تينوبو... «صانع زعماء» السياسة النيجيرية

التصويت الطائفي والعرقي يؤرق المرشح «الأوفر حظاً» للرئاسة

تينوبو... «صانع زعماء» السياسة النيجيرية
TT

تينوبو... «صانع زعماء» السياسة النيجيرية

تينوبو... «صانع زعماء» السياسة النيجيرية

لا يميل السياسيون كثيراً إلى لغة الأرقام، فالأرقام يُفترض أنها «لا تكذب»، بينما الكذب - حسب قول السياسي البريطاني الشهير وينستون تشرشل - من أدوات السياسة. لكن يبدو أن المرشح البارز في الانتخابات الرئاسية النيجيرية بولا أحمد تينوبو وجد سبيلاً للتوفيق بين الأرقام وبين السياسة، بعدما صار المحاسب الذي تخرّج بشهادة عليا في المحاسبة من إحدى الجامعات الأميركية، و«صانعاً للزعماء» في السياسة النيجيرية على مدى عقود طويلة، وبات على بُعد خطوة واحدة من بلوغ سُدة الرئاسة، في أكثر بلدان أفريقيا سكاناً، وربما ثراءً ومشاكل أيضاً. يبدو الغموض إحدى الصفات اللصيقة بشخصية تينوبو. ولا يقتصر هذا الغموض على حياته السياسية، بل يمتد إلى حياته الشخصية أيضاً، فالرجل المولود في 29 مارس (آذار) عام 1952، لأم تمتعت بشخصية قيادية هي الحاجة حبيبة موغاجي، التاجرة التي حازت حتى وفاتها على لقب «زعيمة سوق ولاية لاغوس». وفي المقابل، لا معلومات وافية عن والده، والكثير من الأوراق التي قدّمها عن نفسه وتعليمه تبدو متناقضة ومكتوبة بخط اليد، وهو ما منح خصومه الكُثر فرصاً قائمة للطعن والتشكيك بشأن نشأته ومسيرته الأكاديمية والسياسية. ولكن المؤكد أن بولا أحمد ورث عن أمه قوة الشخصية، والطموح الذي أتاح له إكمال تعليمه الثانوي والجامعي خارج البلاد، إذ تخرّج في جامعة شيكاغو الحكومية (شيكاغو ستايت) عام 1979، حاملاً شهادة البكالوريوس في المحاسبة. بيد أن المناصب التي تولاها الشاب النيجيري الطموح في عدة شركات أميركية لم تشبع نهمه للثروة والسلطة، فعاد إلى نيجيريا بعد خضوعه لتحقيق من قبل السلطات الفيدرالية الأميركية بشأن ارتفاع دخله بشكل مثير للريبة. وهذه قضية لا يزال خصومه حتى اليوم يحاولون إثارتها للنيل منه.
التحق بولا أحمد تينوبو بعد عودته من أميركا إلى نيجيريا عام 1983 بشركة «موبيل نيجيريا» النفطية، وترقى في المناصب حتى وصل إلى منصب المدير التنفيذي للشركة.
ولدى تينوبو مهارات ستلازمه لبقية حياته، أبرزها توظيف كل المتغيرات لصالحه. وحتى في تلك اللحظات التي تبدو قاسية، ويتصور المرء معها أن النهاية تطل برأسها، استطاع تينوبو تحويلها إلى انطلاقة جديدة. وبالتالي، بين النهايات الوشيكة والبدايات المتجددة، صنع النجم الصاعد في سماء السياسة النيجيرية اسمه الذي ظل عصياً على الانزواء طيلة عقود، تبادل فيها العسكريون والمدنيون السلطة.
لقد استفاد تينوبو من رئاسته لشركة «موبيل نيجيريا» في بناء صلات بالحكومة. وبدأ أولى خطواته في أروقة السياسة عبر حزب «الجبهة الشعبية النيجيرية»، الذي جمع قادة وأعضاء بارزين في تلك الفترة من ثمانينات القرن الماضي. ثم وصل إلى الصف الأمامي في «الحزب الديمقراطي الاجتماعي»، وفاز عام 1992 بمقعد في مجلس الشيوخ، غير أن رياح التغيير هبّت عنيفة على النائب الذي كان يعد نفسه لخطوات أكبر يصعد بها سلم السياسة في بلاده.
هذه المرة جاءت الضربة عبر الجنرال ساني أباتشا، الذي قاد انقلاباً عسكرياً يوم 17 نوفمبر (تشرين الثاني) 1993 بعد خمسة أشهر فقط من إلغاء نتائج الانتخابات الرئاسية التي فاز بها موشود (مسعود) أبيولا، وهو مرشح الحزب الذي كان تينوبو من أبرز قياداته. وهكذا، بدلاً من أن تُفتح أمام الرجل أبواب المجد السياسي، وجد أبواب المنفى في استقباله. وبالفعل، تسلل عبر الحدود إلى دولة بنين المجاورة، وبقي هناك مدة خمس سنوات عجاف، لكنها لم تفقده شغفه ولم يفتر فيها طموحه إلى العودة. وتحققت هذه العودة عام 1998 بعد زوال الحكم العسكري، وتأهب نيجيريا لاستعادة الحكم الديمقراطي.
في تلك اللحظة كان تينوبو على موعد مع المحطة التي ستصنع تاريخه الحقيقي في السياسة النيجيرية، وسيظل مرتبطاً بها رغم مغادرته إياها رسمياً منذ ما يزيد على 16 سنة. واللافت أن تلك المحطة لم تكن سوى لاغوس، مدينة الأقدار بالنسبة لتينوبو... ففيها ولد وعلى أرضها صنع مجده، الذي جعل منه إلى اليوم رقماً مهماً في معادلة السياسة النيجيرية.

صانع «معجزة لاغوس»
عاد تينوبو من المنفى إلى الحكم، مدفوعاً بشعبية طاغية، فانتخب حاكماً لولاية لاغوس في مايو (أيار) 1999 تحت راية حزب «التحالف من أجل الديمقراطية». واستمر حكمه لمدة 8 سنوات عبر فترتين انتخابيتين، استطاع خلالهما أن يحوّل أضخم مدن نيجيريا، من ساحة تسيطر عليها العصابات والفوضى إلى مدينة غنية يفوق اقتصادها ما تمتلكه دول بأكملها.
في تلك الفترة أكد تينوبو سمعته كرجل دولة قادر على تحقيق المنجزات. وحتى اليوم يرى النيجيريون سجلّه إعجازياً بالقياس إلى ما كانت تواجهه تلك التجربة من تحديات، إذ إنه خلال فترتي حكمه قاد إصلاحات جذرية لتحسين كفاءة الخدمة المدنية، وتحديث البنية التحتية، والأهم أنه وضع مخططاً بعيد المدى للمدينة والولاية، لم يستطع أي حاكم خلفه أن يطرح أفضل منه.
لقد نجح تينوبو، صاحب الشعبية الجارفة، في تحويل مدينة لاغوس، العاصمة التجارية للبلاد، من مدينة يتعثر زوارها وسكانها البالغ عددهم 13 مليون نسمة في أكوام القمامة، ويهدرون في تنقلاتهم الساعات وسط الأزمات المرورية والفوضى إلى مدينة حديثة تتمتع بمرافق وانضباط جعلت مؤيدي تينوبو وخصومه، على السواء، يقرون بنجاحاته. وحقاً، بدأ المستثمرون يتنبهون لإمكانيات المدينة، بعدما طوت صفحة الجريمة والفساد سمعتها، واعتمدت فيها سياسات ضريبية بعيدة المدى عززت بنيتها التحتية، فتدفقت الاستثمارات وتحسنت سمعة المدينة، التي كانت قد فقدت دورها كعاصمة سياسية بعد انتقال السلطة إلى مدينة أبوجا. وهكذا أعادت سياسات تينوبو للمدينة القوة الاقتصادية لتغدو عاصمة الاستثمار في الغرب الأفريقي كله.
غادر تينوبو الحكم في لاغوس عام 2007، لكنه لم يستطع حتى الآن الانفصال عن المدينة، فلا يزال كثيرون يؤمنون بأنه يتحكم دائماً في اختيار حكام الولاية. وهذا اتهام لم يحاول الرجل أن ينكره، بل لعله يشعر بالفخر عندما يوجه إليه. إذ قال لوكالة «رويترز» عام 2015 عندما سئل عن الأمر أثناء انتخابات حاكم لاغوس: «أنا صائد للمواهب... أضع أصحاب المواهب في مناصبهم، وأساعدهم. أنا أستخدم أفضل يد وأفضل عقل وأفضل تجربة للوظيفة».
وحتى عندما قرر تينوبو الانتقال من موقع «صانع الرؤساء» للترشح يوم 10 يناير (كانون الثاني) 2022 إلى السباق الرئاسي الحالي، بقيت تجربته في لاغوس أبرز البنود على لائحة مؤهلاته للترشح. فالبرنامج الانتخابي الذي يخوض به الانتخابات يكاد يكون محاولة أوسع لتطبيق «تجربة» لاغوس على المستوى الوطني. إذ يتعهد تينوبو ببناء دولة تتيح لجميع النيجيريين، وخصوصاً الشباب، الوظائف الكافية بأجور لائقة، وتقلل من هجرة العقول، بالإضافة إلى دفع عجلة التصنيع، وتعزيز التصدير وتقليل الاستيراد. وهذا علاوة على مساعدة المزارعين، وتحديث وتوسيع البنية التحتية العامة، إلى جانب تسخير القطاعات الناشئة، مثل الاقتصاد الرقمي والترفيه والثقافة والسياحة، وغيرها لبناء نيجيريا المستقبل.

أشواك في الطريق
من ناحية أخرى، ثمة أمران عززا صورة بولا أحمد تينوبو كأب روحي لكثيرين من الساسة النيجيريين، هما تجربته في لاغوس، ومعركته ضد الرئيس السابق أولوسيغون أوباسونجو الذي حاول الحد من نفوذ خصومه السياسيين في جنوب غربي نيجيريا، وهي المنطقة التي ينتمي إليها تينوبو. ولقد رد الأخير بأنه لعب دورا حاسما في توحيد أكبر ثلاثة أحزاب معارضة في نيجيريا من الشمال والجنوب والشرق تحت مظلة «مؤتمر جميع التقدميين» الذي أُسس عام 2013، ونجح في حكم نيجيريا منذ عام 2015 بقيادة الرئيس محمد بخاري، والذي يُعزى انتصاره جزئيا إلى نفوذ تينوبو الواسع في جنوب غربي نيجيريا، حيث معقل شعب اليوروبا، خصوصا في لاغوس. وهذا الدور البارز، ضمن لتينوبو اكتساح معركة التصويت على مرشح الحزب الحاكم، إذ حصل على 1271 صوتاً من بين 2300، وهو ما يزيد على مجموع الأصوات التي حصدها منافسوه، بمن فيهم من سياسيين وقيادات بارزة في الدولة، بينهم ييمي أوسينباجو، نائب الرئيس الحالي، إلا أن تينوبو، الذي عرك السياسة طيلة أربعة عقود، يدرك أن الطريق إلى الأحلام لا تُفرش دائما بالورود، وأن على الطامحين أن تُدمى أقدامهم بأشواك الطريق... وأولى تلك الأشواك تلك التركيبة العرقية والطائفية المعقدة للنيجيريين.
يدرك تينوبو جيدا أن التركيبة التقليدية للسياسة النيجيرية تلعب لصالحه في الانتخابات الحالية، وأن الدور لتولي منصب الرئاسة هذه المرة يُفترض أن يكون من نصيب شعبه (أو قبيلته) اليوروبا وموطنه في الجنوب، وفق عُرف «غير مكتوب» بين القوى السياسية النيجيرية منذ نهاية الحكم العسكري عام 1999، وبموجب هذا العرف يجري تقاسم السلطة بين الشمال الذي تقطنه غالبية مسلمة، والجنوب الذي يغلب المسيحيون على سكانه، فضلا عن تداول الرئاسة بين الشعوب (أو القبائل المكونة) لنيجيريا، التي يزيد عددها على 250 جماعة، أكبرها بالترتيب ثلاث مجموعات تمثل أكثر من 60 في المائة من السكان هي: الهاوسا واليوروبا والإيبو.
ولأن تينوبو ينتمي إلى الجنوب، وهو من مسلمي اليوروبا (الذين ينقسمون مناصفة تقريباً بين المسيحيين والمسلمين)، فإن الدور الآن لهذا الشعب في تولي الرئاسة، وهذا ما شجعه خلال أحد مؤتمراته الانتخابية على اعتبار نفسه «الرئيس المقبل»، وبالتالي اندفع إلى الهتاف «Emi Lokan» التي تعني في لغة يوروبا «إنه دَوْري». هذا التصرف أثار انتقادات واسعة من جانب منافسيه، الذين يعتبرون أن الوصول إلى الرئاسة النيجيرية يجب أن يكون على أسس الديمقراطية، والقدرة الصحية والعقلية، والكفاءة الإدارية، وامتلاك الحلول العملية للقضايا الوطنية.
في أي حال، يشعر هذا السياسي المخضرم بمتغيرات تهب على دروب السياسة التي خبرها جيدا، فأكثر من 40 في المائة من الناخبين البالغ عددهم 94 مليون شخص، لم يبلغوا بعد 35 سنة. وهؤلاء لا يبدون ميلا كبيرا نحو المرشح السبعيني، الذي يواجه صعوبات صحية جمة. وحقاً، لم تفلح صوره وهو يمارس الرياضة في منزله بتغيير قناعات قطاعات واسعة من الناخبين الشباب. هؤلاء يبدون الآن دعماً متزايداً للمرشح الأصغر سناً، بيتر أوبي، الذي بات يحظى بدعم معلن من جانب شباب وفنانين ومؤثرين نيجيريين تتزايد أعدادهم مع اقتراب موعد التصويت يوم 25 من فبراير (شباط) الحالي.

التصويت الديني - الطائفي
في سياق متصل، يدرك تينوبو أن التصويت الديني - الطائفي ربما يكون له تأثير واضح، فالانتماء الفئوي للمرشح الرئاسي يؤثر في قاعدة الدعم والتعبئة الشعبية لصالحه. وهنا قد يمثل عتيقو أبو بكر، مرشح «حزب الشعب الديمقراطي» المعارض، والصديق القديم لتينوبو، تهديداً حقيقياً على حظ الأخير من أصوات الناخبين المسلمين. إذ تتصاعد حملات التشكيك من جانب بعض الشماليين في مدى الالتزام الديني الإسلامي لدى تينوبو، المتزوج من السياسية المسيحية أولوريمي تينوبو، عضو مجلس الشيوخ الحالي، وزادت حدة تلك الحملات بعد انسحاب بعض السياسيين الشماليين من حملته الانتخابية، وأعلنوا دعمهم لعتيقو أبو بكر.
في المقابل، لا تبدو أصوات الناخبين المسيحيين مضمونة بالكامل لصالح تينوبو الذي اختار صديقه المقرّب كاشيم (قاسم) شيتيما، وهو مسلم شمالي من شعب الكانوري، ليكون نائبه في الانتخابات الحالية، الأمر الذي أثار حفيظة كثيرين ممن رأوا في ذلك الاختيار «خرقا» للاتفاق «غير المكتوب» بشأن التوازن العرقي والديني، والقائم على تداول الرئاسة بين الشمال والجنوب، وبين المسلم والمسيحي (في حال كان الرئيس مسلما يكون نائب الرئيس غير مسلم).
وحقاً، أدى اختيار تينوبو المسلم ترشيح مسلم آخر ليكون نائبه إلى إطلاق حملة إدانات واسعة، شاركت فيها مؤسسات المجتمع المدني المسيحية، التي هاجمت «تذكرة مسلم - مسلم» التي يطرحها تينوبو على الناخبين. وبلغت الحملة حد التخوّف من تأجيج صراع ديني، لا سيما وقد بدأت تظهر في الخطاب السياسي والإعلامي النيجيري مصطلحات من عينة «خطة أسلمة» نيجيريا، و«الاستقطاب الديني».


مقالات ذات صلة

المعلومات المضللة حول الانتخابات تشوه سمعة المؤسسات في نيجيريا

العالم المعلومات المضللة حول الانتخابات تشوه سمعة المؤسسات في نيجيريا

المعلومات المضللة حول الانتخابات تشوه سمعة المؤسسات في نيجيريا

كشفت موجة المعلومات المضللة التي تستهدف حاليا لجنة الانتخابات وقضاة المحكمة العليا في نيجيريا، وهما الجهتان المسؤولتان عن الفصل في الانتخابات الرئاسية، عن تشويه سمعة المؤسسات في أكبر بلد في إفريقيا من حيث عدد السكان، وفقا لخبراء. في حين أن الانتخابات في نيجيريا غالبا ما تتميز بشراء الأصوات والعنف، فإن الإخفاقات التقنية والتأخير في إعلان النتائج اللذين تخللا انتخابات 25 فبراير (شباط)، أديا هذه المرة إلى انتشار المعلومات المضللة. وقال كيمي بوساري مدير النشر في منظمة «دوبابا» لتقصّي الحقائق إن تلك «مشكلة كبيرة في نيجيريا... الناس يسخرون من تقصّي الحقائق.

«الشرق الأوسط» (لاغوس)
العالم 8 تلميذات مخطوفات يفلتن من خاطفيهن بنيجيريا

8 تلميذات مخطوفات يفلتن من خاطفيهن بنيجيريا

تمكنت 8 تلميذات خطفن على طريق مدرستهنّ الثانوية في شمال غربي نيجيريا من الإفلات من خاطفيهن بعد أسبوعين، على ما أعلنت السلطات المحلية الأربعاء. وأفاد صامويل أروان مفوض الأمن الداخلي بولاية كادونا، حيث تكثر عمليات الخطف لقاء فدية، بأن التلميذات خطفن في 3 أبريل (نيسان).

«الشرق الأوسط» (كانو)
الاقتصاد هل تنجح نيجيريا في القضاء على ظاهرة «سرقة النفط»؟

هل تنجح نيجيريا في القضاء على ظاهرة «سرقة النفط»؟

بينما يعاني الاقتصاد النيجيري على كل المستويات، يستمر كذلك في تكبد خسائر تقدر بمليارات الدولارات نتيجة سرقة النفط الخام.

العالم مخيمات انتقالية للمتطرفين السابقين وضحاياهم في نيجيريا

مخيمات انتقالية للمتطرفين السابقين وضحاياهم في نيجيريا

يبدو مخيم الحج للوهلة الأولى شبيهاً بسائر مخيمات النازحين في شمال نيجيريا؛ ففيه تنهمك نساء محجبات في الأعمال اليومية في حين يجلس رجال متعطّلون أمام صفوف لا تنتهي من الخيم، لكن الفرق أن سكان المخيم جهاديون سابقون أو أشخاص كانوا تحت سيطرتهم. أقنعت الحكومة العناصر السابقين في تنظيم «بوكو حرام» أو تنظيم «داعش» في غرب أفريقيا بتسليم أنفسهم لقاء بقائهم أحراراً، على أمل وضع حد لحركة تمرد أوقعت عشرات آلاف القتلى وتسببت بنزوح أكثر من مليوني شخص منذ 2009. غير أن تحقيقاً أجرته وكالة الصحافة الفرنسية كشف عن ثغرات كبرى في آلية فرز المقاتلين واستئصال التطرف التي باشرتها السلطات بعد مقتل الزعيم التاريخي لحرك

«الشرق الأوسط» (مايدوغوري)
العالم «قضية مخدرات» تثير الجدل حول الرئيس النيجيري المنتخب

«قضية مخدرات» تثير الجدل حول الرئيس النيجيري المنتخب

أثارت تغريدات لمنصة إعلامية على موقع «تويتر» جدلاً في نيجيريا بعد أن نشرت أوراق قضية تتعلق باتهامات وُجهت من محكمة أميركية إلى الرئيس المنتخب حديثاً بولا أحمد تينوبو، بـ«الاتجار في المخدرات»، وهو ما اعتبره خبراء «ضمن حملة إعلامية تديرها المعارضة النيجيرية لجذب الانتباه الدولي لادعاءاتها ببطلان الانتخابات»، التي أُجريت في فبراير (شباط) الماضي. والاثنين، نشرت منصة «أوبر فاكتس (UBerFacts»)، التي تعرّف نفسها على أنها «منصة لنشر الحقائق الموثقة»، وتُعرَف بجمهورها الكبير على موقع «تويتر»، الذي يقارب 13.5 مليون متابع، وثائق ذكرت أنها صادرة عن محكمة أميركية (متاحة للجمهور العام) في ولاية شيكاغو، تقول


تطوّر العلاقات السعودية ـ الصينية... شراكة استراتيجية على مختلف الأصعدة

الرئيس الصيني شي جينبينغ مستقبلاً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في بكين في مارس 2017 (أ.ف.ب)
الرئيس الصيني شي جينبينغ مستقبلاً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في بكين في مارس 2017 (أ.ف.ب)
TT

تطوّر العلاقات السعودية ـ الصينية... شراكة استراتيجية على مختلف الأصعدة

الرئيس الصيني شي جينبينغ مستقبلاً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في بكين في مارس 2017 (أ.ف.ب)
الرئيس الصيني شي جينبينغ مستقبلاً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في بكين في مارس 2017 (أ.ف.ب)

عقدت أخيراً في الرياض الجولة الثانية من المشاورات السياسية بين وزارة الخارجية السعودية ووزارة الخارجية الصينية، وترأس الجانب السعودي نائب وزير الخارجية وليد الخريجي، وترأس الجانب الصيني نظيره نائب الوزير دنغ لي. وبحث الجانبان تطوير العلاقات الثنائية، مع مناقشة المستجدات التي تهم الرياض وبكين. يذكر أن العلاقات السعودية الصينية شهدت تطوراً ملحوظاً خلال السنوات الأخيرة، إذ تعززت الشراكة بين البلدين على مختلف الأصعدة الاقتصادية والسياسية والثقافية. وتعود العلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية إلى عام 1990، عندما افتتحت سفارتا البلدين رسمياً في العاصمتين بكين والرياض. مع أن علاقات التعاون والتبادل التجاري بين البلدين بدأت قبل عقود. وعام 1979، وقّع أول اتفاق تجاري بينهما، واضعاً الأساس لعلاقات قوية مستمرة حتى يومنا هذا.

تُعدّ الصين اليوم الشريك التجاري الأكبر للمملكة العربية السعودية، وانعكست العلاقات المتنامية بين البلدين بشكل كبير على التعاون الاقتصادي والتجاري بينهما؛ إذ أسهمت في وصول حجم التبادل التجاري إلى أكثر من 100 مليار دولار أميركي في عام 2023. تستورد الصين النفط الخام من السعودية بشكل رئيسي، وتعدّ المملكة أكبر مورد للنفط إلى الصين، إذ تصدر ما يقرب من 1.7 مليون برميل يومياً. ولقد تجاوزت الاستثمارات الصينية في المملكة حاجز الـ55 مليار دولار. وبحسب تقرير لـ«edgemiddleeast»، ضخّت الصين 16.8 مليار دولار في المملكة في 2023 مقابل 1.5 مليار دولار ضختها خلال عام 2022، استناداً إلى بيانات بنك الإمارات دبي الوطني، وهي تغطي مشاريع في البنية التحتية والطاقة والصناعات البتروكيماوية. وفي المقابل، استثمرت المملكة في عدد من المشاريع داخل الصين، منها الاستثمارات في قطاعات التكنولوجيا والنقل. واستضافت الرياض أيضاً في شهر يونيو (حزيران) من هذا العام «مؤتمر الأعمال العربي الصيني» الذي استقطب أكثر من 3600 مشارك. وبعد أسبوعين فقط، أرسلت السعودية وفداً كبيراً بقيادة وزير الاقتصاد السعودي إلى مؤتمر «دافوس الصيفي» في الصين. وبالإضافة إلى هذا الزخم الحاصل، دعت الصين المملكة العربية السعودية كضيف شرف إلى «معرض لانتشو الصيني للاستثمار والتجارة» الذي أقيم من 7 إلى 10 يوليو (تموز) من هذا العام. وكانت وزارة الاستثمار السعودية حثّت الشركات على المشاركة بفاعلية في المعرض، والجناح السعودي المعنون «استثمر في السعودية». كذلك وقّعت السعودية والصين اتفاقيات متعددة لتعزيز التعاون في قطاع الطاقة، بما في ذلك مشاريع الطاقة المتجددة. وتسعى المملكة لتحقيق «رؤية 2030» التي تهدف إلى تقليص الاعتماد على النفط وتعزيز استخدام الطاقة المتجددة، في حين تسعى الصين إلى تأمين إمدادات الطاقة اللازمة لتنميتها الاقتصادية. وبالفعل، جرى أخيراً توقيع اتفاقية بين شركة «تي سي إل تشونغ هوان» لتكنولوجيا الطاقة المتجددة الصينية، وشركة توطين للطاقة المتجددة، وشركة «رؤية للصناعة» السعوديتين، لتأسيس شركة باستثمار مشترك، من شأنها دفع توطين إنتاج الرقائق الكهروضوئية في المملكة العربية السعودية. ووفقاً للاتفاقية، يبلغ إجمالي حجم الاستثمار في المشروع المشترك نحو 2.08 مليار دولار. التعاون السياسي والدبلوماسي تتعاون المملكة والصين على مستوى عالٍ في القضايا الدولية والإقليمية. وتستند العلاقات السياسية بين البلدين إلى احترام السيادة الوطنية والامتناع عن التدخل في الشؤون الداخلية. كذلك تتبادل الدولتان الدعم في المحافل الدولية، مثل الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي، ولقد لعبت الصين دوراً محوَرياً في الوساطة بين السعودية وإيران، ما أدى إلى تحقيق نوع من التوافق بين البلدين، أسهم في توطيد الاستقرار، وقلّل من حدة التوترات، وعزّز من الأمن الإقليمي. الزيارات الرسمية والقمم المعروف أنه في مارس (آذار) 2017، قام الملك سلمان بن عبد العزيز بزيارة رسمية للصين حيث التقى الرئيس الصيني شي جينبينغ. وخلال الزيارة، وُقّعت 14 اتفاقية ومذكرة تفاهم، تضمنت التعاون في مجالات الطاقة والاستثمارات والعلوم والتكنولوجيا. وفي وقت سابق، كان خادم الحرمين الشريفين الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز قد زار الصين رسمياً عام 2006، كانت تلك الزيارة بمثابة نقطة تحوّل في تعزيز العلاقات الثنائية، وشملت مباحثات مع القيادة الصينية وشهدت توقيع اتفاقيات عدة في مجالات الطاقة والتجارة والاستثمار. كما زار ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الصين في فبراير (شباط) 2019 كجزء من جولته الآسيوية. خلال هذه الزيارة، وقّعت 35 اتفاقية تعاون بين البلدين بقيمة تجاوزت 28 مليار دولار، وشملت مجالات النفط والطاقة المتجددة والبتروكيماويات والنقل. بعدها، في ديسمبر (كانون الأول) 2022، قام الرئيس الصيني شي جينبينغ بزيارة تاريخية إلى الرياض، حيث شارك في «قمة الرياض»، التي جمعت قادة دول مجلس التعاون الخليجي والصين. وتركّزت هذه القمة على تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية والأمنية بين الجانبين، وخلالها وقّع العديد من الاتفاقيات في مجالات الطاقة والبنية التحتية والتكنولوجيا. من الزيارات البارزة الأخرى، زيارة وزير الخارجية الصيني إلى السعودية في مارس (آذار) 2021، حيث نوقش التعاون في مكافحة جائحة «كوفيد 19» وتعزيز العلاقات الاقتصادية،