ضغط أميركي - دولي لمعابر حدودية جديدة توصل المساعدات إلى سوريا

ترقب لمواقف موسكو وبكين وسط إصرار دمشق على التحكم بالعملية الإغاثية

أطفال خارج خيام نصبت للمتضررين من الزلزال في بلدة جندريس شمال غربي سوريا (رويترز)
أطفال خارج خيام نصبت للمتضررين من الزلزال في بلدة جندريس شمال غربي سوريا (رويترز)
TT

ضغط أميركي - دولي لمعابر حدودية جديدة توصل المساعدات إلى سوريا

أطفال خارج خيام نصبت للمتضررين من الزلزال في بلدة جندريس شمال غربي سوريا (رويترز)
أطفال خارج خيام نصبت للمتضررين من الزلزال في بلدة جندريس شمال غربي سوريا (رويترز)

ضغطت الولايات المتحدة وكثير من الدول الأعضاء في مجلس الأمن، الاثنين، من أجل اتخاذ قرار «فوري» يسمح بفتح مزيد من المعابر على الحدود التركية - السورية، لإيصال قوافل المعونات الملحة لملايين السوريين المتضررين من الزلزال المدمر، والمنكوبين أصلاً بسبب الحرب المتواصلة منذ عام 2011، وسط ترقب لمعرفة ما إذا كانت روسيا والصين ستسمحان بتجاوز إصرار حكومة الرئيس بشار الأسد على التحكم «السيادي» السوري بأي عملية إغاثة، أم لا، بما في ذلك للمناطق غير الخاضعة لسيطرتها في شمال غربي البلاد.

ووصفت جلسة مجلس الأمن التي طلبتها البرازيل وسويسرا وستعقد عصر الاثنين، بتوقيت نيويورك، بأنها «خاصة» ومن خارج جدول الأعمال. وهي مجرد مقدمة لمشاورات مغلقة وبمثابة «جس نبض» لمعرفة ما إذا كانت روسيا، وربما الصين، ستسمحان بتمرير مشروع قرار جديد حول إدخال المساعدات الإنسانية وغيرها من موارد الإغاثة الدولية عبر مزيد من النقاط على الحدود السورية - التركية، لملايين السوريين الذي تأثروا بالزلزال المدمر الذي ضرب جنوب شرقي تركيا وشمال سوريا في 6 فبراير (شباط).

وكان مجلس الأمن أصدر القرار رقم 2672 في 9 يناير (كانون الثاني) الماضي، لإجازة إدخال المساعدات من تركيا باتجاه سوريا من خلال معبر باب الهوى. وينتهي هذا التفويض في 10 يوليو (تموز) المقبل.

وفي ضوء الدعوات التي أطلقت من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، وكثير من الدبلوماسيين الكبار في المنظمة الدولية، وبينهم المندوبة الأميركية الدائمة ليندا توماس - غرينفيلد لإغاثة المنكوبين السوريين من الزلازل، استعدت البرازيل وسويسرا، وهما عضوا مجلس الأمن المعنيان بالملف الإنساني السوري، لتقديم مشروع قرار يجيز تمرير المساعدات من خلال كل الطرق الممكنة، مع إضافة معبرين حدوديين، بالإضافة إلى باب الهوى الذي تضرر بشدة بسبب الزلزال.

واستندتا في ذلك إلى المعلومات التي وردت من وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية منسق المعونة الطارئة مارتن غريفيث، ومديرة العمليات والمناصرة في مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية غادة الطاهر مضوي، اللذين زارا المناطق المتضررة في تركيا وسوريا، لجهة الحاجة الملحة إلى فتح مزيد من المعابر الحدودية.

وبالإضافة إلى ترقب موقفي روسيا والصين، يرجح أن يأخذ أعضاء مجلس الأمن برأي كل من تركيا وسوريا، علماً بأن حكومة الرئيس بشار الأسد تسعى إلى حصر المسؤولية بها في إيصال المساعدات عبر جبهات القتال من المناطق التي تسيطر عليها في اتجاه المناطق التي تخضع لجماعات المعارضة.

في المقابل، يسعى غريفيث إلى توسيع آلية إيصال المساعدات الإنسانية من دون الحاجة إلى موافقة قد لا تأتي في الوقت المناسب من الحكومة السورية.

وفي الوقت الذي يؤكد فيه بعض أعضاء المجلس ضرورة أن يأذن المجلس بعمليات عبور إضافية على الحدود التركية - السورية، حضت المندوبة الأميركية أعضاء مجلس الأمن على تبني قرار عاجل من مجلس الأمن لـ«فتح معابر حدودية أخرى أو اثنين».

وتلتقي هذه التصريحات مع الدعوة التي أطلقها غوتيريش من أجل استكشاف «كل السبل الممكنة لإيصال المساعدات والأفراد إلى كل المناطق المتضررة»، مضيفاً أنه سيكون «سعيداً للغاية إذا كانت هناك إمكانية للقيام بذلك فيما يتعلق بالأمم المتحدة في أكبر عدد ممكن من المعابر». وهذه هي الرسالة التي نقلها المبعوث الخاص للأمم المتحدة بسوريا غير بيدرسن إلى دمشق، خلال اجتماعاته مع وزير الخارجية السوري فيصل المقداد.

وكان الوضع الإنساني في سوريا مزرياً حتى قبل الزلزال الأخير الذي ضرب منطقة غازي عنتاب. وأفادت الأمم المتحدة أخيراً بأن 10.9 مليون شخص في سوريا تضرروا من الزلزال في محافظات الشمال الغربي؛ حماة واللاذقية وإدلب وحلب وطرطوس. ووفقاً لتحديث مكتب

تنسيق الشؤون الإنسانية في 12 فبراير (شباط)، فاق عدد الضحايا في سوريا 4300 قتيل.

ويرجح أن يرتفع العدد لأن الكثيرين لا يزالون مفقودين تحت حطام المباني المنهارة. وكرر غريفيث أن المجتمع الدولي «خذل» الذين «يبحثون عن مساعدة دولية لم تصل بعد» إلى شمال غربي سوريا.

وتفاقمت الأزمة الإنسانية السورية أصلاً بسبب الحرب المتواصلة بلا هوادة منذ 12 عاماً، وبسبب تدهور الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي تميزت بارتفاع أسعار الغذاء والوقود، وتفشي مرض الكوليرا.
وكان غريفيث بدأ مناقشات مع أعضاء المجلس حول الاستراتيجيات التي ينبغي اعتمادها لتسهيل التدفق المستمر للمساعدات، وتأمين المستويات المطلوبة من التمويل، وتوفير المأوى لأولئك الذين فقدوا منازلهم، ومعالجة انعدام الأمن الغذائي، وتوفير العناية الطبية اللازمة.

وحتى الآن، خصص صندوق الأمم المتحدة لحالات الطوارئ 50 مليون دولار لتعزيز المساعدات الإنسانية في المنطقة.

وتلقى الصندوق مساهمات تبلغ نحو 50 مليون دولار من فرنسا وألمانيا وآيرلندا واليابان وهولندا والسويد والولايات المتحدة وغيرها. وهناك ترقب للنداء الإنساني العاجل الذي يتوقع أن يطلقه الأمين العام للأمم المتحدة خلال الساعات المقبلة لتحديد الفجوات والحاجات والمتطلبات المالية لفترة أولية مدتها 3 أشهر.


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).