تزايدت التحذيرات الأميركية للصين، من مغبة قيامها بتقديم مساعدات عسكرية لدعم الحرب الروسية في أوكرانيا، والتهديد بفرض عقوبات اقتصادية قاسية عليها. وأصدرت واشنطن بالفعل عدة تحذيرات لبكين لردعها عن اتخاذ هذا المسار. وحذرت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) ووزيرة الخزانة جانيت يلين، ووزير الخارجية أنتوني بلينكن، وسفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد، من العواقب إذا زودت الصين روسيا بالأسلحة، من دون إيضاح الإجراءات الانتقامية.
ونظراً إلى دور الصين في الاقتصاد العالمي، فإن العقوبات هي البداية المحتملة. ويمكن للولايات المتحدة أن تسن عقوبات اقتصادية صارمة ضدها، إذا دعمت الحرب الروسية بالأسلحة والذخائر، ما قد يؤدي إلى تأثير مدمر على اقتصادها. ويؤكد خبراء أميركيون أن الولايات المتحدة ستبدأ على الأرجح بفرض عقوبات، ما قد يضع الصين أمام اتخاذ قرار حول ما إذا كان دعم روسيا يستحق عزل نفسها عن الاقتصاد العالمي، خصوصاً أن اقتصادها أكثر تشابكاً مع الاقتصاد العالمي من روسيا.
وقالت وكيلة وزارة الخارجية للشؤون السياسية، فيكتوريا نولاند، إن الولايات المتحدة ستفرض (الجمعة) عقوبات على الشركات الصينية التي تنتهك تدابير الرقابة على الصادرات المفروضة على روسيا من أجل حرمان موسكو من المواد اللازمة لجيشها. وأضافت في مقابلة صحافية، أن الإدارة «تراقب بحذر شديد»، وتحذر بكين من تقديم مساعدة قاتلة لروسيا.
وقالت نولاند: «هذا ليس بالشيء الذي يمكن إخفاؤه تحت السجادة، بينما تدعي الصين أنها محايدة». «ما نحاول القيام به هنا هو التأكد من أن الصينيين يفهمون أن هذا سيكون تغيراً كاملاً، ليس فقط في كيفية رؤيتهم عالمياً ومطالباتهم بالحياد، ولكن أيضاً في علاقتنا مع الصين».
وكان الوزير بلينكن قد أطلق جرس الإنذار الأول في نهاية الأسبوع الماضي، عندما قال إن الصين قدمت بالفعل مساعدة «غير قاتلة» لروسيا، لكنها تفكر في تغيير نوعية مساعدتها. وفي تصريحات لاحقة، أضاف بلينكن، أن الولايات المتحدة «التقطت معلومات» في الشهرين الماضيين، تشير إلى أن الصين تدرس إمكانية تصعيد مستوى المساعدة التي تقدمها لروسيا، لكنها قالت إنها قد لا تقدم على ذلك. وقال: «أنا متفائل، ولكن بطريقة واضحة للغاية سوف تتلقى الصين هذه الرسالة، لأنها لا تأتي منا فقط، بل من الكثير من البلدان الأخرى التي لا تريد أن ترى الصين تساعد وتحرض بطريقة مادية حرب روسيا».
ونفى المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ وينبين يوم الاثنين مزاعم بأن بكين تفكر في إرسال مساعدات قاتلة. واتهم بدلاً من ذلك الولايات المتحدة بتصعيد الحرب في أوكرانيا من خلال «ضخ الأسلحة في ساحة المعركة».
ورغم ذلك، يشكك المراقبون في احتمال إقدام الصين على تقديم مساعدة عسكرية لروسيا، ويرون أن فرصها «منخفضة للغاية». فتقديم السلاح لروسيا لن يغير مسار الحرب من حيث الدعم المادي، وقد يكون الدعم الاقتصادي هو الأفضل لها. ويرى هؤلاء أن الصين تحاول الحفاظ على خط موقفها في أوكرانيا، ومن غير المحتمل للغاية أن تغذي الحرب من خلال بيع الأسلحة، فيما تسعى إلى حل سلمي للحرب.
وحسب تقديرات أميركية، فقد تبدأ الولايات المتحدة بفرض عقوبات على بعض الشركات الصينية في المجمع الصناعي العسكري، في حال قدمت الصين مساعدات مميتة، وأن تتوسع تلك القائمة إذا استمر الدعم. وقد يؤدي اتخاذ مزيد من الإجراءات إلى فرض عقوبات ثانوية على الصين، ما قد يؤدي إلى معاقبة دول وكيانات أخرى خارج الصين تتعامل مع بكين. والاحتمال الأكثر خطورة هو أن تفرض الولايات المتحدة ضوابط تصدير مماثلة للقيود التي فرضتها في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على رقائق أشباه الموصلات المصنوعة في أميركا إلى الصين. وإذا امتدت هذه القواعد إلى مزيد من المنتجات التي تحتاج الصين إلى الحصول عليها من الخارج، بما في ذلك تلك المتعلقة بصناعة الطيران وغيرها، فقد يتضرر الاقتصاد الصيني بشكل خطير. وكانت الولايات المتحدة قد فرضت عقوبات على الصين التي تتنافس معها بالفعل في كل قطاع تقريباً.
وفرضت عقوبات على الكثير من الشركات الصينية، بما في ذلك شركة «هواوي» بسبب مخاوف تتعلق بالأمن القومي. كما فرضت عقوبات على كيانات أخرى بسبب انتهاكات مزعومة لحقوق الإنسان في منطقة شينغيانغ، ومدينة هونغ كونغ المتمتعة بالحكم الذاتي. كما فرضت الولايات المتحدة عقوبات على الشركات الصينية التي يُزعم أنها تدعم الحرب الروسية في أوكرانيا، بما في ذلك شركة «سبايستي تشاينا»، المصنّعة للأقمار الصناعية، بتهمة تقديم صور أقمارها إلى موسكو.
واشنطن تخير بكين بين عزل نفسها ودعم روسيا في حربها الأوكرانية
تشابك اقتصادها الكبير مع الاقتصاد العالمي يعطيها «فرصة ضئيلة»
واشنطن تخير بكين بين عزل نفسها ودعم روسيا في حربها الأوكرانية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة