المنتدى السعودي للإعلام يرسم ملامح المواكبة الواعية لتحولات القطاع

وزراء يؤكدون ضرورة بناء خطاب متزن بلا تلميع أو رتوش

وزير الإعلام السعودي (تصوير: بشير صالح)
وزير الإعلام السعودي (تصوير: بشير صالح)
TT

المنتدى السعودي للإعلام يرسم ملامح المواكبة الواعية لتحولات القطاع

وزير الإعلام السعودي (تصوير: بشير صالح)
وزير الإعلام السعودي (تصوير: بشير صالح)

رسم المشاركون في المنتدى السعودي للإعلام ملامح المواكبة الواعية لتحولات البيئة الإعلامية التي فرضت مشهداً مغايراً في أدواته ومضامينه، وحددت وسائل تطوير الخطاب الإعلامي وأداء المؤسسات والأفراد بما يتوافق مع توقعات الجمهور، الذين تحولوا مع التقنيات المعاصرة إلى عنصر مؤثر وفاعل في الصناعة الإعلامية.

حضور كثيف ولافت في اليوم الأول من المنتدى السعودي للإعلام (تصوير: بشير صالح)

وقال محمد بن فهد الحارثي، الرئيس التنفيذي لهيئة الإذاعة والتلفزيون، إن التطوير هو اللغة الحتمية للعصر، وإن لم تستجب المجتمعات لذلك فستكون خارج التاريخ؛ لافتاً إلى أن جوهر رؤية السعودية 2030‬ هو تطوير الإنسان، وأن الإعلام جزء أصيل في عملية التطوير، والرهان على صناعة المستقبل وتشكيل خريطته ورسم ملامحه، مشدداً على أن عالم اليوم واضح بين أن تبادر أو تغادر.

دعا المشاركون إلى ضرورة بناء استجابة إعلامية واعية لمتغيرات المرحلة (تصوير: بشير صالح)

وانطلقت أمس (الاثنين) فعاليات المنتدى السعودي للإعلام في يومه الأول، في مدينة الرياض، وسط حضور دولي وإقليمي، تحت شعار «الإعلام في عالم يتشكل»، وامتلأت قاعات المنتدى بحضور نخبة من الخبراء وقادة الإعلام والفكر؛ حيث يشارك أكثر من 1500 إعلامي من مختلف دول العالم.
ورحّب الحارثي، في كلمته الافتتاحية، بضيوف المنتدى من مختلف دول العالم، وأنه يُعقد في لحظة تنموية مهمة بالنسبة إلى السعودية، مشدداً على أن استخدام مفهوم حرية الإعلام لا يعني تمرير خطابات الكراهية والإساءة للأديان والرموز الدينية.
وخلال جلسات اليوم الأول من المنتدى الذي يستمر ليومين، استعرض المشاركون مرتكزات تطوير القطاع الإعلامي ومواكبته للمتغيرات، في حين شدد مسؤولون سعوديون شاركوا في جلسات خاصة خلال المنتدى، على ضرورة إنشاء خطاب إعلامي حاذق ومتزن، يؤدي دوره في جلاء الحقيقة من دون تلميع.

تناول المنتدى موضوعات متعلقة بجميع أشكال الإعلام المرئي والمسموع والمطبوع والرقمي (تصوير: بشير صالح)

«جلد سميك» لمواجهة
بعض طروحات الإعلام
ورأى الأمير عبد العزيز بن سلمان، وزير الطاقة السعودي، أن المرء ينبغي أن يتمتع بمرونة لتقبل النقد وتعدد الآراء والاختلاف مع الآخر، وتابع قائلاً: «نحن في السعودية لدينا رؤية عمل كبيرة، نحتاج معها أن يكون لدينا جلد سميك تجاه الطروحات المختلفة، نرحب بالمشجع، ونتقبل صاحب الرأي الجاد، ولا نلقي بالاً لكل من يشكك، ونستمر في العمل وتنفيذ ما نسعى إليه».
وشدد الأمير عبد العزيز على أن المسؤول يجب أن يكون في حالة إفصاح مستدام، لتعزيز الثقة مع الرأي العام، مع الإبقاء على الواقعية وفهم التوجهات المختلفة التي تتفق أو تختلف مع المسؤول، وأن الإعلام الصادق هو مرآة المسؤول، معها يتوقف لفهم المحيط العام، مضيفاً: «الانتقاد هو عملية تقييم لنشاط ما أو مسؤول ما، وإذا أُخذ النقد بهذه النظرة الإيجابية من طرف صانع الرسالة الإعلامية والمسؤول من جهة أخرى، فسيتحقق النفع العام».
وشدد الأمير عبد العزيز بن سلمان على أن المسؤول بحاجة لتوطين النفس، لأنه يمثل الدولة قبل تمثيل نفسه، وأن الأشخاص يتغيرون، وقيمة المكان تبقى، وهو مسعى يحتّم على المسؤول أن يفكر قبل أن يتحدث، انطلاقاً من هذه المسؤولية.
واستشهد الأمير عبد العزيز بالنشاط الإعلامي الذي وُجّه ضد السعودية على خلفية قرار «أوبك»، مشيراً إلى أن القرار جرى تضخيمه وتوجيه كثير من الاتهامات والتحريض والتلفيق ضد القرار والمنظمة، كاشفاً أن السعودية وُوجهت بأطروحات إعلامية ناقدة وغير عادلة، وأن القرار صدر بدافع فني صرف، معتمداً على الإحصاءات والتحليلات والدراسات العلمية الدقيقة والخبرة العميقة، بمعزل عن أي تجاذبات أو تأثير سياسي، مضيفاً أن كل ذلك التضخيم كان مجرداً عن الصواب والحقيقة، وأن السعودية مارست الصبر، مشدداً على أن المسؤول السعودي في نهاية المطاف يرعى مصالح دولته، مع مراعاة شركائه الدوليين.

القطاع الإعلامي السعودي
واعد وفرصه مشجعة
من جهته، قال ماجد القصبي، وزير الإعلام السعودي المكلف، إن العالم أضحى متصلاً بعضه ببعض من دون توقف، تواصلاً فورياً نافياً عنه البعد الجغرافي، وإن قطاع الإعلام في السعودية واعد ومؤهل بالفرص، وتعمل منظومته المتكاملة المكونة من 4 كيانات على تحقيق نقلة نوعية، مواكبةً للتحولات العميقة والواسعة التي تشهدها السعودية، مؤكداً على أن قطاع الإعلام في المملكة يمثل فرصاً استثمارية وتطويرية واسعة للإبداع وصناعة المحتوى.
واستطرد الوزير القصبي أن زمن الإعلام المركزي والاتجاه الواحد انتهى، وأن الإعلام اليوم لا مركزي، وكل فرد مؤهل ليكون إعلامياً بطريقة ما، فضلاً عن تحولات أنماط العمل، والسلوك الاستهلاكي وتمكين البعد التقني، نتيجة تأثيرات جائحة «كوفيد 19».
وبشأن تحديات الصناعة الإعلامية، عدّد الوزير القصبي مجموعة من التحديات التي يجري العمل على حلّها. منها تعدد الجهات المسؤولة عن القطاع، ودرجة توفر البنية التحتية، وبناء الأنظمة والقوانين الملائمة، وبناء برامج تدريبية للكفاءات الناشئة، ودعم إمكانات الإبداع والابتكار لديهم، في طريق صناعة محتوى جاذب ومؤثر وموثوق، بالإضافة إلى مزيد من تمكين هذه القطاعات وجذب الاستثمارات، وتغيير الواقع وتأهيل المستقبل. كما كشف عن أهداف المنظومة التي تعمل في القطاع الإعلامي السعودي، وأنها تتركز على بناء شركات إعلامية رائدة، وتطوير كوادر محلية متميزة، ورفع جودة المحتوى المحلي، وتشجيع رواد الأعمال والاستثمار الجريء في قطاع الإعلام، وتعزيز الهوية الوطنية والثقة وزيادة انتشار الرسالة إلى خارج الحدود، بالإضافة إلى تطوير الإعلام الناعم، الذي يصل إلى الرأي العام العالمي من دون ترجمة، وزيادة منسوب المزيج الإعلامي الذي يغطي جميع اهتمامات الجمهور والمجالات التي لم تكن مطروقة من قبل.

السعودية أكبر قصة لم تروَ بعد
من جانبه، قال خالد الفالح، وزير الاستثمار السعودي، إن السعودية هي أكبر قصة لم تروَ بعد، وباستثناء معرفة نخبة السياسيين والشركات، فإنها بالنسبة إلى الرأي العام العالمي ما زالت عبارة عن صندوق غير مكتشف، مشدداً على أن الإعلام له دور كبير في فتحه وإظهار المملكة على حقيقتها، من دون حاجة إلى تلميع أو إضافة مبالغة إلى القصة الحقيقية للبلاد.
وعن الإعلام الاقتصادي المتخصص، قال الوزير الفالح: «نحن بحاجة إلى عدد كبير من الكوادر والمتخصصين في نشر الأخبار الاقتصادية الدقيقة، وتحليل المعلومات والعمل في الميدان، ومواكبة حجم الفرص والاستثمار ووعود المستقبل الذي تتطلع إليه السعودية».
وأضاف: «كما أننا بحاجة إلى قنوات ومنصات منافسة للمؤسسات الإعلامية العالمية في المجال الاقتصادي، بكل القدرات التحليلية والعلمية والإعلامية المؤثرة، وأن يكون الطرح معتدلاً منصفاً دقيقاً عاكساً للحقيقة ولجاذبية الاستثمار في السعودية من دون تلميع ولا رتوش، وعلى يد كوادر محلية متطورة وبكفاءة عالية»، مؤكداً أن السعودية لديها إمكانات مميزة يمكن استثمارها.
وعن قطاع الاستثمار وضرورة المواكبة الإعلامية لمستقبل هذا المجال، أكد الوزير الفالح أن هدف المملكة أن تكون منصة متكاملة لقطاعات اقتصادية متعددة، توفر الربحية والتنافسية والتكامل بين كل أجزاء الاقتصاد السعودي والإقليمي والدولي، مشدداً على أن الاقتصاد السعودي مرتبط بمحيطه الإقليمي والعالمي، ولا يمكن عزل الشركات داخل السعودية عن المحيط خارجها، وهو ما ينبغي أن ينعكس على الأداء الإعلامي.
وأشار الوزير الفالح إلى أن رؤية 2030 تتحدث عن الجانب الاقتصادي ببعد دولي، وتدعم الريادة في التقنية والابتكار وقطاعات أخرى، وأن واحداً من العناصر الأساسية في ذلك هو استقطاب مراكز صنع قرار كبرى الشركات إقليمياً، إلى وسط هذا الحراك الذي تشهده المملكة، لتبادل الفائدة، وتحقيق التكامل مع السوق السعودية والفرص الاستثمارية التي تتمتع بها. وكشف الوزير الفالح عن تضاعف عدد الشركات التي نقلت مقراتها الإقليمية إلى السعودية إلى 44 شركة أُعلن عنها سابقاً، مشدداً على ضرورة أن يتزامن هذا مع مواكبة إعلامية متخصصة وواعية ترتقي إلى مستوى هذا الموقف.


مقالات ذات صلة

«إيه بي سي نيوز» تدفع 15 مليون دولار لمكتبة ترمب الرئاسية لتسوية دعوى تشهير

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (إ.ب.أ)

«إيه بي سي نيوز» تدفع 15 مليون دولار لمكتبة ترمب الرئاسية لتسوية دعوى تشهير

وافقت شبكة «إيه بي سي نيوز» على دفع 15 مليون دولار لصالح مكتبة دونالد ترمب الرئاسية، لتسوية دعوى قضائية تتعلق بتصريح غير دقيق من المذيع جورج ستيفانوبولوس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
رياضة عربية المهندس خالد عبد العزيز رئيس المجلس الأعلى للإعلام في مصر (صفحة المجلس على «فيسبوك»)

مصر: قرارات جديدة لمواجهة «فوضى الإعلام الرياضي»

أصدر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر، برئاسة المهندس خالد عبد العزيز مجموعة قرارات، اعتماداً لتوصيات لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي.

محمد الكفراوي (القاهرة)
أوروبا مراسلات يتحدثن أمام الكاميرات خلال تغطية صحافية في البرازيل (رويترز)

ثلثهم على أيدي الجيش الإسرائيلي... مقتل 54 صحافياً في عام 2024

قُتل 54 صحافياً حول العالم أثناء قيامهم بعملهم أو بسبب مهنتهم في عام 2024، ثلثهم على أيدي القوات الإسرائيلية، وفق ما أظهر تقرير سنوي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق الصحافي سامح اللبودي والزميلة بيسان الشيخ من «الشرق الأوسط»

«الشرق الأوسط» تفوز ببرونزية «أريج» للصحافة الاستقصائية

فازت «الشرق الأوسط» بالجائزة البرونزية للصحافة الاستقصائية العربية التي تمنحها مؤسسة «أريج»، عن تحقيق: قصة الإبحار الأخير لـ«مركب ملح» سيئ السمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

مبعوث أوروبي يتوجه إلى سوريا للتباحث مع القيادة الجديدة

أشخاص يمرون أمام المباني المدمَّرة في بلدة جوبر السورية بالغوطة الشرقية على مشارف دمشق (أ.ف.ب)
أشخاص يمرون أمام المباني المدمَّرة في بلدة جوبر السورية بالغوطة الشرقية على مشارف دمشق (أ.ف.ب)
TT

مبعوث أوروبي يتوجه إلى سوريا للتباحث مع القيادة الجديدة

أشخاص يمرون أمام المباني المدمَّرة في بلدة جوبر السورية بالغوطة الشرقية على مشارف دمشق (أ.ف.ب)
أشخاص يمرون أمام المباني المدمَّرة في بلدة جوبر السورية بالغوطة الشرقية على مشارف دمشق (أ.ف.ب)

قالت منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس، اليوم الاثنين، إن مبعوث الكتلة إلى سوريا سيزور دمشق، للتحدث مع القيادة الجديدة للبلاد، في حين تكثف القوى الغربية انخراطها، بعد الإطاحة ببشار الأسد.

وأضافت كالاس، في مؤتمر صحافي، قبل اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي: «سيذهب ممثّلنا في سوريا إلى دمشق، اليوم»، وفقاً لما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأشارت كالاس إلى أن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي سيناقشون في بروكسل «طريقة التعامل مع القيادة الجديدة في سوريا وإلى أي مستوى ستصل علاقتنا معها». وأكدت «بالنسبة إلينا، لا يتعلق الأمر بالأقوال فقط بل بالأفعال التي تسير في الاتجاه الصحيح».

وعقب سقوط بشار الأسد، أعربت الجهات الدولية الفاعلة عن تفاؤل حذر مع تعهد الإدارة الجديدة في سوريا حماية الأقليات وتشكيل حكومة تشمل جميع الأطراف.
في سياق متصل، بحث المبعوث الأممي لسوريا، جير بيدرسون، وقائد «هيئة تحرير الشام» أحمد الشرع أمس، ضرورة إعادة النظر في القرار الأممي 2254 بعد الإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد، في الثامن من الشهر الحالي.

وأفادت وكالة الأنباء السورية «سانا» بأنه «خلال لقاء قائد الإدارة الجديدة أحمد الشرع مع المبعوث الأممي لسوريا جير بيدرسون، جرى بحث ومناقشة ضرورة إعادة النظر في القرار 2254 نظراً للتغيرات التي طرأت على المشهد السياسي، مما يجعل من الضروري تحديث القرار ليتلاءم مع الواقع الجديد».

وأكد الشرع «أهمية التعاون السريع والفعال لمعالجة قضايا السوريين، وضرورة التركيز على وحدة أراضي سوريا، وإعادة الإعمار وتحقيق التنمية الاقتصادية».

وأضاف: «تحدّث عن ضرورة التعامل بحذر ودقة في مراحل الانتقال، وإعادة تأهيل المؤسسات لبناء نظام قوي وفعال، بالإضافة إلى ذلك جرى تأكيد أهمية توفير البيئة الآمنة لعودة اللاجئين، وتقديم الدعم الاقتصادي والسياسي لذلك».

وأشار الشرع إلى «ضرورة تنفيذ هذه الخطوات بحرص شديد ودقة عالية، دون عجلة، وبإشراف فِرق متخصصة؛ حتى تتحقق بأفضل شكل ممكن».

ووصل بيدرسون إلى دمشق، أمس الأحد، في أول زيارة له بعد إسقاط نظام الأسد، مُعرباً عن أمله في رؤية «نهاية سريعة للعقوبات». بينما قالت كالاس إن اجتماع وزراء الخارجية الأوروبيين، المقرر عقده في بروكسل، اليوم الاثنين، الذي يتضمن سوريا على جدول أعماله، لن يتناول مسألة زيادة الدعم المالي المقدم لدمشق، بخلاف ما قدَّمه الاتحاد الأوروبي بالفعل عبر وكالات الأمم المتحدة.