بكين «قلقة للغاية» من «فقدان السيطرة» إزاء تصعيد محتمل للحرب

وانغ يي يزور موسكو حالياً (أ.ب)
وانغ يي يزور موسكو حالياً (أ.ب)
TT

بكين «قلقة للغاية» من «فقدان السيطرة» إزاء تصعيد محتمل للحرب

وانغ يي يزور موسكو حالياً (أ.ب)
وانغ يي يزور موسكو حالياً (أ.ب)

قالت بكين إنها «قلقة للغاية» من الحرب الدائرة في أوكرانيا وإمكانية أن «تتفاقم، بل تخرج عن السيطرة»، فيما عبّر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) ينس ستولتنبرغ، الثلاثاء، عن قلقه من احتمال إمداد الصين روسيا بأسلحة تحتاج إليها موسكو بسبب النقص الذي تواجهه ونكساتها المتتالية ميدانياً، مكرراً بذلك الاتهامات الأميركية لروسيا. وقال ستولتنبرغ: «إن الرئيس (فلاديمير) بوتين هو من بدأ حرب الغزو الإمبريالية هذه. إن بوتين هو من يستمر في تصعيد الحرب... ويتزايد قلقنا أيضاً من احتمال أن تكون الصين تخطط لتقديم دعم فتاك للحرب الروسية».
وردّت موسكو على هذه الاتهامات باستدعاء وزارة الخارجية الروسية، الثلاثاء، السفيرة الأميركية لدى موسكو، لين ترايسي، لتسليمها طلباً للولايات المتحدة بسحب «جنود وعتاد» حلف شمال الأطلسي في أوكرانيا، في إشارة إلى المساعدة العسكرية التي تتلقاها كييف من الدول الغربية. وقالت وزارة الخارجية الروسية، في بيان: «لوحظ بشكل خاص أنه من أجل تهدئة الوضع، يتعين على واشنطن اتخاذ خطوات نحو سحب قواتها وعتادها، التابع للتكتل العسكري الغربي، ووقف أنشطتها المعادية لروسيا».
وبدوره، تعهد رئيس الإدارة الرئاسية الأوكرانية، أندري ييرماك، الثلاثاء، بأن تقوم أوكرانيا بـ«طرد ومعاقبة» روسيا، بعد خطاب ألقاه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو للأمّة. وقال ييرماك، في رسالة عبر «تلغرام»: «باختصار، (الروس) في مأزق استراتيجي. مهمّتنا هي طردهم من أوكرانيا ومعاقبتهم على كلّ شيء».
وقال وزير الخارجية الصيني، تشين غانغ في بكين، أمس (الثلاثاء)، خلال تقديمه ورقة تفاهم حول «مبادرة الأمن العالمي»، التي أعلنها الرئيس الصيني وزعيم الحزب شي جينبينغ، إن «الصين قلقة للغاية من تصعيد الصراع، حتى فقدان السيطرة». وأضاف خلال مؤتمر في بكين: «سنواصل تعزيز حوار السلام (...) وسنعمل مع المجتمع الدولي من أجل تعزيز الحوار والتشاور، ومعالجة مخاوف كلّ الأطراف، والسعي لتحقيق الأمن المشترك».
ويأتي تصريح الوزير الصيني غداة نفي بلاده الاتّهامات التي وجّهها إليها وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، ومفادها أنّ بكين تفكّر في تزويد روسيا بأسلحة لمساعدتها في غزوها لجارتها أوكرانيا. وقال بلينكن، الإثنين، إن «تقديم دعم فتاك لروسيا لمساعدتها في حربها العدوانية في أوكرانيا ستترتب عليه عواقب حقيقية على علاقاتنا مع الصين... وسيطرح هذا مشكلة حقيقية للصين في علاقاتها مع كثير من الدول الأخرى، وليس الولايات المتحدة فقط».
وإثر تصريح بلينكن، حذّر مسؤول السياسة الخارجية في الاتّحاد الأوروبي جوزيب بوريل من أنّ إقدام الصين على خطوة كهذه «سيشكّل بالنسبة لنا خطأ أحمر» في العلاقة بين بروكسل وبكين. وأضاف وزير الخارجية الصيني: «ندعو الدول المعنية إلى التوقّف في أسرع وقت ممكن عن صبّ الزيت على النار، وإلى التوقّف عن إلقاء اللوم على الصين».
وقبيل أيام من دخول الحرب عامها الثاني، قالت الصين السبت إنّها ستعرض هذا الأسبوع مقترحاً للتوصّل إلى «حلّ سياسي» للأزمة الأوكرانية. ومع ذلك، لم يتعرض الوزير الصيني لروسيا بالنقد. وقال تشين إن الصين ملتزمة بمحادثات السلام والحوار لمراعاة مصالح جميع الدول والسعي لتحقيق الأمن المشترك.
ورفض تشين المخاوف الدولية المتزايدة من أن الصين، مثل روسيا في أوكرانيا، قد تغزو تايوان، التي تعتبرها بكين جزءاً من جمهورية الصين الشعبية، في حين أن الجزيرة الديمقراطية المتمتعة بالحكم الذاتي تعمل منذ فترة طويلة كدولة مستقلة بحكم الأمر الواقع. وتعتزم الصين الإعلان عن مبادرتها للسلام في الذكرى الأولى للاجتياح الروسي يوم الجمعة المقبل.
وقال المتحدث باسم الخارجية الصينية، وانغ وين بين، إن «ورقة الموقف» بشأن تسوية الأزمة الأوكرانية ستكون حول احترام السيادة ووحدة الأراضي، وأساسيات ميثاق الأمم المتحدة، ومراعاة المصالح الأمنية المشروعة لجميع الدول، ودعم جميع الجهود المبذولة للتوصل لحل سلمي. وأضاف المتحدث أن المعلومات المعنية ستعلن «في الوقت المناسب». وذكرت مصادر روسية أن وانغ يي، كبير مسؤولي السياسة الخارجية في الصين، لا يزال في زيارة لموسكو تستمر حتى يوم الأربعاء، ومن المقرر أن يلتقي بالرئيس فلاديمير بوتين.
وقوبل إعلان الصين بحالة من الشكوك على المستوى الدولي، لأن القيادة الشيوعية في بكين تدعم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وتعارض الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي «الناتو». وقامت المتحدثة باسم الخارجية الصينية، ماو نينغ، مؤخراً بتلخيص الموقف الصيني، وذكرت أن «الولايات المتحدة هي التي أشعلت الأزمة الأوكرانية». وقالت نينغ إن أميركا هي أيضاً «العامل الأكبر في تأجيج الأزمة».
ويسعى الرئيس شي، من خلال مبادرة الأمن العالمي، التي تم تقديمها في وقت سابق، إلى تبني «رؤية جديدة للأمن المشترك والشامل والتعاوني والمستدام» في العالم. وإلى جانب احترام السيادة والسلامة الإقليمية، تتمحور المبادرة حول الأمن التعاوني والمستدام و«غير القابل للتجزئة»، والامتثال لميثاق الأمم المتحدة، ومراعاة «المخاوف الأمنية المشروعة والمعقولة لجميع البلدان»، والحل السلمي للنزاعات من خلال الحوار والمفاوضات.
وتشكل الحرب في أوكرانيا ملفاً حساساً بالنسبة لبكين التي تقيم علاقات دبلوماسية واقتصادية قوية منذ سنوات عديدة مع موسكو، تعززها المصلحة المشتركة المتمثلة في موازنة القوى مع واشنطن.
وتنظر بكين بحذر لعمليات تزويد أوكرانيا بالأسلحة. ودعا تشين «الدول المعنية» إلى «التوقّف عن إثارة الضجيج بصياحها؛ اليوم أوكرانيا، وغداً تايوان»، في ردّه على المخاوف من غزو عسكري صيني محتمل للجزيرة البالغ عدد سكانها 23 مليون نسمة. وتابع: «الضغوط ومحاولات احتواء الصين الآتية من الخارج، تصبح قوية أكثر فأكثر... وتشكل تهديداً جدياً لسيادة الصين وأمنها». وأكد أن «الصين لا تزال ملتزمة بمسار التنمية السلمية. لم تشرع قط في نزاع أو حرب، ولم تغزُ شبراً واحداً من أرض بلد آخر».
ووصل كبير الدبلوماسيين الصينيين وانغ يي إلى روسيا، في آخر محطة له خلال جولة أوروبية، شملت فرنسا وإيطاليا والمجر وألمانيا. وأعلن الكرملين، الإثنين، أن وانغ قد يلتقي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال زيارته، وفق ما أفادت وكالة أنباء «تاس» الروسية. وتتزايد الضغوط الغربية على الصين التي لم تدعم يوماً الهجوم الروسي، كما أنها لم تنتقده أبداً، لكنّها أبدت مرات عديدة دعمها لموسكو في مواجهة العقوبات الغربية.


مقالات ذات صلة

زيلينسكي يطلب مساعدة الرئيس الصيني لإعادة أطفال أوكرانيين من روسيا

العالم زيلينسكي يطلب مساعدة الرئيس الصيني لإعادة أطفال أوكرانيين من روسيا

زيلينسكي يطلب مساعدة الرئيس الصيني لإعادة أطفال أوكرانيين من روسيا

أدلى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بمزيد من التصريحات بشأن مكالمة هاتفية جرت أخيراً مع الرئيس الصيني شي جينبينغ، في أول محادثة مباشرة بين الزعيمين منذ الغزو الروسي لأوكرانيا. وقال زيلينسكي في كييف، الجمعة، بعد يومين من الاتصال الهاتفي، إنه خلال المكالمة، تحدث هو وشي عن سلامة الأراضي الأوكرانية ووحدتها «بما في ذلك شبه جزيرة القرم (التي ضمتها روسيا على البحر الأسود)» وميثاق الأمم المتحدة.

«الشرق الأوسط» (كييف)
العالم الصين ترفض اتهامها بتهديد هوية «التيبتيين»

الصين ترفض اتهامها بتهديد هوية «التيبتيين»

تبرأت الصين، اليوم (الجمعة)، من اتهامات وجهها خبراء من الأمم المتحدة بإجبارها مئات الآلاف من التيبتيين على الالتحاق ببرامج «للتدريب المهني» تهدد هويتهم، ويمكن أن تؤدي إلى العمل القسري. وقال خبراء في بيان (الخميس)، إن «مئات الآلاف من التيبتيين تم تحويلهم من حياتهم الريفية التقليدية إلى وظائف تتطلب مهارات منخفضة وذات أجر منخفض منذ عام 2015، في إطار برنامج وُصف بأنه طوعي، لكن مشاركتهم قسرية». واكدت بكين أن «التيبت تتمتع بالاستقرار الاجتماعي والتنمية الاقتصادية والوحدة العرقية وموحّدة دينياً ويعيش الناس (هناك) ويعملون في سلام». وأضافت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ، أن «المخاوف المز

«الشرق الأوسط» (بكين)
العالم البرلمان الياباني يوافق على اتفاقيتي التعاون الدفاعي مع أستراليا وبريطانيا

البرلمان الياباني يوافق على اتفاقيتي التعاون الدفاعي مع أستراليا وبريطانيا

وافق البرلمان الياباني (دايت)، اليوم (الجمعة)، على اتفاقيتين للتعاون الدفاعي مع أستراليا وبريطانيا، ما يمهّد الطريق أمام سريان مفعولهما بمجرد أن تستكمل كانبيرا ولندن إجراءات الموافقة عليهما، وفق وكالة الأنباء الألمانية. وفي مسعى مستتر للتصدي للصعود العسكري للصين وموقفها العدائي في منطقة المحيطين الهادئ والهندي، سوف تجعل الاتفاقيتان لندن وكانبيرا أول وثاني شريكين لطوكيو في اتفاق الوصول المتبادل، بحسب وكالة كيودو اليابانية للأنباء. ووافق مجلس المستشارين الياباني (مجلس الشيوخ) على الاتفاقيتين التي تحدد قواعد نقل الأفراد والأسلحة والإمدادات بعدما أعطى مجلس النواب الضوء الأخضر لها في وقت سابق العام

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
يوميات الشرق الصين تُدخل «الحرب على كورونا» في كتب التاريخ بالمدارس

الصين تُدخل «الحرب على كورونا» في كتب التاريخ بالمدارس

أثار كتاب التاريخ لتلاميذ المدارس الصينيين الذي يذكر استجابة البلاد لوباء «كورونا» لأول مرة نقاشاً على الإنترنت، وفقاً لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي). يتساءل البعض عما إذا كان الوصف ضمن الكتاب الذي يتناول محاربة البلاد للفيروس صحيحاً وموضوعياً. أعلن قادة الحزب الشيوعي الصيني «انتصاراً حاسماً» على الفيروس في وقت سابق من هذا العام. كما اتُهمت الدولة بعدم الشفافية في مشاركة بيانات فيروس «كورونا». بدأ مقطع فيديو قصير يُظهر فقرة من كتاب التاريخ المدرسي لطلاب الصف الثامن على «دويين»، النسخة المحلية الصينية من «تيك توك»، ينتشر منذ يوم الأربعاء. تم تحميله بواسطة مستخدم يبدو أنه مدرس تاريخ، ويوضح

«الشرق الأوسط» (بكين)
العالم تقرير: القوات البحرية الأوروبية تحجم عن عبور مضيق تايوان

تقرير: القوات البحرية الأوروبية تحجم عن عبور مضيق تايوان

شجّع مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، (الأحد) أساطيل الاتحاد الأوروبي على «القيام بدوريات» في المضيق الذي يفصل تايوان عن الصين. في أوروبا، تغامر فقط البحرية الفرنسية والبحرية الملكية بعبور المضيق بانتظام، بينما تحجم الدول الأوروبية الأخرى عن ذلك، وفق تقرير نشرته أمس (الخميس) صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية. ففي مقال له نُشر في صحيفة «لوجورنال دو ديمانش» الفرنسية، حث رئيس دبلوماسية الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، أوروبا على أن تكون أكثر «حضوراً في هذا الملف الذي يهمنا على الأصعدة الاقتصادية والتجارية والتكنولوجية».

«الشرق الأوسط» (بيروت)

روسيا وأوكرانيا تعيدان أطفالاً إلى عائلاتهم بعد وساطة قطرية

أم أوكرانية تعانق ابنها بعد عودته من روسيا إلى أوكرانيا... الصورة في كييف 8 أبريل 2023 (رويترز)
أم أوكرانية تعانق ابنها بعد عودته من روسيا إلى أوكرانيا... الصورة في كييف 8 أبريل 2023 (رويترز)
TT

روسيا وأوكرانيا تعيدان أطفالاً إلى عائلاتهم بعد وساطة قطرية

أم أوكرانية تعانق ابنها بعد عودته من روسيا إلى أوكرانيا... الصورة في كييف 8 أبريل 2023 (رويترز)
أم أوكرانية تعانق ابنها بعد عودته من روسيا إلى أوكرانيا... الصورة في كييف 8 أبريل 2023 (رويترز)

قال مسؤول روسي كبير إن روسيا وأوكرانيا اتفقتا على تبادل 9 أطفال ولمّ شملهم مع أسرهم في أحدث عملية تبادل إنساني بين الدولتين المتحاربتين.

واضطلعت قطر بدور الوساطة مرات عدة بين روسيا وأوكرانيا منذ بداية الحرب في فبراير (شباط) 2022.

وقالت مفوضة حقوق الأطفال في روسيا ماريا لفوفا بيلوفا، اليوم (الخميس)، إن 6 أطفال ذكور وفتاة أعمارهم بين 6 و16 عاماً أعيدوا إلى أقاربهم في أوكرانيا، وفق ما نقلته وكالة «رويترز» للأنباء.

وأضافت: «معظم الأطفال كانوا يعيشون في روسيا مع أقارب مقربين لهم، جداتهم بشكل أساسي. وكان أحد الصبية (16 عاماً) يعيش دون رعاية من أبويه منذ ولادته، في دار أيتام أليشكنسكي حيث كان شقيقه مسؤولاً عن حضانته».

وتابعت المفوضة أن الوساطة القطرية مكّنت أيضاً من إعادة صبيين روسيين يبلغان من العمر 7 و9 سنوات من أوكرانيا.

وتقول أوكرانيا إن ما يقرب من 20 ألف طفل نُقلوا إلى روسيا أو الأراضي التي احتلتها موسكو دون موافقة أسرهم أو الأوصياء منذ اندلاع الحرب، ووصفت ذلك بأنه عمليات خطف وجريمة حرب بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لمنع الإبادة الجماعية.

وتقول موسكو إنها توفر حماية للأطفال المعرضين للخطر في منطقة الحرب.

وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية في مارس (آذار) 2023 مذكرتي اعتقال بحق ماريا لفوفا بيلوفا والرئيس الروسي فلاديمير بوتين فيما يتعلق بخطف أطفال أوكرانيين. وندّدت روسيا بالخطوة ووصفتها بأنها «شائنة وغير مقبولة».