عمق زلزالان جديدان ضربا ولاية هاتاي في جنوب تركيا جراحاً لم تندمل بعد خلفها زلزالا 6 فبراير (شباط) اللذان ضربا 11 ولاية في جنوب وشرق وجنوب شرقي تركيا، إلى جانب مناطق في شمال سوريا.
زلزالان آخران، قالت السلطات إنهما «مستقلان»، هزا ولاية هاتاي التي كانت الأكثر تضرراً من الزلزالين السابقين اللذين جاء مركزيهما في بازاجيك وإلبيستان في كهرمان ماراش بقوة 7.7 و7.6 درجة بفاصل زمني 9 ساعات.
الزلزالان الجديدان وقع مركزاهما في بلدتي دفنة وصمان داغ في هاتاي، ليل الاثنين - الثلاثاء، بقوة 6.4 و5.8 درجة بفاصل زمني 3 دقائق فقط، في تمام الساعة الثامنة بالتوقيت المحلي، وخلّفا قتلى ومصابين. كما انهارت بسببهما بعض المباني التي سبق وتضررت بشدة في الزلزالين السابقين، ليعود الهلع والخوف يسيطران على مناطق الزلزال التي كانت بدأت فيها حركة نشطة لإزالة الأنقاض ومحاولات التطبيع مع نمط الحياة الجديد في مدن المخيمات والحاويات.
وأعلنت إدارة الكوارث والطوارئ التركية (أفاد)، في بيان الثلاثاء، تسجيل 90 هزة ارتدادية أشدها 5.8 درجات على مقياس ريختر عقب الزلزال الذي ضرب بلدة دفنة في هاتاي ليل الاثنين بقوة 6.4 درجة. ولفتت إلى إرسال 6 آلاف خيمة ليلاً إلى المنطقة من أجل إيواء المواطنين، مؤكدةً استمرار إرسال الخيام جواً وبراً.
وقالت وزارة الصحة، في بيان، إن 6 أشخاص فقدوا حياتهم وأصيب 294، بينهم 18 بحالة خطيرة.
وقال رئيس بلدية دفنة، إبراهيم جوزال: «نحن في وضع سيئ للغاية... فقد العديد من مواطنينا أرواحهم في زلزالي كهرمان ماراش في 6 فبراير الحالي. نتلقى الإخطارات ونرسلها إلى مكتب الوالي... ليس لديّ ما أقوله، لقد انتهينا».
من جانبه، أكد رئيس بلدية صامان داغ، رفيق إيرلماظ، انهيار عدد من المباني في البلدية، ووجه نداء عاجلاً لإرسال الخيام ومواد الإغاثة على نحو عاجل، حيث لا يزال هناك نقص شديد في الخيام. وأكد أن هناك حاجة إلى 15 ألف خيمة.
وجددت السلطات التركية تحذيراتها المشددة للمواطنين من دخول المباني في مناطق الزلزال، وبخاصة تلك المتضررة منها بزلزالي 6 فبراير.
وعبر عضو جمعية الجيوفيزيائيين في تركيا، أحمد أفجون أرجان، عن دهشته من وصف زلزالي هاتاي بالمستقلين، قائلاً إن «الحديث يطلق على عواهنه، كمهندس جيوفيزيائي، أنا مندهش كيف قرر نائب الرئيس (أوكطاي) أنهما زلزالان مستقلان، هذه هزة ارتدادية تتسبب في كسر الحزام الزلزالي... لا تتوقف تركيا عن اختراع العجائب».
وكتب العضو المؤسس لأكاديمية العلوم عالم الجيولوجيا ناجي غورور، أن الهزات المتكررة تؤثر على أنظمة الأعطال على الفالق الزلزالي في المنطقة التي وقع بها زلزالا 6 فبراير، ويمكن توقع حدوث زلازل جديدة، فلا تخافوا، فالزلزال حقيقة سيستمر، ويجب أن تكون أجندتنا هي إقامة مناطق سكنية آمنة، ويجب أن نطالب بإقامة مدن مقاومة للزلازل».
وفي عودة إلى زلزالي 6 فبراير، أعلنت رئاسة إدارة الكوارث والطوارئ، أمس الثلاثاء، ارتفاع حصيلة القتلى إلى 42 ألفاً و310 أشخاص، مشيرة إلى أن 7 آلاف و184 هزة ارتدادية وقعت عقب الزلزالين. وتضررت 11 ولاية تركية من الزلزال، هي كهرمان ماراش، غازي عنتاب، شانلي أورفا، ديار بكر، أضنة، أديامان، عثمانية، هاتاي، كليس، مالاطيا وإلازيغ، الواقعة في جنوب وشرق وجنوب شرقي تركيا، إلى جانب مناطق في شمال سوريا. وقد تضرر أكثر من 13 مليون شخص.
وأضافت الإدارة، في بيان، أن فرق الإغاثة قامت بنشر 301 ألف و289 خيمة، وتركيب 6 آلاف و375 حاوية تم إرسالها من قبل الوزارات والمؤسسات ذات الصلة ودول أخرى ومنظمات دولية. وأشارت إلى أن إجمالي 14740 من أفراد البحث والإنقاذ والإغاثة المحليين والدوليين يعملون حالياً في الميدان، وتم تخصيص 4 مراكز خدمة اجتماعية متنقلة لجهود الدعم النفسي في حالات الكوارث في كهرمان ماراش وهاتاي وعثمانية ومالاطيا، وتلقى 698 ألفا و244 شخصا دعما نفسيا، منهم 497 ألفا و93 شخصاً في منطقة الزلزال و201 ألف و151 شخصاً خارجها.
في الوقت ذاته، قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إن 865 ألف مواطن باتوا يعيشون في خيام بسبب الزلزال.
وواصل إردوغان لليوم الثاني على التوالي جولته في الولايات المنكوبة رفقة حليفه في «تحالف الشعب» رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي، حيث زارا عثمانية (مسقط رأس بهشلي) وغازي عنتاب، وقال، في تصريحات في عثمانية، إنه تم فحص مليون و123 ألف مبنى بمنطقة الزلزال، واتضح وجود 458 ألف وحدة سكنية داخل 139 ألف مبنى منهار أو أصابها ضرر جسيم بحاجة للهدم الفوري.
وقال إردوغان إن الحكومة ستعمل على إحياء القرى في مناطق الزلزال، مثل مراكز المدن في غضون عام، مؤكداً أنه سيتم بناء 70 ألف منزل ريفي في المحافظات المتضررة وتسليمها لأصحابها.
وخلال تصريحات أدلى بها في مدينة الحاويات، التي أقيمت في بلدة نورداغي في غازي عنتاب التي أصابها ضرر شديد للغاية، قال إن المنازل التي ستبنى في منطقة الزلزال في الأشهر المقبلة ستحدد بناء على ضوء التقييمات والدراسات الجارية في منطقة الزلزال بأكملها. وأضاف: «سنجعل غازي عنتاب تقف مرة أخرى، وستكون أقوى من خلال الحفاظ على هويتها التاريخية وبنيتها الديمغرافية».
وشن إردوغان هجوماً حاداً على زعيم المعارضة التركي كمال كليتشدار أوغلو، وقادة أحزاب المعارضة المنضوين تحت «طاولة الستة»، قائلاً: «يدعي (كليتشدار) أن الهلال الأحمر تأخر في تقديم المساعدات، نحن وتحالف الشعب هنا، ونقدم كل الخدمات. وأطالب المواطنين بعدم الاستماع إلى أعداء الشعب». ووصف كليتشدار أوغلو ومن حوله، بأنهم «عديمو الشرف والأخلاق والحيثية».
من جانبه، علق كليتشدار أوغلو عبر حسابه في «تويتر»، مخاطباً إردوغان: «توقف عن الاستعراض والتباهي، الناس الذين ماتوا وأصيبوا في زلزال هاتاي مساء الاثنين أجبروا على العودة إلى المنازل التي قالت حكومتك إنها ذات أضرار بسيطة بسبب البرد، فأين هي المساعدات التي تصل إلى الناس؟».
وأضاف: «إن معظم ضحايا زلزال هاتاي، من الأشخاص الذين اضطروا إلى دخول المباني التي صنفت على أنها ذات أضرار طفيفة، لأنهم لم يتمكنوا من العثور على خيمة في هاتاي».
وتابع: «إنهم غير أكفاء ويهددون الشعب، لأننا نحتفظ بالدفاتر ونقوم بتدوين الملاحظات... توقف (إردوغان) عن التباهي، لا يمكنك إحضار الخيام والحاويات والمراحيض المتنقلة لضحايا الزلزال على مدى الأسبوعين الماضيين، لذلك اضطر الناس إلى العودة لمنازلهم التي قلتم إن بها أضراراً طفيفة بسبب البرد».
إلى ذلك، أعلنت مصر، مساء الاثنين، إرسال قافلة مساعدات لإغاثة المتضررين من الزلزال في تركيا وسوريا، في إطار «دعم وتضامن الشعب المصري مع أبناء شعبي سوريا وتركيا؛ تنفيذاً لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي». وغادرت سفينة إمداد مصرية من ميناء العريش متجهة إلى سوريا وتركيا محملة بمئات الأطنان من المساعدات الإغاثية، تتضمن كميات كبيرة من الخيام والبطاطين والمواد الغذائية والأدوية والمستلزمات الطبية، مقدمة من وزارتي الدفاع والتضامن الاجتماعي والأزهر الشريف وجمعية الهلال الأحمر وصندوق «تحيا مصر»؛ للمساهمة في تخفيف الآثار الناجمة عن الزلزال المدمر في البلدين.
ثورة زلزالي هاتاي تعمق جراح تركيا بعد كارثة 6 فبراير
6 قتلى وعشرات المصابين... وتراشق بين إردوغان والمعارضة
ثورة زلزالي هاتاي تعمق جراح تركيا بعد كارثة 6 فبراير
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة