فلسطين في شتات الرواية العربية

لا تمثل نسبة تذكر قياساً إلى الكم الروائي العربي الضخم

فلسطين في شتات الرواية العربية
TT

فلسطين في شتات الرواية العربية

فلسطين في شتات الرواية العربية

ليس من السهل العثور على فلسطين في الرواية التي لم يكتبها فلسطينيون، على النقيض مما هو حاصل في الشعر، حيث تتزاحم القصائد العربية حول فلسطين. والظاهرة لافتة فعلاً وتستدعي التساؤل عن الأسباب. إحدى الإجابات المتكررة هي أن الرواية، على عكس الشعر، فن أدبي اجتماعي حتى حين يتناول التاريخ أو السياسة. ففي مجمل الحالات تعنى الرواية بالمجتمع الذي أنتجت فيه وليس بمجتمعات أخرى أو بقضايا خارج إطار الحياة القريبة المحيطة بالكاتب. من هنا يتكثف حضور مصر في الرواية المصرية، والسعودية في الرواية السعودية، والجزائر في روايات الجزائريين وهكذا. الحالات التي تخالف هذه القاعدة تعد استثناءات.
غير أن السؤال يظل ملحاً: ليست فلسطين بلاداً كالبلاد العربية أو حتى غير العربية، هي بلاد محتلة من قبل عدو للعرب جميعاً كما للإنسانية كلها. إن فلسطين قضية بقدر ما هي بلاد. لذلك يفترض أن تحضر فلسطين في الخطاب الروائي العربي، وبصورة أكثر كثافة مما هو متحقق من تلك الزاوية على الأقل. وقد حضرت بالفعل لكن ليس بالحجم المتوقع. الروايات التي يمكن القول إنها تتصل بفلسطين لا تمثل نسبة تذكر قياساً إلى الكم الروائي الضخم في أرجاء الوطن العربي. ومع أن من شبه المؤكد أن تلك الروايات القليلة ليست كل ما هنالك، لكن صعوبة العثور على غيرها دال بحد ذاته على تواري الانشغال الروائي بفلسطين. في عام 2009 طرحت صحيفة «الخليج» الإماراتية سؤالاً على عدد من الكتاب العرب حول حضور فلسطين في الرواية العربية، وذكر الكتاب عدداً من الروايات لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة. أحدهم فسر ذلك الوضع بالإشارة إلى هامش الحرية الضيق في البلاد العربية، وهو تفسير غير مقنع تماماً، لأن الرواية العربية تناولت قضايا البلاد التي نشرت فيها دون أن يمنعها الرقيب بالضرورة. ما أجمع عليه المشاركون هو بالفعل ضعف حضور فلسطين في الرواية العربية غير الفلسطينية مقارنة بحضورها في الرواية الفلسطينية.
من بين تلك الاستثناءات، نجد روايتين عربيتين تحضر فيهما فلسطين بصورة لافتة، وإن كانت جزئية، وأراهما من هذه الزاوية جديرتين بالنقاش لإيضاح نسبة الحضور الفلسطيني فيما سميته «شتات الرواية العربية».
الرواية الأولى هي «أمريكانلي» (أمري كان لي) (2004) للكاتب المصري صنع الله إبراهيم، يروي حكايتها أستاذ تاريخ مصري يذهب إلى أميركا بدعوة من مركز دراسات جامعية لتدريس التاريخ المصري. أما رواية أميمة الخميس فترسم مشاهد من الحياة الاجتماعية في مدينة الرياض في فترة الستينات. وفي كلتا الروايتين، تحضر فلسطين بوصفها قضية قومية، وفي صورة شخصيات تمثل شريحة من الفلسطينيين العاملين في البلاد العربية.
في رواية صنع الله إبراهيم، نلتقي الباحث المصري شكري أثناء فترة إقامته في مدينة سان فرانسسكو، حيث يلتقي عدداً من العرب المهاجرين، من بينهم أستاذ أدب فلسطيني متزوج من محامية أميركية لكنه متحمس للقضايا العربية ومؤمن بنظرية المؤامرة في كل الأحداث إلى ما تفعله الموساد والصهيونية، وكان في مقدمة الأحداث في تلك الفترة فضيحة الرئيس الأميركي كلينتون مع سكرتيرته مونيكا. يرى مروان الفلسطيني أن الموساد ضالع في تلك الحكاية لكي تحول دون طرح كلينتون لخطة سلام بين العرب وإسرائيل. في مقابل ذلك يرى الأستاذ المصري ماهر، وهو رئيس القسم الذي يعمل فيه شكري في مركز الأبحاث، أن مشكلة العرب هي التعلق بنظرية المؤامرة. التقابل بين الرأيين يشير إلى اندماج ماهر في المجتمع الأميركي، فولداه لا يتحدثان العربية، وكذلك إلى التزام الفلسطيني بالقضية العربية مع نقده المتواصل لأميركا.
إشارة أخرى تأتي حين يرى شكري زميله المصري ماهر مع يهودي متخصص في الدراسات التوراتية. يقول ماهر عنه: «هذا هو اليهودي الوحيد هنا المعادي للصهيونية». ويتضح أن عداء ذلك اليهودي للصهيونية ومناداته بأن «على اليهود أن يبقوا في بلادهم الأصلية» لم يحل دون تمسك زوجته الإسرائيلية بحق إسرائيل في الوجود. قضية فلسطين حاضرة ضمناً بطبيعة الحال في ذلك الحوار، لكنها تعود بصورة مباشرة وفي سياق مشابه حين يتحدث شكري إلى طالب أميركي أراد أن يشرع في رسالة دكتوراه حول الجيل الجديد من المؤرخين في إسرائيل، ويأتي ليستشير شكري ويطلب مساعدته لإنقاذ مستقبله، لأن الجامعة رفضت موضوع الرسالة المثير للجدل. فهو يريد أن يكشف زيف الادعاءات الصهيونية حول تاريخ إسرائيل مستشهداً بما ذكره أحد أولئك المؤرخين وهو بني مورِس حين قال: «... لقد كذب زعماؤنا علينا عندما أخبرونا أن عرب (اللد) و(الرملة) طلبوا مغادرة بيوتهم بمحض إرادتهم...» إلى أن يصل إلى القول: «... أما كذبة الأكاذيب التي أسموها (الاستقلال) فهي في (أرض بلا شعب لشعب بلا أرض)» 2.
من هذا يتضح أن الحضور الفلسطيني في رواية صنع الله إبراهيم هو حضور الشتات من ناحية، وسعي الكاتب من ناحية أخرى إلى التأريخ للمواقف الغربية الأميركية بصفة خاصة تجاه فلسطين وإسرائيل التي تحضر من حيث هي الكيان المسؤول عن الشتات وعن النكبة. التأريخ هو ما يمارسه كاتب عربي يتبنى بصورة واضحة، وإن كانت ضمنية، موقفاً داعماً للقضية الفلسطينية ومناهضاً لأعدائها. ولا شك أن كون الرواية تأريخية وتوثيقية أعان على التعبير عن تلك المواقف بأسلوب يصعب اتباعه في أساليب السرد التي تعتمد المخيلة وإن كانت واقعية. يصدق ذلك، إلى حد ما، على الرواية الأخرى، رواية «البحريات» (2006) للكاتبة السعودية أميمة الخميس.
ترصد «البحريات» مرحلة من النمو الاجتماعي والاقتصادي في مدينة الرياض في فترة كانت مفصلية من عدة نواح، من أبرزها تطور في التعليم تمثل في السماح بافتتاح مدارس للبنات التي كان تعليمها مخاضاً صعباً في مجتمع محافظ وتحكمه في تلك الآونة مؤسسة دينية متشددة ظلت تمانع في ذهاب الفتيات إلى المدارس فترة طويلة. في الرواية تقف بنا الكاتبة على بعض تفاصيل ذلك التحول، ومنه التعاقد مع معلمات عربيات كن من فئة النساء الموصوفات بالبحريات، أو اللاتي جئن من البحر أو ما وراء البحار، وهو تصور صحراوي بامتياز نُظر من خلاله إلى الكثير من القادمين إلى منطقة نجد وسط الجزيرة العربية.
إحدى المعلمات المتعاقد معهن فلسطينية تأتي من بيروت حيث تعيش شتاتها الأول. تأتي لتعيش شتاتاً ثانياً بحثاً عن لقمة العيش الكريمة. دافعها المباشر للمجيء كان فشل العلاقة التي أقامتها مع شاب فلسطيني آثر الهجرة إلى أميركا بعد أن غدر بها وسلب عذريتها. سمعت عن التعاقد في السعودية، فتقدمت بعد أن «أعدت أوراقها، كتبتها بخطها الجميل الأنيق، وحرصت على الفواصل والنقاط... كانت تخشى الشتات والغموض، والتبعثر، وهي الفلسطينية التي تفتقد الهوية والوطن في بيروت».
في الرياض تتصل رحاب بأسرة سعودية تطلبها معلمة لبناتها، فتقوم بذلك العمل ليدر عليها دخلاً إضافياً إلى جانب ما تحصل عليه من وظيفتها في التعليم. ومما يزيد من حاجة رحاب للعمل أن والدها جاء معها. ذلك الأب كان عبئاً آخر: «أبوها حقيبة مجهدة تنقلها هنا وهناك، يصر على ممارسة دلاله القديم حين يعود من الخارج يجب أن تأخذ دور أمها ولا بد أن يمد رجليه فتنزع له جواربه وتناوله منامته، وترصف أطباق العشاء أمامه...»، إلى آخر ذلك من أدوار كانت تقوم بها أمها في لبنان. ولم تكن الرياض أكثر رحابة لرحاب فهي إلى جانب القيود وبعض التعامل السيئ، وجدت فتيات يعانين هن أيضاً من مشكلات تخصهن. «الصبايا هناك يخضن أجندة معارك من نوع مختلف». في المدرسة السعودية وجدت رحاب أيضاً مديرة مدرسة عراقية تعاملها بتعالٍ، ومعلمات أغلبهن فلسطينيات مقيمات في الأردن والضفة أو سوريات «يرين في فتيات بيروت أو اللواتي نشأن في بيروت بعض الميوعة والتفاهة...».
ولم تغب قضية فلسطين بطبيعة الحال. ففي بيروت اعتاد والد رحاب أن يعود ليتناول عشاءه، ثم يستمع إلى أخبار المذياع «عن القضية الفلسطينية، ثم لا يلبث أن يتمتم ببعض الكلمات الممتعضة: روحوا تصالحوا مع اليهود أحسن لكم... فلسطين مش راجعة». في الرياض يطفو بعض الأمل وإن كان منهكاً. يظل الأب «طوال الوقت منكفئاً على جرحه الفلسطيني القديم؛ رأسه منهدل على صدره،
وكان متأكداً أن (عبد الناصر) سوف يرجع فلسطين للعرب ويقذف اليهود في البحر». ترصد الرواية الإحباطات والآمال عند جيل دخل مرحلة الشيخوخة، لكن التركيز يظل على الجيل الأصغر. جيل رحاب ليس مشغولاً كثيراً بالقضية. هي مهمومة الآن بلقمة العيش أكثر مما هي بعودة فلسطين. ومع لقمة العيش كانت تشعر أيضاً بأزمة الهوية التي تتفاقم لديها وهي تكتسب شعبية بين التلميذات السعوديات اللاتي بدأن يثقن بها فيسررن إليها بمشكلاتهن الخاصة فترد عليهن بأسلوب ملؤه التفهم والمحبة. كانت تساعدهن على معرفة أنفسهن والعالم من حولهن، وهنا تأتي المفارقة التي تتمثل في لحظة استنارة آسرة ومؤلمة في الوقت نفسه: «وتعلم (رحاب) أن الهوية قوة وتميز واسترداد للملامح وسط الحشود، هي فاقدة الهوية، لاجئة فلسطينية بوثيقة لاجئة دون أوراق رسمية... توزع هويات على طالباتها كل صباح، ترسم فوق تلك الوجوه التي أذابها أسيد الإهمال والجزر والنهي وأربع طبقات من غطاء الوجه، تعيد رسمها بدقة وعناية...».
هذا التعاطف الحميم مع رحاب الفلسطينية في معاناتها المتراكمة، هو مما يختلف به تناول أميمة الخميس عن تناول صنع الله إبراهيم. في رواية إبراهيم انشغال أكبر بالجانب السياسي للقضية بما يتضمنه ذلك من مواقف دولية وآراء مختلفة حول القضية.


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

احتفاء واسع في مصر بكسر عبلة كامل عزلتها الطويلة

الفنانة المصرية عبلة كامل (قناة النهار)
الفنانة المصرية عبلة كامل (قناة النهار)
TT

احتفاء واسع في مصر بكسر عبلة كامل عزلتها الطويلة

الفنانة المصرية عبلة كامل (قناة النهار)
الفنانة المصرية عبلة كامل (قناة النهار)

احتفى مصريون برسالة الفنانة عبلة كامل التي كسرت من خلاها عزلتها الطويلة التي أثارت الكثير من التكهنات والتساؤلات حول حياتها الخاصة واعتزالها الفن.

وأطلت كامل من خلال رسالة صوتية وُصفت بـ«النادرة» لبرنامج «الصورة»، الذي تقدمه المذيعة لميس الحديدي، وأعربت عن شكرها وامتنانها للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على قراره علاج كبار الفنانين على نفقة الدولة، واصفةً القرار بأنه «لفتة كريمة وحنونة».

عمليات جراحية

وأكدت عبلة كامل في رسالتها «أنها فوجئت بالقرار الذي أسعدها»، كما طمأنت محبيها على صحتها، معلنة «عن خضوعها لعمليات جراحية على نفقتها الخاصة خلال ابتعادها عن الأضواء».

وعاتبت عبلة كامل بعض الذين انتقدوا قرار علاجها على نفقة الدولة، مؤكدةً «أنها سامحتهم»، وفي نهاية رسالتها نفت بشكل قاطع «وجود صفحات سوشيالية تخصها».

وخلال الأيام الماضية تصدر اسم عبلة كامل «التريند» على بعض مواقع التواصل في مصر، بعد الإعلان عن اسمها ضمن قائمة الفنانين الذين شملهم القرار، وذلك عقب بيان أصدره نقيب الممثلين الدكتور أشرف زكي، شكر خلاله الرئيس المصري، تقديراً لتوجيهاته برعاية كبار الفنانين أصحاب التاريخ الفني الحافل، وتكفل الدولة بعلاجهم عرفاناً بما قدموه من إبداع وإثراء للوجدان على مدار عقود.

الفنانة عبلة كامل في صورة من أحد أعمالها قبيل الابتعاد عن الأضواء (يوتيوب)

إلى جانب عبلة كامل، شمل قرار العلاج أسماء أخرى لفنانين، من بينهم ضياء الميرغني، وعبد الله مشرف، ونجوى فؤاد. وفي السياق، أكد أشرف زكي خلال مداخلة لبرنامج «كلمة أخيرة» على قناة «ON» مع المذيع أحمد سالم، أن الدولة لا تتأخر عن تقديم الرعاية الصحية والاجتماعية لكبار الفنانين، موضحاً في حديثه «أن عبلة كامل بخير وفي منزلها، وليست بالمستشفى كما يقال، وأن غيابها ليست له علاقة بالمرض، بل قرارها الشخصي».

وأعرب فنانون ومتابعون ونقاد عن سعادتهم بكسر كامل لعزلتها الطويلة، وكتبت الفنانة مي كساب عبر حسابها على «إكس» قائلة: «الفنانة والإنسانة العظيمة عبلة كامل بنحبك وبنحترمك وبنقدرك ربنا يحفظك من كل شر ويبارك في عمرك ويسعدك زي ما أسعدتينا طول عمرك بفنك واحترامك وإنسانيتك هتعيشي وتعيشي تعلمينا دروس في الفن وفي الحياة بنحبك».

وفي تعليقها على احتفاء الناس برسالة عبلة كامل، أكدت الكاتبة والناقدة الفنية المصرية فايزة هنداوي أن «مظاهرة الحب التي صاحبت سماع صوتها يرجع لكونها شخصية محبوبة، ولها جمهور كبير لتلقائيتها، وعدم مبالغتها طوال مسيرتها في ظهورها، فهي تشبههم وكأنها فرد من أفراد الأسرة».

رسالة تطمين

وفق هنداوي، «فإن عبلة كامل قدمت الكثير من الأعمال الفنية الناجحة، وتشوق الناس لأي كلمة أو خبر عنها، يبرر لهفتهم وسعادتهم عقب سماع صوتها، وأنها بصحة جيدة بعد أخبار مرضها».

وفسرت الكاتبة المصرية كسر كامل لعزلتها الطويلة، بأنها رسالة تطمين لجمهورها، أو لنفي فكرة العلاج على نفقة الدولة، برغم عدم الهجوم عليها بشكل كبير بالمقارنة مع أسماء أخرى.

وعن عدم تطرقها لفكرة العودة الفنية مجدداً في رسالتها بعد ابتعاد دام نحو 7 سنوات، أشارت هنداوي إلى أن «عبلة كامل بنسبة كبيرة لن تعود للتمثيل، وهذا الأمر أعلنه بعض المقربين منها، من بينهم زوجها السابق، ووالد ابنتيها الفنان أحمد كمال بحكم علاقتهما الطيبة».

وبدأت عبلة كامل مسيرتها الفنية في ثمانينات القرن الماضي، وشاركت في بدايتها بالكثير من الأعمال، وقدمت شخصيات اجتماعية وكوميدية وصعيدية، وجسدت دور الأم والأخت، والابنة والزوجة والصديقة، ببساطة وتلقائية مما جعلها قريبة من الناس بشكل لافت. وفق نقاد.

من بين أعمال عبلة كامل مسلسلات «ليالي الحلمية»، و«ضمير أبلة حكمت»، و«المال والبنون»، و«أبناء ولكن»، و«لن أعيش في جلباب أبي»، و«هوانم جاردن سيتي»، و«امرأة من زمن الحب»، و«حديث الصباح والمساء»، و«أين قلبي»، و«عيش أيامك»، و«ريا وسكينة»، و«العندليب».

وأفلام، «سيداتي آنساتي»، و«الستات»، و«مرسيدس»، و«سواق الهانم»، و«قشر البندق»، و«اللمبي»، و«اللي بالي بالك»، و«خالتي فرنسا»، و«سيد العاطفي»، و«عودة الندلة»، و«بلطية العايمة»، بينما شهد الجزء الـ5 من مسلسل «سلسال الدم»، قبل 7 سنوات على آخر ظهور فني لها، وعقب ذلك فضلت عبلة كامل الابتعاد كلياً عن الأضواء، رغم عدم إعلانها اعتزال الفن.


مصر تُعيد تركيب تمثالين ضخمين بمعبد «ملايين السنين» بالأقصر

فريق عمل المشروع في صورة جماعية (وزارة السياحة والآثار المصرية)
فريق عمل المشروع في صورة جماعية (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

مصر تُعيد تركيب تمثالين ضخمين بمعبد «ملايين السنين» بالأقصر

فريق عمل المشروع في صورة جماعية (وزارة السياحة والآثار المصرية)
فريق عمل المشروع في صورة جماعية (وزارة السياحة والآثار المصرية)

بعد مرور نحو عقدين على بدء العمل بالمشروع، أزاحت مصر الستار الأحد عن تمثالين ضخمين من الألبستر للملك أمنحتب الثالث، بموقعهما الأصلي بالصرح الثالث بالمعبد الجنائزي للملك والمعروف بـ«معبد ملايين السنين»، في البر الغربي بالأقصر (جنوب مصر).

وجاء هذا العمل ضمن أعمال مشروع الحفاظ على تمثالي ميمون ومعبد الملك أمنحتب الثالث الذي بدأ عام 1998 بالتعاون بين المجلس الأعلى للآثار والمعهد الألماني للآثار بالقاهرة الذي دعم مبادرة المشروع، وبرنامج «World Monuments Watch» و«World Monuments Fund» اللذين أتاحا تصور مشروع الحفاظ على الموقع عام 1998 والشروع في تنفيذه، وجامعة يوهانس غوتنبرج في ماينتس، بهدف حماية ما تبقى من المعبد وإعادته إلى شكله الأصلي قدر الإمكان.

«إنجاز كبير»

وقد أسفرت الأعمال وفق وزارة السياحة والآثار عن اكتشاف وترميم وتوثيق وإعادة تركيب ورفع العديد من التماثيل التي كانت موجودة بالمعبد بالإضافة إلى بعض عناصره المعمارية.

ووصف شريف فتحي، وزير السياحة والآثار المصري، الانتهاء من المشروع بـ«الإنجاز الكبير والعمل المتميز الذي يستهدف الحفاظ على وإحياء أحد أهم معالم الحضارة المصرية العريقة، بما يسهم في تعزيز مكانة الأقصر كأحد أهم المقاصد السياحية والثقافية على مستوى العالم».

وأشار إلى أن «التعاون المصري - الألماني الممتد لسنوات طويلة، يمثل نموذجاً ناجحاً للتعاون الدولي المثمر، معرباً عن تطلعه إلى استمرار هذا التعاون البنّاء لسنوات عديدة قادمة بما يخدم أهداف الحفاظ على التراث الإنساني».

شريف فتحي خلال إزاحته الستار عن التمثالين الضخمين (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وكرّم الوزير مديرة المشروع الدكتورة هوريج سوروزيان، تقديراً لـ«جهودها المتواصلة وعطائها المتميز على مدار السنوات الماضية في إحياء المعبد الجنائزي للملك أمنحتب الثالث»، إلى جانب إهدائها مستنسخاً لأحد تماثيل الإلهة سخمت (إلهة الحماية)، التي تم الكشف عن عدد كبير من تماثيلها بالموقع خلال فترة إشرافها على المشروع.

ووفق الدكتور محمد إسماعيل خالد، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، فإن تنفيذ أعمال ترميم وتوثيق وإعادة تركيب ورفع هذين التمثالين الضخمين، التي استمرت قرابة عقدين من الزمن، تمت وفق أحدث الأساليب العلمية والمعايير الدولية المعتمدة في مجال الترميم الأثري، بما يضمن الحفاظ على أصالتهما وقيمتهما التاريخية، وإعادتهما إلى موضعهما الأصلي داخل المعبد الجنائزي للملك أمنحتب الثالث بالبر الغربي في الأقصر.

تطوير البر الغربي

وأشار إسماعيل في مؤتمر صحافي، الأحد، بالموقع الأثري، إلى أن أعمال الترميم شملت دراسات علمية دقيقة، وتوثيقاً شاملاً لحالة التمثالين، واستخدام مواد متوافقة مع طبيعة الحجر الأثري، بما يضمن استدامتهما على المدى الطويل، مع مراعاة الظروف البيئية والمناخية المحيطة بالموقع.

ووصف الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار ما تم من أعمال بـ«الخطوة المهمة ضمن خطة متكاملة لإحياء وتطوير المواقع الأثرية في البر الغربي بالأقصر، وتعزيز تجربة الزائرين، مع الحفاظ الكامل على القيمة الأثرية والتاريخية للموقع».

وكشف عن إجراء أعمال توثيق وترميم الصرح الأول لمعبد الرامسيوم، بجانب قرب الانتهاء من الدراسات اللازمة لتحديد حالة حفظ مقبرة الملكة نفرتاري لإمكانية إعادة فتحها للجمهور.

بينما وصف الدكتور ديترش راو، مدير المعهد الألماني للآثار بالقاهرة، المشروع بأنه أحد أكبر وأهم المشروعات الأثرية المشتركة، موضحاً أن المشروع شهد تنفيذ العديد من الأعمال المعقدة، في إطار تعاون وثيق ومثمر.

أحد التمثالين الضخمين (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وواجه المشروع تحديات عدة خلال العقدين الماضيين، من أبرزها تغير منسوب المياه الجوفية بالموقع، وهو ما تطلّب حلولاً هندسية وفنية دقيقة للحفاظ على استقرار الموقع الأثري، وفق الدكتورة نايري هابيكيان، مهندسة الموقع.

كوادر مصرية

وأشارت هابيكيان إلى أن المشروع مثّل فرصة حقيقية لبناء كوادر مصرية مؤهلة، حيث تم تدريب وتأهيل أكثر من 30 مُرمماً مصرياً، إلى جانب استقطاب نحو 10 مهندسين معماريين للعمل في مجال الآثار، وذلك في إطار شراكة فعالة وتكاملية بين الخبرات المصرية والدولية.

وكانت البعثة الأثرية قد عثرت على مدار سنوات عملها بالمشروع على أجزاء من التمثالين الضخمين بصورة متفرقة بالموقع، ولكنها كانت في حالة سيئة من الحفظ حيث غمرها الطمي والمياه المالحة، كما تم استعادة بعض كتل الجرانيت المكونة لقاعدة التمثالين، من المتحف المفتوح بمعابد الكرنك، حسب الدكتورة هوريج سوروزيان.

وأضافت سوروزيان أنه في عام 2006 بدأ فريق عمل المشروع في تنظيف التمثالين وترميمهما وإجراء أعمال المسح الثلاثي الأبعاد، وإعادة تركيب الكتل المتفرقة المكونة لهما حتى تم إعادة تركيبهما ورفعهما في عام 2025 في مكان عرضهما الأصلي بالمعبد. ويتراوح ارتفاع هذين التمثالين ما بين 13.6 و14.5 متر.

«الملك جالساً»

ويصور التمثالان الملك أمنحتب الثالث جالساً، ويديه مستقرّتين على فخذيه، مرتدياً غطاء الرأس «النمس» يعلوه التاج المزدوج والنقبة الملكية ذات الطيات، وتزين ذقنه لحية احتفالية، بينما يكتمل زيه بذيل الثور التقليدي، كما يصاحب التمثالين عدد من تماثيل الملكات، تتقدمهن الزوجة الملكية العظمى «تي»، إلى جانب تماثيل للأميرة «إيزيس» والملكة الأم «موت إم ويا»، كما تزيّنت جوانب العرش بمنظر «السماتاوي» الذي يرمز إلى توحيد مصر العليا والسفلى، مع بقايا ألوان أصلية ما زالت ظاهرة على بعض العناصر الزخرفية. وفق محمد عبد البديع، رئيس قطاع الآثار المصرية.

كما تم العثور على 280 تمثالاً وأجزاء تماثيل للإلهة سخمت ذات رأس اللبؤة، وتوثيقها وترميمها، وهي حالياً في انتظار عرضها بفناء الأعمدة بالمعبد، كما تم اكتشاف وإنقاذ تمثالين من تماثيل أبو الهول من الحجر الجيري ويجري العمل على ترميمهما، بالإضافة إلى وضع خطة شاملة لإدارة الموقع وحمايته.

وزير السياحة والآثار خلال تكريمه مديرة المشروع (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وشُيِّد المعبد الجنائزي للملك أمنحتب الثالث، المعروف بمعبد «ملايين السنين»، خلال النصف الأول من القرن 14 قبل الميلاد على مدى 39 عاماً من فترة حكمه. ويُعد المعبد الأكبر بين المعابد الجنائزية وأكثرها ثراءً في عناصره المعمارية والتجهيزية. وقد تعرّض المعبد لانهيار نتيجة زلزال عنيف في عام 1200 قبل الميلاد، ثم استُخدمت بقاياه كمحجر في عصور لاحقة، قبل أن تتأثر أطلاله بالسيول التي غطت تدريجياً بطبقات الطمي النيلي عبر الزمن.

ولم يتبقَّ من معالم المعبد القائمة في مواضعها الأصلية سوى التمثالين العملاقين للملك أمنحتب الثالث عند مدخل حرم المعبد المدمَّر، المعروفين بتمثالي ممنون. أما باقي الآثار فكانت مدمرة وغارقة في المياه المالحة.


شباك التذاكر السعودي: «السلم والثعبان» يتصدر... وافتتاح قوي لـ«الست»

فيلم «الست» يحقق افتتاحاً قوياً بأكثر من مليون ريال في أسبوعه الأول (imdb)
فيلم «الست» يحقق افتتاحاً قوياً بأكثر من مليون ريال في أسبوعه الأول (imdb)
TT

شباك التذاكر السعودي: «السلم والثعبان» يتصدر... وافتتاح قوي لـ«الست»

فيلم «الست» يحقق افتتاحاً قوياً بأكثر من مليون ريال في أسبوعه الأول (imdb)
فيلم «الست» يحقق افتتاحاً قوياً بأكثر من مليون ريال في أسبوعه الأول (imdb)

واصل شباك التذاكر السعودي أداءه المستقر خلال الأسبوع الثاني من ديسمبر (كانون الأول)، محققاً إيرادات تتجاوز 14 مليون ريال، مع بيع نحو 286 ألف تذكرة، في أسبوع شهد عرض أكثر من 40 فيلماً في دور السينما، وتوزَّعت فيه اختيارات الجمهور بين الإنتاجات العربية والأفلام الأجنبية، دون هيمنة مطلقة لعنوان واحد، وإن ظلت الصدارة محصورة في نطاق محدود من الأعمال الأكثر جماهيرية، حسبما يظهر التقرير الأسبوعي لهيئة الأفلام.

وتصدَّر فيلم «السلم والثعبان» قائمة إيرادات الأسبوع، محققاً أكثر من 3 ملايين ريال، مع بيع أكثر من 58 ألف تذكرة، ليواصل حضوره القوي في الصالات للأسبوع الخامس على التوالي. هذا الأداء يعكس قدرة الفيلم على الحفاظ على زخمه بعد مرحلة الافتتاح، مستفيداً من قاعدة جماهيرية واسعة، ومن تداول إيجابي أسهم في إطالة عمره التجاري داخل دور العرض. كما تجاوزت إيراداته التراكمية منذ بدء عرضه 26 مليون ريال، ما يجعله من أبرز عناوين الشهر من حيث الاستمرارية، لا الاندفاع المؤقت.

في المركز الثاني، حلَّ فيلم «Zootropolis 2» (زوتوبيا 2)، محققاً إيرادات قاربت 3 ملايين ريال، مع بيع أكثر من 60 ألف تذكرة خلال الأسبوع. ورغم حلوله ثانياً في ترتيب الإيرادات، فإن الفيلم يتقدّم من حيث عدد التذاكر المبيعة مقارنة بالمتصدر، وهو ما يشير إلى جاذبيته الكبيرة لدى فئة العائلات، وإلى تنوُّع فئات التذاكر وأسعارها بين العروض المختلفة. ومع هذا الأسبوع، تجاوز إجمالي إيرادات الفيلم 9 ملايين ريال.

أما المركز الثالث فكان من نصيب فيلم «Five Nights at Freddy’s 2» (خمس ليالٍ في فريديز 2) الذي حقق أكثر من 2.5 مليون ريال، مع بيع نحو 52 ألف تذكرة في أسبوعه الثاني. ويُعد هذا الرقم دلالة على دخول قوي للفيلم في السوق السعودية، مستنداً إلى شعبية سابقة للجزء الأول، وإلى قاعدة جماهيرية من فئة الشباب، ما مكَّنه من تثبيت موقعه ضمن الثلاثة الأوائل بسرعة لافتة.

ويبرز عند قراءة الأرقام أن الأفلام الثلاثة الأولى استحوذت مجتمعة على نحو 60 في المائة من إجمالي إيرادات الأسبوع، وهي نسبة تعكس نمطاً مألوفاً في أسواق السينما؛ حيث تتركَّز الكتلة الكبرى من الإيرادات في عدد محدود من العناوين، بينما تتوزع بقية الإيرادات على أعمال متعددة ذات حضور أقل، ولكنها تساهم في تنويع المشهد السينمائي.

في المرتبة الرابعة، جاء فيلم «Now You See Me: Now You Don’t» (الآن تراني: الآن لا تراني) بإيرادات تجاوزت مليون ريال، مع بيع أكثر من 22 ألف تذكرة في أسبوعه الرابع، مواصلاً أداءً متماسكاً منذ بدء عرضه، مع إيرادات تراكمية قاربت 8 ملايين ريال. ويعكس هذا الأداء قدرة الفيلم على الصمود في شباك التذاكر، اعتماداً على اسمه المعروف وسلسلة ناجحة سابقاً.

أما المركز الخامس فكان من نصيب فيلم «الست» الذي يتناول سيرة المغنية أم كلثوم؛ وسجَّل حضوراً لافتاً في أسبوعه الأول، محققاً أكثر من مليون ريال، مع بيع نحو 17 ألف تذكرة. ويُعد هذا الافتتاح مؤشراً على اهتمام الجمهور بالأعمال ذات الطابع العربي والسِّيَر الذاتية؛ خصوصاً حين تتناول شخصيات ثقافية ذات حضور راسخ في الذاكرة الجمعية.

وخارج دائرة الخمسة الأوائل، واصلت أفلام عدة تحقيق إيرادات متوسطة تعكس ما يمكن وصفه بـ«الذيل الطويل» لشباك التذاكر؛ حيث جاء سادساً الفيلم المصري «ولنا في الخيال حب»، يليه سابعاً الفيلم الهندي «Kalamkaval». وفي المرتبة الثامنة فيلم «Wildcat» (وايلدكات) ثم في المرتبة التاسعة «Wicked: For Good» (ويكد: للأفضل)، وأخيراً في المرتبة العاشرة الفيلم المصري «السادة الأفاضل».

وتعكس نتائج الأسبوع الثاني من ديسمبر صورة واضحة عن نضج السوق السينمائية السعودية؛ حيث لم يعد الإقبال محكوماً بعناوين ضخمة فقط؛ بل بات الجمهور أكثر انتقائية، موزعاً اهتمامه بين الفيلم العربي والأجنبي، وبين الترفيه العائلي وأفلام الرعب أو الحركة. كما تشير الأرقام إلى استقرار متوسط العائد للتذكرة، ما يؤكد توازن العلاقة بين التسعير وحجم الإقبال.

ومع اقتراب نهاية العام، يبدو شباك التذاكر السعودي مهيأً لمواصلة هذا النسق المتوازن، في ظل جدول عروض متنوع، وجمهور بات أكثر خبرة في الاختيار، وأكثر استعداداً لمنح الأفلام ذات الجودة أو الجاذبية الجماهيرية فرصة أطول داخل الصالات.