في أزقة مدينة بيتسبرغ بولاية بنسيلفانيا في الولايات المتحدة الأميركية، نشأ آندي وارهول، إبان فترة «الكساد الكبير» في عشرينات القرن الماضي، وانتقل بعدها في شبابه إلى نيويورك بحثاً عن لقمة عيش في مدينة عملاقة، من دون أن يدرك أنّ هذه البداية ستقوده إلى أن يكون أحد أشهر الفنانين المعاصرين في العالم.
وارهول الذي قاده ولعه بمشاهير تلك الحقبة، إلى رسم صورهم بالطباعة الحريرية، وكانت آنذاك طريقة غير معروفة لعموم الجمهور، حقّق حلم طفولته بعد انتشار أعماله بشكل كبير، وبات أحد المشاهير في العالم.
تعبر لوحة دوللي بارتون عن الثقافة الأميركية في الثمانينات (الشرق الأوسط)
«فنون العلا» ومؤسسة «آندي وارهول» جلبتا أعمال الفنان الراحل لأول مرة إلى منطقة الشرق الأوسط عبر معرض «شهرة» (FAME)، الذي يسلط الضوء على إبداعات وارهول في معرض تستضيفه قاعة مرايا بمحافظة العلا، خلال الفترة من 17 فبراير (شباط) وحتى 16 مايو (أيار) 2023.
وهذا المعرض هو الحضور الأول لمؤسسة «آندي وارهول» في الشرق الأوسط، ويُعد جزءاً من توسع «فنون العلا» نحو الأعمال والإبداعات البصرية، ويشكّل أهم الأحداث الفنية التي يتضمنها مهرجان «فنون العلا» السنوي، كما أنّه يركز على مفهوم الشهرة التي شكّلت عنصراً أساسياً من حياة الفنان ومسيرته المهنية، ليقدّم بعضاً من أشهر أعماله الفنيّة، إلى جانب مجموعة من الصور الأرشيفية النادرة، والتذكارات.
تعكس لوحة الأميرة كارولين ولع وارهول بالشهرة والثروة والمأساة (الشرق الأوسط)
ويسلط المعرض الضوء على ارتباط وارهول المستمر بالجماهير في العصر الحالي، ليرسم أوجه التشابه ما بين انعكاسات الفنان على المجتمع آنذاك والثقافة المعاصرة اليوم، وكيفية تحوّل التجربة الفردية للعالم من خلال التقنيات الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي، ويعكس المعرض أيضاً مفارقات الشهرة وفق إطارات فنية.
في البيان الافتتاحي للمعرض، قال باتريك مور مدير متحف «آندي وارهول»، إنه عندما دُعي لتنسيق المعرض في العلا، فكر في كيفية ربط القطع الفنية بأحد أجمل المواقع التي شاهدها، وهو مسرح «مرايا» الواقع وسط محيط خلاب يشبه السراب، الذي يتماهى مع الطبيعة التي يعكسها، كما أنه المكان الأنسب لأعمال وارهول.
من جانبها، ذكرت نورا الدبل المديرة التنفيذية لـ«فنون العلا» في أثناء كلمتها في البيان الافتتاحي، أن الأعمال التي يقدمها المعرض تربط أفكاراً من تاريخ الفن العالمي بالإرث الإبداعي في العلا، بما من شأنه إثراء الأجيال القادمة، وتشجيع الزائرين على اكتشاف الأفكار والتقنيات التي ميزت إرث وارهول الفني الكبير.
وتتضمن المعروضات صورة شخصية لجاكلين كينيدي قبل لحظات من اغتيال زوجها الرئيس الأميركي الأسبق جون كينيدي، التي طبعها نتيجة تأثره العميق بالتغطية الإعلامية في أعقاب الاغتيال، فجمع حينها قصاصات المجلات التي نشرت صورها، ليرسمها بالطباعة الحريرية ويضيف عليها درجات من اللون الأزرق، ليضفي طابعاً من الحزن، الذي خيّم عليها بعد دقائق من التقاط الصورة.
حاول وارهول تسليط الضوء على ابتسامة جاكلين كينيدي الأخيرة قبل اغتيال زوجها (الشرق الأوسط)
ويقدّم المعرض أيضاً، فيديوهات «بورتريه» تضم صوراً لأبرز رموز الثقافة في الستينات، يرافقها عرض مجموعة من الصور الفوتوغرافية الأرشيفية النادرة بما في ذلك صور دعائية لهوليوود، وصور «بولارويد» التقطها في الاستوديو الخاص به، واستخدمها لاحقاً مصدراً للعديد من لوحاته ومطبوعاته.
ويتزامن مع المعرض برنامج عام يتضمن حوارات، وسلسلة ورشات عمل، ودورات متخصصة في طباعة الشاشة والتصميم، كذلك يقدّم للزائرين فرصاً فريدة من نوعها للتعرّف على الفنان وأسلوبه الفني.
ويُعَدُّ مهرجان «العلا للفنون» من أبرز الفعاليات السنوية على الساحة الفنية العالمية، الذي يُنظّم تحت شعار «الحياة بالألوان»، ويسلط الضوء على الأعمال الفنية الغنيّة بالألوان، التي تضفي على البيئة الطبيعية الخلابة رونقاً مميزاً مفعماً بالحياة، وذلك من خلال مجموعة مختارة من الأعمال الفنية التركيبية المعروضة في أماكن عامة وفي المعارض الخاصة.