لماذا تحذِّر روسيا من «التسرّع» في إجراء الانتخابات الليبية؟

سياسيون يدعون باتيلي لحل معضلة الاعتراض على ترشح العسكريين وسيف القذافي

عبد الله باتيلي أمام مجلس الأمن الدولي في 27 فبراير (البعثة الأممية)
عبد الله باتيلي أمام مجلس الأمن الدولي في 27 فبراير (البعثة الأممية)
TT

لماذا تحذِّر روسيا من «التسرّع» في إجراء الانتخابات الليبية؟

عبد الله باتيلي أمام مجلس الأمن الدولي في 27 فبراير (البعثة الأممية)
عبد الله باتيلي أمام مجلس الأمن الدولي في 27 فبراير (البعثة الأممية)

وسط تباين ردود الفعل الدولية والمحلية بشأن مبادرة عبد الله باتيلي، المبعوث الأممي لدى ليبيا التي أحاط بها مجلس الأمن الدولي، والمتعلقة بالعملية السياسية في البلاد، جاء تحذير ممثل روسيا بالمجلس، من «أي تسرّع» في تنظيم الانتخابات المنتظرة.
وتقضي المبادرة التي طرحها باتيلي، مساء أمس (الاثنين)، بتشكيل لجنة توجيهية رفيعة المستوى تجمع كل أصحاب المصلحة، والمؤسسات، والشخصيات، وزعماء القبائل، والنساء والشباب، مهمتها الوصول للانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
ويستند التحذير الروسي على تخوفات عدة، حسب متابعين للشأن الليبي، من بينها أن الطرح الأممي الجديد: «جاء مباغتاً لجُل الليبيين»، وبالتالي رأت روسيا أن أي تحرك على مسار الانتخابات «لن يثمر أو يجدي نفعاً دون مشاركة الليبيين كافة فيه»، إذ لفت الممثل الروسي إلى أن «الصيغ الجديدة قد لا تكون ناجحة، بسبب عدم معالجة الأخطاء السابقة».
ممثل روسيا، على الرغم من تأكيده نية بلاده درس مبادرة باتيلي، قال إنها تؤيد جهوده «من حيث المبدأ»؛ إلا أنه عاد وأكد ضرورة مشاركة «كل القوى السياسية الكبرى في ليبيا بالانتخابات المنتظرة، بما فيها النظام السابق». وتابع: «لن نغض الطرف عن التقدم المحرز بين مجلسَي النواب والدولة، ونحيي جهود مصر لضمان نجاح الانتخابات، وهو إشراك جميع القوى السياسية الكبرى في ليبيا، وهذا يشمل ممثلي السلطات الكبرى».
ويرى متابعون ليبيون أن بلادهم ساحة ممتدة للمماحكات السياسية بين روسيا وأميركا، منذ اندلاع «ثورة 17 فبراير (شباط)» عام 2011، في ظل تمسك الأولى بعودة سيف الإسلام، نجل الرئيس الراحل معمر القذافي للحياة السياسية.
ويؤكد المتابعون أن روسيا تريد أولاً «غلّ يد الولايات المتحدة في ليبيا» قبيل التوجه إلى الاستحقاق المنتظر؛ لذا تطالب بخروج متزامن لـ«المرتزقة» والقوات الأجنبية من البلاد، رداً على الدعوات التي تريد إخراج عناصر مرتزقة «فاغنر» الروسية من البلاد.
وسبق أن جددت الولايات المتحدة على لسان ريتشارد ميلز، نائب المندوب الأميركي لدى الأمم المتحدة في إحاطة لمجلس الأمن الدولي، نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مطالبة السلطات الليبية بضرورة تسليم سيف القذافي إلى المحكمة الجنائية الدولية، وقال: «إن السلطات الليبية لم تتعاون في تقديم سيف القذافي ليخضع أمام المحكمة في لاهاي. يجب أن يحدث هذا في أقرب وقت ممكن».
ورأى خالد الغويل، مستشار اتحاد القبائل الليبية للشؤون الخارجية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» حينها، أن «حديث الأميركيين لم يعد يعوّل عليه، و(الدكتور) سيف الإسلام مستمر في عمله، وتنسيقه مع كل التيارات الليبية مع أجل الانتخابات الرئاسية».
مندوب روسيا لم يدع الفرصة دون توجيه اتهام للولايات المتحدة بـ«التدخل بشكل كبير في الملف الليبي، بهدف الإبقاء على الوضع الراهن في ليبيا على ما هو عليه»، وهي الاتهامات التي تنفيها البعثة الدبلوماسية الأميركية في طرابلس، وتؤكد أنها تقف على مسافة واحدة من الأطراف السياسية كافة.
ولم تغلق روسيا الباب أمام المقترح الأممي؛ لكنها رأت أنه «يتعين العمل من أجل إضفاء المصداقية على الجهود لتنسيق العملية السياسية»؛ خصوصاً في ظل الأوضاع التي ترى أنها «معقدة بين شرق ليبيا وغربها».
ورحب سيف الإسلام القذافي، المرشح للانتخابات الرئاسية بمبادرة باتيلي، وأكد -حسبما أعلنت عنه قناة «الجماهيرية»- دعمه المطلق لها.
كما أبدت عدة أحزاب سياسية، في بيانات منفصلة، ترحيبها بتشكيل اللجنة الجديدة، والتوجه للانتخابات خلال العام الحالي، واحترام إرادة الناخبين، ومن ضمنها «تكتل إحياء ليبيا»، وحزب «التغيير»، و«مبادرة القوى الوطنية»، و«تجمع الأحزاب الليبية»، و«اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا».
وثمَّن المرشح الرئاسي عارف النايض، رئيس «تكتل إحياء ليبيا»، احترام المبعوث الأممي لإرادة أكثر من 2.8 مليون ناخب ليبي استعدوا للإدلاء بأصواتهم منذ أكثر من عام؛ لكنه قال: «تمت المماطلة في تحقيق مطالبهم من قبل طبقة سياسية لا تجيد إلا التسويف والتمديد المفتوح لنفسها، واستحواذها على مقدرات الشعب الليبي».
وأكد «تكتل إحياء ليبيا» دعمه إنشاء المبعوث الأممي للجنة توجيه رفيعة المستوى في ليبيا، داعياً إلى «تفادي البعثة الأخطاء السابقة المتمثلة في انعدام التمثيل الحقيقي للنسيج الاجتماعي الليبي».
وأكد التكتل أهمية المصالحة الوطنية، مع تأكيد المبعوث الأممي على الاستعانة بالاتحاد الأفريقي والمجلس الرئاسي في السعي إليها.
وخلت المبادرة من ذكر عدة تفاصيل، منها تكوين اللجنة، وعدد أعضائها، وإطار عملها الزمني، وما إذا كانت ستُكلف بصياغة «قاعدة دستورية» للانتخابات، أو ستتكفل فقط بالنقاط الخلافية بين المجلسين، وتقر ما سبق أن اتفقا عليه، هذا فضلاً عن بت مسألة الحكومة التي ستشرف على الانتخابات.
ورأى صالح افحيمة، عضو مجلس النواب، أن «باتيلي إذا استطاع إيجاد آليات واقعية ناجعة لتطبيق كل ما جاء في الإحاطة، فسيكون قد منح البلاد فرصة تاريخية للخروج من الأزمة والنهوض مجدداً»، داعياً إلى ضرورة «مساعدته في مساعيه».
وقال افحيمة في تصريح صحافي، إن المبعوث الأممي أمامه معضلات عدة، تتمثل في إقناع المعترضين على ترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية، وسيف القذافي، لافتاً إلى ضرورة حل الخلاف بين من يرى ضرورة إنهاء المراحل الانتقالية (كما جاء في الإحاطة) وبين من يرى الدخول في مرحلة انتقالية رابعة. ما ذهب إليه افحيمة، بشأن المعضلات التي يجب على باتيلي البحث عن حلول لها، أكده سياسيون عدة.
يشار هنا إلى أن مجلسَي: النواب، والأعلى للدولة، فشلا في التوافق على «قاعدة دستورية» وقوانين تنظم الانتخابات الرئاسية والنيابية المؤجلة منذ ديسمبر (كانون الأول) 2021 حتى الآن.


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

الجيش السوداني يعلن مقتل قائد لـ«الدعم السريع» في الفاشر

قصف مدفعي يدمر منازل بمخيم زمزم (متداولة)
قصف مدفعي يدمر منازل بمخيم زمزم (متداولة)
TT

الجيش السوداني يعلن مقتل قائد لـ«الدعم السريع» في الفاشر

قصف مدفعي يدمر منازل بمخيم زمزم (متداولة)
قصف مدفعي يدمر منازل بمخيم زمزم (متداولة)

أعلن الجيش السوداني، السبت، مقتل القائد العسكري في «قوات الدعم السريع» العميد جمعة إدريس، خلال قصف بالمدفعية الثقيلة استهدف تحركات قواته في المحور الجنوبي لمدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور (غرب البلاد).

وقالت الفرقة السادسة مشاة، التابعة للجيش السوداني بالفاشر، في بيان على موقع «فيسبوك»، إن سلاح الطيران نفّذ، الجمعة، غارات جوية دمّرت 45 مركبة قتالية بكامل عتادها العسكري وطواقمها.

ووفقاً للبيان، حشدت «ميليشيا الدعم السريع» قوات كبيرة من الولايات ومناطق أخرى للهجوم على الفاشر وتسلُّم الفرقة السادسة.

وذكر أن القوات المسلحة أسقطت 3 مسيّرات كانت تستهدف دفاعات وارتكازات في المدينة.

«قوات الدعم السريع» تقصف مخيم زمزم (متداولة)

بدورها، قالت المنسقية العامة لمعسكرات النازحين واللاجئين (كيان مدني)، في بيان: «إن (قوات الدعم السريع) قصفت بالمدفعية الثقيلة خلال الأيام الماضية مخيمي زمزم وأبوشوك، ما أدى إلى وقوع قتلى وجرحى غالبيتهم من النساء والأطفال والعجزة من الجنسين».

ودعا المتحدث باسم المنسقية، آدم رجال، الأطراف المتحاربة إلى الابتعاد عن استهداف مناطق النازحين، وعدم استخدام المدنيين العزّل «دروعاً بشرية» لتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية.

وطالب رجال «قوات الدعم السريع» بوقف القصف المدفعي العشوائي، والقصف الجوي من قبل الجيش السوداني، وقال: «ينبغي أن يتم وقف الحرب بشكل فوري وعاجل من خلال وقف إطلاق النار وإنهاء العدائيات مباشرة لإنقاذ حياة النازحين من الأطفال والنساء».

ودعا المتحدث باسم النازحين، آدم رجال، المجتمع الدولي إلى ممارسة المزيد من الضغوط على الأطراف المتصارعة للالتزام بالقوانين الدولية، لوضع حد للقصف العشوائي بالمدافع الثقيلة والبراميل المتفجرة في الأماكن المأهولة بالمدنيين. وقال: «لا يوجد ما يبرر هذه الأعمال الإجرامية، لقد حان الوقت لإنقاذ ما تبقى من أرواح بريئة، فالكارثة لم تعد تحتمل المزيد من التأجيل».

بقايا مقذوف مدفعي استهدف معسكر زمزم للنازحين (متداولة)

وخلال الأسبوع الماضي أفادت تقارير حكومية رسمية بمقتل أكثر من 57 مدنياً وإصابة 376 في الهجمات على الفاشر ومعسكر زمزم.

وتُعد الفاشر من أكثر خطوط المواجهة اشتعالاً بين «قوات الدعم السريع» والجيش السوداني وحلفائه الذين يقاتلون للحفاظ على موطئ قدم أخير في منطقة دارفور.

وتسيطر الدعم السريع على 4 من أصل 5 ولايات في إقليم دارفور، هي: جنوب وشرق ووسط وغرب دارفور بعد أن تمكّنت من إبعاد القوات المسلحة السودانية، فيما تقود معارك ضارية للسيطرة على مدينة الفاشر.

وفي الخرطوم بحري تجددت المعارك العنيفة، فجر السبت، بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في عدة محاور بالمدينة.

وقال سكان لـ«الشرق الأوسط» إنهم سمعوا دوي انفجارات قوية هزت أرجاء المدينة.

ووفقاً لمصادر ميدانية، تدور الاشتباكات على بعد كيلومترات من ضاحية العزبة، بعد تقدم الجيش السوداني وسيطرته على أغلب أحياء منطقة السامراب بمدينة بحري.

وأعلنت غرفة طوارئ جنوب الحزام بولاية الخرطوم عن أن 4 أشخاص قتلوا وأصيب أكثر من 30 آخرين، الجمعة، جراء قصف جوي بالطيران التابع للجيش السوداني على منطقة الشاحنات.

وعلى الرغم من تقدم الجيش السوداني عسكرياً خلال الأشهر الماضية في مدينة بحري، لا تزال «قوات الدعم السريع» على معظم أنحاء العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة في وسط البلاد، ومناطق شاسعة في إقليم دارفور، إضافة إلى جزء كبير من كردفان إلى الجنوب.

اندلعت الحرب بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» منذ أكثر من 18 شهراً، وأدت إلى مقتل أكثر من 188 ألف شخص، وفرار أكثر من 10 ملايين شخص من منازلهم.