الصين مترددة في دعم إيران رغم التحالف الظاهري بينهما

(تحليل إخباري)

الرئيس الصيني شي جينبينغ والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في 14 فبراير (أ.ب)
الرئيس الصيني شي جينبينغ والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في 14 فبراير (أ.ب)
TT

الصين مترددة في دعم إيران رغم التحالف الظاهري بينهما

الرئيس الصيني شي جينبينغ والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في 14 فبراير (أ.ب)
الرئيس الصيني شي جينبينغ والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في 14 فبراير (أ.ب)

قبل وقت قصير من مغادرته إيران متوجهاً إلى الصين في أول زيارة رسمية، الثلاثاء الماضي، وجه الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي انتقادات مستترة لحليفه القوي، قائلاً إن العلاقات بين البلدين الشقيقين لم ترقَ إلى مستوى التوقعات. وحرص رئيسي، الذي يعدُّ أول رئيس إيراني يزور الصين في زيارة رسمية خلال العقدين الماضيين، على إبلاغ بكين بأنها لم تقدم الدعم الكافي لطهران، تحديداً في الجانب الاقتصادي.
وقال رئيسي: «لسوء الحظ، فقد تخلفنا كثيراً عن اللحاق بالمستوى المفترض للعلاقات»، مشيراً إلى العلاقات التجارية والاقتصادية. وأضاف أن جانباً من مهمته يتمثل في تنفيذ «اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الصينية الإيرانية»، وهي الاتفاقية التي ستستثمر بموجبها بكين نحو 400 مليار دولار في الاقتصاد الإيراني على مدار الأعوام الخمسة والعشرين القادمة مقابل إمدادات ثابتة من النفط الإيراني. وأضاف رئيسي أن العلاقات الاقتصادية بين البلدين قد تراجعت، وأنه يتعين على البلدين العمل على تعويض ذلك.
- خيبة أمل طهران
وأظهرت انتقادات رئيسي العلنية خيبة أمل إيران من حليف بات من نواحٍ عديدة أحد شرايين الحياة الاقتصادية القليلة بالنسبة لها. وفي هذا السياق، نقل موقع «سي إن إن» الأميركي عن هنري روم، من «معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى» قوله إن الخطاب «أظهر إحباط طهران من تردد الصين من تعزيز علاقاتها الاقتصادية بإيران»، مضيفاً: «يبدو أن المشكلات نفسها، التي أعاقت تطور العلاقات بين الصين وإيران لسنوات لا تزال قائمة».
وقال محللون إن خطاب رئيسي كان دعوة واضحة للصين بأن ترتقي من جانبها إلى مستوى العلاقات، وأظهر أنه يبحث عن ضمانات اقتصادية من العملاق الآسيوي بحيث يعود إلى بلاده وفي جعبته ما يبديه في خضم موجة الاحتجاجات الشعبية وتفاقم العزلة الدولية. وفي السياق ذاته، قال تريتا بارسي، نائب رئيس «معهد كوينسي» في العاصمة واشنطن، لموقع «سي إن إن»: «إن الفائدة التي ستعود على رئيسي من هذه الزيارة ستكون محدودة للغاية حال لم تسفر الرحلة عن شيء. فحال الإيرانيين الآن لا يجعلهم يكتفون بالزيارة في حد ذاتها. فهم يتطلعون إلى أكثر من ذلك».
لم يتضح بعد ما إذا كانت إيران راضية عما عرضته الصين، حيث أضاف بارسي قائلاً: «رغم أن المزيد من النتائج الملموسة يمكن أن يتحقق بعد الزيارة، فإن الواقع يقول إن رئيسي في حاجة إلى نتائج فعلية وإلى الإعلان عن توقيع اتفاقيات ملموسة. على الجانب الآخر، يبدو أن الصين تميل إلى تحجيم علاقاتها بإيران، إذ تسعى إلى موازنة علاقاتها بدول الخليج العربي، فضلاً عن علاقات الصين المتوترة بالولايات المتحدة».
- اتفاقية الشراكة
وفي بيان مشترك، قالت الصين وإيران إنهما يتطلعان إلى العمل سوياً لتنفيذ «اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الصينية الإيرانية» ومواصلة تعزيز التعاون في مجالات التجارة، والزراعة، والصناعة، والطاقة المتجددة، والبنية التحتية وغيرها من المجالات. وصرح وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، الذي رافق رئيسي في رحلته إلى الصين، بأن البلدين اتفقتا على إزالة العقبات التي تعترض تنفيذ الاتفاقية، مضيفاً أن «إيران متفائلة بشأن نتائج المباحثات»، وفق وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية «إيرنا».
كما قبل الرئيس الصيني شي جينبينغ دعوة لزيارة إيران في موعد لاحق. وتأتي زيارة رئيسي للصين في وقت تعزز فيه بكين علاقاتها بالسعودية، وفي وقت يهدد فيه النفط الروسي الرخيص صادرات إيران من النفط الخام إلى الصين.
وبعد أقل من عامين على توليه السلطة، شهدت فترة ولاية رئيسي عزلة متزايدة عن الغرب، خاصة بعد أن زودت إيران روسيا بطائرات «درون» لاستخدامها في حربها مع أوكرانيا، وفشلت الجهود لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015 الذي أزال بعض العوائق أمام التجارة الدولية مع إيران.
وفي الوقت الذي أصابت فيه العقوبات الغربية اقتصادها بالشلل، ساعدت بكين على إبقاء الاقتصاد الإيراني واقفاً على قدميه. فالصين تعد أكبر مستورد للنفط الإيراني، إذ تشتري النفط زهيد السعر، في حين أن غيرها من الدول لا تجرؤ على الاقتراب منه. ورغم ذلك، فإن روسيا، حليفة طهران الأخرى، تضغط على أسواق النفط الآسيوية، حيث تشتري الصين المزيد من النفط الروسي، الخاضع أيضاً للحظر من الغرب، بسعر زهيد، مما يهدد أحد آخر شرايين الحياة للاقتصاد الإيراني.
- عزلة متزايدة
لذلك، وفق المحللين، فإن الزيارة تعدُّ استراتيجية وتعدُّ محاولة من إيران لسحب نفسها بعيداً عن حالة عدم الاستقرار الداخلي والعزلة المتزايدة التي فرضها الغرب. وبحسب هنري روم، «فهي فرصة لرئيسي لجعل الناس يتناسون الاضطرابات الداخلية التي شهدتها البلاد على مدار الشهور الخمسة الماضية، وإظهار شعور بعودة الحياة الطبيعية في الداخل والخارج».
لكن جاكوب سيتا، من مؤسسة «بروز أند بازار فونديشن» في لندن، قال إنه لا يتوقع أن تسفر الزيارة عن أكثر بكثير من الاعتراف بشراكة الصين مع إيران، حيث قال في تصريح لـ«سي إن إن»: «رئيسي لن يحصل على الكثير من الناحية الاقتصادية، باستثناء عدد من اتفاقيات التفاهم وبعض الصفقات الصغيرة».
وقال بارسي إن إيران تذكر شعبها أن النظر شرقاً هو الطريق الصحيح تجاه الانتعاش الاقتصادي في ظل تلاشي احتمالات العودة إلى الاتفاق النووي. وقال إن الحكومة حريصة على إظهار أن لديها «خياراً شرقياً داعماً ومربحاً»، مشيراً إلى أنه من غير المرجح أن ترتقي الصين إلى مستوى توقعات إيران.
وأضاف بارسي: «لا أعتقد أن بكين بإمكانها تقديم ضمانات لطهران باستثناء التعهد بمواصلة استيراد الحد الأدنى من النفط الخام بصرف النظر عن حالة السوق العالمية والطلب الصيني المحلي». وتابع بارسي قائلاً إنه حال لم تسفر الزيارة عن نتائج ملموسة خلال الأيام القادمة، فإن تحرك إيران شرقاً قد يثبت أنه «خطأ استراتيجي جسيم سارعت إليه حكومة رئيسي».


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية إيران تحتجز ناقلة نفط ثانية

إيران تحتجز ناقلة نفط ثانية

احتجز «الحرس الثوري» الإيراني، أمس، ناقلة نقط في مضيق هرمز في ثاني حادث من نوعه في غضون أسبوع، في أحدث فصول التصعيد من عمليات الاحتجاز أو الهجمات على سفن تجارية في مياه الخليج، منذ عام 2019. وقال الأسطول الخامس الأميركي إنَّ زوارق تابعة لـ«الحرس الثوري» اقتادت ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما إلى ميناء بندر عباس بعد احتجازها، في مضيق هرمز فجر أمس، حين كانت متَّجهة من دبي إلى ميناء الفجيرة الإماراتي قبالة خليج عُمان. وفي أول رد فعل إيراني، قالت وكالة «ميزان» للأنباء التابعة للسلطة القضائية إنَّ المدعي العام في طهران أعلن أنَّ «احتجاز ناقلة النفط كان بأمر قضائي عقب شكوى من مدعٍ». وجاءت الو

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

نددت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس التابع للبحرية الأميركية وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم الخارجية الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

قالت منظمات غير حكومية إن فرنسا احتجزت العديد من الإيرانيين في مراكز اعتقال في الأسابيع الأخيرة، معتبرة ذلك إشارة إلى أنّ الحكومة «تصر على رغبتها في ترحيلهم إلى إيران» رغم نفي وزير الداخلية جيرالد دارمانان. وكتبت منظمات العفو الدولية، و«لا سيماد»، و«إيرانيان جاستس كوليكتيف» في بيان الأربعاء: «تواصل الحكومة إبلاغ قرارات الترحيل إلى إيران مهددة حياة هؤلاء الأشخاص وكذلك حياة عائلاتهم». واعتبرت المنظمات أن «فرنسا تصرّ على رغبتها في الترحيل إلى إيران»، حيث تشن السلطات قمعاً دامياً يستهدف حركة الاحتجاج التي اندلعت إثر وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني في سبتمبر (أيلول)، أثناء احتجازها لدى شرط

«الشرق الأوسط» (باريس)

باراغواي ستعيد فتح سفارتها في القدس الأسبوع المقبل

الرئيس الباراغواياني سانتياغو بينيا يتحدث خلال مقابلة مع وكالة «رويترز» في أسونسيون - باراغواي 21 أغسطس 2024 (رويترز)
الرئيس الباراغواياني سانتياغو بينيا يتحدث خلال مقابلة مع وكالة «رويترز» في أسونسيون - باراغواي 21 أغسطس 2024 (رويترز)
TT

باراغواي ستعيد فتح سفارتها في القدس الأسبوع المقبل

الرئيس الباراغواياني سانتياغو بينيا يتحدث خلال مقابلة مع وكالة «رويترز» في أسونسيون - باراغواي 21 أغسطس 2024 (رويترز)
الرئيس الباراغواياني سانتياغو بينيا يتحدث خلال مقابلة مع وكالة «رويترز» في أسونسيون - باراغواي 21 أغسطس 2024 (رويترز)

أعلن رئيس الكنيست، أمير أوهانا، أن رئيس باراغواي، سانتياغو بينيا، سيفي بوعد انتخابي الأسبوع المقبل وسيعيد فتح سفارة بلاده في القدس.

سيلقي بينيا كلمة أمام الكنيست صباح الأربعاء من الأسبوع المقبل، يليها احتفال خاص بالكنيست مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ ورئيس الكنيست أوهانا وزعيم المعارضة يائير لابيد، حسبما أفادت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل».

سيتم الافتتاح الرسمي للسفارة يوم الخميس التالي في هار هوتزفيم في القدس.

لا تعترف معظم الدول بالقدس عاصمة لإسرائيل وتقيم سفاراتها في تل أبيب، وغالباً ما تفتح قنصليات أصغر في القدس. حالياً، خمس دول: الولايات المتحدة، وغواتيمالا، وهندوراس، وكوسوفو وبابوا غينيا الجديدة، لديها سفارات في القدس.

في عام 2018، أعلن الرئيس الباراغواياني المنتهية ولايته هوراسيو كارتيس أن بلاده ستفتح سفارة في القدس، في أعقاب خطوات مماثلة من جانب الولايات المتحدة وغواتيمالا. لكن السفارة نُقلت إلى تل أبيب بعد خمسة أشهر فقط من قِبل خليفة كارتيس أبدو بينيتيز، الذي قال إنه لم يُستشار في القرار الأصلي، وأشار إلى أنه أضر بالجهود الرامية إلى الحفاظ على نهج أكثر حيادية تجاه الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني. غضب نتنياهو من القرار وتحرك لإغلاق سفارة إسرائيل في أسونسيون انتقاماً. في سبتمبر (أيلول)، أعادت إسرائيل فتح سفارتها في باراغواي.