الأقمار الصناعية تكشف تأثيرا كبيرا للمناخ في تآكل السواحل

الأقمار الصناعية تكشف تأثيرا كبيرا للمناخ في تآكل السواحل
TT

الأقمار الصناعية تكشف تأثيرا كبيرا للمناخ في تآكل السواحل

الأقمار الصناعية تكشف تأثيرا كبيرا للمناخ في تآكل السواحل

قام باحثون بجامعة «نيو ساوث ويلز» بسيدني في أستراليا بتحليل الملايين من صور الأقمار الصناعية لمراقبة التغيرات في الشواطئ عبر المحيط الهادئ. وقد كشفت النتائج، التي نُشرت في «Nature Geoscience»، أول من أمس (الجمعة)، لأول مرة عن كيفية استجابة الخطوط الساحلية لمراحل مختلفة من دورة التذبذب الجنوبي النينيو (ENSO).
والنينيو ظاهرة مناخية طبيعية تسبب تغيرات في درجات حرارة سطح البحر فوق المحيط الهادئ. إذ تؤثر هذه المرحلة من الاحترار (المعروفة باسم El Niño) ومرحلة التبريد (المعروفة باسم La Niña) على أنماط الطقس عبر السواحل المختلفة اعتمادًا على الدورة؛ فخلال هذه الفترات، يمكن أن يشتد تآكل السواحل أيضًا، ما يؤدي إلى إبعاد الرمال عن الشواطئ وتهديد المنازل والموائل على شاطئ البحر. لكن العلماء لم يتمكنوا من دراسة هذا الأمر على نطاق واسع باستخدام تقنيات المراقبة الساحلية التقليدية التي اقتصرت على الملاحظات على الأرض في عدد قليل من الشواطئ.
وفي توضيح أكثر لها الأمر، قال الدكتور ميتشل هارلي المؤلف المشارك في الدراسة «لقد عرف العلماء أن الشواطئ تستجيب لدورات النينيو لعقود من الزمن، لكننا تمكنا فقط من رسم صورة صغيرة لهذا من خلال عدد قليل من مواقع مراقبة الشواطئ المتفرقة». مضيفا «بالنسبة لهذا البحث، تمكنا من اتخاذ زاوية مختلفة تمامًا لإكمال الصورة الأكبر لكيفية تأثير دورات المناخ على سواحل المحيط الهادئ بأكملها». وذلك وفق ما نشر موقع «phys.org» العلمي المتخصص
وفي هذا الاطار، التقطت الأقمار الصناعية التي تدور حول الأرض صورًا لسواحل العالم على فترات منتظمة لما يقرب من أربعين عامًا. فقد طور الباحثون أداة جديدة مفتوحة المصدر تسمى «CoastSat» تجمع بين معالجة الصور وخوارزميات التعلم الآلي لاستخراج المعلومات من كل بكسل حول آلاف الشواطئ الرملية على طول حافة المحيط الهادئ؛ حيث «تحدد الأداة تلقائيًا موقع الواجهة بين الرمال والماء. وبالقيام بذلك عبر صور وشواطئ متعددة وتصحيح المد، يمكننا اكتشاف التغييرات في الخط الساحلي على نطاق زمني ومكاني كبير وكيف يرتبط ذلك بدورات ENSO »، وفق ما يقول الدكتور كيليان فوس المؤلف الرئيسي للدراسة العامل بمختبر أبحاث المياه، الذي يضيف، انه «باستخدام الأداة، عالج الباحثون 38 عامًا من صور القمر الصناعي (لاندسات) للعثور على ارتباطات في عرض الشاطئ ودورات (النينيو) و(النينيا) عبر أكثر من 8000 كيلومتر من الساحل الرملي، من الساحل الشرقي لأستراليا إلى الساحل الغربي لولاية كاليفورنيا ونزولاً إلى تشيلي. وقد وجدوا أن الشواطئ على الساحل الجنوبي الشرقي لأستراليا تضيق خلال فترات طويلة من ظاهرة النينيا، بينما تتسع أو (تتجمع) خلال فترات النينيو. لكن الشواطئ على الجانب الآخر من المحيط الهادئ تواجه تأثيرًا معاكسًا؛ حيث تتآكل خلال ظاهرة النينيو وتتعافى خلال ظاهرة النينيا. وبينما تبحث دراستنا في متوسط سلوك الشواطئ الرملية المرتبط بدورة ENSO، فإن هذا يتوافق مع ما لاحظناه»
من جانبهم، يقول الباحثون إن فهم تأثير دورات ENSO على سواحل مختلفة من المحيط الهادئ يمكن أن يساعد هذا مديري السواحل والسكان على توقع مخاطر التآكل الساحلي والاستعداد لتدابير الحماية مثل تغذية الشواطئ.
ويؤكد فوس أن «السواحل الرملية هي من أكثر البيئات ديناميكية واكتظاظًا بالسكان على كوكب الأرض. لكن في بعض الظروف يمكن أن تختفي تمامًا بين عشية وضحاها وتستغرق سنوات لتعود. من الضروري أن نستمر في مراقبتها من خلال دراسات مثل هذه تساعد في معرفة كيف يمكننا إدارة شواطئنا، ستوفر حاجزًا بين أمواج المحيط والبنية التحتية عالية القيمة المحيطة بها. فإذا كنت سائحًا تتطلع إلى قضاء عطلة على الشاطئ، فقد يكون من المفيد النظر إلى توقعات ENSO لأنها قد تعطيك مؤشرًا عن المكان الذي تتوقع فيه الشواطئ الرملية الواسعة».
جدير بالذكر، يخطط الباحثون لمزيد من تحليل البيانات من كلا المشروعين للكشف عن رؤى حول كيفية استجابة الشواطئ للأمواج ومستويات سطح البحر وتغير المناخ في أقرب وقت ممكن من الوقت الفعلي. فيما «تشير بعض الدراسات إلى أن تغير المناخ سيغير أنماط ENSO، ما قد يؤثر على كيفية تغير السواحل بشكل أكبر، من حيث تكثيف آثار التآكل والتراكم أو التحول في مكان حدوثها»، حسب الدكتور هارلي، الذي خلص الى أنه «باستخدام كل مصادر البيانات المذهلة هذه من الفضاء والمجتمع يمكننا الاستمرار في زيادة فهمنا لكيفية تغير خطوطنا الساحلية الآن وفي المستقبل».


مقالات ذات صلة

أميركا وأوروبا ودول أخرى ترفع التمويل المناخي للدول النامية إلى 300 مليار دولار

الاقتصاد رجل يحمل حقيبة سفر بالقرب من مدخل مكان انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ COP29 في باكو (رويترز)

أميركا وأوروبا ودول أخرى ترفع التمويل المناخي للدول النامية إلى 300 مليار دولار

وافق الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى خلال قمة الأمم المتحدة المعنية بتغير المناخ (كوب29) على زيادة عرضها لهدف التمويل العالمي إلى 300 مليار دولار

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد سيارات تُحضر بعض الوفود إلى مقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو (رويترز)

«كوب 29» يشتعل في اللحظات الحاسمة مع اعتراضات من كل الأطراف

سيطر الخلاف على اليوم الختامي لـ«كوب 29» حيث عبرت جميع الأطراف عن اعتراضها على «الحل الوسطي» الوارد في «مسودة اتفاق التمويل».

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد مفوض الاتحاد الأوروبي للعمل المناخي فوبكي هوكسترا في مؤتمر صحافي على هامش «كوب 29» (رويترز)

«كوب 29» في ساعاته الأخيرة... مقترح يظهر استمرار الفجوة الواسعة بشأن تمويل المناخ

تتواصل المفاوضات بشكل مكثّف في الكواليس للتوصل إلى تسوية نهائية بين الدول الغنية والنامية رغم تباعد المواقف في مؤتمر المناخ الخميس.

«الشرق الأوسط» (باكو)
بيئة أظهرت الدراسة التي أجراها معهد «كلايمت سنترال» الأميركي للأبحاث أنّ الأعاصير الـ11 التي حدثت هذا العام اشتدت بمعدل 14 إلى 45 كيلومتراً في الساعة (رويترز)

الاحترار القياسي للمحيطات زاد حدة الأعاصير الأطلسية في 2024

أكدت دراسة جديدة، نُشرت الأربعاء، أن ظاهرة الاحترار المناخي تفاقم القوة التدميرية للعواصف، مسببة زيادة السرعة القصوى لرياح مختلف الأعاصير الأطلسية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد رجل يقف بجوار شعار مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ «كوب 29» في أذربيجان (رويترز)

«أوبك» في «كوب 29»: التحول المتوازن في مجال الطاقة مفتاح الاستدامة العالمية

قال أمين عام «أوبك» إن النفط والغاز الطبيعي «هبة من الله»، وإن محادثات الحد من الاحتباس الحراري يجب أن تركز على خفض الانبعاثات وليس اختيار مصادر الطاقة.

«الشرق الأوسط» (باكو)

سلوفينية تبلغ 12 عاماً تُنقذ مشروعاً لإعادة «الزيز» إلى بريطانيا

أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)
أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)
TT

سلوفينية تبلغ 12 عاماً تُنقذ مشروعاً لإعادة «الزيز» إلى بريطانيا

أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)
أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)

عندما سافر علماء بيئة بريطانيون إلى سلوفينيا هذا الصيف على أمل التقاط ما يكفي من صراصير «الزيز» المغرِّدة لإعادة إدخال هذا النوع إلى غابة «نيو فورست» في بريطانيا، كانت تلك الحشرات صعبة المنال تطير بسرعة كبيرة على ارتفاع بين الأشجار. لكنَّ فتاة تبلغ 12 عاماً قدَّمت عرضاً لا يُفوَّت.

وذكرت «الغارديان» أنّ كريستينا كيندا، ابنة الموظّف في شركة «إير بي إن بي»؛ الموقع الذي يتيح للأشخاص تأجير واستئجار أماكن السكن، والذي وفَّر الإقامة لمدير مشروع «صندوق استعادة الأنواع» دوم برايس، ومسؤول الحفاظ على البيئة هولي ستانوورث، هذا الصيف؛ اقترحت أن تضع شِباكاً لالتقاط ما يكفي من صراصير «الزيز» لإعادتها إلى بريطانيا.

قالت: «سعيدة للمساعدة في هذا المشروع. أحبّ الطبيعة والحيوانات البرّية. الصراصير جزء من الصيف في سلوفينيا، وسيكون جيّداً أن أساعد في جَعْلها جزءاً من الصيف في إنجلترا أيضاً».

كان صرصار «نيو فورست» الأسود والبرتقالي هو النوع الوحيد من الصراصير الذي وُجِد في بريطانيا. في الصيف، يصدح الذكور بأغنية عالية النغمات لجذب الإناث التي تضع بيضها في الأشجار. وعندما يفقس الصغار، تسقط إلى أرض الغابة وتحفر في التربة، حيث تنمو ببطء تحت الأرض لمدّة 6 إلى 8 سنوات قبل ظهورها على شكل كائنات بالغة.

صرصار «نيو فورست» الأسود والبرتقالي (صندوق استعادة الأنواع)

اختفى هذا النوع من الحشرات من غابة «نيو فورست»، فبدأ «صندوق استعادة الأنواع» مشروعاً بقيمة 28 ألف جنيه إسترليني لإعادته.

نصَّت الخطة على جمع 5 ذكور و5 إناث من متنزه «إيدريا جيوبارك» في سلوفينيا بتصريح رسمي، وإدخالها في حضانة صراصير «الزيز» التي تضمّ نباتات محاطة في أوعية أنشأها موظّفو حديقة الحيوانات في متنزه «بولتون بارك» القريب من الغابة.

ورغم عدم تمكُّن برايس وستانوورث من التقاط صراصير «الزيز» البالغة، فقد عثرا على مئات أكوام الطين الصغيرة التي صنعها صغار «الزيز» وهي تخرج من الأرض بالقرب من مكان إقامتهما، وتوصّلا إلى أنه إذا كانا يستطيعان نصب خيمة شبكية على المنطقة قبل ظهور صراصير «الزيز» في العام المقبل، فيمكنهما إذن التقاط ما يكفي منها لإعادتها إلى بريطانيا. لكنهما أخفقا في ترك الشِّباك طوال فصل الشتاء؛ إذ كانت عرضة للتلف، كما أنهما لم يتمكنا من تحمُّل تكلفة رحلة إضافية إلى سلوفينيا.

لذلك، عرضت كريستينا، ابنة مضيفيهما كاتارينا وميتشا، تولّي مهمّة نصب الشِّباك في الربيع والتأكد من تأمينها. كما وافقت على مراقبة المنطقة خلال الشتاء لرصد أي علامات على النشاط.

قال برايس: «ممتنون لها ولعائلتها. قد يكون المشروع مستحيلاً لولا دعمهم الكبير. إذا نجحت هذه الطريقة، فيمكننا إعادة أحد الأنواع الخاصة في بريطانيا، وهو الصرصار الوحيد لدينا وأيقونة غابة (نيو فورست) التي يمكن للسكان والزوار الاستمتاع بها إلى الأبد».

يأمل الفريق جمع شحنته الثمينة من الصراصير الحية. الخطة هي أن تضع تلك البالغة بيضها على النباتات في الأوعية، بحيث يحفر الصغار في تربتها، ثم تُزرع النباتات والتربة في مواقع سرّية في غابة «نيو فورست»، وتُراقب، على أمل أن يظهر عدد كافٍ من النسل لإعادة إحياء هذا النوع من الحشرات.

سيستغرق الأمر 6 سنوات لمعرفة ما إذا كانت الصغار تعيش تحت الأرض لتصبح أول جيل جديد من صراصير «نيو فورست» في بريطانيا.