وضعت الهيئة العامة للترفيه في السعودية سقفاً عالياً لإقامة المسابقات يَصعب تحقيق ضوابطه واشتراطاته وحجم الدعم المعنوي والمالي من الآخرين، فتفردت السعودية خلال الأعوام الماضية بإقامة هكذا أحداث، ومنها مسابقة «عطر الكلام» التي تجاوزت قيمة جوائزها 12 مليون ريال، أي ما يعادل «3.5 مليون دولار».
واعتمدت الهيئة في إطلاقها مثل هذه المسابقات على استراتيجيتها المبنيّة على توفير الفرص الترفيهية لشرائح المجتمع كافة، مع تحفيز دور القطاع الخاص، وربطت هذه الفرص بالتنوع والعالمية في الخيارات لتضرب فيما بعد موعداً مع أحداث غير تقليدية من حيث الكيف والكم في تنفيذها وعوائدها وأهدافها.
ومن هذه الأحداث التي لقيت رواجاً على المستوى العالمي مسابقة «عطر الكلام» التي بُنيت على قواعد متينة من حيث اللجان التحكيمية وعدد المشاركين في السنوات الأولى من عمر المسابقة التي انطلقت في 2019، إضافة إلى التخصص في المسابقة التي أخذت مسارين لا ثالث لهما، لتتفرد عن باقي المسابقات في الشكل والمضمون والجوائز المالية.
هذه المسابقة التي أخذت أبعاداً عالمية لأهميتها ومضمونها، تؤكد حرص السعودية على نشر الثقافة الإسلامية عالمياً، ومواكبة مستهدفات «رؤية 2030» في تعريف العالم بسماحة الإسلام ووسطيته، وإبراز ثراء ثقافات العالم الإسلامي وغناها وتنوعها، كما أن المسابقة تسلّط الضوء على دور المملكة الرائد في رعاية شعائر الإسلام، من خلال رعايتها للقرآن الكريم، والسنة النبوية الشريفة، والعاملين عليهما ودعمهم.
ونجحت الهيئة العامة للترفيه في تطوير القطاع وجعله مستداماً ويسهم في دعم الاقتصاد الوطني وتنويع مصادر دخله، والإسهام في رفع الناتج المحلي الإجمالي، مع توليد الفرص الوظيفية للكوادر السعودية، إضافةً إلى دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة المحلية ورفع نسبة الاستثمارات الأجنبية.
وفي سنواتها الخمس الأولى حققت هيئة الترفيه أرقاماً متميزة، إذ بلغ عدد التراخيص 2189 ترخيصاً، ووصل عدد الشركات العاملة في قطاع الترفيه إلى 2500 شركة، وتجاوز عدد الحضور للفعاليات 75 مليون شخص، وهذا انعكس بشكل إيجابي على العائدات من القطاع الذي قُدِّر حسب موقع الهيئة بنحو مليار ريال، مما يدفع بعملية النمو في هذا الجانب.
وبالعودة إلى مسابقة «عطر الكلام» التي تهدف إلى إبراز المواهب في التلاوة والأذان، تنطلق هذه المسابقة تحديداً من مبدأ تعظيم القرآن الكريم والأذان، وإبراز جماليات الصوت والمقامات الصوتية لدى القراء والمؤذّنين، لذلك فإن الجمهور على موعد كبير مع جماليات الصوت لأكثر من 2116 مشاركاً صُفُّوا من بين 50 ألف مشارك من أكثر من 100 دولة.
ومن جماليات المسابقة أنها فتحت الباب أمام جميع الأعمار ومن مختلف المجتمعات.
إذ بلغ عمر أصغر متسابقة لهذا العام قرابة 5 أعوام، وفي الشق الآخر النقيض لهذا العمر تجاوز عمر أكبر متسابق نحو 104 أعوام، وهذا ما جعل المسابقة ذات قيمة في مختلف دول العالم لتوافر جميع العناصر والمقومات لهكذا مسابقات، لتكون السعودية قِبلةً للمبدعين والموهوبين من مختلف دول العالم، وتدعم هذه المواهب وتمكّنهم وتحتفي بهم، كامتداد طبيعي لدورها القيادي الرائد في العالم الإسلامي على وجه الخصوص وفي المحافل الدولية.
والمدرك لآليات هذه المسابقات وقواعدها يعلم أن ما فيها من ضوابط تطبقها اللجنة التحكيمية في علوم الأصوات والأداء والتجويد والمقامات، وغيرها من الأحكام الدقيقة، ما يجعلها مرجعاً علمياً ومعرفياً يستفيد منه المتسابقون والمشاهدون، إذ تقود المسابقة أكبر لجنة تحكيم في تاريخ مسابقات القرآن الكريم والأذان مجتمعَين، حيث تضم خبراء ومتخصصين من دول إسلامية مختلفة، لضمان تكافؤ الفرص بين المتسابقين، وتعزيز النزاهة والحوكمة، والمنهجية المعمول بها من اللجنة في الحكم على الأداء والتجويد والمقامات.