«انتحاري فندق قصر الجزيرة» بمقديشو.. صومالي تربى في ألمانيا

الاستخبارات الصومالية أكدت أنه مولود في طرابلس بليبيا وعاد في 2012 عن طريق مصر

«انتحاري فندق قصر الجزيرة» بمقديشو.. صومالي تربى في ألمانيا
TT

«انتحاري فندق قصر الجزيرة» بمقديشو.. صومالي تربى في ألمانيا

«انتحاري فندق قصر الجزيرة» بمقديشو.. صومالي تربى في ألمانيا

أكدت وكالة الاستخبارات الصومالية، أمس، أنها تعرفت على الانتحاري الذي هاجم فندقا في مقديشو يوم الأحد الماضي، موضحة أنه صومالي في الثلاثين من عمره عاش في ألمانيا لكنه عاد للالتحاق بحركة الشباب المتطرفة.
وقالت وكالة الأمن القومي والاستخبارات في بيان إن حصيلة ضحايا التفجير الكبير ارتفعت إلى 17 قتيلا بالإضافة إلى أكثر من عشرة جرحى. وأكدت الوكالة أن «المهاجم هو الثلاثيني عبد الرزاق موسى بوه. وهو مولود في طرابلس (ليبيا) وعاش في ألمانيا»، موضحة أنه «عاد إلى البلاد في 2012 عن طريق مصر». وأضافت أن عبد الرزاق التحق بحركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة في 2013 بعدما أقنعه صوماليون يقيمون في الخارج بذلك. لكن الوكالة لم تؤكد ما إذا كان يحمل الجنسية الألمانية أم لا.
وكانت مصادر أمنية صومالية ذكرت أن «التقارير الأولية من التحقيقات الجارية تشير إلى أن هناك احتمالا كبيرا أن يكون سائق السيارة التي اقتحمت الفندق ألمانيًا من أصل صومالي». وقالت مصادر في مقديشو إن فحوصات الحمض النووي جارية على أشلاء الانتحاري الذي نفذ الهجوم الذي دمر السور الخارجي لفندق قصر الجزيرة المؤلف من ستة طوابق. لكن مصادر أمنية ألمانية قالت إن الانتحاري كان يعيش في ألمانيا لكنه لم يكن يحمل الجنسية الألمانية، على عكس ما قيل سابقا. وحسب هذه المصادر فإن الانتحاري المشتبه به صومالي الجنسية وكان يعيش في مدينة بون الألمانية كمهاجر، وكان معروفا لدى الأوساط الأمنية بميوله المتطرفة، إلا أنه لم يحصل على الجنسية الألمانية. وقالت مصادر أخرى حكومية في بون إن المشتبه به كان يعيش في الصومال منذ بضع سنوات، وكان أقرباؤه يعرفون بذلك، وكان «يقاتل مع (الشباب)». ويرتاد الفندق المسؤولون الصوماليون والزوار الأجانب، وتوجد فيه ثلاث بعثات دبلوماسية بينها البعثة الصينية.
ونفذ عدد من الصوماليين مزدوجي الجنسية عمليات انتحارية في الصومال، آخرها في فبراير (شباط) عندما قام رجل وامرأة دنماركيان من أصل صومالي بتفجير نفسيهما في فندق «سنترال أوتيل» في مقديشو وقتلا 25 شخصا. وفي عام 2008، نفذ أول انتحاري أميركي صومالي إحدى أوائل الهجمات الانتحارية في الصومال. وكان الانتحاري الأميركي الصومالي اسمه «شروا أحمد» في السادسة والعشرين من عمره، وفجر نفسه في «بونت لاند» في شمال الصومال.
يذكر أن «حركة الشباب» تقاتل لإسقاط الحكومة الصومالية المدعومة من الغرب. ونجحت الحركة التي بايعت تنظيم القاعدة في استقطاب مهاجرين صوماليين ومقاتلين أجانب، وإن كان مركز الجذب انتقل في السنوات الأخيرة إلى تنظيم داعش.
وفي هذا السياق، كشفت تقارير استخبارية ألمانية عام 2015 أن ما لا يقل عن تسعة انتحاريين ألمان شاركوا في عمليات انتحارية في سوريا والعراق، فيما عبرت وزارة الداخلية الألمانية عن قلقها من تنامي ظاهرة سفر متشددين ألمان للانضمام لصفوف تنظيم داعش. وذكرت تحقيقات وثائقية لمحطتي «إن دي آر» و«في دي إير» الألمانيتين، وصحيفة «زوددويتشه تسايتونغ» في وقت سابق أيضًا أن هناك خمس عمليات انتحارية مؤكدة نفذها متشددون ألمان.
وكشفت الاستخبارات الألمانية في وقت سابق عن وجود شبكة عمل داخل ألمانيا تقوم بتجنيد الشباب داخل البلاد خاصة من النساء لغرض الالتحاق بالقتال في سوريا. وأظهرت الدراسات أن بعض الفتيات ومنهن القاصرات توجهن للقتال في سوريا، بعد أن تعرفن على شباب مقاتلين على الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، ليختلط عندهن «القتال» برومانسية العلاقة مع المتطرفين.
وقال وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزير، في أعقاب حادث «شارلي إيبدو»، إن أعداد «المتطرفين» الذين يسافرون من أوروبا إلى العراق وسوريا في تزايد مستمر على الرغم من ازدياد درجة وحشية أعمال تنظيم داعش. وأضاف دي ميزير أن عدد المقاتلين الذين سافروا من ألمانيا وصل إلى نحو 550 حالة معروفة للسلطات الألمانية، لكن إحصائيات استخبارية أخرى ذكرت أن تدفق المقاتلين الأجانب ومنهم الألمان صعد بنسبة 70 في المائة منذ مطلع عام 2015. وأكدت بعض التقارير أن عدد المقاتلين الأجانب في ألمانيا وصل إلى 750 مقاتلا، بينهم ما يقارب 100 امرأة من بين 5 آلاف مقاتل أجنبي في عموم أوروبا.
المقاتلون الأجانب في ألمانيا لم يعودوا فقط انتحاريين في ساحات القتال، بل ما زالوا يمثلون خطرا محتملا على أمن ألمانيا من وجهة نظر أجهزة الاستخبارات، مما دفع الحكومة الألمانية لإعادة سياساتها في مكافحة الإرهاب.



كيف سيتصرف «حزب الله» وهل يتفلّت نتنياهو من الضغط الأميركي؟

لدى نصر الله ونتنياهو حسابات معقدة تحول دون تراجعهما (أ.ف.ب - رويترز)
لدى نصر الله ونتنياهو حسابات معقدة تحول دون تراجعهما (أ.ف.ب - رويترز)
TT

كيف سيتصرف «حزب الله» وهل يتفلّت نتنياهو من الضغط الأميركي؟

لدى نصر الله ونتنياهو حسابات معقدة تحول دون تراجعهما (أ.ف.ب - رويترز)
لدى نصر الله ونتنياهو حسابات معقدة تحول دون تراجعهما (أ.ف.ب - رويترز)

يتوقف بدء سريان المفاعيل السياسية للنداء الأميركي - الفرنسي، المدعوم أوروبياً وعربياً، للحكومتين اللبنانية والإسرائيلية، على الضغط الذي تمارسه الولايات المتحدة الأميركية على رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، لمنعه من التفلُّت من مسؤوليته بتوفير الأجواء السياسية المواتية لتطبيق مضمون هذا النداء، بعد أن كان قد التزم بمضامينه، لينقلب عليه لاحقاً بذريعة أن مجرد التلازم في وقف إطلاق النار ليشمل جبهتي جنوب لبنان وغزة يتيح لـ«حزب الله» تبرير مساندته لـ«حماس»، على نحو يرتد عليه سلباً، ويتسبّب له بإشكالات داخل حكومته المناوئة بأكثريتها للربط بين الجبهتين، فيما يلقى فصل الجبهتين معارضة من «حزب الله»، كونه يشكل له إحراجاً أمام بيئته بعدم الجدوى من انخراطه في إسناد غزة، وما ترتب عليه من أكلاف باهظة كان في غنى عنها.

«فيتوات» متبادلة بين إسرائيل والحزب

لكن صدور النداء الأميركي - الفرنسي بصيغته الراهنة قوبل بتبادل «الفيتوات» بين إسرائيل و«حزب الله»، الذي يتمسك بتطبيق التلازم بوقف إطلاق النار على جبهتي غزة والجنوب، بخلاف نتنياهو المعترض عليه، وهذا ينسجم مع ما طرحه الوسيط الأميركي، أموس هوكستين، في مفاوضاته مع رئيس المجلس النيابي، نبيه بري، بتفويض من قيادة «حزب الله» لتهدئة الوضع جنوباً ونزع فتيل التفجير ومنع توسعة الحرب.

وكان الرئيس بري يعد العدّة لاستئناف التفاوض مع هوكستين لاستكمال البحث بينهما في الورقة التي أعدها الأخير لتهدئة الوضع جنوباً، للبدء بالتفاوض غير المباشر والتوصل إلى وقف إطلاق النار على قاعدة تهيئة الأجواء لتطبيق القرار رقم (1701) كونه الناظم الدولي لتحديد الحدود بين لبنان وإسرائيل.

لكن الرئيس بري، الذي كان قد تواصل مع هوكستين فور صدور النداء، فوجئ، كما يقول مصدر نيابي بارز لـ«الشرق الأوسط»، بمبادرة نتنياهو إلى سحب تأييده له باعتراضه على التلازم بتطبيق وقف إطلاق النار على الجبهتين الغزاوية والجنوبية، ومطالبته بعدم الربط بينهما بذريعة أنه يشكل انحيازاً لوجهة نظر «حزب الله» بإسناده لـ«حماس».

انقلب نتنياهو فألغى هوكستين زيارته

ويؤكد المصدر النيابي أن هوكستين كان يتحضر للعودة إلى بيروت لمواصلة البحث في الورقة التي أعدها لتطبيق القرار رقم (1701)، وسبق لبري أن سجّل ملاحظاته على بعض بنودها، لكنه عدل عن المجيء، بعد أن انقلب نتنياهو على موافقته المبدئية على ما ورد في النداء الذي يحظى أيضاً بتأييد إيران، انسجاماً مع توافقها والولايات المتحدة على استيعاب التأزم لمنع توسعة الحرب في الإقليم.

وينفي المصدر نفسه كل ما أُشيع عن أن هوكستين بحث في اتصاله ببري وجوب انسحاب الحزب إلى ما وراء جنوب الليطاني، ويقول إن الاتصال بينهما بقي في العموميات، ولم يتطرقا إلى أي تفصيل يتعلق بالورقة، طالما أن للبحث بينهما صلة.

ويبقى السؤال: هل ينجح الرئيس الأميركي جو بايدن في إقناع نتنياهو بتعديل موقفه بما يسمح بتعبيد الطريق لتنفيذ ما ورد في النداء؟ أم أن محاولته، وقد تكون الأخيرة، لن تلقى التجاوب المطلوب؟ وهذا ما يفتح الباب لسؤال آخر: كيف سيتصرف «حزب الله» في حال أصر نتنياهو على المضي في اجتياحه الجوي للبلدات الجنوبية والبقاعية، وفي اغتياله لأبرز قياداته وكوادره العسكرية؟

فلدى الحزب، كما تقول أوساط مقربة منه، القدرات العسكرية والقتالية للتعويض عن تراجع حدة المواجهة في القطاع، كما يشيعه بعضهم، وتقول إنه جاهز لمواجهة كل الاحتمالات، وسيمضي في دفاعه عن النفس ضد العدوان الإسرائيلي، ولن يرضخ لضغوط نتنياهو النارية باستهدافه المدنيين من دون أن يستدرج لتوسيع الحرب، مع احتفاظه بحق الرد على تجاوز نتنياهو الخطوط الحمر باغتياله لأبرز قيادات الحزب العسكرية والميدانية.

مخزون «حزب الله» الصاروخي

لكن الأوساط نفسها لا تعلق على ما يتردد بأن القتال في غزة بدأ ينحسر، وأن القطاع تحوّل إلى جبهة مساندة، ما يجعل الحزب منفرداً في حربه مع إسرائيل، وأنه أصبح يختصر بنفسه وحدة الساحات بتراجع منسوب الانشغال الذي تتولاه أذرع محور الممانعة في المنطقة، كما تفضّل عدم التعليق على تحليلات سياسية تتحدث عن التفاوض بين طهران وواشنطن، وتتهم إيران بترك الحزب وحيداً، وتحمله القسط الأكبر في المواجهة، بذريعة أن لديها حسابات وأوراق سياسية لا تريد التصرف بها في غير أوانها، وتحتفظ بها لتحسين شروطها في المفاوضات.

وتؤكد هذه الأوساط لـ«الشرق الأوسط» أن لدى الحزب مخزوناً صاروخياً، يعود له وحده استخدام الصواريخ الدقيقة منه في الوقت المناسب، وتقول إن استخدامه لصاروخ من نوع «قادر-1» لن يكون الأول والأخير، وأريد منه تمرير رسالة يجب أن يأخذها العدو على محمل الجد، بأن الحزب قادر على تجاوز ما بعد حيفا باستهدافه مواقع إسرائيل العسكرية والمخابراتية، وهذا ما أصاب إحدى قياداته الواقعة على تخوم تل أبيب.

متى تتدخل إيران؟

لذلك، هل يبقى الحزب وحيداً في المواجهة لتراجع وحدة الساحات كما يقول خصومه في الداخل والخارج؟ أم أنه لا يزال يراهن، تبعاً لحساباته، على تدخل إيران في الوقت المناسب في حال تمادت إسرائيل في عدوانها بما ينذر باندلاع حرب شاملة؟ وهذا ما أكده وزير خارجيتها عباس عرقجي بقوله إن بلاده لن تبقى مكتوفة الأيدي في حال قيام إسرائيل بتوسيع الحرب لتشمل الإقليم، مع أن طهران تتمهل لأسباب خاصة بها في الرد على اغتيال رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية، في عقر دار الحرس الثوري.

في المقابل فإن تل أبيب تواصل اجتياحها الجوي لتفريغ البلدات الجنوبية والبقاعية والضاحية الجنوبية لبيروت من سكانها، كونها مدرجة على بنك أهدافها، بغية تكبير أزمة النزوح بما يشكل إحراجاً للحزب أمام بيئته الحاضنة، والتحريض عليه بذريعة عدم قدرته على توفير الاحتياجات الضرورية لمئات الألوف من النازحين، في ظل عدم استطاعة الدولة على تلبيتها كما يجب، وهذا ما يفسر إصرار إسرائيل على تحييد الطرقات الدولية والفرعية المؤدية إلى هذه القرى لتسهيل عملية النزوح منها.