«صراع النفوذ» بين الميليشيات يهدد آمال الليبيين في عودة مطار طرابلس

متوقف عن العمل منذ ثماني سنوات

رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة خلال اجتماع بديوان وزارة الموصلات (حكومتنا)
رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة خلال اجتماع بديوان وزارة الموصلات (حكومتنا)
TT

«صراع النفوذ» بين الميليشيات يهدد آمال الليبيين في عودة مطار طرابلس

رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة خلال اجتماع بديوان وزارة الموصلات (حكومتنا)
رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة خلال اجتماع بديوان وزارة الموصلات (حكومتنا)

يراقب سكان العاصمة الليبية طرابلس، تصاعد معدل تكرار الاشتباكات بين بعض الميليشيات المتمركزة بالقرب من المطار الدولي، المتوقف عن العمل منذ ثماني سنوات. ويتندرون لما يرونه على أرض الواقع، وما تعلنه حكومة «الوحدة»، عن بدء أعمال صيانة لإعادة تفعيل العمل بإحدى الصالات الكبرى، بل وإطلاق التصريحات بالمضي قدماً في إنشاء «مطار طرابلس العالمي».
عضو «ملتقى الحوار السياسي» أحمد الشركسي، عدَّ أن تجدد أعمال العنف مؤخراً بالقرب من محيط المطار الدولي «جزء من الاشتباكات التي تندلع بين الفترة والأخرى بين التشكيلات المسلحة المتمركزة بالعاصمة بهدف فرض النفوذ على المواقع المهمة بتلك العاصمة».
وأوضح الشركسي لـ«الشرق الأوسط»، أن «إعادة الحياة لمطار طرابلس، ولو بشكل جزئي، تعني انتهاء دور مطار معيتيقة، الذي يعد حالياً هو المطار الرئيسي للمدينة، والذي تسيطر عليه قوات «جهاز الردع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة» برئاسة عبد الرؤوف كارة، ما يعني انتهاء انفراد عناصر هذا الجهاز بالتحكم بحركة الركاب، وعمليات الشحن ونقل البضائع بمطار معيتيقة، والأخيرة تعد أبواباً واسعة لجني الأرباح».
ولفت في السياق إلى ما توارد من أنباء عن رغبة واشنطن في وجود قواتها خلال الفترة المقبلة بقاعدة معيتيقة بالقرب من المقر الجديد لسفارتها بالعاصمة الليبية، والمزمع إقامته شرق تلك القاعدة، وهو ما يعني «أن (الردع) ستضطر لمغادرة الموقع الاستراتيجي المهم الذي تتمركز به حالياً».
وفي منتصف يوليو (تموز) 2014، تقرر إيقاف العمل بمطار طرابلس الدولي نظراً لتعرضه لأضرار فادحة خلال اشتباكات مسلحة فيما عرف بأحداث «فجر ليبيا»، ووفقاً لشهادة بعض المسؤولين بقطاع الطيران حينذاك، فإن نسبة الأضرار التي ألحقت بمباني المطار والطائرات، تقترب من 90 في المائة، ورجح خبراء أن يتجاوز حجم الخسائر أكثر من 300 مليون دولار.
وعلى ضوء المعلومات السابقة، يرى الشركسي أن «(الردع) باتت تواجه معركة وجود، لذا تحاول استباق كل ما يجري بإثارة المناوشات والاشتباكات مع القوات المتمركزة بمحيط المطار الدولي، في مقدمتها (اللواء 111) مجحفل، بقيادة عبد السلام الزوبي، أملاً بأن يسفر ذلك إما عن إيقاف أعمال الصيانة بصالة الركاب، أو أن تتمكن (الردع) من فرض نفوذها بمنطقة المطار الدولي قبل أن تنجح أي ميليشيا أخرى في هذا الهدف».
وبالتزامن مع عقد رئيس حكومة «الوحدة» عبد الحميد الدبيبة، اجتماعاً بديوان وزارة الموصلات، الأسبوع الماضي، لمتابعة الصعوبات التي تواجه مشروع إنشاء صالة الركاب بمطار طرابلس، تجددت الاشتباكات بين قوات «الردع» وقوات «اللواء 111»، التي كانت شرارتها الأولى اندلعت في 19 من يناير (كانون الثاني) الماضي، وتبادل خلالها الطرفان إطلاق النار بالأسلحة الثقيلة، وأسفرت عن وقوع ثلاثة من القتلى و13 جريحاً من الطرفين.
ورغم أن «الردع» كانت مقربة من الدبيبة لمشاركتها في التصدي لمحاولة غريمه رئيس الحكومة المكلفة من البرلمان فتحي باشاغا، الدخول للعاصمة نهاية أغسطس (آب) الماضي، يتوقع الشركسي أن «يتخلى الدبيبة عن هذا الجهاز وعناصره وقياداته، ويمضي قدماً في إتمام افتتاح صالة الركاب، بل ومنح حق تأمينها كمرفق مهم لميليشيا أخرى مقربة منه، وهي على الأرجح (اللواء 444) برئاسة محمود حمزة».
وأوضح: «إذا تمكن الدبيبة فعلياً من افتتاح الصالة خلال أشهر معدودة، فستقل معاناة التنقل أمام سكان طرابلس والمنطقة الغربية، وبالتالي سترتفع أسهم شعبيته، خصوصاً إذا تمكن أيضاً من افتتاح المدينة الرياضية التي تم استئناف أعمال الصيانة بها أخيراً بعد توقف استمر لسنوات». وأضاف: «لن يكترث الدبيبة بما ستقدم عليه (الردع) من مناوشات أو اشتباكات، فالرجل صار أكثر اعتماداً على الميليشيات المنتمية لمدينته مصراتة مقارنة بالميليشيات المتمركزة بالعاصمة».
من جانبه، استبعد المحلل السياسي الليبي محمد محفوظ، إمكانية مباشرة حكومة «الوحدة» أي نوع من التفاهمات مع الميليشيات التي تعد نفسها متضررة من إعادة تفعيل العمل بصالة الركاب بالمطار الدولي، بما يضمن عدم عرقلة عمليات الصيانة الموكلة لشركة إيطالية.
وقال محفوظ لـ«الشرق الأوسط»، إن «الأمر ليس هيناً على الإطلاق، فالمطار مركز استراتيجي مهم، ومن الصعب إرضاء العديد من الميليشيات المسلحة المتطلعة لإيجاد موطأ قدم به»، مضيفاً: «تجهيزات العمل الفعلية لم تبدأ بعد، والشركة الإيطالية المنفذة لم تدفع بعناصر وخبرائها للموقع، فإذا تجددت الاشتباكات بهذا العنف، كما حدث الشهر الماضي، لن تغامر تلك الشركة ومن قبلها السفارة الإيطالية بتعريض سلامة هؤلاء للخطر».
ويرى محفوظ أن «إخفاق الحكومة في اكتمال أعمال الصيانة بصالة الركاب وافتتاحها خلال أشهر سيبدد أي آمال مستقبلية لدى سكان العاصمة بإمكانية ترميم وتجديد كامل لمطار طرابلس». ويشير المحلل السياسي إلى «افتقاد المؤسسات والسلطات الليبية الراهنة، منها حكومة (الوحدة) للزخم الشعبي، ما يؤدي لأن يبقى قرارها دائماً مرتهناً لسلاح الميليشيات».
الخبير الاقتصادي الليبي سليمان الشحومي، ورداً على ما يثيره البعض حول المبالغة في قيمة التكلفة المرصودة لصيانة صالة الركاب، قال لـ«الشرق الأوسط»، «هناك احتمالية عدم إتاحة طرح عقد الصيانة في صورة عطاء بين الشركات الدولية، لعدم ترحيب البعض بالعمل في ظل الظروف والأوضاع الأمنية التي تشهدها البلاد حالياً».
وشدد الشحومي على أن «التخوف الحقيقي في ما يتعلق بهذه النوعية من العقود الكبيرة أن تتم عرقلتها بشكل أو بآخر، أو يشق الفساد طريقه إليها، ويتضاعف حجم الاستنزاف لخزينة الدولة».
ويردد بعض النشطاء والسياسيين المعارضين لحكومة «الوحدة» أن الأخيرة تعاقدت مع الشركة الإيطالية على مبلغ يقترب من 90 مليون يورو، ويشيرون إلى أنه تقريباً الرقم ذاته الذي كان النظام السابق رصده لتوسيع وتجديد مطار طرابلس عام 2007 وبدأ العمل به فعلياً، إلا أنه توقف مع اندلاع ثورة فبراير (شباط) 2011.
أما في ما يتعلق بالفوائد الاقتصادية المتوقعة إذا ما أنجز هذا المشروع، قال الشحومي، «بالطبع الفائدة ستكون كبيرة عبر استيعاب عدد أكبر من الرحلات والركاب والبضائع، بالإضافة لعودة خطوط الطيران الدولية، فمنذ 2014 لم يوجد بالبلاد سوى شركات طيران محلية أو طيران دول الجوار».


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

«البتكوين» في مصر... تداول غير رسمي وملاحقات «أمنية ودينية»

التمثيلات المادية للعملة المشفّرة البتكوين (رويترز)
التمثيلات المادية للعملة المشفّرة البتكوين (رويترز)
TT

«البتكوين» في مصر... تداول غير رسمي وملاحقات «أمنية ودينية»

التمثيلات المادية للعملة المشفّرة البتكوين (رويترز)
التمثيلات المادية للعملة المشفّرة البتكوين (رويترز)

تطفو تحذيرات في مصر بين فترة وأخرى من تداول العملات الرقمية المشفرة «البتكوين»، المجرّمة قانوناً، آخرها لمسؤول بدار الإفتاء المصرية حذر من التعامل بها باعتبارها «تفتقر الشرعية والحماية القانونية التي توفرها البنوك المركزية للعملات الرسمية».

و«البتكوين» عملة إلكترونية مشفرة يتم استبدالها بالعملات الرسمية كالدولار واليورو، ويتم التعامل بها عبر شبكة الإنترنت من خلال محفظة مالية تخص المتعامل بها، وتكون له السيطرة الكاملة عليها عن طريق اسم مستخدم ورقم سرى خاص.

ويبلغ سعر عملة «البتكوين» الواحدة (الاثنين) 101 ألف دولار، ويمكن التداول على أجزاء منها، إذ تضم العملة الواحدة نحو 100 مليون «ساتوشي» (الوحدة الأصغر في البتكوين)، وفق مواقع مالية عالمية.

ولا توجد إحصائية بحجم سوق تداول «البتكوين» في مصر، لكن مؤشرات عدة تعكس وجود هذه السوق، واتساعها، من بينها حملات أمنية أوقفت على مدار السنوات الماضية، عشرات المتهمين بالاتجار بها أو تعدينها، وهي عملية تكنولوجية يتم بموجبها توليد هذه العملات، وتحتاج إلى مصادر ضخمة من الطاقة.

وتمكنت الأجهزة الأمنية المصرية خلال عام 2021 فقط من ضبط 6 تشكيلات ترتبط بالعملات الرقمية، بين تداول ووساطة في التداول وتعدين، موجودة في القاهرة وعدة محافظات أخرى، وفق بيانات رسمية صادرة عن وزارة الداخلية.

وفي مارس (آذار) من عام 2023، ضبطت القوات الأمنية شبكة نصبت على عشرات من المصريين، عبر تطبيق يدعى «هوج بول»، بعد الاستيلاء على 19 مليون جنيه (بلغ سعر الدولار الرسمي وقتها نحو 31 جنيهاً) بدعوى استثمار أموالهم في العملات الرقمية.

وعقب إسقاط الشبكة أصدر البنك المركزي المصري تحذيره من التداول فيها، قائلاً في بيان إنه «يهيب بالسادة المواطنين عدم الانصياع لمثل هذه الدعوات الاحتيالية والأنشطة المجرمة قانوناً وفقاً لقانون البنك المركزي والجهاز المصرفي الصادر بالقانون رقم 194 لسنة 2020».

ويؤكد المحلل المالي المصري هشام حمدي أنه «لا يمكن تتبع حجم هذه السوق غير الشرعية، لكنها موجودة بالفعل»، مشيراً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أنها «تجتذب أشخاصاً جدداً في ظل قدرة البعض على تحقيق مكاسب كبيرة وسريعة»، كما أنه «يظل سوقاً دون رقابة مباشرة، فلا أحد يسأل من أين لك هذا؟».

«مراد محروس» (اسم مستعار)، واحد ممن يتداولون في هذه السوق بمصر، يقول لـ«الشرق الأوسط» إنه «يتابع هذه العملات منذ ظهرت لأول مرة، وكان يتم التداول بها في أعمال مشبوهة مثل المخدرات والسلاح، وأنه لم يتجرأ على شرائها سوى في عام 2019، حين تحسنت سمعتها».

وبدأت إحدى بورصات شيكاغو الأميركية التداول لأول مرة بعملة «البتكوين» في ديسمبر (كانون الأول) من عام 2017. وفي عام 2019 اعترفت دولة سلفادور بالعملة المشفرة، كعملة قانونية فيها، إلى جوار الدولار.

وشهدت سوق العملات المشفرة انتعاشة بفوز الرئيس الأميركي دونالد ترمب بولاية ثانية، إذ كان قد أعلن نيته خلال ترشحه رعاية تعدينها في الولايات المتحدة وإنشاء مخزون استراتيجي منها.

اشترى «محروس» لأول مرة عملة رقمية شقيقة لـ«البتكوين»، تسمى «إيثر يوم» بـ400 دولار، ويحتفظ بعملاته على أمل أن يقفز سعرها ويحقق ثراءً، وهو من أسرة متوسطة، أربعيني، لديه عائلة مكونة من 4 أفراد.

لا يستطيع «محروس»، الذي يضارب في البورصة أيضاً بمبالغ محدودة، ويحقق أحياناً مكاسب، أن يُقدّر حجم سوق العملات الرقمية في مصر، لكنه يؤكد بحكم تعاملاته أنها ليست محدودة، يقول: «أي وقت تريد أن تبيع أو تشتري ستتمكن من ذلك، وبأي مبلغ»، وذلك عبر عدة مواقع موثوقة بالنسبة له.

ولا يخلو استثمار «محروس» في العملات الرقمية من المخاطرة، سواء بخسارة أمواله «فهي سوق مثل أي سوق ترتفع قيمة العملة فيها وتنخفض»، فضلاً عن مخاطر أمنية تتعلق بتجريم عملية الشراء والبيع، لكنه قال: «ما أقوم بالبيع والشراء فيه مبالغ تافهة، أقل من أن تلفت انتباه أحد».

ويقول الخبير الاقتصادي رشاد عبده لـ«الشرق الأوسط» إن «البتكوين وغيرها تمثل مخاطر على الاقتصاد، إذ يتم شراؤها بالعملة الأجنبية، في حين تعاني مصر بالأساس أزمة في توفرها، كما أنها لا توجد رقابة عليها، ومن ثم يسهل توظيفها في عمليات غسيل أموال وتجارات غير مشروعة».

ويرجع عبده جزءاً من عجز الدولة عن السيطرة على هذه السوق، رغم توالي التحذيرات منها، إلى «فقدان الثقة بين الحكومة والشارع».

* محاذير شرعية

يرجع أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، الدكتور علي فخر، تحذيره من التعامل مع «البتكوين»، إلى أنه «لا يمكن وصف شيء بأنه عملة إلا إذا كان صادراً عن بنك مركزي لدولة تعترف بها، حيث يُعطى لها الشرعية والحماية من قبل البنك المركزي، لكن (البتكوين) لم تحصل على هذه الشرعية حتى الآن، ولا تزال تفتقر إلى الحماية القانونية التي توفرها البنوك المركزية للعملات الرسمية».

وزاد في التنفير منها عند رده على سؤال عن شرعيتها، عبر برنامج على «قناة الناس»، الأحد، بالحديث عن مشاكلها قائلاً «إحدى المشكلات هي أنه لا يمكننا تحديد قيمتها بدقة، ولا نعلم كيف نبيعها أو نشتريها. كما أنه لا توجد جهة مسؤولة عن إصدارها أو تحديد قيمتها، مما يثير العديد من التساؤلات حول مشروعيتها».

وسبق وحرّم مفتي مصر الأسبق الدكتور علي جمعة «البتكوين»، وقال في فتوى له نشرت عام 2018 إنه «لا يجوز شرعاً تداول عملة (البتكوين) والتعامل من خلالها بالبيعِ والشراءِ والإجارةِ وغيرها، بل يُمنع الاشتراكِ فيها؛ لعدمِ اعتبارِها كوسيطٍ مقبولٍ للتبادلِ من الجهاتِ المخُتصَّةِ، ولِمَا تشتمل عليه من الضررِ الناشئ عن الغررِ والجهالةِ والغشِّ في مَصْرِفها ومِعْيارها وقِيمتها، فضلاً عما تؤدي إليه ممارستُها من مخاطرَ عاليةٍ على الأفراد والدول».