محطات مفصلية في تاريخ القارة السمراء

صورة جامعة للقادة في القمة الـ36 لدول الاتحاد الأفريقي (رويترز)
صورة جامعة للقادة في القمة الـ36 لدول الاتحاد الأفريقي (رويترز)
TT

محطات مفصلية في تاريخ القارة السمراء

صورة جامعة للقادة في القمة الـ36 لدول الاتحاد الأفريقي (رويترز)
صورة جامعة للقادة في القمة الـ36 لدول الاتحاد الأفريقي (رويترز)

ستون سنة كاملة مرت على بدء منظومة العمل الأفريقي المشترك بتأسيس «منظمة الوحدة الأفريقية» عام 1963، لتواكب انطلاق حركات التحرر الوطني من الاستعمار في القارة. وبعد 40 سنة من عمر تلك المنظمة، رأى القادة الأفارقة، أن يغيروا اسم المنظمة إلى «الاتحاد الأفريقي»، ربما تيمناً بتجربة الاتحاد الأوروبي، وأملاً في أن يكون ذلك بداية لـ«اتحاد» لم تحققه «الوحدة». وما بين المرحلتين مرت القمم الأفريقية بمحطات مفصلية من أبرزها:
> قمة 1963: القمة التأسيسية لـ«منظمة الوحدة الأفريقية». استضافتها العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وحضرها 30 رئيس دولة، بينهم 10 رؤساء عرب. وركزت تلك القمة على بحث قضايا الوحدة الأفريقية، والقضاء على الاستعمار في القارة، والقضاء على التمييز العنصري، وتنمية التعاون بين الدول الأفريقية في الميادين جميعاً، والعمل على نزع السلاح، وإعلان عدم انحياز الدول الأفريقية، وإزالة القواعد العسكرية من كل أرجاء القارة.
> قمة 1964: عُقدت في القاهرة، التي باتت أول عاصمة عربية تستضيف اجتماعات المنظمة. وشهدت القمة، إلى جانب تأكيد أهمية التحرّر من الاستعمار وبناء قدرات القارة، أول تأكيد أفريقي من خلال كلمات القادة المشاركين على دعم الشعب الفلسطيني وقضيته، كما بحثت النزاع على الحدود بين الصومال وإثيوبيا (إقليم أوغادين). وتقرر خلالها وقف الاشتباكات، وإنشاء مناطق منزوعة السلاح، وإيقاف أي حرب دعائية أو إعلامية بين الدولتين.
> قمة 1965: عُقدت بين 22 و25 مايو في أديس أبابا، وشهدت إعلان ميثاق منظمة الوحدة الأفريقية بحضور 30 رئيساً أفريقياً. وجرى خلالها تأكيد دعم التعاون بين الدول الأفريقية، والعمل على تحرير بقية الأجزاء التي لا زالت واقعة تحت حكم الاستعمار.
> قمة 1967: استضافتها كينشاسا، عاصمة الكونغو، يوم 4 سبتمبر (أيلول)، ونجحت بعض الدول الأفريقية التي أقامت علاقات مع إسرائيل في دفع المنظمة إلى رفض اتخاذ موقف من العدوان الإسرائيلي على الأراضي العربية، بما فيها مصر وهي دولة أفريقية. وكانت الحجة أن الأمم المتحدة هي المسؤولة عن التصدي للأمر. وبالتالي، اكتفت القمة بإدانة العدوان خطابياً من دون اتخاذ موقف رسمي، لكنها ركزت على الموقف تجاه النظام العنصري في روديسيا (زيمبابوي حالياً) والتفرقة العنصرية في جنوب أفريقيا.
> قمة 1968: استضافتها الجزائر بين 13 و16 سبتمبر، ومعها بدأت التحركات والضغوط العربية تؤتي ثمارها، وأسفرت عن إصدار قرار أدان العدوان الإسرائيلي بشكل واضح، وأعرب عن تضامن أفريقيا مع مصر، والمطالبة بانسحاب القوات الأجنبية (الإسرائيلية) فوراً ومن دون قيد أو شرط من الأراضي المصرية المحتلة. كذلك طالب القرار الدول الأعضاء بأن تقدم تأييدها السياسي والأدبي والمادي إلى القضية العادلة لمصر، وحظي القرار بتأييد 38 صوتاً مع تغيب دولتين عن التصويت، هما ليسوتو وسوازيلاند.
> قمة 1973: استضافتها أديس أبابا بين 17 و24 مايو، وشهدت أزمة بعدما طالب الوفد الليبي برئاسة أبو زيد دوردة، وزير الإعلام والإرشاد القومي الليبي، في جلسة مذاعة تلفزيونياً بنقل مقر منظمة الوحدة الأفريقية من أديس أبابا إلى أية دولة أفريقية أخرى. وعلل دوردة ذلك بأن نظام الحكم الإثيوبي يتعامل مع إسرائيل، وهو ما يشكل خطورة - من وجهة نظر البيان الليبي - على أمن وسلامة الوفود الأفريقية، ويضر بالمصالح الحيوية الأفريقية، وطالب بإدراج العلاقات الإثيوبية - الإسرائيلية في جدول أعمال مؤتمر القمة لمناقشته. ورفضت إثيوبيا البيان الليبي واعتبرته تدخلاً في شؤونها، وانسحب الوفد الليبي رغم محاولات التهدئة التي بذلها الوفد المصري. ومن ثم، أصدرت القمة قراراً تضمن تحذيراً رسمياً لإسرائيل بأن رفضها الجلاء عن الأراضي العربية المحتلة يعتبر اعتداء على القارة الأفريقية وتهديداً لوحدتها، وأن الدول الأعضاء في منظمة الوحدة الأفريقية تعتبر نفسها لذلك مدعوة لأن تأخذ - منفردة أو بصورة جماعية - أية إجراءات سياسية واقتصادية مناسبة وصد ذلك العدوان. وبعد القرار مباشرة سارعت 8 دول أعضاء في المنظمة إلى قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، ثم قطعت غالبية الدول علاقاتها تباعاً بعد حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973.
> قمة 1999: كانت قمة استثنائية استضافتها مدينة سرت الليبية يوم 9 سبتمبر بحضور 50 زعيماً أفريقياً. وشهدت طرح فكرة تأسيس «الاتحاد الأفريقي» بمبادرة من الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي. وفي عام 2000، خلال عقد قمة أفريقية في مدينة لومي عاصمة توغو، اعتُمد القانون التأسيسي لـ«الاتحاد الأفريقي». ثم في قمة لوساكا التي عقدت عام 2001 اعتُمدت الخطة لتنفيذ «الاتحاد الأفريقي».
> قمة 2002: أول قمة لـ«الاتحاد الأفريقي» عُقدت بين 8 و10 يوليو (تموز) في مدينة ديربان بجنوب أفريقيا. وبعد إنشاء الاتحاد الأفريقي عام 2002 ارتفع عدد الدول الأعضاء إلى 53 دولة أفريقية مستقلة. وفي عام 2011 انضمت جمهورية جنوب السودان لتصبح العضو رقم 54.


مقالات ذات صلة

هل تنجح دعوات استعادة الجواهر الأفريقية المرصِّعة للتاج البريطاني؟

أفريقيا هل تنجح دعوات استعادة الجواهر الأفريقية المرصِّعة للتاج البريطاني؟

هل تنجح دعوات استعادة الجواهر الأفريقية المرصِّعة للتاج البريطاني؟

بينما تستعد بريطانيا لتتويج الملك تشارلز الثالث (السبت)، وسط أجواء احتفالية يترقبها العالم، أعاد مواطنون وناشطون من جنوب أفريقيا التذكير بالماضي الاستعماري للمملكة المتحدة، عبر إطلاق عريضة للمطالبة باسترداد مجموعة من المجوهرات والأحجار الكريمة التي ترصِّع التاج والصولجان البريطاني، والتي يشيرون إلى أن بريطانيا «استولت عليها» خلال الحقبة الاستعمارية لبلادهم، وهو ما يعيد طرح تساؤلات حول قدرة الدول الأفريقية على المطالبة باسترداد ثرواتها وممتلكاتها الثمينة التي استحوذت عليها الدول الاستعمارية. ودعا بعض مواطني جنوب أفريقيا بريطانيا إلى إعادة «أكبر ماسة في العالم»، والمعروفة باسم «نجمة أفريقيا»، وا

أفريقيا «النقد الدولي»: أفريقيا الخاسر الأكبر من «الاستقطاب العالمي»

«النقد الدولي»: أفريقيا الخاسر الأكبر من «الاستقطاب العالمي»

مع تركيز مختلف القوى الدولية على أفريقيا، يبدو أن الاقتصادات الهشة للقارة السمراء في طريقها إلى أن تكون «الخاسر الأكبر» جراء التوترات الجيو - استراتيجية التي تتنامى في العالم بوضوح منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية. وتوقَّع تقرير صدر، (الاثنين)، عن صندوق النقد الدولي أن «تتعرض منطقة أفريقيا جنوب الصحراء للخسارة الأكبر إذا انقسم العالم إلى كتلتين تجاريتين معزولتين تتمحوران حول الصين وروسيا من جهة، والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في المقابل». وذكر التقرير أن «في هذا السيناريو من الاستقطاب الحاد، ما يؤدي إلى أن تشهد اقتصادات أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى انخفاضا دائماً بنسبة تصل إلى 4 في الما

أفريقيا السعودية والاتحاد الأفريقي يبحثان وقف التصعيد العسكري في السودان

السعودية والاتحاد الأفريقي يبحثان وقف التصعيد العسكري في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله، وزير الخارجية السعودي، مع رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فكي، اليوم (الثلاثاء)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف المتنازعة في السودان، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضها، بما يضمن أمن واستقرار ورفاهية البلاد وشعبها. جاء ذلك خلال اتصال هاتفي أجراه وزير الخارجية السعودي، برئيس المفوضية، وتناول آخر التطورات والأوضاع الراهنة في القارة الأفريقية، كما ناقش المستجدات والموضوعات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
أفريقيا «مكافحة الإرهاب» تتصدر الأجندة الأوغندية في «السلم والأمن» الأفريقي

«مكافحة الإرهاب» تتصدر الأجندة الأوغندية في «السلم والأمن» الأفريقي

تتصدر جهود مكافحة ظاهرة التطرف والإرهاب، التي تؤرق غالبية دول القارة الأفريقية، الأجندة الأوغندية، خلال رئاستها مجلس السلم والأمن، التابع للاتحاد الأفريقي، في شهر مايو (أيار) الجاري. ووفق المجلس، فإنه من المقرر عقد اجتماع تشاوري في بروكسل بين الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي، لمناقشة النزاعات والأزمات في البحيرات الكبرى والقرن والساحل، والصراع المستمر في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومكافحة تمرد حركة «الشباب» في الصومال، والتحولات السياسية المعقدة، فضلاً عن مكافحة الإرهاب في بلدان منطقة الساحل، كبنود رئيسية على جدول الأعمال. وأوضح المجلس، في بيان له، أن مجلس السلم والأمن الأفريقي سيناقش نتا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أفريقيا مكافحة «الإرهاب» تتصدر أجندة أوغندا في مجلس الأمن الأفريقي

مكافحة «الإرهاب» تتصدر أجندة أوغندا في مجلس الأمن الأفريقي

تتصدر جهود مكافحة ظاهرة «التطرف والإرهاب»، التي تقلق كثيراً من دول القارة الأفريقية، أجندة أوغندا، خلال رئاستها مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي، في مايو (أيار) الحالي. ومن المقرر عقد اجتماع تشاوري في بروكسل بين الاتحادين الأوروبي والأفريقي؛ لمناقشة النزاعات والأزمات في البحيرات الكبرى والقرن والساحل، والصراع المستمر في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومكافحة تمرد حركة «الشباب الإرهابية» في الصومال، والتحولات السياسية المعقدة، فضلاً عن مكافحة «الإرهاب» في بلدان منطقة الساحل، كبنود رئيسية على جدول الأعمال. وأوضح المجلس، في بيان، أنه سيناقش نتائج الحوار الوطني في تشاد، ولا سيما المسألتين ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

7.7 مليون شخص بجنوب السودان معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل

لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
TT

7.7 مليون شخص بجنوب السودان معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل

لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)

أعلنت الأمم المتحدة، الاثنين، أن نحو 7.7 مليون شخص في جنوب السودان؛ أي ما يناهز 60 في المائة من سكان هذا البلد الذي يعاني من العنف والكوارث المناخية، معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل.

تدهور الوضع الإنساني في جنوب السودان، أفقر دول العالم، بسبب أسوأ فيضانات تشهدها المنطقة منذ عقود، ووصول أعداد كبيرة من اللاجئين من السودان المجاور الذي يعيش حرباً.

وتوقع أحدث تقرير أصدرته الأمم المتحدة ويستند إلى مؤشر «آي بي سي» (الإطار المتكامل لتصنيف الأمن الغذائي) الذي يتضمن خمسة مستويات لعتبة الجوع، زيادة في عدد الأشخاص المعرضين لخطر انعدام الأمن الغذائي الحاد، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

ويقدّر آخر تقييم للوضع أن 7.69 مليون شخص، من ضمنهم 2.1 مليون طفل، سيواجهون في أبريل (نيسان) خطر «عدم التمكن من استهلاك كمية كافية من الغذاء، يعرض حياتهم أو سبل عيشهم لخطر فوري» (أي في المستوى الثالث أو أكثر)، مقابل 7.1 مليون هذا العام.

وسيجد من بينهم 63 ألفاً أنفسهم في وضع «كارثة» غذائية (المرحلة 5) التي تسبق المجاعة.

وتقول ماري إلين ماكغروارتي، مديرة برنامج الأغذية العالمي في جنوب السودان في بيان: «عاماً بعد عام، نلاحظ أن الجوع يبلغ أعلى مستوياته في جنوب السودان».

وأوضحت: «عندما نعاين المناطق التي تشهد أعلى مستوى من انعدام الأمن الغذائي، فمن الواضح أن مزيجاً من اليأس والنزاع والأزمة المناخية هو السبب الرئيسي».

ويواجه جنوب السودان المعرّض للكوارث المناخية، أسوأ فيضانات منذ عشرات السنين أدت إلى نزوح 380 ألف شخص وتضرر 4.1 مليون، بحسب مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (أوتشا).

كما ينبغي أن يتعامل مع وصول 810 آلاف شخص فروا من الحرب التي اندلعت في أبريل 2023 في السودان المجاور، بحسب بيانات الأمم المتحدة.

وعلى الصعيد السياسي، تعاني البلاد من الشلل وينخرها الفساد والخلافات الناجمة عن الحرب الأهلية التي أدت إلى مقتل 400 ألف شخص ونزوح الملايين بين عامَي 2013 و2018.

كما أعلنت الحكومة في سبتمبر (أيلول) إرجاء أول انتخابات في تاريخ البلد كانت مقررة في ديسمبر (كانون الأول) لعامين.

وتعرّض اقتصاد جنوب السودان إلى ضربة كبيرة حرمته من مصدر عائداته الرئيسي عندما انفجر أنبوب رئيسي للنفط في السودان في فبراير (شباط)؛ ما أدى إلى تدهور العملة المحلية وارتفاع أسعار السلع الأساسية.