كشفت جلسات استماع عقدتها المحكمة الأميركية العليا، هذا الأسبوع، عن انقسام بين قضاة المحكمة التسعة، المحافظين والليبراليين، في النظر بدعوى مرفوعة ضد «تويتر»، بتهمة غض الطرف عن منشورات تنظيم «داعش»، ما ساهم في الهجوم الإرهابي الذي وقع في ملهى ليلي بإسطنبول عام 2017. ونظر القضاة التسعة في شكوى قدمها أقارب نورس العساف، أحد ضحايا الهجوم، أردني الجنسية، حيث تقول عائلته إن «تويتر» شريك في هذا العمل الإرهابي، لفشله في إزالة تغريدات التنظيم، أو الكفّ عن التوصية بتلك التغريدات (عبر خوارزميات آلية).
وفي جلسة استماع عُقِدت، أول من أمس (الأربعاء)، بدا القضاة منقسمين حول كيفية الموازنة بين عدة عوامل قد تحدد مستوى المسؤولية القانونية على «تويتر» وتحليلها. وعبَّر القاضيان المحافظان، آمي باريت ونيل غورسوش، عن انفتاح أكبر على الحجج التي قدمها «تويتر»، بأنه ليس مسؤولاً، بموجب قانون مكافحة الإرهاب. وقال القاضي بريت كافانو، إنه «على سبيل المثال، أجرت محطة (سي إن إن)، في 1997، مقابلة مع أسامة بن لادن. وهي مقابلة مشهورة جداً. بحسب نظريتكم؛ هل يمكن محاكمة (سي إن إن) بتهمة التواطؤ في هجمات 11 سبتمبر؟».
وعلى النقيض من ذلك، بدا القضاة الليبراليون أكثر تشدداً وميلاً لتحميل «تويتر» مسؤولية أكبر بسبب استضافته محتوى «داعش». وقالت القاضية سونيا سوتومايور متوجهة إلى محامي الشبكة: «هناك اتهام بتجاهل متعمد (...). كنتم تعلمون أن تنظيم (داعش) يستخدم منصتكم». وقالت القاضية إيلينا كاغان: «لقد اعتدنا التفكير في البنوك على أنها تقدم خدمات مهمة جداً للإرهابيين». وأضافت: «ربما لم نعتَدْ، ولكن يبدو صحيحاً أن أنواعاً مختلفة من خدمات وسائل التواصل الاجتماعي تقدم أيضاً خدمات مهمة جداً للإرهابيين؛ إذا كنتَ تعلم أنك تقدم خدمة مهمة جداً للإرهابيين؛ فلماذا لا يُقال إنك تقدم مساعدة كبيرة، وتقوم بها عن علم؟».
وتواجه «تويتر» مع منافسيها، «غوغل» و«فيسبوك»، وغيرهما، دعاوى قضائية في قضايا مشابهة. وتؤكد المنصة من جانبها أن كونها خدمة يستخدمها عشرات الملايين من الناس في العالم لا يثبت أنها «تساعد عن علم» مجموعات إرهابية. وكانت جلسة بشأن قضية مماثلة عُقِدت الثلاثاء، حيث تتهم عائلة أحد ضحايا الهجمات الإرهابية في باريس، في 2015، «يوتيوب» (الذي تملكه «غوغل») بدعم نمو تنظيم «داعش» عبر اقتراح مقاطع فيديو للتنظيم على بعض المستخدمين.
ويكمن جوهر الشكويين في «المادة 230»، وهي عبارة عن قانون صدر في 1996، ويمنح حصانة قانونية للشركات الرقمية بالنسبة للمحتوى الذي يتم تحميله بواسطة مستخدمي الإنترنت على منصاتها. وعبَّر قضاة المحكمة العليا، الثلاثاء، عن شكوكهم في جدوى «المادة 230» اليوم، لكنهم امتنعوا عن محاولة التأثير على مصير قانون أصبح أساسياً للاقتصاد الرقمي. وكشفت المرافعات عن تردّد القضاة في إصدار هذا النوع من الحكم الشامل حول المسؤولية عن المحتوى الإرهابي على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يخشى البعض أن يقلب الإنترنت رأساً على عقب. وتدافع الشركات الكبرى في القطاع «بأن وضعها كمضيف، وليس كناشر، سمح (في رأيها) بعمل الإنترنت بالشكل الحالي».
وتحدثوا عن فرضيات عدة لتحديد كيف يمكن اعتبار أي منصة متواطئة في أعمال الإرهاب.
وتطالب أصوات عدة في «الكونغرس» الأميركي الحزبين الجمهوري والديمقراطي، بإصلاح «المادة 230»، لكن نظراً للاختلاف الكبير في وجهات النظر بين اليسار واليمين، لم تنجح الجهود التشريعية يوماً في تعديل النص.
واشنطن: انقسام في المحكمة العليا حول تحميل «تويتر» مسؤولية الترويج لـ«داعش»
واشنطن: انقسام في المحكمة العليا حول تحميل «تويتر» مسؤولية الترويج لـ«داعش»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة