اتفاق موريتاني ـ روسي على تعزيز التعاون «التجاري والاقتصادي»

TT

اتفاق موريتاني ـ روسي على تعزيز التعاون «التجاري والاقتصادي»

اتفقت روسيا وموريتانيا، أمس (الأربعاء)، على تعزيز التعاون «الاقتصادي والتجاري» وتنويعه ليشمل مجالات جديدة، وهو الذي اقتصر خلال العقود الماضية على اتفاقية تسمح لسفن روسية بالصيد في المياه الموريتانية.
جاء الاتفاق الجديد خلال زيارة قام بها وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إلى نواكشوط، هيمنت عليها ملفات الاقتصاد، وغاب عنها أي حديث حول التعاون العسكري والأمني.
وزير الخارجية الروسي أجرى مباحثات على انفراد مع الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، بالقصر الرئاسي في نواكشوط، قبل أن يجري مباحثات مع وزير الخارجية محمد سالم ولد مرزوك، وكان يرافقه وفد ضم كلاً من: ليونيد بوغدانوف نائب وزير الخارجية والمبعوث الروسي الخاص إلى الشرق الأوسط وأفريقيا، وألكزانر كينشك مدير قسم الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الروسية، وأكور بلياف نائب مدير إدارة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا.
وخلال مؤتمر صحافي عقده لافروف ومرزوك، قال الأخير إن البلدين اتفقا على «تطوير وتعميق التعاون الثنائي، واتخاذ إجراءات نحو هذا التطوير، ووضع آلية لذلك»، وأضاف: «ناقشنا القضايا ذات الاهتمام المشترك على المستوى الدولي، خصوصاً الأزمة الأوكرانية - الروسية وانعكاسها على القارة الأفريقية»، مشيراً إلى أن «هناك تطابقاً في الآراء بخصوص بعض الأمور المهمة جداً، على المستوى الدولي، خصوصاً ما يتعلق بالوضع في منطقة الساحل».
وقال وزير الخارجية الموريتاني إن المباحثات كانت فرصة للتذكير بما سماها «ثوابت السياسة الخارجية للبلد»، وقال: «أكدنا موقف بلدنا الثابت من الوضعية في دول الساحل. إنها وضعية خطيرة جداً، والحل يكون في تفعيل (منظمة دول الساحل الخمس)، كما أكدنا التشبث بقواعد القانون الدولي ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وهذا الميثاق يهدف إلى الحفاظ على السلم والأمن، واحترام سيادة الدول والتسوية السلمية للنزاعات والمشاكل المطروحة».
وأضاف ولد مرزوك أن «الثابت الثاني لسياستنا الخارجية هو اعتماد التعاون متعدد الأطراف أداةً فعالةً في تطوير وتسيير العلاقات بين الدول». وقال في السياق نفسه إن موريتانيا «تتفهم انشغالات روسيا الأمنية، وضرورة أن تؤخذ هذه الانشغالات بعين الاعتبار؛ لأن روسيا دورها مهم في الأمن والاستقرار في أوروبا، وكذلك على المستوى الدولي».
ولكن ولد مرزوك شدد على أن الحرب الدائرة في أوكرانيا منذ عام، لها انعكاسات خطيرة على الأوضاع في القارة الأفريقية، وقال إنه استعرض مع نظيره الروسي «انعكاسات الأزمة الأوكرانية - الروسية على القارة الأفريقية بشكل خاص، وهي انعكاسات تمسُّ الطاقة والأمن الغذائي وسلاسل التموين، وعلى الأمن والسلم بشكل عام، لذا عبرنا من جانبنا عن ضرورة إيجاد حل سريع لهذا الصراع، عبر الجلوس إلى طاولة المفاوضات، يجنب العالم المزيد من المآسي والأزمات». وقال مرزوك: «قناعتنا هي الحل السلمي؛ لأنه لدينا تخوف كبير من توسع الحرب، وذلك يثير قلق الشعوب الأفريقية».
من جانبه؛ قال وزير الخارجية الروسي إنه تحدث مع نظيره الموريتاني حول «الوضع على الساحة الدولية؛ بما في ذلك الأزمة الجيوسياسية الدائرة حالياً، بسبب استخدام الولايات المتحدة النظام في أوكرانيا للتخلص من موانع هيمنتهم على العالم، وذلك ما سمعناه من إدارة بايدن وقادة (الناتو)، من أنهم لن يسمحوا لأي جهة كانت؛ سواء روسيا والصين، بأي شكل من الأشكال، بأن تشكك في حق الغرب في أن يفرض إرادته على الجميع». وأضاف لافروف أن جميع الشركاء الذين تحدث معهم مؤخراً «أكدوا على ضرورة احترام القانون الدولي، واحترام ميثاق الأمم المتحدة، انطلاقاً من مبدأ أساسي هو: المساواة في السيادة بين الدول، ويجب علينا دائماً أن نذكر زملاءنا في الغرب بضرورة العدالة والاحترام المتبادل بين جميع أعضاء المجتمع الدولي، والبحث عن الاتفاقات المبنية على المصالح والمصالح المتبادلة». وقال لافروف إن الرئيس الموريتاني أكد له أن «سياسة موريتانيا ستبقى مستمرة في هذا الاتجاه».
وقال لافروف: «أود التأكيد على أننا نحترم قرارات قيادة موريتانيا، ونأخذ في الحسبان وجهة نظرها في قضايا وأزمات القارة الأفريقية، خصوصاً تلك القريبة منها، وأعني هنا تهديدات الإرهاب في منطقة الساحل، والبحث عن حل لقضية الصحراء، ونحن سندعم أصدقاءنا في أفريقيا ما داموا مهتمين بمساعدتنا لهم».
وحول العلاقات الثنائية مع موريتانيا، قال لافروف إنه تباحث مع الرئيس الموريتاني ووزير الخارجية حول «الخطوات التي يمكن اتخاذها من أجل الوصول بعلاقاتنا إلى مستوى جديد، وأولينا اهتماماً خاصاً للجانب الاقتصادي والتجاري»، قبل أن يشير إلى أنه باستثناء الشراكة القائمة في مجال صيد الأسماك؛ «ليس هنالك ما يدعو للفخر»، ولكنه شدد على أن اتفاقية الصيد مهمة؛ لأنها «تخلق ظروفاً ملائمة؛ اتفقنا على تعزيزها بإجراءات إضافية لجعلها أكثر فاعلية».
في غضون ذلك؛ اتفق البلدان خلال اجتماع عمل، عقد في مباني وزارة الخارجية الموريتانية، على تفعيل لجنة التعاون المشتركة، وكذلك تحضير مقترحات لشراكات اقتصادية وتجارية ستناقَش على هامش القمة الأفريقية - الروسية المرتقبة نهاية العام الحالي، وقال لافروف: «على كل طرف أن يحضر مقترحاته، سواء كانت تتعلق بالبنية التحتية، وإنتاج البضائع على الأراضي الموريتانية، واستخراج الثروات الباطنية».
كما عبر الجانب الموريتاني عن اهتمامه بالحصول على الحبوب الروسية والمنتجات الزراعية ومشتقات الطاقة، ولكن وزير الخارجية الروسي تطرق في هذا السياق إلى ما سمّاها «موانع غير شرعية فرضها الغرب على المسارات اللوجيستية وسلاسل التموين»، حملها مسؤولية عدم وصول المنتجات الزراعية الروسية إلى الأسواق العالمية. وقال لافروف إن قمة روسية - أفريقية ستعقد هذا العام في مدينة سان بطرسبرغ الروسية، ستخصص لنقاش موضوعات «أمن الطاقة والغذاء والصحة، ونقل التقنيات لتطوير الصناعات في أفريقيا. إنها موضوعات حيوية ولا حاجة لإثبات ذلك»، مشيراً إلى أن الرئيس الموريتاني أكد حضوره القمة المرتقبة.
وخلص إلى تأكيد استعداد روسيا لتطوير التعاون مع موريتانيا في مجالات عديدة، تشمل الصحة والتعليم والعمل الإنساني، بالإضافة إلى التعاون في المجال الثقافي، مشيراً إلى أن «هنالك وثيقة للتعاون في المجال الثقافي، وأنا واثق بأنها سوف تستقبل بشكل جيد من قبل شعبي البلدين»، على حد تعبيره.


مقالات ذات صلة

الرئيس الموريتاني السابق يؤكد استهدافه لـ«أسباب سياسية»

العالم العربي الرئيس الموريتاني السابق يؤكد استهدافه لـ«أسباب سياسية»

الرئيس الموريتاني السابق يؤكد استهدافه لـ«أسباب سياسية»

قال الرئيس الموريتاني السابق، محمد ولد عبد العزيز، الذي يحاكم بتهم فساد، إنه «مستهدف لأسباب سياسية بحتة». وأضاف ولد عبد العزيز خلال استجوابه أمام المحكمة المختصة بجرائم الفساد أمس، أنه «مستهدف لأنه سياسي ويعمل ضده سياسيون ورجال أعمال، كانوا يستفيدون من الدولة قبل توليه الرئاسة»، وفق ما أوردته وكالة الأنباء الألمانية. وأوضح الرئيس السابق في أول حديث له حول أصل التهم الموجهة إليه، ومتابعته من قبل القضاء، أنه سجن انفرادياً لستة أشهر، وسجن بعد ذلك مع عائلته ثمانية أشهر في بيته. ويمثل الرئيس السابق أمام المحكمة المختصة بالفساد منذ 25 من يناير (كانون الثاني) الماضي بتهم تتعلق بالفساد وسوء استغلال ال

«الشرق الأوسط» (نواكشوط)
العالم 25 حزباً موريتانياً تتنافس في انتخابات «توافقية» مبكرة

25 حزباً موريتانياً تتنافس في انتخابات «توافقية» مبكرة

انطلقت فجر اليوم (الجمعة) الحملة الانتخابية للاستحقاقات التشريعية والجهوية والمحلية، التي تنظم بشكل متزامن في موريتانيا يوم 13 مايو (أيار) المقبل، والتي يتنافسُ فيها 25 حزباً سياسياً ضمن أكثر من ألفي لائحة انتخابية، لنيل ثقة 1.7 مليون ناخب موريتاني. وكان من المفترض أن تنظم الانتخابات في شهر أغسطس (آب) المقبل، لكن جرى تعجيلها إلى شهر مايو، بموجب اتفاق سياسي بين أحزاب الموالاة والمعارضة، تفادياً لتنظيمها في موسم الأمطار، حين تكثر الفيضانات والعواصف، ما يمنع الوصول إلى مناطق نائية من البلاد، وهو ما تسبب في مشكلات كبيرة خلال الانتخابات السابقة (2018). وبموجب الاتفاق السياسي نفسه الذي أشرفت عليه وز

الشيخ محمد (نواكشوط)
شمال افريقيا وزير الخارجية الجزائري في مالي بعد موريتانيا

وزير الخارجية الجزائري في مالي بعد موريتانيا

بحث وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، أمس، بمالي، مع المسؤولين الحكوميين وممثلين عن حركات التمرد في الشمال، حل خلافاتهم السياسية بشكل عاجل والتقيد بـ«اتفاق السلام» المتعثر، وفق مصادر تتابع الموضوع، وذلك بهدف قطع الطريق أمام الجماعات المتطرفة، التي عادت إلى واجهة الأحداث الأمنية في الأيام الأخيرة، باغتيال مسؤول بارز في السلطة الانتقالية. وبحسب المصادر نفسها، حل عطاف بباماكو مساء الثلاثاء آتيا من موريتانيا، بغرض تسليم رسالة من الرئيس عبد المجيد تبون، لرئيس الحكم الانتقالي العقيد عاصيمي غويتا، تتضمن «أهمية الخروج من المأزق السياسي الذي يتخبط فيه هذا البلد الحدودي مع الجزائر، وتشدد على تطبيق اتفاق ال

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا وزير خارجية الجزائر يبحث في موريتانيا أمن التجارة عبر الحدود

وزير خارجية الجزائر يبحث في موريتانيا أمن التجارة عبر الحدود

يبحث وزير الخارجية الجزائري، أحمد عطاف، منذ يومين في نواكشوط التبادل التجاري النشط عبر المركز الحدودي منذ عام، والوضع الأمني بالمناطق الحدودية، حيث تعرضت قوافل تجار جزائريين لاعتداءين بين نهاية 2021 ومطلع 2023، أسفرا عن قتلى، وتدمير شاحناتهم، وتسببا في نشر حالة من الخوف. وذكرت «الخارجية» الجزائرية، في بيان، أن لقاء جمع عطاف بالرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، «وفر فرصة لاستعراض التقدم المحرز، ضمن متابعة وتنفيذ التوجيهات السامية لقائدي البلدين، ومخرجات مشاوراتهما بمناسبة زيارة الدولة التي قام بها الغزواني إلى الجزائر في شهر ديسمبر (كانون الأول) 2021، والتي أعطت انطلاقة لحقبة جديدة في تا

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
العالم العربي رئيس موريتانيا السابق ينفي تورطه في «أي فساد»

رئيس موريتانيا السابق ينفي تورطه في «أي فساد»

نفى الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز، خلال مثوله أمام المحكمة الجنائية المختصة في جرائم الفساد، جميع التهم الموجهة إليه، التي من أبرزها تهمة الفساد وغسل الأموال والإثراء غير المشروع واستغلال النفوذ. وقال ولد عبد العزيز، الذي تحدث للمرة الأولى أمام هيئة المحكمة، مساء أول من أمس، إنه حكم موريتانيا عشر سنوات وغير وضعيتها من الأسوأ إلى الأحسن، مشيراً إلى أن السياسة التي تبناها لا يمكن أبدا أن يتورط صاحبها في أي نوع من «تبديد الأموال العمومية».

الشيخ محمد (نواكشوط)

لجنة الاتصال العربية: ندعم عملية انتقالية سورية - سورية جامعة

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخاردية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخاردية الأردنية على إكس)
TT

لجنة الاتصال العربية: ندعم عملية انتقالية سورية - سورية جامعة

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخاردية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخاردية الأردنية على إكس)

أصدرت الدول العربية المجتمعة في مدينة في الأردن اليوم السبت، بيانها الختامي الذي أكدت فيه دعمها لعملية انتقالية سلمية سياسية سورية- سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية.

وقال البيان بعد اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا التي تضم الأردن، والسعودية، والعراق، ولبنان، ومصر، وأمين عام جامعة الدول العربية، وبحضور وزراء خارجية الإمارات، ومملكة البحرين، الرئيس الحالي للقمة العربية، ودولة قطر، وذلك ضمن اجتماعات العقبة حول سوريا: «أكد المجتمعون على الوقوف إلى جانب الشعب السوري الشقيق، وتقديم كل العون والإسناد له في هذه المرحلة الدقيقة، واحترام إرادته وخياراته».

وأضاف: «دعم عملية انتقالية سلمية سياسية سورية-سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية، وبما فيها المرأة والشباب والمجتمع المدني بعدالة، وترعاها الأمم المتحدة والجامعة العربية، ووفق مبادئ قرار مجلس الأمن رقم ٢٢٥٤ وأهدافه وآلياته، بما في ذلك تشكيل هيئة حكم انتقالية جامعة بتوافق سوري، والبدء بتنفيذ الخطوات التي حددها القرار للانتقال من المرحلة الإنتقالية إلى نظام سياسي جديد، يلبي طموحات الشعب السوري بكل مكوناته، عبر انتخابات حرة ونزيهة، تشرف عليها الأمم المتحدة، استنادا إلى دستور جديد يقره السوريون، وضمن تواقيت محددة وفق الآليات التي اعتمدها القرار».

وكانت جامعة الدول العربية، أعربت عن تطلعها إلى التوصل لموقف عربي موحد داعم لسوريا في هذه المرحلة الصعبة، وفقا للمتحدث باسم الأمين العام لجامعة الدول العربية جمال رشدي.