عقد البرلمان الإيراني جلسة مغلقة بشأن الانخفاضات القياسية للريال الإيراني مقابل العملات الأجنبية، فيما يواصل الدولار قفزاته في تحطيم أرقام قياسية، دون أن يلوح أفقاً لعودة الهدوء إلى الأسواق التي تعاني من التقلبات المتسارعة في ظل ارتفاع التضخم.
ووجه المشرعون الإيرانيون أسئلة إلى محمد مخبر، نائب الرئيس الإيراني، وإحسان خاندوزي وزير الاقتصاد، ومحافظ البنك المركزي، محمد رضا فرزين.
وأبلغ المتحدث باسم هيئة رئاسة البرلمان، الصحافيين بأن دعوة المسؤولين الثلاثة جاءت على خلفية ارتفاع سعر الدولار وبعض السلع الأساسية. وقال: «قدم كبار المسؤولين الاقتصاديين بالحكومة تفسيرات عن التطورات في سوق العملة»، مضيفاً أن النواب شددوا على ضرورة إيلاء اهتمام جاد بالوضع المعيشي للشعب.
ونوه موسوي إلى أن المسؤولين الحكوميين «أقروا بأن تقلبات العملة يمكن أن تضر باقتصاد البلاد». وإذ أشار إلى الانتقادات الموجهة من البرلمان للحكومة بشأن سياستها الاقتصادية، قال موسوي إن من القضايا التي ناقشها النواب أنه «لا توجد سياسة واحدة في الحكومة فيما يتعلق بالعملة»، وقال إن «السياسات المتناقضة تطرح من المسؤولين في الحكومة، وهذا الموضوع يوحي بعدم وجود تنسيق بين رجال الحكومة».
وقال عضو هيئة رئاسة البرلمان، علي رضا سليمي لوكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» إن وزير الاقتصاد أبلغ نواب البرلمان أن قوات الأمن ألقت القبض على «العديد من المتلاعبين بسوق العملات الذين كان هدفهم الإخلال وتعطل سوق العملة».
ومن جانبه، قال محافظ البنك المركزي، محمد رضا فرزين إنه «يجب أن تكون هناك صلاحيات كافية لمحافظ البنك المركزي؛ حتى يتمكن من الإدارة الصحيحة».
وحسب وكالة «فارس»، شهدت الجلسة انتقادات من المشرعين حيال الوضع الحالي في سوق العملات، وطالبوا الحكومة بإجراءات جادة للسيطرة على التقلبات. ونقلت عن النواب أن محافظ البنك المركزي «لديه الصلاحيات اللازمة لتسيير الأمور، وقد زادت صلاحياته مقارنة بالرؤساء السابقين للبنك المركزي». وأضافوا: «إذا واجهت الحكومة قيوداً وعقبات قانونية، فإن البرلمان مستعد لتمرير قوانين لإزالة العوائق»، مؤكدين استعداد البرلمانيين لأي تعاون مع الحكومة «لتحسين أوضاع العملة».
ومن جانبه، نقل عضو لجنة التخطيط والموازنة في البرلمان الإيراني، محمد رضا تاج الديني عن محافظ البنك المركزي قوله إن «سعر العملة الأجنبية غير واقعي»، لافتاً إلى أنه دعا إلى «إنشاء نظام موحد (لأسواق) الذهب والعملات، من أجل تحديد السعر الواقعي للدولار. وقال: «الأسعار الموجودة في الفضاء الإلكتروني، والأماكن الأخرى غير واقعية». وأوضح النائب أن الحكومة والبرلمان اتفقا على عقد جلسات مشتركة حول سوق الذهب والعملة، وكذلك الوضع الاقتصادي في البلاد، «كي تستفيد الحكومة من المشورة الاقتصادية للبرلمان في استقرار الاقتصاد».
وقال تاج الديني إن وزير الاقتصاد أطلع نواب البرلمان على «خلفية» اختلالات سوق العملة. وقال: «ستحدد المؤسسات الأمنية والاستخباراتية والقضائية كيفية التعامل مع المتلاعبين في سوق العملة».
ولأول مرة تراجعت العملة المحلية في إيران لما دون مستوى معنوي أساسي متراجعة عن 500 ألف ريال مقابل الدولار الاثنين الماضي، إذ لا يرى المتعاملون في السوق نهاية في الأفق للعقوبات.
وهبط الريال إلى أدنى مستوياته عند 567000 ريال مقابل الدولار أمس السبت، بالمقارنة بقيمة 539200 مسجلة الجمعة، حسب موقع صرف النقد الأجنبي بونباست دوت كوم، وسط تقارير عن عقوبات جديدة على إيران.
واستهدفت وزارة التجارة الأميركية روسيا البيضاء وإيران وغيرهما في أحدث رد على الغزو الروسي لأوكرانيا، إذ فرضت تدابير رقابية على الصادرات، وأضافت مزيداً من الأهداف إلى قائمة الكيانات المستهدفة.
ويقول خبراء اقتصاديون إن وصول المفاوضات النووية إلى طريق مسدود، وتفاقم التوترات الغربية - الإيرانية خصوصاً بعد الحرب الأوكرانية، وقمع الاحتجاجات الأخيرة، وفشل الحكومة في العمل بوعود تحسين الوضع الاقتصادي من بين أسباب ارتفاع سعر الدولار في الأسواق.
وبسبب معدل تضخم بلغ نحو 50 في المائة يسعى إيرانيون لملاذات آمنة للحفاظ على مدخراتهم بشراء الدولار وعملات صعبة أخرى، أو شرا ء الذهب، بما يشير إلى المزيد من الرياح المعاكسة التي ستقابل الريال الإيراني.
وبينما تراجعت الاحتجاجات الشعبية على مستوى البلاد في الأسابيع الأخيرة، ربما بسبب عمليات الإعدام والقمع، تتواصل موجات العصيان المدني مثل رسم جداريات (جرافيتي) مناهضة للحكومة، وظهور نساء غير محجبات في الأماكن العامة، وترديد الهتافات الليلية.
وأظهرت تسجيلات فيديو تم تداولها الخميس من بازار طهران، عدداً من الأشخاص يرددون هتاف «الموت لآية الله، الدولار تخطى 500 ألف».
وعلى مدى الأشهر الستة الماضية فقدت العملة الإيرانية نحو 60 في المائة من قيمتها وفقاً للموقع الإلكتروني.
ونقلت مواقع إيرانية عن رئيس البرلمان محمد رضا قاليباف قوله: «نحتاج إلى تنسيق جاد وقوي بين البرلمان والحكومة لتنظيم سوق العملات». وأضاف: «لقد توصلنا في هذا الاجتماع إلى نتائج جيدة. وإن شاء الله نتغلب على هذه المشكلة بالتنسيق باتخاذ إجراءات من الحكومة».
في المقابل، انتقد عبد الناصر همتي محافظ البنك المركزي في حكومة حسن روحاني، ضمناً تصريحات قاليباف، وكتب في تغريدة على «تويتر»: «لقد أعلنوا أن البرلمان والحكومة اتفقا على تنظيم الأسواق، وسنرى قريباً حل مشكلة واستقرار سوق العملة»، وأضاف: «إذا كان من الممكن حل المشكلة خلال اجتماع مدته ساعة، ماذا كنتم تفعلون حتى الآن؟».
وتابع همتي الذي خسر الانتخابات الرئاسية السابقة: «هل يدرك الفريق الاقتصادي تأثير الدولار الذي وصل سعره لـ560 ألف ريال على معيشة الناس؟».
البرلمان الإيراني يناقش انخفاضاً قياسياً للعملة المحلية
المشرعون انتقدوا «تناقض» تصريحات المسؤولين
البرلمان الإيراني يناقش انخفاضاً قياسياً للعملة المحلية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة