أسبوع ميلانو لخريف 2023 وشتاء 2024... قوّته في بساطته

تعافي قطاع الموضة في إيطاليا ينعكس على تصاميم تلعب على الفخامة الهادئة

من عرض «فندي»... لمسات هادئة لم تختفِ بها اللوغوهات (خاص)
من عرض «فندي»... لمسات هادئة لم تختفِ بها اللوغوهات (خاص)
TT

أسبوع ميلانو لخريف 2023 وشتاء 2024... قوّته في بساطته

من عرض «فندي»... لمسات هادئة لم تختفِ بها اللوغوهات (خاص)
من عرض «فندي»... لمسات هادئة لم تختفِ بها اللوغوهات (خاص)

«المعنى الحقيقي لما نقوم به هو إبراز أهمية الحياة اليومية بكل بساطتها واهتمامها بالغير»، هذا ما قالته ميوتشا برادا في البيان الصحافي التي تم توزيعه على الضيوف ووسائل الإعلام. ميوتشا لم تكن الوحيدة التي عبَّرت عن حنينها للحياة البسيطة كما كانت، سواء بتكافلها الاجتماعي الذي يتجسد في رعاية بعضنا لبعض، أو بالابتعاد عن الأزياء المعقدة. فالحياة لا تحتاج إلى المزيد من التعقيدات. ويبدو أن الكثير من المصممين يفكرون بنفس الطريقة بدليل أن معظم ما تم عرضه خلال أسبوع ميلانو لخريف 2023 وشتاء 2024 لعب على هذه النغمة بشكل أو بآخر. بساطة التصاميم التي تميز بها معظم العروض قد يُفسِرها البعض بأنها تجارية محضة، لكن التفاصيل التي كانت تتراقص بين طياتها وثنياتها فضلاً عن زخرفاتها كانت تقول عكس ذلك تماماً. الواقع أيضاً يُعزز الرأي الأخير. فرغم أن إيطاليا عانت أكثر من غيرها خلال جائحة «كورونا» فإن قطاع الموضة فيها نجح في التعافي بسرعة أكبر من باقي العواصم العالمية.

من عرض «سبورتماكس» (خاص)

من عرض «فندي» (خاص)

من عرض «برادا» (رويترز)

من عرض «موسكينو»   (رويترز)

تعافي بيوت الأزياء الإيطالية ظهرت بوادره في عام 2021 بزيادة حجم المبيعات بنسبة 21.2 في المائة مقارنةً بالمستويات المنخفضة جداً في ذروة أزمة الجائحة. الآن يتنفَّس هذا القطاع الصعداء أكثر من ذي قبل. الإشارات بانخفاض أسعار الغاز وتراجع التضخم يقابلها ارتفاع في إيرادات المجموعات العملاقة مالكة البيوت المهمة مثل مجموعة «إل في إم إتش» التي تضم «فِندي» و«بولغاري» و«لورو بيانا»، ومجموعة «كيرينغ» التي تضم «غوتشي» و«بالنسياغا» و«بوتيغا فينيتا» وغيرهما. الأولى حققت مبيعات بقيمة 79.2 مليار يورو، في عام 2022، وبلغ دخلها التشغيلي 21.1 مليار يورو، أي بارتفاع 23 في المائة لكلا الرقمين، بينما ارتفعت أرباح «كيرينغ» الصافية إلى 3.6 مليارات يورو، أي بزيادة 14 في المائة، رغم تراجع أداء علامتها التجارية «غوتشي» بنسبة 11 في المائة خلال الربع الرابع من عام 2022. ما خسرته في «غوتشي» عوَّضته في «بوتيغا فينيتا». إيرادات هذه الأخيرة ارتفعت بنسبة 16 في المائة عام 2022.

لم تتخلَّ دار «ماكسمارا» عن ألوانها وأضافت إليها ألواناً جديدة (خاص)

هذا التفاؤل بغدٍ أفضل شمل أغلب عروض الأزياء البالغ عددها نحو 59. من «فِندي» و«روبرتو كافالي» و«تودز» و«بوتيغا فينيتا» و«إيترو»، إلى «برادا» و«جيني» و«غوتشي» و«ماكسمارا»، وهلم جرا. لم تكن الأجواء هي الوحيدة التي تضج بهذا الإحساس، فقاعات العروض كانت عبارة عن مهرجان من الألوان الفاتحة مثل الأصفر والأحمر والأخضر والتصاميم التي قد تخلو من أي تعقيدات أو مبالغات فنية إلا أنها تضجُّ بالأناقة والحرفية التي تفخر بهما إيطاليا. وليس أدل على هذا من تشكيلة «برادا» التي أبدعت فيها المصممة ميوتشا وراف سيمونز تشكيلة تتنفس أسلوباً يمكن القول إنه جديد على الدار، بخطوطه الأنثوية وتفاصيله التي تبدو بعيدة بعض الشيء عن الحداثي الذي عوّدتنا عليه في تشكيلاتها السابقة.

من عرض «سبورتماكس» (خاص)

دار «فندي» قدمت بدورها تشكيلة كل ما فيها يرقص على السهل الممتنع، فهي بسيطة، إلا أن كل ما فيها ينبض بالأنوثة والديناميكية. بألوان هادئة تتباين بين الأزرق السماوي وحلاوة الشوكولاته، أرادها مصممها كيم جونز أن تخاطب كل الشرائح، وتُعبر عن الواقع الحالي بكل تناقضاته وازدواجيته. مرة أخرى لم يبخل عليها بـ«لوغو» الدار، بعد أن أثبت أنه وسيلة سهلة للتسويق. كيم جونز الذي التحق بدار «فندي» منذ عامين يُبرهن في كل تشكيلة على أن فهمه لشخصية الدار يزيد ويتطور. أسلوبه يختلف عن أسلوب سلفه، الراحل كارل لاغرفيلد، من ناحية أنه أكثر هدوءاً ترجم فيه أناقة الدار الرومانية بلغة أكثر بساطة بحيث تدخل القلب بسهولة.


من عرض «تودز» (خاص)

قال إنه استلهم هذه التشكيلة من أرشيف الدار الغني ومن مصممة المجوهرات ديلفينا ديليتريز فندي «من تلك الأناقة التي يميزها الخروج عن المألوف»، حسب قوله. من هذا المنظور استكشف الكلاسيكية وفكَّكها ليخلق مجموعة تتلاعب على التناقضات. التفصيل الذكوري تزاوج بالنعومة الأنثوية، مثلاً، واللامبالاة والانطلاق بسحر الأناقة المحسوبة، بينما جاءت الفخامة في بعض الإطلالات مطبوعة بلمسة بانك خفيفة. كل هذا من خلال أقمشة مثل الدانتيل أو فساتين بقصات جامحة تارة وبثنيات تكشف عن بطانة من الترتر تارة أخرى.
دار «ماكسمارا» أيضاً لعبت على المضمون بأسلوبها الخاص. لم تتخلَّ عن لونها الجملي بكل درجاته. حافظت عليه وأضافت إليه ألواناً جديدة مثل الوردي المائل للأرجواني، والأخضر الغامق، لتواكب موجة التفاؤل الطاغية على الأسبوع. تشرح الدار أن تشكيلتها نتاج رحلة عبر الزمن إلى القرن الثامن عشر. بطلتها هي إيميلي دو شاتليه، ماركيزة وفيلسوفة صاحبة فكر متنوِّر كان لها دور كبير في التشجيع على تعليم المرأة والتمرد على الفكر الذكوري. وصف زوجها الشاعر فولتير علاقتهما بأنها كانت أكثر من مجرد توافق فكري، قائلاً عنها إنها «رجل عظيم ذنبه الوحيد أنه وُلد كامرأة». أما كيف ترجمت «ماكسمارا» أفكار إيميلي وحياتها وأفكارها في هذه التصاميم، فمن خلال فساتين ذات ثنيات ضخمة وجيوب كبيرة وبنطلونات بتصميم رجالي، وزخرفات استعملت فيها شعر الخيول وعظام الحيتان والريش. ولأن القرن الثامن عشر كان مطبوعاً بالفخامة والأناقة المتناهية، كان لا بد من لمسة ترف تمثلت في إدخال أقمشة الديباج المزركشة، لتأتي التشكيلة مزيجاً بين الكلاسيكي والشاعري، لكن دائماً بأسلوب عملي يعكس عزوف إيميلي عن كل ما يمكن أن يُقيد حريتها وحركتها.
دار «سبورتسماكس» الأخت الصغرى لـ«ماكسمارا» قدمت تشكيلة أطلقت عليها عنوان «عاري». عنوان صادم للوهلة الأولى لأنه لا يتماشى مع مفهوم الموضة على الإطلاق. لكن يتبين أن العاري هنا هو العودة إلى الأصل والغريزة الفطرية. وكما قالت الدار فإن التشكيلة «دعوة للعودة للطرق البدائية وإظهار قوة البساطة الطبيعية والرغبة الوحشية التي تجمع بين الصفاء والفوضى في آن واحد، مشحونة بسيل من الطاقة الذكورية والأنثوية». أما كيف تم تطوير هذه الأفكار وترجمتها في التشكيلة، فبالاعتماد على أعمال فنانين ومصورين مثل بيتر هوجار وروبرت مابلثورب ونان جولدين. فهؤلاء أيضاً أظهرت أعمالهم الجمال المختبئ خلف الظلال، حيث قال بيتر هوجار ذات مرة: «أنا أصوّر أولئك الذين يدفعون أنفسهم إلى أقصى الحدود... الأشخاص الذين يكونون على سجيتهم». من هذا المنظور يمكن تلخيص التشكيلة بأنها تتوخى الحرية. فأن تكون «عارياً» معناه أن تكون مُرتاحاً ومتصالحاً مع نفسك. فهي تلعب على الكثير من التناقضات مثل البرجوازية والبدائية والأنثوية، من خلال أكتاف جريئة وبنطلونات واسعة وفساتين تستوحي خطوطها من فترة التسعينات. لكن أهم ما فيه هي الراحة.
أما بالنسبة إلى دار «موسكينو» فلا يمكن أن يمر عرضها مرور الكرام. كان ولا يزال طبقاً دسماً من الألوان والنقشات مع لمسات شقية مستوحاة من البوب آرت وغيره من الفنون. لموسم خريف 2023 استلهم المصمم جيريمي سكوت، من الرسام سيلفادور دالي السريالي حبه للغرابة. تنوعت التصاميم بين الواسعة بمسامير مدببة ومليئة بالمجوهرات وتنانير كلاسيكية متنوعة الطول ومعاطف تغطي الركبة. من السترات الجلدية والبدلات الكلاسيكية التي تزينها سلاسل وأزرار من اللؤلؤ والذهب، كان القاسم المشترك بينها جرأتها وتوهج ألوانها، وكونها تعكس لوحات دالي المليئة بالساعات والإكسسوارات المتدلية مثل الإكسسوارات التي تحمل شعار السلام وتتميز بالضبابية. في حين تتزين جيوب السترات الجلدية برسومات تشبه مواد مُذابة مع نقشات مميزة تشبه السائل.
أما علامة «جيني» فنسجت قصاتها لموسم خريف وشتاء 2023-2024 من وحي شخصية الرسوم الهزلية الإيطالية الشهيرة، إيفا. تخيَّلت المصممة سارة كافازا فاتشيني إيفا وهي تتصفّح جريدة فتقع عيناها على خبر يقول إن علامة «جيني» تعتزم طرح تشكيلتها الجديدة في ميلانو، وأن فاتشيني أحضرت معها عيّنة نادرة من زهرة الأوركيد السوداء من تايلندا. أثار الخبر فضولها ورغبتها في الحصول عليها. على ضوء هذه القصة، نسجت المصممة تصاميم كانت فيها زهرة الأوركيد عنصراً مهماً ولعبت فيها على التنوع والغموض وعلى الأنوثة والحرية في الوقت ذاته.
ربما تكون «غوتشي» من بين الدور القليلة التي غرّدت عكس السرب. كانت مزيجاً من الإيحاءات وافتقرت إلى تلك التيمة الواحدة التي تجعلها متماسكة. ربما يعود السبب إلى أنها نتاج فريق كامل، عمل بعضه مع المصمم توم فورد منذ عقود في انتظار أن يقدم مصممها الجديد ساباتو دي سارنو أول تشكيلة له في الموسم المقبل. يُشعرك العرض بأن التعليمات كانت واضحة، تتلخص في الابتعاد عن أسلوب المصمم السابق أليساندرو ميكيلي الذي غلب عليه «الماكسيماليزم». صحيح أنه نجح فنياً وتجارياً لعدة سنوات لكنه أصاب البعض بالملل، وكان لا بد من التغيير. بيد أن ما قدمه فريق التصميم الإبداعي للموسمين المقبلين، لم يُنصف الدار لا سيما أنه بين الإطلالة والأخرى كانت تقفز تصاميم تستحضر صوراً قديمة لم تستطع أن تُودِّع أو تنسى الماضي، في وقت تحتاج فيه الموضة إلى أن تنظر نحو المستقبل.


مقالات ذات صلة

فؤاد سركيس يرسم لوحة ملونة بالالوان والتفاصيل في مجموعته لـ 2025

لمسات الموضة اعتمد المصمم على التفاصيل الجريئة حتى يمنح كل زي ديناميكية خاصة (خاص)

فؤاد سركيس يرسم لوحة ملونة بالالوان والتفاصيل في مجموعته لـ 2025

في أحدث مجموعاته لموسم خريف وشتاء 2025، يعيد المصمم فؤاد سركيس رسم هوية جديدة لمعنى الجرأة في الموضة. جرأة اعتمد فيها على تفاصيل الجسم وتضاريسه. تتبعها من دون…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي (الشرق الأوسط)

علياء السالمي... تحمل تقاليد الماضي إلى الحاضر

من قلب المملكة العربية السعودية؛ حيث تتلاقى الأصالة والحداثة، تبرز مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي واحدةً من ألمع الأسماء في عالم تصميم الأزياء.

أسماء الغابري (جدة)
لمسات الموضة كانت روح ماريا تحوم في قصر غارنييه بكل تجلياتها (ستيفان رولان)

من عاشقة موضة إلى مُلهمة

كل مصمم رآها بإحساس وعيون مختلفة، لكن أغلبهم افتُتنوا بالجانب الدرامي، وذلك التجاذب بين «الشخصية والشخص» الذي أثَّر على حياتها.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة لم تحتج الدار يوماً إلى مدير إبداعي يرسم معالمها... لأن «نجمها الأول وعملتها الذهبية» هي أنسجتها (لورو بيانا)

«لورو بيانا»... تحتفل بمئويتها بفخامة تستهدف أصحاب الذوق الرفيع

لم تحتج الدار يوماً إلى مدير إبداعي يقودها ويحدد اتجاهاتها... فشخصيتها واضحة، كما أنها تمتلك نجماً ساطعاً يتمثل في أليافها وصوفها الملكي.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة النجمة المصرية نيللي كريم كما ظهرت في عرض هنيدة الصيرفي (هيئة الأزياء)

الرياض... لقاء الثقافة والأناقة

غالبية العروض في الدورة الثانية من أسبوع الرياض منحتنا درساً ممتعاً في كيف يمكن أن تتمازج الثقافة والهوية بروح الشباب التواقة للاختلاف وفرض الذات.

جميلة حلفيشي (لندن)

الرياض تشهد عناق النجوم ببريق الترتر واللؤلؤ

سيلين ديون وإيلي صعب وعلاقة عمرها 25 عاماً (رويترز)
سيلين ديون وإيلي صعب وعلاقة عمرها 25 عاماً (رويترز)
TT

الرياض تشهد عناق النجوم ببريق الترتر واللؤلؤ

سيلين ديون وإيلي صعب وعلاقة عمرها 25 عاماً (رويترز)
سيلين ديون وإيلي صعب وعلاقة عمرها 25 عاماً (رويترز)

بعد عام تقريباً من التحضيرات، حلت ليلة 13 نوفمبر (تشرين الثاني). ليلة وعد إيلي صعب أن تكون استثنائية ووفى بالوعد. كانت ليلة التقى فيها الإبداع بكل وفنونه، وتنافس فيها بريق النجوم من أمثال مونيكا بيلوتشي، وسيلين ديون، وجينفر لوبيز، وهالي بيري ويسرا، وغيرهن مع لمعان الترتر والخرز واللؤلؤ. 300 قطعة مطرزة أو مرصعة بالأحجار، يبدو أن المصمم تعمد اختيارها ليرسل رسالة إلى عالم الموضة أن ما بدأه منذ 45 عاماً وكان صادماً لهم، أصبح مدرسة ومنهجاً يقلدونه لينالوا رضا النساء في الشرق الأوسط.

من عرض إيلي صعب في الرياض (رويترز)

لقاء الموضة بالموسيقى

كان من المتوقع أن تكون ليلة خاصة بالموضة، فهذه أولاً وأخيراً ليلة خاصة بإيلي صعب، لكنها تعدت ذلك بكثير، أبهجت الأرواح وغذَّت الحواس وأشبعت الفضول، حيث تخللتها عروض فنية ووصلات موسيقية راقصة لسيلين ديون، وجينفر لوبيز، ونانسي عجرم، وعمرو دياب وكاميلا كابيلو. غنت لوبيز ورقصت وكأنها شابة في العشرينات، ثم نانسي عجرم وعمرو دياب، واختتمت سيلين ديون الفعالية بثلاث أغنيات من أشهر أغانيها وهي تتفاعل مع الحضور بحماس. لم تقف وعكتها الصحية التي لا تزال آثارها ظاهرة عليها مبرراً لعدم المشاركة في الاحتفال بمصمم تُكنّ له كل الحب والاحترام. فإيلي صعب صديق قبل أن يكون مصمم أزياء تتعامل معه، كما قالت. يؤكد إيلي الأمر في لقاء جانبي، قائلاً: «إنها علاقة عمرها 25 عاماً».

وهذا ما جعل الحفل أشبه بأغنية حب.

هالي بيري وهي تلبس فستان الأوسكار الأيقوني نفسه الذي ارتدته عام 2002 (خاص)

هالي بيري التي ظهرت في أول العرض بالفستان الأيقوني الذي ظهرت به في عام 2002 وهي تتسلم جائزة الأوسكار بوصفها أول ممثلة سمراء، دمعت عيناها قبل العرض، وهي تعترف بأن هذه أول مرة لها في الرياض وأول مرة تقابل فيها المصمم، رغم أنها تتعامل معه منذ عقود. وأضافت أنه لم يكن من الممكن ألا تحضر المناسبة؛ نظراً للعلاقة التي تربطهما ببعض ولو عن بُعد.

يؤكد إيلي عمق هذه العلاقة الإنسانية قائلاً: «علاقتي بهالي بيري لم تبدأ في عام 2002، بل في عام 1994، حين كانت ممثلة صاعدة لا يعرفها المصممون». وأضاف ضاحكاً: «لا أنكر أن ظهورها بذلك الفستان شكَّل نقلة مهمة في مسيرتي. ويمكنني القول إنه كان فستاناً جلب الحظ لنا نحن الاثنين. فيما يخصني، فإن ظهورها به وسَّع قاعدة جمهوري لتشمل الإنسان العادي؛ إذ إنها أدخلتني ثقافة الشارع بعد أن كنت معروفاً بين النخبة أكثر». غني عن القول أن كل النجمات المشاركات من سيلين وجينفر لوبيز إلى نانسي عجرم من زبوناته المخلصات. 80 في المائة من الأزياء التي كانت تظهر بها سيلين ديون مثلاً في حفلات لاس فيغاس من تصميمه.

عرض مطرَّز بالحب والترتر

بدأ عرض الأزياء بدخول هالي بيري وهي تلبس فستان الأوسكار الأيقوني نفسه. لم يتغير تأثيره. لا يزال أنيقاً ومبتكراً وكأنه من الموسم الحالي. تلته مجموعة تقدر بـ300 قطعة، أكثر من 70 في المائة منها جديدة لخريف وشتاء 2025 ونسبة أخرى من الأرشيف، لكنها كلها كانت تلمع تطريزاً وترصيعاً إما بالترتر والخرز أو اللؤلؤ. فالتطريز لغة أتقنها جيداً وباعها للعالم. استهجنها المصممون في البداية، وهو ما كان يمكن أن يُحبط أي مصمم صاعد يحلم بأن يحفر لنفسه مكانة بين الكبار، إلا أنه ظل صامداً ومتحدياً. هذا التحدي كان واضحاً في اختياراته لليلته «1001 موسم من إيلي صعب» أيضاً بالنظر إلى كمية البريق فيها.

ساهمت في تنسيق العرض كارين روتفيلد، رئيسة تحرير مجلة «فوغ» النسخة الفرنسية سابقاً، والمعروفة بنظرتها الفنية الجريئة. كان واضحاً أنها تُقدّر أهمية ما كان مطلوباً منها. فهذه احتفالية يجب أن تعكس نجاحات مسيرة عمرها 45 عاماً لمصمم وضع صناعة الموضة العربية على الخريطة العالمية. اختير لها عنوان «1001 موسم من إيلي صعب» لتستعرض قوة المصمم الإبداعية والسردية. قال إنه استوحى تفاصيلها من عالم ألف ليلة وليلة. لكن حرص أن تكون اندماجاً بين التراث العربي والابتكار العصري. فكل تصميم كانت له قصة أو يسجل لمرحلة كان لها أثر على مسيرته، وبالتالي فإن تقسيم العرض إلى مجموعات متنوعة لم يكن لمجرد إعطاء كل نجمة مساحة للغناء والأداء. كل واحدة منهم عبَّرت عن امرأة تصورها إيلي في مرحلة من المراحل.

جينفر لوبيز أضفت الشباب والحيوية على العرض (خاص)

جينفر لوبيز التي ظهرت بمجموعة من أزيائه وهي ترقص وتقفز وكأنها شابة في العشرينات، كانت تمثل اهتمامه بمنح المرأة حرية الحركة، بينما كانت نانسي عجرم بفستانها الكلاسيكي المرصع بالكامل، تعبّر عن جذور المصمم اللبناني وفهمه لذوق المرأة العربية ككل، ورغبتها في أزياء مبهرة.

أما المغنية كاميلا كابيلو فجسدت شابة في مقتبل العمر ونجح في استقطابها بتقديمه أزياء مطعَّمة ببعض الجرأة تعكس ذوق بنات جيلها من دون أن تخرج عن النص الذي كتبه لوالدتها. كانت سيلين ديون، مسك الختام، وجسَّدت الأيقونة التي تمثل جانبه الإبداعي وتلك الأزياء التي لا تعترف بزمان أو مكان.

حب للرياض

بعد انتهاء العرض، وركض الضيوف إلى الكواليس لتقديم التحية والتبريكات، تتوقع أن يبدو منهكاً، لكنه كان عكس ذلك تماماً. يوزع الابتسامات على الجميع، يكرر لكل من يسأله أن أكثر ما أسعده، إلى جانب ما شعر به من حب الحضور والنجوم له، أنه أثبت للعالم «أن المنطقة العربية قادرة على التميز والإبداع، وأن ما تم تقديمه كان في المستوى الذي نحلم به جميعاً ونستحقه».

وأضاف: «أنا ممتن لهذه الفرصة التي أتاحت لي أن أبرهن للعالم أن منطقتنا خصبة ومعطاءة، وفي الوقت ذاته أن أعبّر عن حبي للرياض. فأنا لم أنس أبداً فضل زبونات السعودية عليّ عندما كنت مصمماً مبتدئاً لا يعرفني أحد. كان إمكانهن التعامل مع أي مصمم عالمي، لكن ثقتهن في كانت دافعاً قوياً لاستمراري».

سيلين ديون أداء مبهر وأناقة متألقة (خاص)

أسأله إن كان يخطر بباله وهو في البدايات، في عام 1982، أن يصبح هو نفسه أيقونة وقدوة، أو يحلم بأنه سيدخل كتب الموضة بوصفه أول مصمم من المنطقة يضع صناعة الموضة العربية على خريطة الموضة العالمية؟ لا يجيب بالكلام، لكن نظرة السعادة التي كانت تزغرد في عيونه كانت أبلغ من أي جواب، وعندما أقول له إنه مصمم محظوظ بالنظر إلى حب الناس له، يضحك ويقول من دون تردد نعم أشعر فعلاً أني محظوظ.