مجوهرات من ذهب تعانق المعصم للأبد

خيوط من الذهب تلحم على المعصم بواسطة الليزر
خيوط من الذهب تلحم على المعصم بواسطة الليزر
TT

مجوهرات من ذهب تعانق المعصم للأبد

خيوط من الذهب تلحم على المعصم بواسطة الليزر
خيوط من الذهب تلحم على المعصم بواسطة الليزر

الحب واحد ولغة التعبير عنه متنوعة. قد تكون باكلام، كما تكون بإهداء وردة أو سلسال يُرصعه قلب، أو سوار يعانق المعصم ولا يفارقه للأبد. فكرة أساور الحب التي تحتاج إلى عملية قائمة بذاتها للتخلص منها، ليست جديدة، إذ سبق لدار «كارتييه» في عام 1969 أن ابتكرت سوارا أيقونيا بقفل أطلقت عليه اسم «لوف»، أي الحب. نجاحه تجاريا جعل بيوت مجوهرات كبيرة مثل «تيفاني أند كو» وغيرها تحذو حذوها. فالجديد فيما يُطرح حالياً يعتمد على تقنيات متطورة تلعب على مفهوم الحب الأبدي، وهذا تحديداً ما تعمدته فيولا ناج أولييري حين أطلقت مع صديقة الدراسة والعمر مارتا كافاريللي «أتولييه في إم» Atelier VM. من ميلانو قررت الصديقتان إطلاق ماركة مجوهرات تتميز بالبساطة والشاعرية تكون لها علاقة بالتاريخ أو الفن وتنبض بالتجارب الشخصية. كانت لهما جولات وصولات في عالم المجوهرات والأحجار الكريمة استلهمتا فيها الكثير من الفنون والأساطير والتاريخ. لكن من التجارب الشخصية وُلدت مجموعة «إيسانسيالي» «L›essenziale» وهي عبارة عن قلادات وأساور وخواتم من دون براغي، يتم لحمها بواسطة الليزر على صاحبتها مباشرة بحيث تبدو وكأن لا بداية أو نهاية لها. لمس التصميم وفكرته وتراً حساساً بداخل المرأة بغض النظر عن سنها ومكانتها. فرغم أنها من الذهب الخالص فإنها بأسعار تناسب الجميع.

مجموعة «إيسانسيالي» عبارة عن قلادات وأساور وخواتم من دون براغي، يتم لحمها بواسطة الليزر بحيث تبدو وكأن لا بداية لها ولا نهاية

في محلات «ليبرتي» الواقعة على ناصية «ريجنت ستريت» بلندن مثلاً يشهد الركن المخصص لها طوابير من الفتيات من كل الجنسيات والأعمار. كلهن ينتظرن دورهن للحصول على سوار من هذه المجموعة. يخترنه إما من الذهب الأبيض أو الأصفر أو الوردي. أما إذا كانت إمكانياتهن تسمح فإنهن يطلبنه مرصعاً بأحجار صغيرة من الماس، أو يُضفن إليه تعويذة مثل العين للوقاية من الحسد، أو يد فاطمة، وغيرهما من التعويذات.
عندما يصل دور أي واحدة منهن تستلمها بائعة تشرف على هذه العملية وتتحكم في الآلة التي ستُلحم السوار من دون الحاجة إلى براغي. تطلب من الزبونة إدخال يديها في فتحة كبيرة، ومن خلال مجهر تبدأ عملية تستغرق حوالي 4 دقائق، يتم فيها لحم السوار بدقة. دائماً النتيجة نفسها ورد الفعل نفسه: تُخرج الزبونة يدها من فتحة الآلة، وتتطلع إلى معصمها لتتفحص كيف التحم السوار بشكل سلس، ثم تفتح فاها دهشة وابتهاجاً. واحدة منهن صرخت لصديقتها التي أهدتها السوار بمناسبة عيد ميلادها: «هذا أضمن وأفضل بكثير من وشم تاتو الذي كنت أفكر فيه». الطريف أنه رغم السعادة التي كان يمنحها هذا السوار لكل فتاة تحصل عليه، فإنه وُلد من رحم الألم والفقد. تقول صاحبة فكرته، فيولا ناج أولييري، إنها كانت تمر بفترة عصيبة في حياتها إثر فقدها شخصاً عزيزاً على قلبها. كانت تريد أن تجسد هذه الحالة النفسية، بكل ما تتضمنه من مشاعر فقد وحزن وحب ورغبة في عدم النسيان في قطعة لا تفارقها إلى الأبد. تقول: «عندما فكرت في الأمر، لم تكن الصورة واضحة تماماً في ذهني. كنت خارجة لتوي من تجربة مؤلمة وكل ما كنت أريده أن ألمس شيئاً لا ينسيني تجربتي بقدر ما يُذكرني بأني قوية وأن النهايات ما هي إلا بدايات».

تُلحم هذه الأساور على المعصم مباشرة بواسطة الليزر  لتبقى إلى الأبد

هكذا تبلورت الفكرة وتحولت إلى مجموعة ملموسة. تقول: «على بساطتها، تتضمن الكثير من المعاني... هذا السوار مثلاً زينة وعربون صداقة وحب، وبشكله المستدير يُجسد أيضاً دورة الحياة التي لا بداية أو نهاية لها». رغم مرور سنوات على تجربتها الخاصة، لم تنس آلامها وذكرياتها، لكنها تقول وهي تنظر إلى طابور الفتيات اللواتي ينتظرن دورهن بصبر ولهفة، ثم تشير إلى معصمها الذي يلفه عدد من هذه الأساور، إن هذه القطعة التي وُلدت من رحم الحزن والفقدان أصبحت تعويذة حظ بالنسبة لها من الناحية التجارية. فحجم الإقبال عليها لا يخف في كل المناسبات، لأنها إلى جانب أنها مثقلة بالرومانسية، فهي أيضاً وسيلة تسجل بها المرأة قصص حب إنسانية عاشتها أو تعيشها.


مقالات ذات صلة

فؤاد سركيس يرسم لوحة ملونة بالالوان والتفاصيل في مجموعته لـ 2025

لمسات الموضة اعتمد المصمم على التفاصيل الجريئة حتى يمنح كل زي ديناميكية خاصة (خاص)

فؤاد سركيس يرسم لوحة ملونة بالالوان والتفاصيل في مجموعته لـ 2025

في أحدث مجموعاته لموسم خريف وشتاء 2025، يعيد المصمم فؤاد سركيس رسم هوية جديدة لمعنى الجرأة في الموضة. جرأة اعتمد فيها على تفاصيل الجسم وتضاريسه. تتبعها من دون…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي (الشرق الأوسط)

علياء السالمي... تحمل تقاليد الماضي إلى الحاضر

من قلب المملكة العربية السعودية؛ حيث تتلاقى الأصالة والحداثة، تبرز مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي واحدةً من ألمع الأسماء في عالم تصميم الأزياء.

أسماء الغابري (جدة)
لمسات الموضة كانت روح ماريا تحوم في قصر غارنييه بكل تجلياتها (ستيفان رولان)

من عاشقة موضة إلى مُلهمة

كل مصمم رآها بإحساس وعيون مختلفة، لكن أغلبهم افتُتنوا بالجانب الدرامي، وذلك التجاذب بين «الشخصية والشخص» الذي أثَّر على حياتها.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة لم تحتج الدار يوماً إلى مدير إبداعي يرسم معالمها... لأن «نجمها الأول وعملتها الذهبية» هي أنسجتها (لورو بيانا)

«لورو بيانا»... تحتفل بمئويتها بفخامة تستهدف أصحاب الذوق الرفيع

لم تحتج الدار يوماً إلى مدير إبداعي يقودها ويحدد اتجاهاتها... فشخصيتها واضحة، كما أنها تمتلك نجماً ساطعاً يتمثل في أليافها وصوفها الملكي.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة النجمة المصرية نيللي كريم كما ظهرت في عرض هنيدة الصيرفي (هيئة الأزياء)

الرياض... لقاء الثقافة والأناقة

غالبية العروض في الدورة الثانية من أسبوع الرياض منحتنا درساً ممتعاً في كيف يمكن أن تتمازج الثقافة والهوية بروح الشباب التواقة للاختلاف وفرض الذات.

جميلة حلفيشي (لندن)

5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)
كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)
TT

5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)
كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

انتهى عرض إيلي صعب في الرياض، أو الأحرى احتفالية «1001 موسم من إيلي صعب» بمرور 45 على انطلاقته في بيروت، ولم تنته ردود الأفعال. فالعرض كان خيالياً، شارك فيه باقة من نجوم العالم، كان القاسم المشترك بينهم إلى جانب نجوميتهم وشعبيتهم العالمية، حبهم لإيلي صعب... الإنسان.

كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

المهتمون بالموضة، من جهتهم، يكنون له الاحترام، لرده الاعتبار لمنطقة الشرق الأوسط بوصفها تملك القدرة على الإبهار والإبداع. طبعاً تقديم العرض الضخم بدعم الهيئة العامة للترفيه ضمن فعالية «موسم الرياض 2024» كان له دور كبير في إنجاح هذه الفعالية. فقد توفرت كل اللوجيستيات المطلوبة لتسليط الضوء على أيقونة عربية لها تأثير كبير على الساحة العربية والعالمية، نذكر منها:

1-أول عربي يقتحم باريس

عرضه لخريف وشتاء 2024 ضمن عروض «الهوت كوتور» كان لوحة رومانسية من «ألف ليلة وليلة» (إيلي صعب)

هو أول من وضع الموضة العربية ضمن الخريطة العالمية بوصفه أول مصمم عربي يخترق العالمية وينافس كبار المصممين بأسلوب شرقي معاصر. استقبلته باريس بالأحضان ودخل البرنامج الرسمي لـ«هوت كوتور» من باب الفيدرالية الفرنسية للموضة كأول مصمم عربي مُبدع. فالصورة المترسخة في أذهان خبراء الموضة العالميين عن المصممين العرب في الثمانينات من القرن الماضي أنهم مجرد خياطين يقلدون إصداراتهم. كان عز الدين علايا الاستثناء الوحيد قبله.

2-احترام المرأة العربية

من تشكيلته لخريف وشتاء 2024... أزياء تتميز بالرومانسية وسخاء التطريز (إيلي صعب)

هو من فتح عيون الغرب، ليس على قدرة المرأة العربية الشرائية فحسب، بل وعلى تأثيرها على المشهد الإبداعي، بالتالي رد لها اعتبارها. فرغم أنها ومنذ السبعينات تُنعش قطاع «الهوت كوتور» كزبونة متذوقة ومقتدرة، فإنها لم تحصل على الحظوة نفسها التي كانت تتمتع بها مثيلاتها في الولايات المتحدة الأميركية مثلاً. نجاحه في الثمانينات وبداية التسعينات يعود إلى هذه المرأة، التي أقبلت على تصاميمه، وهو ما استوقف باقي المصممين، وفتح شهيتهم لدخول «الهوت كوتور» ومخاطبتها بلغة أكثر احتراماً. دار «فيرساتشي» مثلاً أطلقت خطها في عام 1989، فيما أطلق جيورجيو أرماني خطه «أرماني بريفيه» في عام 2005 إلى جانب آخرين وجهوا أنظارهم شرقاً متسابقين على نيل رضاها.

3- ارتقى بمهنة التصميم

تحول إلى مدرسة قائمة بذاتها، كما تخرج على يده العديد من المصممين الشباب الذين نجحوا (إيلي صعب)

نجاحه غيّر النظرة إلى مهنة تصميم الأزياء في الوطن العربي، من المغرب الأقصى إلى الشرق. بدأ الجميع يأخذها بجدية أكبر، فلا المجتمع بات يراها قصراً على المرأة أو على الخياطين، ولا الرجل يستسهلها. أصبحت في نظر الجميع صناعة وفناً يحتاجان إلى صقل ودراسة وموهبة.

4-قدوة للشباب

من تشكيلته لـ«هوت كوتور خريف وشتاء 2024» (إيلي صعب)

تخرج على يده العديد من المصممين الشباب. كان قدوة لهم في بداية مشوارهم، ثم دخلوا أكاديميته وتعلموا على يده وفي ورشاته. كلهم يشهدون له بالإبداع ويكنون له كل الاحترام والحب. من بين من هؤلاء نذكر حسين بظاظا ورامي قاضي وغيرهم كثيرون.

5-اقتناع برؤيته الفنية

لم يغير جلده أو أسلوبه رغم كل التحديات. كان له رؤية واضحة تمسك بها وكسب (رويترز)

أكد للجميع أنه يمتلك رؤية خاصة لم يغيرها في أي مرحلة من مراحل تطوره. حتى الانتقادات التي قُوبل بها في باريس في البداية، واجهها بقوة وتحدٍ، ولم يخضع لإملاءاتهم لإرضائهم أو لتجنب هجماتهم الشرسة على شاب عربي يتكلم لغة فنية جديدة في عُقر دارهم. بالعكس زاد من جرعة الرومانسية وسخاء التطريز، وأعطاهم درساً مهماً أن الرأي الأول والأخير ليس لهم، بل للمرأة عموماً، والسعودية تحديداً. كانت خير مساند له بحيث أدخلته القصور والبلاطات، وجعلته ضيفاً مرحباً به في أعراسها ومناسباتها المهمة.