واشنطن: انقسام في المحكمة العليا حول تحميل «تويتر» مسؤولية الترويج لـ«داعش»

آري هولتزبلات محامي «تويتر» يخرج من مبنى المحكمة العليا في واشنطن بعد الاستماع إلى مرافعات شفوية حول اتهام المنصة بتجاهل أعمال إرهاب (أ.ب)
آري هولتزبلات محامي «تويتر» يخرج من مبنى المحكمة العليا في واشنطن بعد الاستماع إلى مرافعات شفوية حول اتهام المنصة بتجاهل أعمال إرهاب (أ.ب)
TT

واشنطن: انقسام في المحكمة العليا حول تحميل «تويتر» مسؤولية الترويج لـ«داعش»

آري هولتزبلات محامي «تويتر» يخرج من مبنى المحكمة العليا في واشنطن بعد الاستماع إلى مرافعات شفوية حول اتهام المنصة بتجاهل أعمال إرهاب (أ.ب)
آري هولتزبلات محامي «تويتر» يخرج من مبنى المحكمة العليا في واشنطن بعد الاستماع إلى مرافعات شفوية حول اتهام المنصة بتجاهل أعمال إرهاب (أ.ب)

كشفت جلسات استماع عقدتها المحكمة الأميركية العليا، هذا الأسبوع، عن انقسام بين قضاة المحكمة التسعة، المحافظين والليبراليين، في النظر بدعوى مرفوعة ضد «تويتر»، بتهمة غض الطرف عن منشورات تنظيم «داعش»، ما ساهم في الهجوم الإرهابي الذي وقع في ملهى ليلي بإسطنبول عام 2017. ونظر القضاة التسعة في شكوى قدمها أقارب نورس العساف، أحد ضحايا الهجوم، أردني الجنسية، حيث تقول عائلته إن «تويتر» شريك في هذا العمل الإرهابي، لفشله في إزالة تغريدات التنظيم، أو الكفّ عن التوصية بتلك التغريدات (عبر خوارزميات آلية).
وفي جلسة استماع عُقِدت، أول من أمس (الأربعاء)، بدا القضاة منقسمين حول كيفية الموازنة بين عدة عوامل قد تحدد مستوى المسؤولية القانونية على «تويتر» وتحليلها. وعبَّر القاضيان المحافظان، آمي باريت ونيل غورسوش، عن انفتاح أكبر على الحجج التي قدمها «تويتر»، بأنه ليس مسؤولاً، بموجب قانون مكافحة الإرهاب. وقال القاضي بريت كافانو، إنه «على سبيل المثال، أجرت محطة (سي إن إن)، في 1997، مقابلة مع أسامة بن لادن. وهي مقابلة مشهورة جداً. بحسب نظريتكم؛ هل يمكن محاكمة (سي إن إن) بتهمة التواطؤ في هجمات 11 سبتمبر؟».
وعلى النقيض من ذلك، بدا القضاة الليبراليون أكثر تشدداً وميلاً لتحميل «تويتر» مسؤولية أكبر بسبب استضافته محتوى «داعش». وقالت القاضية سونيا سوتومايور متوجهة إلى محامي الشبكة: «هناك اتهام بتجاهل متعمد (...). كنتم تعلمون أن تنظيم (داعش) يستخدم منصتكم». وقالت القاضية إيلينا كاغان: «لقد اعتدنا التفكير في البنوك على أنها تقدم خدمات مهمة جداً للإرهابيين». وأضافت: «ربما لم نعتَدْ، ولكن يبدو صحيحاً أن أنواعاً مختلفة من خدمات وسائل التواصل الاجتماعي تقدم أيضاً خدمات مهمة جداً للإرهابيين؛ إذا كنتَ تعلم أنك تقدم خدمة مهمة جداً للإرهابيين؛ فلماذا لا يُقال إنك تقدم مساعدة كبيرة، وتقوم بها عن علم؟».
وتواجه «تويتر» مع منافسيها، «غوغل» و«فيسبوك»، وغيرهما، دعاوى قضائية في قضايا مشابهة. وتؤكد المنصة من جانبها أن كونها خدمة يستخدمها عشرات الملايين من الناس في العالم لا يثبت أنها «تساعد عن علم» مجموعات إرهابية. وكانت جلسة بشأن قضية مماثلة عُقِدت الثلاثاء، حيث تتهم عائلة أحد ضحايا الهجمات الإرهابية في باريس، في 2015، «يوتيوب» (الذي تملكه «غوغل») بدعم نمو تنظيم «داعش» عبر اقتراح مقاطع فيديو للتنظيم على بعض المستخدمين.
ويكمن جوهر الشكويين في «المادة 230»، وهي عبارة عن قانون صدر في 1996، ويمنح حصانة قانونية للشركات الرقمية بالنسبة للمحتوى الذي يتم تحميله بواسطة مستخدمي الإنترنت على منصاتها. وعبَّر قضاة المحكمة العليا، الثلاثاء، عن شكوكهم في جدوى «المادة 230» اليوم، لكنهم امتنعوا عن محاولة التأثير على مصير قانون أصبح أساسياً للاقتصاد الرقمي. وكشفت المرافعات عن تردّد القضاة في إصدار هذا النوع من الحكم الشامل حول المسؤولية عن المحتوى الإرهابي على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يخشى البعض أن يقلب الإنترنت رأساً على عقب. وتدافع الشركات الكبرى في القطاع «بأن وضعها كمضيف، وليس كناشر، سمح (في رأيها) بعمل الإنترنت بالشكل الحالي».
وتحدثوا عن فرضيات عدة لتحديد كيف يمكن اعتبار أي منصة متواطئة في أعمال الإرهاب.
وتطالب أصوات عدة في «الكونغرس» الأميركي الحزبين الجمهوري والديمقراطي، بإصلاح «المادة 230»، لكن نظراً للاختلاف الكبير في وجهات النظر بين اليسار واليمين، لم تنجح الجهود التشريعية يوماً في تعديل النص.


مقالات ذات صلة

«رسائل سريّة» بين إدارة بايدن و«تحرير الشام»... بعلم فريق ترمب

الولايات المتحدة​ أحمد الشرع مجتمعاً مع رئيس حكومة تسيير الأعمال محمد الجلالي في أقصى اليسار ومحمد البشير المرشح لرئاسة «الانتقالية» في أقصى اليمين (تلغرام)

«رسائل سريّة» بين إدارة بايدن و«تحرير الشام»... بعلم فريق ترمب

وجهت الإدارة الأميركية رسائل سريّة الى المعارضة السورية، وسط تلميحات من واشنطن بأنها يمكن أن تعترف بحكومة سورية جديدة تنبذ الإرهاب وتحمي حقوق الأقليات والنساء.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا تدخل منبج (إعلام تركي)

عملية للمخابرات التركية في القامشلي... وتدخل أميركي لوقف نار في منبج

يبحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في تركيا الجمعة التطورات في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي مواطنون من عفرين نزحوا مرة أخرى من قرى تل رفعت ومخيمات الشهباء إلى مراكز إيواء في بلدة الطبقة التابعة لمحافظة الرقة (الشرق الأوسط)

ممثلة «مسد» في واشنطن: «هيئة تحرير الشام» «مختلفة» ولا تخضع لإملاءات تركيا

تقول سنام محمد، ممثلة مكتب مجلس سوريا الديمقراطي في واشنطن، بصفتنا أكراداً كنا أساسيين في سقوط نظام الأسد، لكن مرحلة ما بعد الأسد تطرح أسئلة.

إيلي يوسف (واشنطن)
المشرق العربي مقاتلون من المعارضة في حمص يتجمعون بعد أن أبلغت قيادة الجيش السوري الضباط يوم الأحد أن حكم بشار الأسد انتهى (رويترز)

«داعش» يعدم 54 عنصراً من القوات السورية أثناء فرارهم

أعدم تنظيم «داعش» 54 عنصراً من القوات الحكومية في أثناء فرارهم في بادية حمص وسط سوريا، تزامناً مع سقوط الرئيس بشار الأسد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي عنصر من المعارضة السورية المسلحة في حمص يحتفل بدخول العاصمة دمشق (إ.ب.أ)

الأردن ومخاوف من خلط أوراق المنطقة والخشية من فوضى سوريا

يبدي أمنيون أردنيون مخاوفهم من عودة الفوضى لمناطق سورية بعد الخروج المفاجئ للأسد إلى موسكو، وان احتمالات الفوضى ربما تكون واردة جراء التنازع المحتمل على السلطة.

محمد خير الرواشدة (عمّان)

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».