أحزان تركيا تعود بزلزال جديد بعد 22 يوماً من كارثة 6 فبراير

إردوغان اعتذر عن بطء الاستجابة... و«الهلال الأحمر» اعترف ببيع المساعدات

بناء تهدم بالزلزال الجديد في مالاطيا أمس (أ.ف.ب)
بناء تهدم بالزلزال الجديد في مالاطيا أمس (أ.ف.ب)
TT

أحزان تركيا تعود بزلزال جديد بعد 22 يوماً من كارثة 6 فبراير

بناء تهدم بالزلزال الجديد في مالاطيا أمس (أ.ف.ب)
بناء تهدم بالزلزال الجديد في مالاطيا أمس (أ.ف.ب)

كانت تركيا على موعد جديد مع زلزال آخر بعد 22 يوماً من زلزالي 6 فبراير المدمرين، ضرب ولاية مالاطيا شرق البلاد وخلف قتيلاً و110 مصابين وأدى إلى انهيار 29 منزلاً، وأعاد فريق البحث والإنقاذ إلى 5 مواقع، لتتجدد الصور الحزينة للقتلى والمصابين وساعات العمل الطويلة للبحث عن ناجين.
على الجانب الآخر، اندلعت معارك على هامش الزلزال، بعضها سياسي، وبعضها يتعلق بإدارة الأزمة... ووسط كل ذلك كان لافتاً الاعتذار الجديد الذي تقدم به الرئيس رجب طيب إردوغان، عن التأخير لمدة يومين في بدء جهود البحث والإنقاذ عقب كارثة زلزالي 6 فبراير، ومطالبة أسر الضحايا بأن يسامحوه وحكومته عن هذا التأخير، الذي أرجعه إلى «ظروف معاكسة» خارجة عن إرادتهم.
وأعلنت إدارة الكوارث والطوارئ التركية (أفاد) مصرع شخص وإصابة 110 آخرين في زلزال بقوة 5.6 درجة على مقياس ريختر ضرب ولاية مالاطيا، أمس الاثنين، وقع مركزه في بلدة يشيل يورت على عمق 6.96 كيلومتر، وأدى إلى انهيار 29 مبنى، تجري فرق البحث والإنقاذ عمليات بحث في 5 منها حالياً.
نجحت فرق الإنقاذ في انتشال عزيز دميرطاش وابنته شيماء من تحت أنقاض مبنى منهار بعد ساعتين من وقوع الزلزال، حيث كانا قد دخلا إلى منزلهما لإخراج بعض الأغراض... ووقع الزلزال أثناء وجودهما بالداخل.
وقالت إدارة الكوارث والطوارئ، في بيان، إن الزلزال شعر به سكان كهرمان ماراش، وأديامان، وإلازيغ، وغازي عنتاب، وهي من المدن التي ضربها زلزالا 6 فبراير (شباط) الحالي المدمران، والذي ضرب مالاطيا أيضاً.
وقال رئيس بلدية يشيل يورت، إن هناك 100 مبنى انهارت تماماً في زلزالي 6 فبراير، وهناك 50 ألف مبنى بها أضرار ما بين متوسطة وخفيفة. ودعا المواطنين إلى عدم الاقتراب من المباني المتضررة حفاظاً على حياتهم في ظل استمرار النشاط الزلزالي والهزات الارتدادية.
في الوقت ذاته، لقي عامل مصرعه وأصيب 4 آخرون في انهيار مصنع للمعادن في حي كارازيارة في كهرمان ماراش (جنوب تركيا) دخلوا لإخراج بعض متعلقاتهم، فانهار المبنى أثناء وجودهم فيه.
وقدم الرئيس التركي إردوغان، خلال زيارته أمس ولاية أديامان رفقه شريكه في «تحالف الشعب» رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي، اعتذاره إلى سكان الولاية، التي تعد إحدى أكثر المناطق تضرراً من زلزالي 6 فبراير، عن تأخر وصول الإغاثة، طالباً منهم «مسامحته» وحكومته.
وقال إردوغان، إنه «بسبب التأثير المدمر للهزات وسوء الأحوال الجوية، لم نتمكن من العمل بالطريقة التي أردناها في أديامان في الأيام القليلة الأولى. سامحونا عن ذلك».
كان إردوغان تعرض، وحكومته، لانتقادات من قبل المعارضة، لإدارته للأزمة الطارئة وعدم القدرة على توفير المساعدات من أول يوم، ثم في الأيام التالية على الزلزال، لكنه رد بعنف على تلك الانتقادات، ووصف من أطلقوها بـ«عديمي الشرف والأخلاق» و«المعتدين».
وأعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، عن وصول عدد المساكن التي دخلت طور البناء بعد الانتهاء من المسوحات الأرضية في منطقة الزلزال إلى 309 آلاف منزل. وأكد أن الحكومة التركية تدرك كل شيء بخصوص آثار الزلزال، وأنها تواصل العمل المكثف للقيام بالإجراءات اللازمة.
وأكد أن حكومته «لن تسمح باستمرار معاناة منكوبي الزلزال». وأعرب عن شكره لجميع رؤساء الدول والحكومات الذين أرسلوا مساعداتهم النقدية والعينية وتعاطفوا مع تركيا، مشدداً على أن بلاده «لن تنسى أي شخص وقف بجانب تركيا بإخلاص في هذه الأيام الصعبة»، وأن الأتراك «سيحفظون ذلك في ذاكرتهم وقلوبهم».
وعلى هامش الكارثة، يتعرض الهلال الأحمر التركي (كيزيلاي) لانتقادات شديدة جراء بيعه خياماً لضحايا الزلزال إلى «جمعية أحباب» الخيرية غير الحكومية، التي نشطت بقوة ولعبت دوراً بارزاً خلال فترة الزلزال، بدلاً من توزيعها مجاناً، فضلاً عن ادعاءات ببيعه أكياس الدم للمتضررين من الزلزال.
وقال رئيس «جمعية أحباب»، مطرب الروك التركي المشهور خلوق ليفنت، في مقابلة تلفزيونية، الاثنين، إنه في اليوم الثالث بعد كارثة زلزالي 6 فبراير، اشترت الجمعية 2050 خيمة شتوية عازلة، بسعر يبلغ نحو 19 ألف ليرة تركية (1050 دولاراً) للخيمة الواحدة، وصل سعرها إلى 22 ألف ليرة بعد إضافة ضرائب وخدمات نقل، مؤكداً بذلك تقارير سابقة وأحاديث تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي.
وقال ليفنت، إن جمعيته لم يكن أمامها خيار سوى شراء الخيام للمحتاجين، وحدث الأمر ذاته مع المواد الغذائية والأطعمة المعلبة، التي اشتراها من الهلال الأحمر.
بدوره، أكد رئيس الهلال الأحمر التركي، كريم كينيك، تسليم 2050 خيمة لـ«جمعية أحباب». ودافع عن ذلك على «تويتر»، قائلاً إنه لم يتم التربح من عملية البيع، غير أن هذا الإجراء تسبب بضجة. وأضاف: «تقوم شركة الهلال الأحمر للخدمات اللوجيستية بتقديم هذه الخدمات كشركة متخصصة، وبينما تضيف قيمة إلى القطاع، فإنها تدر أيضاً دخلاً لجمعية الهلال الأحمر. التبرعات المقدمة إلى الهلال الأحمر لا تباع أبداً».
وعلقت رئيسة حزب «الجيد» التركي المعارض، ميرال أكشينار، على اعتراف كينك ببيع الخيام والمواد الغذائية للجمعيات غير الحكومية لتقديمها للمواطنين بقولها على «تويتر»: «عار عليكم».


مقالات ذات صلة

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

شؤون إقليمية أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية. وقال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين إن بلاده تتوقع موقفاً واضحاً من دمشق حيال «تنظيم حزب العمال الكردستاني الإرهابي» والتنظيمات التابعة له، في إشارة إلى وحدات حماية الشعب الكردية، أكبر مكونات قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي تنظر إليها أنقرة على أنها امتداد لـ«العمال الكردستاني» في سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية خصوم إردوغان يتهمونه بـ«مفاوضة» أوجلان في سجنه طلباً لأصوات كردية

خصوم إردوغان يتهمونه بـ«مفاوضة» أوجلان في سجنه طلباً لأصوات كردية

واجه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ادعاءً جديداً من خصومه في المعارضة، بشأن إرساله مبعوثين للتفاوض مع زعيم «حزب العمال الكردستاني» السجين مدى الحياة، عبد الله أوجلان، من أجل توجيه رسالة للأكراد للتصويت لصالحه في الانتخابات الرئاسية المقررة في 14 مايو (أيار) الحالي. وقالت رئيسة حزب «الجيد» المعارض، ميرال أكشنار، إن إردوغان أرسل «شخصية قضائية» إلى أوجلان في محبسه، وإنها تعرف من الذي ذهب وكيف ذهب، مشيرة إلى أنها لن تكشف عن اسمه لأنه ليس شخصية سياسية. والأسبوع الماضي، نفى المتحدث باسم الرئاسة التركية، إعلان الرئيس السابق لحزب «الشعوب الديمقراطية» السجين، صلاح الدين دميرطاش، أن يكون إردوغان أرسل وف

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية دخول تركيا «النادي النووي» مهم... وزوال مخاوف «تشيرنوبل» مسألة وقت

دخول تركيا «النادي النووي» مهم... وزوال مخاوف «تشيرنوبل» مسألة وقت

<div>دفع إقدام تركيا على دخول مجال الطاقة النووية لإنتاج الكهرباء عبر محطة «أككويو» التي تنشئها شركة «روساتوم» الروسية في ولاية مرسين جنوب البلاد، والتي اكتسبت صفة «المنشأة النووية» بعد أن جرى تسليم الوقود النووي للمفاعل الأول من مفاعلاتها الأربعة الخميس الماضي، إلى تجديد المخاوف والتساؤلات بشأن مخاطر الطاقة النووية خصوصاً في ظل بقاء كارثة تشيرنوبل ماثلة في أذهان الأتراك على الرغم من مرور ما يقرب من 40 عاما على وقوعها. فنظراً للتقارب الجغرافي بين تركيا وأوكرانيا، التي شهدت تلك الكارثة المروعة عام 1986، ووقوعهما على البحر الأسود، قوبلت مشروعات إنتاج الكهرباء من الطاقة النووية باعتراضات شديدة في البد</div>

شؤون إقليمية أنقرة: وزراء خارجية تركيا وسوريا وروسيا قد يجتمعون في 10 مايو

أنقرة: وزراء خارجية تركيا وسوريا وروسيا قد يجتمعون في 10 مايو

قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، اليوم الأربعاء، إن اجتماع وزراء خارجية تركيا وسوريا وروسيا قد يُعقَد بموسكو، في العاشر من مايو (أيار)، إذ تعمل أنقرة ودمشق على إصلاح العلاقات المشحونة. كان جاويش أوغلو يتحدث، في مقابلة، مع محطة «إن.تي.في.»

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
شؤون إقليمية «أككويو» تنقل تركيا إلى النادي النووي

«أككويو» تنقل تركيا إلى النادي النووي

أصبحت تركيا رسمياً عضواً في نادي الدول النووية بالعالم بعدما خطت أولى خطواتها لتوليد الكهرباء عبر محطة «أككويو» النووية التي تنفذها شركة «روسآتوم» الروسية في ولاية مرسين جنوب البلاد. ووصف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خطوة تزويد أول مفاعل من بين 4 مفاعلات بالمحطة، بـ«التاريخية»، معلناً أنها دشنت انضمام بلاده إلى القوى النووية في العالم، مشيراً إلى أن «أككويو» هي البداية، وأن بلاده ستبني محطات أخرى مماثلة. على ساحل البحر المتوسط، وفي حضن الجبال، تقع محطة «أككويو» النووية لتوليد الكهرباء، التي تعد أكبر مشروع في تاريخ العلاقات التركية - الروسية.


إسرائيل تمهد لضربة عسكرية لإيران بعد تدمير قدرات الجيش السوري

نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
TT

إسرائيل تمهد لضربة عسكرية لإيران بعد تدمير قدرات الجيش السوري

نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)

إلى جانب الأهداف المتعددة، بما في ذلك الإقليمية والداخلية، التي حققتها الهجمات الإسرائيلية ضد القدرات العسكرية للجيش السوري، حقق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خطوة كبيرة نحو التحضير لهجوم واسع على إيران. فالحلم الذي راوده منذ 13 عاماً بتوجيه ضربة للمشروع النووي الإيراني أصبح، من وجهة نظره، أمراً واقعاً. ولديه شريك مهم يشجعه على ذلك، وهو الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

كان نتنياهو، ومن خلفه الجيش والمخابرات، مقتنعين بأن توجيه ضربة قاصمة للمشروع النووي الإيراني هو مشروع ضخم يفوق بكثير قدرات إسرائيل.

لذلك، حاول نتنياهو خلال الحرب جرّ أقدام الولايات المتحدة للقيام بالمهمة، لكنه فشل. فالرئيس جو بايدن ظل متمسكاً بموقفه مؤيداً للحوار الدبلوماسي مع طهران. غير أن الهجوم الذي شنته إسرائيل على إيران في 26 أكتوبر (تشرين الأول) غيّر القناعات. فقد كانت نتائج الهجوم قاسية على القدرات الدفاعية الإيرانية، وإيران أول من يعلم بذلك لكنها تفضل الصمت. وإذا أضفنا إلى ذلك أن خطة طهران لتطويق إسرائيل بأذرع عسكرية فتاكة تلقت ضربة قوية، حيث تم تدمير 60 إلى 70 في المائة من قدرات «حماس» العسكرية في غزة والضفة الغربية، وتدمير نصف قوة «حزب الله» على الأقل، فإنها قلّمت أظافر «الحرس الثوري» الإيراني.

طائرة مقاتلة إسرائيلية في مكان غير محدد في صورة نشرها الجيش في 26 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

ومع سقوط نظام بشار الأسد، أتيحت لإسرائيل فرصة مفاجئة ونادرة لضرب الجيش السوري، فاستغلتها دون تردد. وفي غضون أيام قليلة، دمرت سلاح الجو السوري وقواعده، وكذلك سلاح البحرية وموانئه، إلى جانب معظم الدفاعات الجوية وبطاريات الصواريخ. وكل ذلك دون أن تتعرض لإطلاق رصاصة واحدة، ليخرج الجيش الإسرائيلي من الهجوم بلا أي إصابة.

كما هو معروف، نفذ الجيش الإسرائيلي هذه العملية ليؤكد مكانته كأقوى جيش في المنطقة، ولإظهار أنه يرد على المساس به بمقاييس ضخمة غير مسبوقة في الحروب. كما كانت رداً على الانتقادات الداخلية في إسرائيل، خصوصاً بعد نقاط ضعفه التي ظهرت في 7 أكتوبر 2023 وخلال الحرب.

بالنسبة لنتنياهو، كانت العملية وسيلة لإثبات قوته السياسية لخصومه الذين يرونه «قائداً فاسداً ومحتالاً»، ولإظهار أنه يدير حرباً تحقق مكاسب هائلة. ومع سهولة انهيار نظام الأسد وتحطيم الجيش السوري، أصبحت هذه العملية تحقق مكسباً استراتيجياً لم تتوقعه أي مخابرات في العالم، ولم تتخيله أعتى الساحرات، حيث مهدت الطريق أمام نتنياهو للضربة التالية: إيران.

القبة الحديدية في إسرائيل تعترض الصواريخ الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

اليوم، تناقلت جميع وسائل الإعلام العبرية تصريحات صريحة لمسؤولين كبار في الحكومة والجيش الإسرائيليَّيْن، يؤكدون فيها أن «الهدف المقبل للجيش الإسرائيلي هو توجيه ضربة لإيران». وذكر هؤلاء المسؤولون أن العمليات العسكرية الجارية في سوريا تهدف إلى «تنظيف الطريق، جواً وبراً»؛ لتمهيد الطريق لضربة مباشرة ضد إيران. كما أشار البعض إلى أن سلاح الجو الإسرائيلي يدرس توجيه ضربة قاصمة للحوثيين في اليمن كجزء من هذه الاستعدادات.

بالطبع، يعتقد الخبراء أن ضرب إيران «ليس بالمهمة السهلة. فهي لا تزال دولة قوية، تخصص موارد هائلة لتعزيز قدراتها العسكرية، وتتبع عقيدة لا تعترف بالهزيمة أو الخسارة».

بالنسبة لإيران، حسابات الربح والخسارة ليست محورية؛ إذ تحتفل بالنصر دون هوادة مهما كان الثمن الذي تدفعه باهظاً، خصوصاً عندما يكون الآخرون هم من يتحملون التكلفة.

وفي إسرائيل، كما في دوائر سياسية عديدة في الولايات المتحدة والغرب، يزداد الاقتناع بأن القيادة الإيرانية تدرك التحديات والأخطار المتراكمة ضدها. ويُعتقد على نطاق واسع أنها قد ترى الحل الوحيد أمامها يكمن في تسريع تطوير قدراتها النووية العسكرية، وصولاً إلى إنتاج قنبلتها الذرية الأولى.

صورة جوية تظهر سفناً للبحرية السورية استهدفتها غارة إسرائيلية في ميناء اللاذقية الثلاثاء (أ.ف.ب)

هذا الواقع يشجع إسرائيل على المضي قدماً في تدمير المنشآت النووية الإيرانية، ليس فقط دفاعاً عن نفسها، بل أيضاً نيابة عن دول الغرب وحماية لمصالحها المشتركة. تدعم دول الغرب هذا التوجه. وقد بدأت إسرائيل بطرح هذا الملف منذ عدة أشهر أمام حلفائها، لكنها تطرحه الآن بقوة أكبر بعد انهيار نظام الأسد وتدمير قدرات الجيش السوري.

رغم إعجاب الغرب بالقدرات الإسرائيلية وإشادته بجيشها، الذي استطاع قلب الموازين وتحقيق مكاسب عسكرية بعد إخفاقه المهين أمام هجوم «حماس» في 7 أكتوبر، حيث يُتوقع أن تصبح هذه المكاسب مادة دراسية في الكليات الحربية، فإن هناك تساؤلات ملؤها الشكوك: هل هذه الحسابات الإسرائيلية واقعية ودقيقة؟ أم أنها تعتمد بشكل كبير على الغرور والغطرسة أكثر من التحليل المهني والتخطيط الاستراتيجي؟

إعلان مناهض لإسرائيل في طهران يظهر صواريخ إيرانية أبريل الماضي (إ.ب.أ)

وماذا سيكون موقف إسرائيل إذا تبين أن القيادة الإيرانية بدأت بالفعل الاستعداد للتحول إلى دولة نووية منذ التهديدات الأولى لها، وقد تُفاجئ العالم اليوم بإعلان تجربة نووية ناجحة، على غرار ما فعلته كوريا الشمالية عام 2007؟

وفي الداخل الإسرائيلي، تُطرح تساؤلات صعبة؛ أبرزها: «هل نخوض مغامرة كهذه، نخدم فيها الغرب وكل خصوم إيران في المنطقة، بينما ندفع نحن الثمن كاملاً؟».