مصر تنوع وارداتها من القمح لتجاوز تداعيات الحرب في أوكرانيا

الإعلان عن محادثات للاستيراد من صربيا

مصر تنوع وارداتها من القمح لتجاوز تداعيات الحرب في أوكرانيا
TT

مصر تنوع وارداتها من القمح لتجاوز تداعيات الحرب في أوكرانيا

مصر تنوع وارداتها من القمح لتجاوز تداعيات الحرب في أوكرانيا

بدأت مصر محادثات رسمية لاستيراد كميات من القمح والحبوب من صربيا، في إطار جهودها لـ«تنويع مصادر إمداداتها من الحبوب»، بحسب بيان رسمي لوزارة التموين.
تستهدف الجهود المصرية استيراد نحو مليون طن من القمح، وكمية غير محددة من الذرة، التي تستخدم في أعلاف الماشية والدواجن، لتعويض نقص واردات القمح والحبوب من روسيا وأوكرانيا اللتين تخوضان حرباً منذ فبراير (شباط) الماضي، أدت إلى تراجع صادراتهما من القمح إلى مصر، التي تعد أحد أكبر مستورديه عالمياً.
وتعمل مصر على تنويع مصادرها من القمح المستورد لمواجهة ارتفاع أسعار القمح عالمياً في ظل وجود 15 منشأ لتوريد القمح، وفقاً لتقرير تنويع مصادر الواردات، للقمح.
وتعاقدت مصر على شراء 180 ألف طن قمح من الهند في يونيو (حزيران) الماضي، ورغم قرار الهند حظر التصدير، فإنها استثنت مصر لأسباب تتعلق باحتياجات الأمن الغذائي.
كما وافق رئيس الوزراء الروماني، نيكولا تشوكا، على زيادة صادرات القمح إلى مصر خلال زيارته إلى القاهرة، مطلع الأسبوع الحالي.
وأكد إبراهيم عشماوي، مساعد أول وزير التموين المصري، رئيس جهاز تنمية التجارة الداخلية، أن مصر حريصة على تأمين احتياجاتها من الأقماح من خلال تنويع مصادر تلك الواردات، مشيراً إلى أن ذلك يمثل أولوية لدى الدولة المصرية لتفادي التقلبات السعرية، وتجاوز أي اختلالات في عمليات التوريد، سواء نتيجة ظروف طبيعية أو حروب وأزمات أخرى.
وأضاف عشماوي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تعاوناً قائماً مع كثير من دول العالم، وتوجد بالفعل اتفاقيات مع عدد من الأسواق المنتجة للقمح، وخصوصاً دول أوروبا الشرقية، لتأمين متطلبات السوق المصرية، وتوفير احتياط استراتيجي آمن من القمح، لافتاً إلى أن مصر تنتج محلياً 45 في المائة من احتياجاتها من الأقماح، وأن نحو 84 في المائة من واردات مصر من الأقماح كان يأتي من روسيا وأوكرانيا قبل اندلاع الحرب العام الماضي.
وشدد مساعد وزير التموين على أن الأزمة «لم تؤثر على توفر الاحتياطات الآمنة من القمح التي تصل حالياً إلى ما يقرب من 5 أشهر»، سواء من خلال الإنتاج المحلي، أو عبر الاستيراد.
وأوضح عشماوي أنه بموازاة الجهود لتأمين احتياجات مصر من الوجهات الخارجية، فإن هناك اتجاهاً لتعزيز الاعتماد على التوريد المحلي، مشيراً في هذا الصدد إلى قرار الحكومة المصرية زيادة سعر توريد «أردب» القمح المحلي (الأردب نحو 150 كيلوغراماً) بنسبة 14 في المائة عام 2022، ليصل إلى 820 جنيهاً، ثم زيادة السعر مرة أخرى إلى 1250 جنيهاً في موسم التوريد الجديد، معتبراً أن ذلك السعر «جيد، وسيشجع المزارعين المحليين على التوريد».
وتراجع حجم الواردات الحكومية من القمح في 2022 إلى 5.3 مليون طن بدعم من زيادة الإنتاج محلياً، في حين بلغت تلك الواردات نحو 12.9 مليون طن في 2020 للحكومة والقطاع الخاص بقيمة 3.2 مليار دولار، وفقاً لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
وزرعت مصر 3.62 مليون فدان من القمح خلال العام الماضي، وهي المساحة الكبرى على الإطلاق في تاريخها.
من جانبه، أكد الدكتور مصطفى أبو زيد، الخبير الاقتصادي المصري، أن مصر تتبع منذ عام 2018 نهجاً يعتمد على تنويع مصادر السلع التي تستوردها، وفي مقدمتها القمح، وأن ذلك التنوع يبنى على دراسة المتغيرات السعرية على الساحة العالمية.
وأضاف أبو زيد لـ«الشرق الأوسط» أن مصر تحركت بقوة خلال العام الأخير لتعويض نقص الإمدادات من روسيا وأوكرانيا، وأن الهند كانت مصدراً مهماً للتعويض، إذ تعد من أكبر منتجي القمح عالمياً بطاقة 13.5 في المائة من الإنتاج العالمي، إضافة إلى الاستفادة من العلاقات مع دول أوروبا الشرقية لتوفير مصادر بديلة للأقماح.
وتابع الخبير الاقتصادي القول إن زيادة السعة التخزينية لمصر خلال السنوات الأخيرة عززت قدرة البلاد على توفير احتياطات آمنة، وجنبتها كثيراً من التقلبات التي شهدتها الأسواق العالمية مؤخراً، بسبب تأثر سلاسل التوريد نتيجة أزمة فيروس كورونا، أو بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، فضلاً عن اتجاه السلطات المصرية إلى عقود التحوط طويلة الأجل لمواجهة تذبذبات الأسعار العالمية، وخصوصاً توريد السلع الغذائية، إذ تستورد مصر نحو 65 في المائة من متطلباتها الغذائية.
ويمثل القمح محصولاً استراتيجياً في مصر حيث توفر الحكومة الخبز المدعوم لأكثر من 70 مليون مواطن، وتحملت موازنة الدولة فارق سعر تكلفة إنتاج الخبز المدعوم، رغم ارتفاع أسعار القمح عالمياً، إذ تجاوزت تكلفة إنتاج الرغيف الواحد 90 قرشاً (الجنيه 100 قرش)، بينما يباع للمواطن المستحق للدعم مقابل 5 قروش، بحسب تصريحات سابقة لمصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري.


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)
أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)
TT

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)
أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)

استعادت قوات الجيش السوداني، السبت، مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار في جنوب شرقي البلاد، ما يسهل على الجيش السيطرة على كامل الولاية. وأظهرت مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، مئات الأشخاص يخرجون إلى الشوارع احتفالاً باستعادة المدينة التي ظلت لأكثر من 5 أشهر تحت سيطرة «قوات الدعم السريع».

وقال مكتب المتحدث الرسمي باسم الجيش، في بيان نشر على مواقع التواصل الاجتماعي، إن «القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى دخلت رئاسة الفرقة 17 مشاة بمدينة سنجة». ولم يصدر أي تعليق من «قوات الدعم السريع» التي كانت استولت في مطلع يوليو (حزيران) الماضي، على مقر «الفرقة 17 مشاة» في مدينة سنجة بعد انسحاب قوات الجيش منها دون خوض أي معارك. ونشر الجيش السوداني مقاطع فيديو تظهر عناصره برتب مختلفة أمام مقر الفرقة العسكرية الرئيسة.

بدوره، أعلن الناطق الرسمي باسم الحكومة وزير الثقافة والإعلام، خالد الأعيسر، عودة مدينة سنجة إلى سيطرة الجيش. وقال في منشور على صفحته في «فيسبوك»، نقلته وكالة أنباء السودان الرسمية، إن «العدالة والمحاسبة مقبلتان وستطولان كل من أسهم في جرائم، وستتم معاقبة المجرمين بما يتناسب مع أفعالهم».

وأضاف أن «الشعب السوداني وقواته على موعد مع تحقيق مزيد من الانتصارات التي ستعيد للبلاد أمنها واستقرارها، وتطهرها من الفتن التي زرعها المتمردون والعملاء ومن يقف خلفهم من دول وأطراف متورطة».

وفي وقت سابق، تحدث شهود عيان عن تقدم لقوات الجيش خلال الأيام الماضية في أكثر من محور صوب المدينة، بعد أن استعادت مدينتي الدندر والسوكي الشهر الماضي، إثر انسحاب «قوات الدعم السريع». وقال سكان في المدينة لـ«الشرق الأوسط»، إن قوات الجيش وعناصر المقاومة الشعبية انتشروا بكثافة في شوارع سنجة، وإنهم فرحون بذلك الانتصار.

مسلّحون من «قوات الدعم السريع» في ولاية سنار بوسط السودان (أرشيفية - مواقع التواصل)

وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، خاض الجيش معارك ضارية ضد «قوات الدعم السريع»، نجح من خلالها في استعادة السيطرة على منطقة «جبل موية» ذات الموقع الاستراتيجي التي تربط بين ولايات سنار والجزيرة والنيل الأبيض. وبفقدان سنجة تكون «قوات الدعم السريع» قد خسرت أكثر من 80 في المائة من سيطرتها على ولاية سنار الاستراتيجية، حيث تتركز بقية قواتها في بعض البلدات الصغيرة.

يذكر أن ولاية سنار المتاخمة لولاية الجزيرة في وسط البلاد، لا تزال تحت سيطرة «قوات الدعم السريع»، التي تسيطر أيضاً على معظم أنحاء العاصمة الخرطوم ومنطقة غرب دارفور الشاسعة، إضافة إلى جزء كبير من ولاية كردفان في جنوب البلاد.

ووفقاً للأمم المتحدة نزح أكثر من نحو 200 ألف من سكان ولاية سنار بعد اجتياحها من قبل «قوات الدعم السريع».

واندلعت الحرب بين الجيش و«قوات الدعم السريع» في منتصف أبريل (نيسان) 2023، بعد خلاف حول خطط لدمج «الدعم السريع» في الجيش خلال فترة انتقالية كان من المفترض أن تنتهي بإجراء انتخابات للانتقال إلى حكم مدني، وبدأ الصراع في العاصمة الخرطوم وامتد سريعاً إلى مناطق أخرى. وأدى الصراع إلى انتشار الجوع في أنحاء البلاد وتسبب في أزمة نزوح ضخمة، كما أشعل موجات من العنف العرقي في أنحاء البلاد.