نواقص كثيرة في جبهة الحفاظ على اللغة العربية

يوسف إسكندر
يوسف إسكندر
TT

نواقص كثيرة في جبهة الحفاظ على اللغة العربية

يوسف إسكندر
يوسف إسكندر

تعدّ اللغة أعظم ملكة يتميز بها الجنس البشري على الإطلاق، فهي الآلة التي نفكر بوساطتها ونتذكر ونخزن معلوماتنا ونتاجنا الفكري والحضاري، حتى إنها تشكّل ببنيتها الوعاء الفكري والوجداني لمختلف الأمم، والحفاظ عليها يعني فيما يعنيه الحفاظ على الهوية القومية أو الوطنية للأمم المتنوعة. وليست بعيدة عن أنظارنا الحروب القائمة في عالمنا اليوم بأسباب ثقافية، تتمثل باللغة.
وطالما أن للغة أيّ لغةٍ هذه المكانة السامية، فينبغي تلمس الأسباب والعلل للحفاظ عليها وتوخي الحيطة والحذر من التفريط بها لصالح غيرها في مجتمع الحروب الثقافية واللغوية.
وفي عالم اليوم كما في عالم الأمس هنالك أسباب واضحة لانتصار لغة على أخرى، منها الهيمنة السياسية والاقتصادية، وكذلك القدرة والمرونة الثقافية والدينية والعلمية والحضارية، فضلاً عن الكثرة العددية.
وواقع حال اللغة العربية بين اللغات اليوم يتمثل بحسب أهم المراكز المعنية ethnologue.com في أنها تحتلُّ المركز الرابع بعد اللغات الماندرينية الصينية والإنجليزية والهندوستانية، ولا ريب أن هذا المركز البحثي العالمي المعني بمراقبة حركة اللغات وتصنيفها لحظة بلحظة، يضع معايير، منها عدد المتكلمين الوطنيين أو المحليين native speakers، فضلاً عن عدد العارفين بهذه اللغة أو تلك ممن لا يتكلمونها في حاجاتهم اليومية المحلية.
لا تعني هذا المنزلة المتقدمة للغة العربية أنها في حِلٍّ من المواجهة والضياع، بل تجعل منها في هذا الفضاء العولمي الكبير وشديد التعقيد محطّ صراع هوياتي وحضاري لا شكَّ فيه. ومما يؤسف له أن هنالك نواقص كثيرة في جبهة الحفاظ على اللغة العربية. منها قلة المراكز البحثية المعنية، ورداءة التعليم في المراحل جمعاء، فضلاً عن سياسة انفتاح في البلدان الناطقة باللغة العربية على لغات تمتلك رأسمالاً عولمياً كبيراً، وتقف الإنجليزية على رأس هذه اللغات.
وإذا ما عرفنا نواقص جبهة الدفاع عن حصن اللغة العربية، فينبغي البحث في الوسائل الكفيلة بتنميتها، ومنها...
1. وضع سياسات لغوية حاسوبية تكون البديل الطبيعي في بلداننا للبدائل اللغوية الأجنبية.
2. العمل على سياسة عامة في التربية والتعليم، تعتمد فلسفة التيسير اللغوي والنحوي والإفادة من معطيات الدرس اللساني الحديث في التحليل والتعليم.
3. فهم رأسمال اللغة العربية القائم على مسألتين مهمتين؛ أولاهما الدين الإسلامي، فالتعليم الديني والعبادات والمعاملات لجميع المسلمين تعتمد أساساً اللغة العربية، وهذا ما جعلها اللغة الدينية لجميع المسلمين. والمسألة الأخرى تتمثل بوضع اللغة العربية المهم جداً في الدراسات اللغوية الحامية - السامية، لأنها اللغة الأوسع والأشمل والأعظم تراثاً في هذه العائلة اللغوية.
- ناقد ورئيس قسم اللغة العربية في كلية الآداب جامعة بغداد


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

دراسة تربط الخيول بإمكانية ظهور وباء جديد... ما القصة؟

طفل يمتطي حصاناً في سوق الماشية بالسلفادور (رويترز)
طفل يمتطي حصاناً في سوق الماشية بالسلفادور (رويترز)
TT

دراسة تربط الخيول بإمكانية ظهور وباء جديد... ما القصة؟

طفل يمتطي حصاناً في سوق الماشية بالسلفادور (رويترز)
طفل يمتطي حصاناً في سوق الماشية بالسلفادور (رويترز)

كشف بحث جديد أنه يمكن لفيروس إنفلونزا الطيور أن يصيب الخيول دون أن يسبب أي أعراض، مما يثير المخاوف من أن الفيروس قد ينتشر دون أن يتم اكتشافه، وفقاً لشبكة «سكاي نيوز».

ويعتبر ذلك تطوراً آخراً في التهديد الناشئ لفيروس H5N1، الذي يُنظر إليه على نطاق واسع باعتباره السبب الأكثر ترجيحاً للوباء المقبل.

اكتشف علماء من جامعة غلاسكو في المملكة المتحدة أجساماً مضادة للفيروس في عينات دم مأخوذة من خيول تعيش في منغوليا.

وقال البروفسور بابلو مورسيا، الذي قاد البحث، لشبكة «سكاي نيوز» إن النتائج تشير إلى أن الخيول في جميع أنحاء العالم قد تكون عرضة للإصابة في المناطق التي يوجد بها إنفلونزا الطيور، وقد تنقل الفيروس إلى البشر.

وتابع: «من المهم للغاية، الآن بعد أن علمنا أن هذه العدوى يمكن أن تحدث في الطبيعة، أن نراقبها لاكتشافها بسرعة كبيرة... تعيش الخيول، مثل العديد من الحيوانات المستأنَسة الأخرى، على مقربة من البشر. وإذا استقر هذا الفيروس في الخيول، فإن احتمالية الإصابة البشرية تزداد».

ويعتقد الفريق في مركز أبحاث الفيروسات التابع لمجلس البحوث الطبية بجامعة غلاسكو أيضاً أن الخيول قد تكون وعاء خلط لسلالات جديدة من الإنفلونزا.

من المعروف بالفعل أن الخيول يمكن أن تصاب بإنفلونزا الخيول، التي يسببها فيروس H3N8. ولكن إذا أصيب الحصان في نفس الوقت بفيروس H5N1، فقد يتبادل الفيروسان المادة الوراثية ويتطوران بسرعة.

كان فيروس H5N1 موجوداً منذ عدة عقود، ويتسبب في تفشّي المرض بين الدواجن إلى حد كبير. ولكن في السنوات الأخيرة انتشر نوع جديد من الفيروس في جميع أنحاء العالم مع الطيور المهاجرة، وقفز مراراً وتكراراً بين الأنواع ليصيب الثدييات.

ينتشر الفيروس بين الأبقار في الولايات المتحدة؛ حيث أُصيب أكثر من 700 قطيع من الأبقار الحلوب في 15 ولاية، وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.

وقال الدكتور توليو دي أوليفيرا، مدير مركز الاستجابة للأوبئة والابتكار في جنوب أفريقيا، الذي اكتشف لأول مرة متحور «أوميكرون»، في جائحة «كوفيد - 19»، إنه يراقب الأحداث في أميركا بخوف.

وشرح لشبكة «سكاي نيوز»: «آخر شيء قد يحتاجون إليه في الوقت الحالي هو مسبِّب مرض آخر تطور وتحور... إذا أبقي فيروس H5N1 منتشراً لفترة طويلة عبر حيوانات مختلفة وفي البشر، فإنك تمنح الفرصة لحدوث ذلك. لا أحد يريد جائحة محتملة أخرى».