«هيومن رايتس ووتش» تنتقد حملة اعتقال المعارضين للرئيس التونسي

«العفو الدولية» عدّتها «محاولة متعمدة» للتضييق على المنتقدين لسياسات سعيّد

مظاهرة نظمها أنصار «النهضة» بعد استدعاء زعيم الحركة راشد الغنوشي للتحقيق معه (رويترز)
مظاهرة نظمها أنصار «النهضة» بعد استدعاء زعيم الحركة راشد الغنوشي للتحقيق معه (رويترز)
TT

«هيومن رايتس ووتش» تنتقد حملة اعتقال المعارضين للرئيس التونسي

مظاهرة نظمها أنصار «النهضة» بعد استدعاء زعيم الحركة راشد الغنوشي للتحقيق معه (رويترز)
مظاهرة نظمها أنصار «النهضة» بعد استدعاء زعيم الحركة راشد الغنوشي للتحقيق معه (رويترز)

انتقدت منظمة «هيومن رايتس ووتش»، في بيان، أمس، حملة الاعتقالات التي تشهدها تونس منذ بضعة أيام. وقالت إن «الرسالة في هذه الاعتقالات هي أنه إذا كنت تجرؤ على التحدث علانية، فيمكن للرئيس أن يعتقلك ويندّد بك علناً». وجاء هذا الانتقاد بعد أن اعتبرت منظمة العفو الدولية غير الحكومية، في وقت سابق، أن حملة الاعتقالات هي «محاولة متعمَّدة للتضييق على المعارضة، ولا سيما الانتقادات الموجهة للرئيس»، وحثّت الرئيس قيس سعيد على «وقف هذه الحملة التي لها اعتبارات سياسية».
وخلال اليومين الماضيين، أوقفت الشرطة التونسية عدداً من المعارضين لسياسات وتوجهات الرئيس سعيد، أبرزهم عصام الشابي، رئيس الحزب الجمهوري، وشيماء عيسى القيادية بـ«جبهة الخلاص الوطني» المعارِضة، بتهمة التآمر ضد أمن الدولة، وإلحاقهم بمجموعة من المعتقلين؛ من بينهم عبد الحميد الجلاصي، القيادي في حركة النهضة، والسياسيان لزهر العكرمي، ونور الدين البحيري، وقضاة معروفون؛ من بينهم بشير العكرمي، الذي غادر، أمس، المستشفى، وكمال لطيف رجل الأعمال المؤثر في المشهد السياسي منذ عهد الرئيس السابق زين العابدين بن علي، ومدير إذاعة «موزاييك إف إم» الخاصة، التي تُعدّ احدى أهم وسائل الإعلام المستقلة في تونس، إضافة إلى خيام التركي رجل الأعمال الشهير، والسياسي عز الدين الحزقي المنتقد البارز للرئيس، والقيادي المعارض البارز جوهر بن مبارك، ليلة أول من أمس، على ما أفادت عائلته، في إطار حملة توقيفات غير مسبوقة في البلاد.
ومنذ بداية فبراير (شباط) الحالي، اعتقلت قوات الأمن 10 شخصيات على الأقل، معظمهم من المعارضين البارزين في حزب النهضة وحلفائه، بالإضافة إلى مدير محطة إذاعية خاصة كبيرة، ورجل أعمال نافذ، وناشطين سياسيين وقضاة. وأثارت حملة الاعتقالات هذه ردود أفعال واسعة منددة من المعارضة، ومن منظمات المجتمع المدني الحقوقية في داخل البلاد وخارجها.
ويُعدّ ابن مبارك (55 عاماً) آخِر معارض يجري اعتقاله، وهو أستاذ جامعي في مادة القانون الدستوري، ومعارض شرس لقرارات الرئيس ولتولّيه جُلّ السلطات في البلاد منذ عام 2021، ويصفها بأنها «انقلاب دستوري». وقد أطلق مبادرة سياسية معارضة تحت شعار «مواطنون ضد الانقلاب»، رغم أنه كان في السابق من الداعمين للرئيس سعيّد، خلال حملته الانتخابية في عام 2019. لكن منذ أن أعلن سعيّد تجميد أعمال البرلمان وحلّه لاحقاً، وتولّي السلطات في البلاد في 25 يوليو (تموز) 2021، أصبح معارضاً له، ويقود باستمرارٍ تظاهرات احتجاجية منددة بقرارات الرئيس. كما يُعدّ ابن مبارك من أبرز السياسيين المطلوبين على ذمة الأبحاث المتعلقة بشبهة «تكوين جماعة بغاية التآمر على أمن الدولة الداخلي»، وهي القضية التي جرى على أساسها إيقاف عدد من الناشطين السياسيين أيضاً.
في المقابل يتهم الرئيس التونسي الموقوفين «بالإرهابيين»، و«بالتآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي»، بينما تصف المعارضة حملات الاعتقالات «بالتعسفية»، مؤكدة أن هدفها ضرب صفوفها.
من جهته، ندّد رئيس «جبهة الخلاص الوطني» أحمد نجيب الشابي، بالاعتقال، وقال «إن المعاملة السيئة للوجوه السياسية من الصف الأول لن تنال من عزيمة هؤلاء، ولن تُوقف المشاورات التي كان يُجريها هؤلاء من أجل توحيد الحركة السياسية، وستستمر بين مختلف الفُرقاء السياسيين».
وتابع الشابي مستنكراً: «هذا دليل على تخبط السلطة السياسية وفشلها في إدارة الشئون؛ السياسي والاقتصادي والاجتماعي، والعلاقات الدولية بما سيزيد الأزمة تعفناً».
كما ندّد حزب النهضة، ذو المرجعية الإسلامية، بعملية التوقيف، معتبراً السلطات، في بيان، أمس، «غاشمة ومنفلتة من كل قانون، ومصرّة على المضي بالبلاد قدماً نحو أشدّ الكوارث». وطالبت الحركة، الداعم الأساسي لـ«جبهة الخلاص الوطني» المعارِضة، بضرورة «الكف عن ملاحقة رموز المعارضة، وعلى رأسهم رئيسها راشد الغنوشي، تحت غطاء التُّهم المزيفة، والمغلفة بغطاء محاربة الفساد والاحتكار والتآمر على الدولة»، داعية إلى إطلاق سراح «كل الموقوفين ظلماً من سياسيين ونقابيين وإعلاميين ورجال أعمال»، على حد قولها.
على صعيد متصل، أكد عبد الرزاق الكيلاني، عضو هيئة الدفاع عن السياسي بشير العكرمي، وكيل الجمهورية السابق بالمحكمة الابتدائية بتونس، مغادرته، أمس، مستشفى الأمراض العقلية، وكشف عن نقل العكرمي إلى مصحة خاصة في العاصمة؛ نظراً لتدهور حالته الصحية، بعد أن أصبح عاجزاً عن الوقوف، جرّاء إضرابه عن الطعام الذي نفّذه منذ إيقافه، على حد تعبيره.


مقالات ذات صلة

إحصاء 336 اعتداءً ضد الصحافيين في 3 سنوات من حكم «طالبان» في أفغانستان

آسيا خلال احتجاج نظمته حركة «طالبان» في أفغانستان (رويترز - أرشيفية)

إحصاء 336 اعتداءً ضد الصحافيين في 3 سنوات من حكم «طالبان» في أفغانستان

أفادت الأمم المتحدة، الثلاثاء، بأنها سجّلت 336 اعتداءً على صحافيين وعاملين في وسائل إعلام منذ عودة «طالبان» لحكم أفغانستان في أغسطس 2021.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
يوميات الشرق في عام 2023 قُتلت امرأة كل 10 دقائق على يد شريكها أو فرد من عائلتها (أ.ف.ب)

3 سيّدات يروين لـ«الشرق الأوسط» رحلة الهروب من عنف أزواجهنّ

«نانسي» و«سهى» و«هناء»... 3 أسماء لـ3 نساءٍ كدن يخسرن حياتهنّ تحت ضرب أزواجهنّ، قبل أن يخترن النجاة بأنفسهنّ واللجوء إلى منظّمة «أبعاد».

كريستين حبيب (بيروت)
آسيا نيلا إبراهيمي ناشطة في مجال حقوق الفتيات الأفغانيات تفوز بجائزة السلام الدولية للأطفال (أ.ف.ب)

فرت وعائلتها هرباً من «طالبان»... أفغانية تفوز بجائزة السلام الدولية للأطفال

فازت فتاة مراهقة فرت مع عائلتها من أفغانستان بعد عودة «طالبان» إلى السلطة قبل ثلاث سنوات، بجائزة «كيدز رايتس» المرموقة لنضالها من أجل حقوق المرأة.

«الشرق الأوسط» (كابل - أمستردام)
شمال افريقيا أوزرا زييا (الثانية على اليسار) بجانب السفير الجزائري في واشنطن (السفارة الأميركية في الجزائر)

مسؤولة أميركية تبحث بالجزائر الحرية الدينية وإدارة الهجرة

عطاف اتصل هاتفياً بنظيره الأميركي، وأبلغه بأن «معلوماته بشأن الحرية الدينية في الجزائر، خاطئة وغير دقيقة».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
المشرق العربي البروفسور نظام محمود

جرّاح بريطاني يصف استهداف الطائرات المُسيّرة للأطفال في غزة

روى جراح متقاعد من لندن ما شاهده خلال عمله التطوعي في مستشفى بغزة، وتحدث عن استهداف الطائرات المُسيّرة للأطفال بعد القصف.

«الشرق الأوسط» (لندن)

بغداد لتكثيف العمل الدبلوماسي لوقف «أي عدوان محتمل» على العراق

عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
TT

بغداد لتكثيف العمل الدبلوماسي لوقف «أي عدوان محتمل» على العراق

عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)

قال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، اليوم الاثنين، إن هناك خطة لتوسيع الحرب الإسرائيلية في غزة ولبنان لتشمل دولاً أخرى.

وفي كلمة، خلال افتتاح مؤتمر سفراء العراق الثامن حول العالم في بغداد، أكد الوزير أنه يجب تكثيف العمل الدبلوماسي لوقف «أي تهديد أو عدوان محتمل» على العراق.

وكان وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر قد قال، الأسبوع الماضي، إنه بعث رسالة إلى رئيس مجلس الأمن الدولي حثَّ فيها على اتخاذ إجراء فوري للتصدي لأنشطة الجماعات المسلَّحة المُوالية لإيران في العراق، قائلاً إن الحكومة العراقية مسؤولة عن أي أعمال تحدث داخل أراضيها أو انطلاقاً منها.

كما ذكرت تقارير إعلامية أميركية، في وقت سابق من هذا الشهر، أن إدارة الرئيس جو بايدن حذرت الحكومة العراقية من أنها إذا لم تمنع وقوع هجوم إيراني من أراضيها على إسرائيل، فقد تواجه هجوماً إسرائيلياً.

وشنت إسرائيل هجوماً على منشآت وبنى تحتية عسكرية إيرانية، الشهر الماضي؛ رداً على هجوم صاروخي إيراني على إسرائيل، وذلك بعد أن قتلت إسرائيل الأمين العام لجماعة «حزب الله» اللبنانية المتحالفة مع إيران، حسن نصر الله، في سبتمبر (أيلول) الماضي.