جنرالات إسرائيليون يحذرون من تبعات الحملة على الفلسطينيين

إعلان التأهب في البلدات الإسرائيلية يخلق هلعاً بين سكانها

شابان فلسطينيان أمام مركبة للجيش الإسرائيلي خلال مواجهات في نابلس الأربعاء (د.ب.أ)
شابان فلسطينيان أمام مركبة للجيش الإسرائيلي خلال مواجهات في نابلس الأربعاء (د.ب.أ)
TT

جنرالات إسرائيليون يحذرون من تبعات الحملة على الفلسطينيين

شابان فلسطينيان أمام مركبة للجيش الإسرائيلي خلال مواجهات في نابلس الأربعاء (د.ب.أ)
شابان فلسطينيان أمام مركبة للجيش الإسرائيلي خلال مواجهات في نابلس الأربعاء (د.ب.أ)

على الرغم من أن الجيش الإسرائيلي والمخابرات هما اللذان بادرا إلى الهجوم على البلدة القديمة في نابلس، والذي قتل فيه 11 فلسطينياً، بينهم مسنان وطفل، وأصيب أكثر من 100 شخص بينهم نساء وأطفال ومسنون وصحافيون ومسعفون، خرج جنرالات متقاعدون بتحذير من أن مثل هذه العمليات يتسبب في فلتان وفوضى عارمين في المناطق الفلسطينية، بما يخدم الحكام الجدد المتطرفين الذين يضعون أمامهم هدفاً هو تدمير آفاق حل الدولتين، وإسقاط السلطة الفلسطينية، غير أن قرار القيادات السياسية والأمنية رفع حالة التأهب تسبب في هلع ملموس في إسرائيل أيضاً.
وقال هؤلاء الجنرالات في تسريبات صحافية (الخميس)، إن العملية في نابلس والعملية الشبيهة التي نفذت في مخيم جنين في 26 من الشهر الماضي، وغيرهما من هجمات الجيش الإسرائيلي في قلب المدن الفلسطينية، تدل على أن «إسرائيل تستدرج تصعيداً واسعاً، بحجم انتفاضة جديدة، حتى لو لم تكن تقصد ذلك».
وكان الجيش الإسرائيلي قد داهم مدينة نابلس بدعوى «وصول فرصة نادرة لاعتقال ثلاثة من قادة (عرين الأسود) كانوا معاً في بيت في قلب البلدة القديمة». ومع أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كان قد اتفق مع الإدارة الأميركية على التقليل حتى أقصى حد من اقتحام المدن الفلسطينية، المفترض أنها مصنفة مناطق «أ»، وخاضعة للسلطة الفلسطينية إدارياً وأمنياً، وتخفيض العمليات الإسرائيلية عموماً ضد الفلسطينيين، فقد وافق على تنفيذ هذه العملية.
وتقول مصادر سياسية في تل أبيب، إن الجيش أراد بهذه العملية صد الاتهامات التي يوجهها إليه اليمين المتطرف، بأنه تخلى عن عقيدة القتال وعن عقيدة الإقدام والمبادرة للاشتباك مع العدو، ولم يعد يجرؤ على دخول مخيمات اللاجئين والبلدات الفلسطينية القديمة التي يتحصن فيها المسلحون الفلسطينيون. وفي معركته ضد اتهامات اليمين المتطرف التي تمس بهيبته أمام الجمهور، وجد من الضروري أن يظهر عضلاته؛ للقول إنه يستطيع دخول هذه المناطق في وضح النهار وينفذ عمليته من دون أن يصاب أي جندي إسرائيلي بخدش.
وهكذا، قتل في عملية جنين 9 فلسطينيين، وفي عملية نابلس 11 فلسطينياً، واضطر قادة اليمين إلى امتداح الجيش. لكن الفلسطينيين ينظرون إلى هذا الاستعراض على أنه ضعف؛ لأنه أثبت أولاً أن هناك اعترافاً إسرائيلياً بأنهم لم يقضوا على تنظيم «عرين الأسود»، على عكس الإعلان الإسرائيلي السابق، وثانياً أنه من أجل اعتقال أو تصفية 3 مسلحين من عرين الأسود، تم تطويق مدينة نابلس بقوات ضخمة دخلت البلدة القديمة بقوة قوامها 150 مقاتلاً من الوحدات النخبوية، محملة على نحو 20 مصفحة، ومدعومة من الجو بطائرات مسيرة متعددة الأهداف (رصد وتصوير وإطلاق الرصاص القاتل من الجو).
وقد جعل هذا الاستعراض العسكري المسلحين الفلسطينيين يتباهون أمام جمهورهم بأنهم يحاربون جيشاً ضخماً، خصوصاً أن الشرطة الإسرائيلية وسائر أجهزة الأمن أعلنت عن حالة تأهب قصوى، ونشرت قوات ضخمة في المدن الإسرائيلية، وعلى طول الحدود مع الضفة الغربية؛ تحسباً من تنفيذ عمليات انتقامية.
وحسب محلل الشؤون الفلسطينية في موقع «واي نت» التابع لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، آفي سخاروف، فإن عدد القتلى الفلسطينيين يذكّر بمن سقطوا في بداية الانتفاضة الثانية في العام 2000، وانتفاضة الحجارة في العام 1987. ولفت إلى أنه «لم يعد الحديث يدور عن مواجهات بين قوات الجيش الإسرائيلي ومسلحين معدودين. الجمهور الفلسطيني ينضم، بجماهيره أحياناً، إلى المواجهات ضد القوات الإسرائيلية. ورغم أننا لم نشهد خروج عشرات الألوف للتظاهر في الشوارع بعد عملية نابلس، فإنه بالإمكان القول بكل تأكيد إن الاتجاه واضح. فالتصعيد بات حاصلاً».
وانتقد المحلل العسكري في صحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، الخميس، عملية نابلس واعتبرها غير ضرورية بقوله: «هناك علامات استفهام كبيرة حول قرار قيادة المنطقة الوسطى في الجيش الإسرائيلي وفرقة يهودا والسامرة العسكرية، بإرسال قوة كبيرة إلى البلدة القديمة في نابلس في وضح النهار، بهدف اعتقال 3 مطلوبين فلسطينيين مسلحين».
وشكك هرئيل في ادعاءات الجيش بأنه نفذ العملية لأن الثلاثة كانوا «قنبلة موقوتة»، وقال إنها «مزاعم مبالغ فيها وكالعادة، لم تُرفق بالبيان تفاصيل أو إثباتات»، مضيفاً أن عمليات الجيش المتكررة في قلب المدن الفلسطينية تنتهي بشكل معروف بقتل عدد كبير من الفلسطينيين. لهذا تبرز الأسئلة: إلى أي مدى كانت عملية أمس ملحة بحيث حصلت على مصادقات من أعلى المستويات في إسرائيل؟ وتساءل إذا كان المسلحون يختبئون داخل نابلس وتوجد معلومات مخابراتية حول مكان وجودهم، ألم يكن بالإمكان إغلاق المنطقة واحتواؤها وانتظار حلول الليل الذي يعتبر أقل خطورة بقليل؟ وينهي هرئيل كلامه بالقول إنه ما دامت تعهدت إسرائيل قبل 3 أيام فقط أمام الولايات المتحدة، بأن تقلل دخول قواتها إلى المدن الفلسطينية كي تخفض التوتر، فلماذا تبادر الآن إلى عملية تدفع نحو توسيع الصدام؟
يذكر أن قرار القيادات السياسية والأمنية رفع حالة التأهب، تسبب في هلع ملموس في إسرائيل، فكل من يشتبه بشخص أنه فلسطيني، يطلق عليه الرصاص بسرعة، من دون التحقق من هويته وهدفه. وقد تم إطلاق الرصاص (الخميس) على امرأة فلسطينية في مستوطنة معاليه أدوميم. كما قام صاحب مقهى باستدعاء الشرطة عندما سمع اثنين يتكلمان بالعربية معتقداً بأنهما يتكلمان عن تفاصيل عملية.


مقالات ذات صلة

غانتس يؤيد صفقة مع نتنياهو تمنع حبسه وتضمن تخليه عن الحكم

شؤون إقليمية غانتس يؤيد صفقة مع نتنياهو تمنع حبسه وتضمن تخليه عن الحكم

غانتس يؤيد صفقة مع نتنياهو تمنع حبسه وتضمن تخليه عن الحكم

في اليوم الذي استأنف فيه المتظاهرون احتجاجهم على خطة الحكومة الإسرائيلية لتغيير منظومة الحكم والقضاء، بـ«يوم تشويش الحياة الرتيبة في الدولة»، فاجأ رئيس حزب «المعسكر الرسمي» وأقوى المرشحين لرئاسة الحكومة، بيني غانتس، الإسرائيليين، بإعلانه أنه يؤيد إبرام صفقة ادعاء تنهي محاكمة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بتهم الفساد، من دون الدخول إلى السجن بشرط أن يتخلى عن الحكم. وقال غانتس في تصريحات صحافية خلال المظاهرات، إن نتنياهو يعيش في ضائقة بسبب هذه المحاكمة، ويستخدم كل ما لديه من قوة وحلفاء وأدوات حكم لكي يحارب القضاء ويهدم منظومة الحكم. فإذا نجا من المحاكمة وتم تحييده، سوف تسقط هذه الخطة.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي هدوء في غزة بعد ليلة من القصف المتبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية

هدوء في غزة بعد ليلة من القصف المتبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية

سادَ هدوء حذِر قطاع غزة، صباح اليوم الأربعاء، بعد ليلة من القصف المتبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، على أثر وفاة المعتقل خضر عدنان، أمس، مُضرباً عن الطعام في السجون الإسرائيلية، وفقاً لوكالة «الأنباء الألمانية». وكانت وسائل إعلام فلسطينية قد أفادت، فجر اليوم، بأنه جرى التوصل لاتفاق على وقف إطلاق النار بين فصائل فلسطينية والجانب الإسرائيلي، وأنه دخل حيز التنفيذ. وقالت وكالة «معاً» للأنباء إن وقف إطلاق النار في قطاع غزة «مشروط بالتزام الاحتلال الإسرائيلي بعدم قصف أي مواقع أو أهداف في القطاع».

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية بعد 75 عاماً على قيامها... إسرائيل بين النجاح الاقتصادي والفروقات الاجتماعية الصارخة

بعد 75 عاماً على قيامها... إسرائيل بين النجاح الاقتصادي والفروقات الاجتماعية الصارخة

بعد مرور 75 عاماً على قيامها، أصبح اقتصاد إسرائيل واحداً من أكثر الاقتصادات ازدهاراً في العالم، وحقّقت شركاتها في مجالات مختلفة من بينها التكنولوجيا المتقدمة والزراعة وغيرها، نجاحاً هائلاً، ولكنها أيضاً توجد فيها فروقات اجتماعية صارخة. وتحتلّ إسرائيل التي توصف دائماً بأنها «دولة الشركات الناشئة» المركز الرابع عشر في تصنيف 2022 للبلدان وفقاً لنصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، متقدمةً على الاقتصادات الأوروبية الأربعة الأولى (ألمانيا والمملكة المتحدة وفرنسا وإيطاليا)، وفقاً لأرقام صادرة عن صندوق النقد الدولي. ولكن يقول جيل دارمون، رئيس منظمة «لاتيت» الإسرائيلية غير الربحية التي تسعى لمكافحة ا

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية مكارثي يتعهد دعوة نتنياهو إلى واشنطن في حال استمر تجاهل بايدن له

مكارثي يتعهد دعوة نتنياهو إلى واشنطن في حال استمر تجاهل بايدن له

أعلن رئيس مجلس النواب الأميركي، كيفين مكارثي، في تل أبيب، امتعاضه من تجاهل الرئيس الأميركي، جو بايدن، رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو وامتناعه عن دعوته للقيام بالزيارة التقليدية إلى واشنطن. وهدد قائلاً «إذا لم يدع نتنياهو إلى البيت الأبيض قريباً، فإنني سأدعوه إلى الكونغرس». وقال مكارثي، الذي يمثل الحزب الجمهوري، ويعدّ اليوم أحد أقوى الشخصيات في السياسة الأميركية «لا أعرف التوقيت الدقيق للزيارة، ولكن إذا حدث ذلك فسوف أدعوه للحضور ومقابلتي في مجلس النواب باحترام كبير. فأنا أرى في نتنياهو صديقاً عزيزاً.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية المواجهة في إسرائيل: شارع ضد شارع

المواجهة في إسرائيل: شارع ضد شارع

بدأت المواجهة المفتوحة في إسرائيل، بسبب خطة «التعديلات» القضائية لحكومة بنيامين نتنياهو، تأخذ طابع «شارع ضد شارع» بعد مظاهرة كبيرة نظمها اليمين، الخميس الماضي، دعماً لهذه الخطة، ما دفع المعارضة إلى إظهار عزمها الرد باحتجاجات واسعة النطاق مع برنامج عمل مستقبلي. وجاء في بيان لمعارضي التعديلات القضائية: «ابتداءً من يوم الأحد، مع انتهاء عطلة الكنيست، صوت واحد فقط يفصل إسرائيل عن أن تصبحَ ديكتاتورية قومية متطرفة.

«الشرق الأوسط» (رام الله)

جلسة انتخاب رئيس لبنان الـ14: سجالات دستورية وشتائم… واحتفالات في الخارج

جوزيف عون يصل إلى مبنى البرلمان في بيروت يوم انتخابه رئيساً للبلاد (رويترز)
جوزيف عون يصل إلى مبنى البرلمان في بيروت يوم انتخابه رئيساً للبلاد (رويترز)
TT

جلسة انتخاب رئيس لبنان الـ14: سجالات دستورية وشتائم… واحتفالات في الخارج

جوزيف عون يصل إلى مبنى البرلمان في بيروت يوم انتخابه رئيساً للبلاد (رويترز)
جوزيف عون يصل إلى مبنى البرلمان في بيروت يوم انتخابه رئيساً للبلاد (رويترز)

قبل انطلاق الجلسة الـ13 لانتخاب رئيس للجمهورية، كان القصر الرئاسي في بعبدا، يتهيّأ لاستقبال الرئيس جوزيف عون. ورشة العمل بدأت باكراً؛ السجاد الأحمر مُدّ عند مدخل القصر... نافورة المياه استعدت للعودة إلى العمل بعد توقف سنتين وشهرين و10 أيام من الفراغ الرئاسي... السيارات الرئاسية المركونة منذ أكثر من سنتين نُفض عنها الغبار... المصورون والصحافيون بدأوا التوافد منذ الصباح إلى القصر لتغطية «الحدث المنتظر»، بعدما كانت كل المعطيات قد أشارت إلى أن التوافق تم بين الأفرقاء، وأن «الثنائي الشيعي» («حزب الله» و«حركة أمل») سيتّجه إلى التصويت لمصلحة عون بعدما كانت معظم الكتل قد أعلنت تأييدها له.

المشهد السياسي، الذي كان واضحاً قبل ساعات من الموعد، تجلّى داخل قاعة البرلمان لدى افتتاح رئيس المجلس النيابي، نبيه بري، الجلسة عند الساعة الـ11 صباحاً. مداخلات النواب، التي تركّزت بشكل رئيسي على مقاربة تعديل الدستور لانتخاب عون، بين مؤيد لأسباب طارئة، ورافض له، تحوّلت إلى مشادة كلامية بين النائب سليم عون والنائبة بولا يعقوبيان على خلفية حديث الأخيرة «عمّن يرفضون اليوم تعديل الدستور لانتخاب عون، وهم سبق أن خالفوا الدستور مراراً»، في إشارة إلى «التيار الوطني الحر»، فما كان من عون إلا أن ردّ عليها، وتحول السجال إلى إهانات وسباب وجّهها نائب «التيار» إلى يعقوبيان التي ردّت عليه بدورها، ليتدخل النائب فراس حمدان ويتوجه إلى عون قائلاً: «اربط زندك»... ليرد عليه الأخير بتوصيف أثار استياء بري والنواب، وهنا حدث هرج ومرج داخل القاعة، لينهي بري السجال، ويطلب حذف كلام النواب من المحضر.

النواب اللبنانيون يتجمعون لانتخاب رئيس جديد في مبنى البرلمان وسط بيروت (أ.ب)

وفي إطار السجال الدستوري أيضاً، كان هناك حديث لرئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميل، الذي ذكّر بري بكلامه في جلسة سابقة عند سؤاله حول المادة الدستورية المرتبطة برفع جلسة الانتخاب من الدورة الأولى، وكانت إجابة بري آنذاك: «مَادّا إجْرَا من الشباك»، (تمد قدمها من النافذة) فقال الجميل لبري: «ونحن نسمع منكم ونحفظ»، فرد رئيس البرلمان عليه ضاحكاً: «منيحة منك». كذلك، وبعد رسالة وجّهها الجميل إلى «الثنائي الشيعي» قائلاً: «أقول لزملائي في (حزب الله) و(أمل) إن هذا البلد لنا جميعاً، ولن نقبل بأن يعيش أي لبناني ما عشناه من اضطهاد وتخوين وقتل على يد لبناني آخر، ويجب أن نبني هذا البلد يداً بيد»، كان هناك تعليق من النائب إلياس جرادي قال فيه: «موقف النائب سامي الجميّل خطاب قسم للرئيس المقبل عن كيفية التعاطي مع بعضنا في المرحلة المقبلة». وكان لافتاً ما تحدث عنه النائب أديب عبد المسيح، سائلاً: «من قال إن الرئيس يجب أن يكون مارونيا؟» (انطلاقاً من أن هذا الأمر بات عرفاً ولا ينص عليه الدستور) وهو ما لاقى تصفيقاً من بعض الحضور، ليرد عليه بري قائلاً: «كنا بمصيبة؛ لا نريد أن نصبح بمصيبتين».

ومع بدء التصويت، كان الترقّب سيد الموقف داخل القاعة، فقد جاءت النتيجة بحصول قائد الجيش العماد جوزيف عون على 71 صوتاً، وعمد بري إلى رفع الجلسة ساعتين إفساحاً في المجال أمام النقاش. وفيما كانت الساعتان مناسبتين لكتلتَي «حزب الله» و«حركة أمل» لمناقشة موقفهما مع قائد الجيش العماد جوزيف عون الذي حضر في هذا الوقت إلى البرلمان وسط إجراءات أمنية مشددة، سُجّل انتشار عسكري كبير؛ بينه عدد من الضباط في محيط وسط بيروت.

أما نواب المعارضة، فكانتا لبعضهم مناسبة للخروج وتناول طعام الغداء، قبل أن يعودوا عند الساعة الثانية للمشاركة في جلسة الحسم، وقد كان الجميع واثقاً بأنها ستكون الجلسة الأخيرة وأنها ستنتهي بانتخاب عون رئيساً.

هذا في بيروت، أما في بلدة العيشية، التي يتحدر منها عون بقضاء جزين في جنوب لبنان، فكان أبناؤها يتحضرون منذ الصباح الباكر للاحتفال للمرة الثانية بابنهم، بعدما كانوا قد احتفلوا به عام 2017 عند تعيينه قائداً للجيش. وكانت العيشية قد تزيّنت بالأعلام اللبنانية وصور عون، فيما كان الأهالي يتابعون الانتخابات عبر شاشة وُضعت داخل كنيسة البلدة مترقبين مسار الجلسة، قبل أن يحضروا الحلوى عند انتهاء الجلسة الأولى وانتشار المعلومات بأن العملية الانتخابية ستنتهي بانتخاب قائد الجيش.

وما إن انتهت الجلسة الثانية وأُعلن فوز عون، حتى أُطلقت المفرقعات النارية في سماء العاصمة بيروت، فيما أطلق أهالي العيشية العنان للموسيقى والرقص على وقع الأغاني الوطنية، ونُحرت الخراف في الساحة العامة للبلدة، آملين أن يكون الرئيس الجديد على قدر أحلامهم وأحلام أبناء بلدهم، وأن يتمكن من تنفيذ عهده في خطاب القسم بأن تبدأ مع ولايته مرحلة جديدة من تاريخ لبنان.