين للهجرة المفقودين» إلى تنظيم وقفة مطلبية اليوم (الخميس) أمام وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي بالرباط، تحت شعار «نضال مستمر من أجل الحقيقة كاملة وتحقيق العدالة والإنصاف»، وذلك «لتسليط الضوء» على ملف أبنائها المفقودين والمحتجزين ببعض الدول. وتحدث بيان من «التنسيقية» عن سنوات من المعاناة وانتظار إحقاق الحقيقة والعدالة، ومعرفة مصير أبناء الأسر المفقودين في ليبيا والجزائر وتونس وفي الشواطئ المغربية، ومطالباتها بالكشف عن مصير أبنائها، مع طرح ملفات عدة على القضاء. وجدد بيان الأسر دعوة ومطالبة الدولة المغربية ممثلة في وزارة الشؤون الخارجية والتع

«الشرق الأوسط» (الرباط)

دعوات «إلزامية الحجاب» تفجر صراعاً مجتمعياً في ليبيا

تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)
تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)
TT

دعوات «إلزامية الحجاب» تفجر صراعاً مجتمعياً في ليبيا

تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)
تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)

وجدت دعوات تحجيب النساء «جبراً»، التي تنتصر لها السلطة في العاصمة الليبية، عدداً من المؤيدين، لكنها خلقت أيضاً تياراً واسعاً من الرافضين لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات.

فبعد إعلان السلطة، ممثلة في عماد الطرابلسي، وزير الداخلية بحكومة «الوحدة» المؤقتة، عن إجراءات واسعة ضد النساء، من بينها «فرض الحجاب الإلزامي»، بدت الأوضاع في ليبيا متجهة إلى التصعيد ضد «المتبرجات»، في ظل صراع مجتمعي محتدم.

بين الرفض والقبول

تفاعل الشارع الليبي بشكل متباين مع تصريحات الطرابلسي، بين من رفضها جملة وتفصيلاً، ومن قال إنه «ينفذ شرع الله ويسعى لنشر الفضيلة»، في وقت شرعت فيه أجهزة أمنية في إغلاق صالات رياضية ونوادٍ نسائية، بينما لم تعلّق سلطات البلاد، ممثلة في المجلس الرئاسي أو «الوحدة»، على هذا الأمر، وهو ما عده مقربون منهما «رضاً وقبولاً» بما تعهد به الطرابلسي.

الدبيبة والمنفي لم يعلّقا على تصريحات الطرابلسي (المجلس الرئاسي الليبي)

وبين هذا التيار وذاك، ظهرت شكاوى من التضييق والتحريض ضد «متبرجات»، أعقبتها دعوات للنائب العام بضرورة التدخل لحمايتهن وتفعيل القانون. وأمام تصاعد هذا الاتجاه الذي حذرت منه منظمات دولية، عدّت زهراء لنقي، عضو ملتقى الحوار السياسي الليبي، أن الهدف منه «إشغال الناس عن القضايا الجوهرية، مثل الفساد المالي والإداري وتهريب الأموال».

وقالت الزهراء لـ«الشرق الأوسط» إن هذا التوجه «يأتي ضمن سلسلة من الإجراءات التي تفعلها حكومة (الوحدة) بين الحين والآخر، في إطار توجّه منهجي لعودة المنظومة الأمنية القمعية، وكبت الحريات العامة، وملاحقة المجتمع المدني عبر توظيف خطاب متشدد».

منظمة «العفو الدولية» قالت إن تصريحات الطرابلسي من شأنها «ترسيخ التمييز ضد النساء» (وزارة الداخلية)

وسبق لمنظمة «العفو الدولية» القول إن تصريحات الطرابلسي من شأنها «ترسيخ التمييز ضد النساء والفتيات، والانتقاص من حقوقهن في حرية التعبير والدين، والمعتقد والخصوصية الجسدية، بما في ذلك خطط لإنشاء شرطة الأخلاق لفرض الحجاب الإلزامي».

من جهته، عدّ جمال الفلاح، رئيس «المنظمة الليبية للتنمية السياسية»، أن هذه الإجراءات «قسّمت المجتمع بين جماعة مؤيدة، وأخرى تعد هذا التوّعد إهانة للمرأة الليبية، التي ترفض فرض الحجاب عليها بالقوة».

وقال الفلاح الذي يرى أن المرأة الليبية «قيادية ورائدة في مجالات عدة»، لـ«الشرق الأوسط»: «إذا كنا نتحدث عن الأخلاق والفضيلة، فليبيا اليوم تعج بالربا وفساد السلطة والمسؤولين، بالإضافة إلى الرشى في أوساط من هم في السلطة؛ ولذلك كان من الأولى التركيز على قضايا الرشوة والابتزاز والقتل خارج القانون».

جمال الفلاح رئيس المنظمة الليبية للتنمية السياسية (الشرق الأوسط)

وكان الطرابلسي قد قال في مؤتمر صحافي في السادس من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، باللهجة الليبية: «نلقى واحد مقعمز (جالس) هو وبنت برقدهم في الحبس، والبنت بترقد هي وأهلها في الحبس. والنساء اللي تسوق من غير ستر شعرها بنستلم منها السيارة... لا نعرف زميل لا صديق لا شريك لا موظف».

وسيلة للإلهاء

أمينة الحاسية، رئيس مجلس إدارة ملتقى التغيير لتنمية وتمكين المرأة، ربطت بين توجه سلطات طرابلس لتفعيل الحجاب «جبراً»، والأزمة السياسية في البلاد، وهو ما ذهبت إليه أيضاً لنقي.

تقول الحاسية لـ«الشرق الأوسط»: «عادة ما يضع المسؤولون في ليبيا المرأة في مكان بين السياسة والدين؛ ولو تريد الدولة حقاً المحاسبة فعليها أن تبدأ أولاً بمواجهة الفساد، وتدع المرأة وشأنها»، مضيفة: «هم الآن في وضع سياسي سيئ».

زهراء لنقي عضو ملتقى الحوار السياسي الليبي (الشرق الأوسط)

وعدت لنقي التركيز على المرأة وزيها وشعرها «زوبعة يستهدفون الإلهاء من ورائها»، معتقدة أن حكومة طرابلس «تسعى لأن تكون سلطة دينية وهي ليست كذلك... و 90 في المائة؜ من الليبيات تقريباً يرتدين الزي نفسه داخل ليبيا. هذه في رأيي زوبعة للإلهاء عن القضايا الجوهرية لا أقل ولا أكثر».

حماية الآداب العامة

غير أن صمت السلطة حيال ما ذهب إليه الطرابلسي توقف بعد قرار أصدره الدبيبة، وتم تداوله على نطاق واسع، وهو القرار الذي قضى باستحداث إدارة بالهيكل التنظيمي لوزارة الداخلية، تسمى «الإدارة العامة لحماية الآداب العامة».

وحدد القرار، الذي لم تنفه حكومة الدبيبة، مهام إدارة «حماية الآداب العامة»، من بينها ضبط الجرائم التي ترتكب في الأماكن العامة، والمقاهي والمطاعم ودور العرض والفنادق، وغيرها من الأماكن العامة أو المخصصة للارتياد العام بالمخالفة للتشريعات الخاصة بحماية الآداب العامة، ومكافحة الأفعال التي تتنافى مع توجهات المجتمع، وتسيء إلى قيمه وأخلاقه ومبادئه، وتطبيق التشريعات النافذة، بالإضافة إلى القيام بأعمال البحث والتحري، وجمع الاستدلال في الجرائم المتعلقة بالآداب العامة.

وتوجه مقربون من الإعلامية الليبية، زينب تربح، ببلاغ إلى النائب العام، بعد شكايتها في مقطع فيديو من مضايقات وهي تقود سيارتها من طرف مجهولين لكونها حاسرة الرأس، وقالت إيناس أحمدي، إحدى المقربات من الإعلامية، إن تربح «تتعرض لحملة شرسة من العنف والتعدي»، مشيرة إلى أن الحملة «ما زالت في بدايتها، وما زالت تأخذ أشكالاً أكثر تعنيفاً دون أي رادع».

وانتشر على تطبيق «تيك توك» تأييد واسع لرغبة سلطة طرابلس في تفعيل الحجاب، كما أسبغ بعض المعجبين على الطرابلسي أوصافاً عديدة، تعود لشخصيات تاريخية، وعدّوه «حامياً للإسلام والأخلاق». وهنا تلفت الحاسية إلى «تغول التيار الديني في غرب ليبيا، وتأثيره على من هم في السلطة، لما يملكه من مال وسلاح وميليشيات»، وقالت بهذا الخصوص: «أصبحت هناك حالات تعد على صالات الرياضة والنوادي النسائية بالقوة، وقد حاولوا أن يغلقوها بحجج كثيرة، من بينها الدين والحجاب. وربما نقول إن الطرابلسي له علاقة بهذه التشكيلات المسلحة وهذا التوجه الديني».

أمينة الحاسية في لقاء سابق مع سيتفاني ويليامز (الشرق الأوسط)

ووسط تباين مجتمعي، يراه كثيرون أنه سيتفاعل في قادم الأيام كلما تعددت حالات التضييق على «المتبرجات»، قالت المحامية الليبية ثريا الطويبي، إن ما ذهب إليه الطرابلسي، «جاء مخالفاً للإعلان الدستوري، الذي نص على حماية الحقوق وصيانة الحريات». مضيفة لـ«الشرق الأوسط»: «يعد لباس المرأة من الحقوق والحريات الشخصية، ما لم يكن فاضحاً أو خادشاً للحياء العام، وليس من اختصاص وزير الداخلية وضع القيود على لباس المرأة، أو تنقلها وسفرها للخارج».

المحامية الليبية ثريا الطويبي (الشرق الأوسط)

واتساقاً مع ذلك، تعتقد الحاسية أن ليبيا تعيش راهناً في فوضى، ومواجهة من تيار ديني يريد الهيمنة على زمام الأمور والقوانين ودسترة هذه المشكلات، لكنها قالت جازمة: «الليبيون والليبيات سيرفضون هذا الإلزام، إلا لو فرض عليهم بقوة السلاح».