رغم نجاح زيارته التاريخية.. مهمة أوباما في أفريقيا لم تنته بعد

جولة الرئيس الأميركي.. بين الاعتراف بالفساد والإشادة بتطور القارة

الرئيس الأميركي باراك أوباما لدى مغادرته أديس أبابا أول من أمس متجها إلى واشنطن (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي باراك أوباما لدى مغادرته أديس أبابا أول من أمس متجها إلى واشنطن (أ.ف.ب)
TT

رغم نجاح زيارته التاريخية.. مهمة أوباما في أفريقيا لم تنته بعد

الرئيس الأميركي باراك أوباما لدى مغادرته أديس أبابا أول من أمس متجها إلى واشنطن (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي باراك أوباما لدى مغادرته أديس أبابا أول من أمس متجها إلى واشنطن (أ.ف.ب)

ربما يكون الرئيس الأميركي باراك أوباما قد اقترب خلال زيارته لأفريقيا من عظام أبناء الحضارات القديمة، أكثر من اقترابه من الأفارقة العاديين - وهي الزيارة التي قد تكون الأخيرة له كرئيس، ولكن يبقى له شرف المحاولة.
وفي منطقة تمثل موطنا لبعض أحدث الشركات الناشئة بمجال التقنيات الحديثة وأقدم الحروب على سطح الأرض، حاول أوباما التوفيق بين أمله الكبير في مستقبل أفريقيا وعزمه على الاعتراف بالحقيقة بخصوص التحديات الماضية والحاضرة.
وفي خطاب مهم أمام حشد من الطلاب الكينيين، وكذلك خلال أحاديث له أمام تجمعات أصغر تضم أعضاء المجتمع المدني، بدا أوباما أحيانًا ممزقًا بين رغبته في أن يكيل الثناء على التقدم الاقتصادي الذي نجح في رفع مستويات المعيشة للملايين من أبناء القارة، والاعتراف بقضايا الفساد والعنف والأمن التي ما تزال تعاني القارة منها. وقد احتفى أوباما بعبقرية قادة الأعمال التجارية الأفارقة، ثم سرعان ما تحول إلى الحرب الأهلية المتعمقة في جنوب السودان.
وأقلعت طائرته باتجاه إثيوبيا، واحدة من أسرع اقتصاديات أفريقيا نموًا، في ذات الوقت الذي تعرض فندق بارز لهجوم في الصومال المجاورة.
وقد عجت رحلة أوباما التي توقع الكثيرون من أنها ستكون روحانية بالكثير من العناصر التي تذكر الجميع بمنطقة تناضل في مواجهة حالة من الأزمة. إلا أن هذا لم يثبط حماس الكينيين والإثيوبيين الذين حرصوا على تحية أوباما، باعتباره أول رئيس أميركي يزور أيا من البلدين.
وفي خطاب ألقاه داخل مقر رئاسة الاتحاد الأفريقي هنا أول من أمس، حذر أوباما من أن «التقدم الديمقراطي في أفريقيا... يتهدده الخطر»، وذلك عندما يرفض القادة التخلي عن السلطة، مشيرًا إلى ما ينص عليه الدستور الأميركي من تحديد للفترات الرئاسية. إلا أنه استطرد بأنه لو كان بإمكانه الترشح مجددًا، فإنه قد يفوز.
وقال: «أحب عملي، لكن تبعًا لدستورنا، لا يمكنني الترشح مجددًا. ليس بإمكاني الترشح مرة أخرى. في الواقع، أعتقد أنني رئيس جيد للغاية، وأعتقد أنني لو ترشحت سيكون بإمكاني الفوز. إلا أنه ليس بإمكاني ذلك».
وفي نيروبي، تحدث الأحد الماضي، داخل قاعة أمام حشد يبلغ تعداد 4.500 شخص، في مشهد أثار في الأذهان صور الإعجاب المفرط الذي حظي به خلال ذروة حملته الانتخابية الرئاسية الأولى.
امتلأت المدينة بالأعلام الأميركية خلال زيارته، والتي وصفها الكينيون بفخر بأنها عودة للوطن. ورغم أن المتفرجين العاديين جرى إبقاؤهم على بعد مئات الياردات بمعاونة رجال أمن متجهمي الوجوه يحملون أسلحة أوتوماتيكية، فقد سيطرت عليهم مشاعر إثارة بالغة.
ومن جانبه، احتفى أوباما بكينيا، موطن والده، باعتبارها مكانا يرتبط به برابطة خاصة. وأما سياسته التي رسم ملامحها فأشارت إلى المعركة التي تخوضها البلاد ضد الإرهابيين المرتبطين بتنظيم «القاعدة»، وهي حرب وصفها الرئيس الكيني أوهورو كينياتا، الأسبوع الماضي، بأنها «حرب وجودية».
كما التقى أوباما، الاثنين الماضي، بالكثير من رؤساء الدول، حيث ناقش معهم ما ينبغي فعله حال إخفاق الجولات النهائية من محادثات السلام في جنوب السودان. وأما أول من أمس، فقد تحدث أمام الاتحاد الأفريقي حول الحاجة للتصدي للتهديد الصادر عن الإرهابيين.
ورغم ذلك، سلطت الجولة الأفريقية الضوء على أن مهمة أوباما داخل أفريقيا لم تنجز بعد. وقد أشار أوباما لبعض البرامج البارزة التي نفذتها إدارته، والتي تركت تأثيرًا واضحًا في أفريقيا. ومن بين هذه البرامج «فيد ذي فيوتشر»، وهي مبادرة تجمع بين تمويل فيدرالي وأموال قادمة من دول أخرى والقطاع الخاص، وتعمل على تعزيز إنتاجية صغار المزارعين داخل الدول النامية.
وقد أصدرت الإدارة تقريرًا أول من أمس، أشار إلى أن البرنامج يعود إليه الفضل في انخفاض معدلات التقزم بنسبة 25 في المائة، وهو نمط من سوء التغذية بين الأطفال، داخل إقليمين في كينيا بين عامي 2009 و2014. بجانب انخفاض بنسبة 16 في المائة في معدلات الفقر بالمناطق الريفية عبر أوغندا خلال السنوات الأخيرة.
كما زار أوباما أيضًا، مصنع فافا للأغذية في أديس أبابا، والذي ينتج أطعمة أطفال ودقيقا ومزيج القمح، بجانب منتجات أخرى. وشرح مزارع محلي وأحد العاملين بالمصنع كيف تمكنا من تعزيز الإنتاجية الزراعية ومجمل الإنتاج بمعاونة «فيد ذي فيوتشر».
وفي حديث أمام الصحافيين قال الرئيس: «لقد ثارت تساؤلات من قبل حول مثل هذه المبادرات وما إذا كانت تحقق اختلافًا حقيقيًا. في الواقع، إنها تخلق اختلافًا بصور ملموسة للغاية».
ويذكر أن مبادرة أخرى بعنوان «ذي باور أفريكا»، وهي شراكة بين القطاعين العام والخاص أيضًا وترمي لإضافة 30 ألف ميغاواط من الطاقة لخدمة 60 مليون أسرة وشركة، قد اجتذبت تعهدات من متبرعين ومؤسسات خاصة داخل الولايات المتحدة وخارجها بتقديم 26 مليار دولار.
وشكلت هذه المبادرات جزءًا من خطاب أكد عليه أوباما مرارًا خلال جولته الأفريقية، وهو أن أفريقيا قارة يجري حل مشكلاتها، وتنمو الطبقات الوسطى بها، وتتحرك دولها نحو التحديث.
وبيد أنه رغم جميع هذه النجاحات، فإن بعض الآمال الكبرى لدى الإدارة تجاه أفريقيا تحطمت جراء الحروب والصراعات. في جنوب السودان، حيث تزعمت واشنطن عام 2011 جهود ميلاد أحدث دول العالم، حصدت الحرب الأهلية عشرات الآلاف من الأرواح منذ الانفصال عن الشمال عام 2013. وخلال الأسابيع الأخيرة، أفادت الأمم المتحدة أن أطفالاً تعرضوا لذبح وحشي.
وخلال هذا الأسبوع، أشار أوباما إلى «العقبات المستمرة» أمام السلام هناك، وأعرب مسؤولون بالإدارة عن تشاؤمهم حيال إمكانية انتهاء الصراع هناك قريبًا.
وفي الصومال، ما تزال جماعة إرهابية على صلة بـ«القاعدة» (الشباب)، تشن هجمات وحشية ضد مدنيين والحكومة الناشئة بالبلاد. كما تملك الجماعة القدرة على شن هجمات عبر الحدود داخل كينيا.
وقال أوباما أثناء تواجده في نيروبي، السبت الماضي: «عندما يبدون استعدادهم لاستهداف أهداف حساسة ومدنيين، واستعدادهم للموت، فإنه يصبح بمقدورهم التسبب في الكثير من الدمار». بخلاف الإرهاب، خيمت قضايا أخرى بظلالها على الزيارة - مثل حبس الحكومة الإثيوبية للصحافيين واستهداف قوات الأمن الكينية للمسلمين. وقد أجبرت هذه القضايا، من بين قضايا أخرى، أوباما على تعديل صياغة الإشادة التي وجهها للتقدم الذي تحرزه القارة السمراء.
وقال خلال كلمته أمام الاتحاد الأفريقي أول من أمس: «يجب أن نعترف أن الكثير من المكاسب تقوم على أساس هش». وأضاف الرئيس أن هناك حاجة لبذل مزيد من الجهود لتعزيز الديمقراطية. وأوضح أنه: «عندما يسجن الصحافيون لقيامهم بعملهم أو تهديد النشطاء بينما تشن الحكومات حملة قاسية ضد المجتمع المدني، فأنت حينئذ يصبح لديك نظام ديمقراطي في الاسم فقط، وليس في الجوهر».
وبينما أوضح أوباما ملامح الدور الأميركي في بناء ذلك الأساس، كانت هناك عناصر تذكر الجميع بأن أفريقيا الآن لديها خيارات أخرى وربما لا ترحب دومًا بيد أميركية قوية. من بين هذه العناصر، على سبيل المثال، المبنى الذي كان يتحدث منه أوباما، وهو مقر الاتحاد الأفريقي جرى بناؤه بأموال صينية. ويترأس الاتحاد روبرت موغابي، رئيس زيمبابوي، التي ما تزال تفرض واشنطن عقوبات ضد نظامه لاعتبارها إياه غير ديمقراطي.
في كينيا، أدت إدانة المحكمة الجنائية الدولية للرئيس كينياتا عام 2012 إلى «فتور هائل» في العلاقات الثنائية، حسبما أوضح السفير الأميركي السابق سكوت غريشن، الذي يتولى حاليًا مؤسسة تجارية تتعاون مع مستثمرين في كينيا. وعندما عمدت واشنطن إلى إقصاء نفسها عن الحكومة الكينية في أعقاب قرار الإدانة، سارعت كينيا بالتطلع نحو الشرق، ووضعت خططا لمشروعات بنية تحتية عبر مختلف أرجاء البلاد بتمويل صيني.
وأضاف غريشن: «إلا أن زيارة الرئيس تعزز فكرة إعادة ترتيب العلاقات. أعتقد أننا تجاوزنا الأزمة التي حدثت جراء قرار المحكمة الجنائية الدولية»، والاتهامات الموجهة إلى كينياتا أسقطت العام الماضي.
ومن ناحية أخرى، وفي جميع اللقاءات العامة تقريبًا حرص الرئيس على شرح ما يمكن للشباب الأفريقي القيام به لدفع بلادهم نحو النهوض. وأحيانًا كان يخص الشباب وحدهم بحديثه، مثلما حدث خلال حديثه إلى طالبة كينية، 16 عامًا، تدعى لينيت مومبوشي.
وشرحت مومبوشي كيف أن صديقة لها تعرضت للختان في عمر 12 عامًا وتزوجت رجلا في ضعف عمرها، ولديها الآن ثلاثة أطفال تعمل على إعالتهم عبر حلب الأبقار كل صباح. أما مومبوشي فتوافرت لديها فرصة الالتحاق بمدرسة داخلية.
وقالت: «الآن أود أن أصبح طبيبة متخصصة في القلب وأن أدرس في هارفارد، لكن قبل الالتحاق بالمدرسة لم أدرِ ماذا سأفعل في حياتي ولم يكن لدي أي أمل». ورد عليها أوباما بالقول: «أنا على ثقة من أنك ستكونين طبيبة قلب ممتازة»، مشيرًا إلى أن حديثها سلط الضوء على السبب وراء تركيزه على ذكر الشباب أصحاب البشرة الملونة في الولايات المتحدة.
وقال: «عندما تتكون لديهم رؤية حيال ما يمكن أن يحدث، يتولد بداخلهم حافز مثلما حدث مع لينيت».
وفي عام 2014، دشن أوباما مبادرة «يونغ أفريكان ليدرز» (القادة الأفارقة الشباب)، التي تضم أكثر من 140 ألف عضو وترتبط رقميًا ببرامج إقليمية أخرى.
في إثيوبيا، حضر أوباما حفل عشاء رسميا بالقصر الوطني، حيث شاهد «لوسي»، وهي عبارة عن هيكل عظمي يعود عمره إلى 3.2 مليون سنة وتنتمي لما يعتبر أقدم سلف من أسلاف الإنسان. ومع ذلك، بدا الرئيس أكثر تركيزًا على تحديث أفريقيا عن ماضيها.
والجدير بالذكر أن أكثر من نصف سكان دول جنوب الصحراء الكبرى تقل أعمارهم عن 25 عامًا، مع تفشي الفقر المدقع وارتفاع أعباء الأمراض، ما يعني أن القادة المستقبليين للقارة تنتظرهم تحديات جسام.
* خدمة: «واشنطن بوست»
خاص بـ«الشرق الأوسط»



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.


بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.


واشنطن: مادورو غير شرعي

نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)
نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)
TT

واشنطن: مادورو غير شرعي

نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)
نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)

قالت الولايات المتحدة اليوم (الثلاثاء)، إنها ما زالت ترفض اعتبار نيكولاس مادورو الرئيس الشرعي لفنزويلا، وتعترف بسلطة الجمعية الوطنية المُشَكَّلة عام 2015 بعد أن حلت المعارضة «حكومتها المؤقتة».
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس للصحافيين: «نهجنا تجاه نيكولاس مادورو لا يتغير. إنه ليس الرئيس الشرعي لفنزويلا. نعترف بالجمعية الوطنية المُشَكَّلة عام 2015»، وفق ما أفادت به وكالة الصحافة الفرنسية.
ولدى سؤاله عن الأصول الفنزويلية، ولا سيما شركة النفط الفنزويلية في الولايات المتحدة، قال برايس إن «عقوباتنا الشاملة المتعلقة بفنزويلا والقيود ذات الصلة تبقى سارية. أفهم أن أعضاء الجمعية الوطنية يناقشون كيف سيشرفون على هذه الأصول الخارجية».