تيهنا الحضاري هو ما يربك «العربية» ويفقدها حيويتها

تيهنا الحضاري هو ما يربك «العربية» ويفقدها حيويتها
TT

تيهنا الحضاري هو ما يربك «العربية» ويفقدها حيويتها

تيهنا الحضاري هو ما يربك «العربية» ويفقدها حيويتها

من منظور الفكر اللساني الحديث؛ المشهد اللغوي العربي الراهن طبيعي في ضوء «الازدواجيّة اللغويّة» والوضع الثقافي العام في زمن العولمة وهيمنة اللغة الإنجليزية فيه؛ مما يدخل «الثنائيّة اللغويّة» في أزمة العربية كبعدٍ آخر في جدليّة إضافية. رغم أن الفصحى تتعرض لبعض أسباب موت اللغات، مثل فقدان الحيوية ومحدودية الاستعمال، فإنها تشارك «المعاصرة (المعيارية الحديثة)» اتساع الفجوة بينهما من جهة؛ وبين لغات الحضارة المعاصرة من جهة أخرى، وكذلك بينها وبين «لغات» المجتمعات العربية مختلفة «اللهجات».
أزمة اللغة العربية ليست في ازدواجيتها (فصحى وعاميّة)؛ عاشت العربية بها في الجاهلية والإسلام، ومع بداية عصر النهضة العربية تطور مستوى ثالث؛ «اللغة الثالثة»؛ وتعرف بـ«العربية المعيارية الحديثة»، و«العربية المعاصرة»، و«العربية الوسطى»، فصارت هي لغة التعليم والمتعلمين والإعلام والمثقفين والسياسة وبيانات الحكومات، وأصبحت لغة الكتابة، مع احتفاظ الفصحى بخصائصها ومجالاتها، كلغة القرآن الكريم والكتب التراثية، في حين بقيت اللهجات («لغات الأم»)، لسان غير المتعلمين، وفي التواصل العفوي - غير الرسمي - وفي المناسبات الاجتماعية الشعبية.
تيهنا الحضاري هو ما يربك العربية ويفقدها حيويتها.
فحين تنتج الأمة فكراً وعلماً وصناعة وتُسمِّي «المنتجات» بلغتها، تعانق تلك اللغة السماء وتفرض وجودها في الآفاق، كاسرة القيود والأغلال، حينها الحضارة «تغرد عربي» و«تُقَوقِل» مع الألسن الأخرى.
رغم ضرورة التخطيط اللغوي العلمي (أي البحث عن الوسائل الضرورية لتطبيق سياسة لغوية) لوضع لغوي عربي أفضل، فإنه يمكن لأهل الثقافة والمؤسسات الثقافية أن يساهموا بأمور كثيرة؛ منها:
أولاً: نشر الوعي اللغوي عن طريق القيام بأنشطة ثقافية تتناول قضايا «لغثقافيَّة»:
(1) مثل «الازدواجية اللغوية» و«الثنائية اللغوية»؛ ففي الظاهرتين جوانب إيجابيّة كما لهما سلبيات.
(2) العصبية اللغوية والأساطير التي تعوق فهم اللغة وتحمل مسؤوليتها.
ثانيّاً: المساهمة في تقليل الفجوة بين اللغة العامية (الفصيحة) واللغة الخاصة (اللهجات)، مع الحد من طغيان إحداهما على الأخرى، بنشر «اللغة الوسطى» عبر الوسائل والقنوات المختلفة، مما يساعد على تقبل وفهم الفصيح والتماهي مع الفصحى بصورة عصرية فاعلة. إحدى طرق هذه المساهمة نشر ثقافة «العربية فقط»، أو «إلا العربية»، وذلك بحثّ المتحدثين العرب على استخدام اللغة العربية في المؤتمرات والاجتماعات الرسميّة وغير الرسميّة التي تُعقد في الوطن العربي وخارجه، دون استثناء لنوع المؤتمر أو موضوعه. هذا ليس من أجل إعزاز اللغة العربية فقط؛ بل الثقافة العربية والهوية العربية أيضاً.
* أستاذ اللغويات التطبيقية بجامعة الملك فيصل سابقاً


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

«بيلبورد عربية» تحتفي بنخبة من الفنانين العرب وبإبداعاتهم الموسيقية

جائزة الإنجاز مدى الحياة لأمير الطرب عبد المجيد عبد الله (بيلبورد العربية)
جائزة الإنجاز مدى الحياة لأمير الطرب عبد المجيد عبد الله (بيلبورد العربية)
TT

«بيلبورد عربية» تحتفي بنخبة من الفنانين العرب وبإبداعاتهم الموسيقية

جائزة الإنجاز مدى الحياة لأمير الطرب عبد المجيد عبد الله (بيلبورد العربية)
جائزة الإنجاز مدى الحياة لأمير الطرب عبد المجيد عبد الله (بيلبورد العربية)

توّج حفل توزيع جوائز بيلبورد عربية للموسيقى بنسخته الأولى، الأربعاء، نخبة من الفنانين العرب المبدعين، واحتفى بأعمالهم الفنية التي تلقّاها الجمهور باستحسان كبير.

الحفل الذي أقيم في مركز الملك فهد الثقافي بمدينة الرياض، أحياه مجموعة من الفنانين، منهم أحمد سعد، وتامر عاشور، والشامي، وإليانا، وإليسا، وعايض، وفرقة ميامي، وأميمة طالب، وديستانكت، وتوو ليت، وقدموا عروضاً حية على المسرح، خلال فقرات حفل توزيع الجوائز.

وشملت الجوائز مجموعة واسعة من الفئات، ‏وجاءت جائزة أفضل فنانة عن فئة الأغنية الخليجية من نصيب الفنانة أميمة طالب، وحقق الفنان مسلم فوزاً مستحقاً بجائزة أفضل فنان في فئة الإندي، بعد أن حضر عدد من أغانيه، لأسابيع طويلة، هذا العام، على قوائم بيلبورد عربية المختلفة.

وفازت أغنية «سبب فرحتي» بجائزة دويتو العام، بعد صدورها في يوم عيد الحب الماضي، ليتقاسم النجمان أصالة وأحمد سعد جائزة عن أغنيتهما المشتركة.

ونال إسلام كابونجا جائزة أفضل مهرجان لعام 2024 عن مهرجان «أيوا يا حبيبتي وحشتيني» مع كلوشا، وحصد تامر عاشور أولى جوائزه في الحفل مع أغنية «هيجيلي موجوع» التي تُوّجت أغنية العام.

واستطاع توو ليت أن يُتوج بجائزة الفنان الأكثر صعوداً لعام 2024، بعد أن استطاعت بعض أغاني ألبومه الوصول مباشرةً إلى صدارة قوائم بيلبورد عربية، خلال هذا العام، بمجرد صدورها.

جائزة الفنان الأول عن فئة الأغنية المغاربية تذهب إلى ديستانكت (بيلبورد العربية)

وذهبت جائزة الفنان الأول عن فئة الأغنية المغاربية إلى ديستانكت، بعد أن حققت أغانيه أرقاماً قياسية، هذا العام، على مختلف منصات البث.

وجائزة الفنان الهيب هوب الأول إلى إل غراندي طوطو، وأغنية «لماح» للفنان عايض حصدت جائزة أفضل أغنية خليجية لهذا العام.

في حين حصدت شيرين عبد الوهاب، في حفل جوائز بيلبورد عربية، أربع جوائز؛ أفضل فنانة، والفنان الأول في فئة الأغنية المصرية، وأفضل فنانة في فئة الأغنية المصرية، وفنان السنة، وهو إنجاز مستحَق يبرز مكانتها بوصفها واحدة من أهم وألمع نجوم الساحة الفنية العربية.

أغنية لماح تُتوج بالنجاح وتحصد جائزة أفضل أغنية خليجية لهذا العام (بيلبورد العربية)

وفازت نانسي عجرم بجائزة أفضل فنانة عن فئة أغنية الليفانتين لعام 2024، ‏في حين اختتم الحفل بتقديم المدير التنفيذي لشركة روتانا سالم الهندي، جائزة الإنجاز مدى الحياة لأمير الطرب عبد المجيد عبد الله المخصصة لتكريمه عن إنجازات مسيرته.

وأُقيم الحفل ضمن أسبوع الرياض الموسيقي الأول، وهو إحدى مبادرات هيئة الموسيقى السعودية التي تستضيف خبراء وصانعي الموسيقى من مختلف دول العالم، وتشمل قوائم «بيلبورد عربية» القائمتين الرائدتين: (بيلبورد عربية هوت 100 وبيلبورد عربية لأفضل 100 فنان)، بالإضافة إلى سبع قوائم جديدة جرى إطلاقها حديثاً، خاصة باللهجات الخليجية والمصرية والشامية والمغربية، وبأغاني الهيب هوب والإندي العربية والشيلات.