ماذا يمكن أن يقدم الأوروبيون لإعادة إعمار إثيوبيا؟

جولة آبي أحمد ركزت على مرحلة ما بعد حرب تيغراي

آبي أحمد مع نظيرته الإيطالية جورجا ميلوني في مؤتمر صحافي في روما أول من أمس (رويترز)
آبي أحمد مع نظيرته الإيطالية جورجا ميلوني في مؤتمر صحافي في روما أول من أمس (رويترز)
TT

ماذا يمكن أن يقدم الأوروبيون لإعادة إعمار إثيوبيا؟

آبي أحمد مع نظيرته الإيطالية جورجا ميلوني في مؤتمر صحافي في روما أول من أمس (رويترز)
آبي أحمد مع نظيرته الإيطالية جورجا ميلوني في مؤتمر صحافي في روما أول من أمس (رويترز)

يكثف رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد من تحركاته خلال جولة أوروبية يقوم بها حالياً تشمل عدة دول، في مقدمتها إيطاليا وفرنسا؛ لحشد الموارد من أجل إعادة الإعمار في مرحلة ما بعد انتهاء الحرب في إقليم تيغراي. وعلى الرغم من النجاح الذي حققه آبي أحمد بتوقيع اتفاق مع الحكومة الإيطالية تحصلت بموجبه إثيوبيا على منح وقروض ميسرة، فإن الأمر، بحسب مراقبين، لا يخلو من تحديات، في مقدمها الوضع الهش لاتفاق السلام مع متمردي حركة «تحرير تيغراي»، والضغوط الاقتصادية التي تواجهها الحكومات الأوروبية على خلفية الحرب في أوكرانيا. ووصل رئيس الوزراء الإثيوبي إلى مالطا (الثلاثاء) قادما من إيطاليا. وقال آبي أحمد، في تغريدة له عبر حسابه الرسمي على موقع «تويتر» (الاثنين) إن لقاءه مع رئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني «كان مثمراً»، لافتاً إلى أنه تم خلال الزيارة توقيع اتفاقية إطار تعاون تشمل التزام الحكومة الإيطالية بتقديم 180 مليون يورو في صورة منح وقروض ميسرة حتى العام 2025. وقالت وكالة الأنباء الإثيوبية في تقرير لها إن «الالتزام المالي الإيطالي يغطي الأنشطة الرئيسية في نطاق التنمية الاقتصادية، وخلق فرص العمل في قطاعي الزراعة والصناعة، وتقديم الخدمات الأساسية في الصحة والتعليم». وكانت وزارة المالية الإثيوبية أعلنت في مايو (أيار) 2022 توقيع اتفاق مع البنك الدولي للحصول على منحة قدرها 300 مليون دولار للمساعدة في إعادة الإعمار والتعافي في المناطق المتضررة من الصراع. ويرى الباحث في الشؤون الأفريقية، إبراهيم إدريس، أن تحركات رئيس الوزراء الإثيوبي بعد إنهاء القتال في إقليم تيغراي اتخذت مسارين: الأول نحو ترتيب الأوضاع الداخلية، وتثبيت اتفاق السلام، بينما يتخذ المسار الثاني منحى تعزيز علاقات أديس أبابا الإقليمية والدولية، لا سيما مع الدول المانحة، والتي يمكنها أن تمد يد الدعم لإثيوبيا من أجل إعادة الإعمار.
وقال إدريس لـ«الشرق الأوسط» إن «قراءة خريطة تحركات رئيس الوزراء الإثيوبي الأخيرة، تكشف بوضوح التركيز على الملف الاقتصادي وإعادة الإعمار. فقد زار قبل الجولة الأوروبية دولة الإمارات، وحقق خلال تلك الزيارة مكاسب مالية واقتصادية متقدمة فيما يخص التنمية، كما استطاع أن يعيد تحسين علاقات بلاده مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، التي كانت العلاقات معها على وشك الانشطار سلبيا بسبب تداعيات الحرب في تيغراي، ونجح خلال مشاركته في القمة الأميركية - الأفريقية الأخيرة أن يعيد هيكلة تلك العلاقات، فضلا عن إرسال بعثة اقتصادية سبقته إلى واشنطن لاستعادة العلاقات مع البنك الدولي». ويتابع الباحث في الشؤون الأفريقية أن الجولة الأوروبية الراهنة لرئيس الوزراء الإثيوبي تمثل أهمية قصوى، وربما يعتبرها قمة الحصاد لسياساته في هذه المرحلة، لا سيما أن الاتحاد الأوروبي كان تاريخياً وواقعياً من أكثر المؤسسات ارتباطاً ببرامج التنمية في إثيوبيا على المستويين الإنساني والاقتصادي.
ويستطرد إدريس مؤكداً أنه رغم التحديات التي يمكن أن يواجهها آبي أحمد خلال جولته الأوروبية، فيما يتعلق باعتراضات بعض أبناء قومية الأمهرة وأتباع الكنيسة الأرثوذكسية الإثيوبية الذين يحملون اعتراضات على بعض السياسات الداخلية لرئيس الوزراء، فإنه لا يتوقع أن يكون لتلك التحديات تأثير كبير على الملف الاقتصادي الذي يتصدر أولويات الزيارة.
ويعرب إدريس كذلك عن توقعه بأن تكون المساعدات الأوروبية للحكومة الإثيوبية «شبه مشروطة خاصة فيما يتعلق بالمحاصصات التي تضمنها اتفاق بريتوريا للسلام، وتركيز الأوروبيين على توظيف مساعداتهم لإعادة إعمار مناطق إقليم تيغراي وأجزاء من أمهرة وعفر بشكل أساسي».
واتفق السفير صلاح حليمة، نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الأفريقية، مع الرأي السابق، إذ رأى أن المساعدات الأوروبية سترتبط بحسابات سياسية واقتصادية، وأن الاتحاد الأوروبي على وجه التحديد غالباً ما تكون لمساعداته محددات ترتبط بالرؤية والأولويات الأوروبية، سواء فيما يتعلق بحقوق الإنسان، أو مصالح سياسية محددة.
وأشار حليمة لـ«الشرق الأوسط» إلى أن إثيوبيا تواجه حالياً ظروفاً اقتصادية صعبة، خصوصاً بعد انتهاء الحرب في إقليم تيغراي، وتحتاج بشكل حاسم إلى دعم دولي لإعادة إعمار المناطق التي دمرتها المعارك، ومن ثم يأتي الاتحاد الأوروبي ودوله في مقدمة الوجهات التي يمكن أن تقدم دعماً في هذا الصدد.


مقالات ذات صلة

ما مستقبل الخلاف بين متمردي «أوروميا» والحكومة الإثيوبية؟

العالم ما مستقبل الخلاف بين متمردي «أوروميا» والحكومة الإثيوبية؟

ما مستقبل الخلاف بين متمردي «أوروميا» والحكومة الإثيوبية؟

أثار عدم التوصل إلى اتفاق، بعد محادثات سلام أولية بين الحكومة المركزية الإثيوبية، ومتمردي إقليم «أوروميا»، تساؤلات حول مستقبل تلك المحادثات، واحتمالات نجاحها، وأسباب تعثرها من البداية. ورأى خبراء أن «التعثر كان متوقعاً؛ بسبب عمق الخلافات وتعقيدها»، في حين توقّعوا أن «تكون المراحل التالية شاقة وصعبة»، لكنهم لم يستبعدوا التوصل إلى اتفاق. وانتهت الجولة الأولى من المحادثات التمهيدية بين الطرفين، دون اتفاق، وفق ما أعلنه الطرفان، الأربعاء.

العالم رئيس الحكومة الإثيوبية يُعلن مقتل عضو بارز في الحزب الحاكم

رئيس الحكومة الإثيوبية يُعلن مقتل عضو بارز في الحزب الحاكم

أعلن رئيس الحكومة الإثيوبية آبي أحمد اليوم (الخميس) مقتل مسؤول الحزب الحاكم في منطقة أمهرة الواقعة في شمال البلاد. وقال آبي أحمد عبر «فيسبوك»، إنّ «أولئك الذين لم يتمكّنوا من كسب الأفكار بالأفكار، أخذوا روح شقيقنا جيرما يشيتيلا». واتهم أحمد، وفقا لما نقلته وكالة «الصحافة الفرنسية»، «متطرّفين يتسمون بالعنف» بالوقوف وراء هذا العمل الذي وصفه بـ«المخزي والمروّع».

«الشرق الأوسط» (أديس أبابا)
العالم محادثات سلام «غير مسبوقة» بين حكومة إثيوبيا ومتمردي «أورومو»

محادثات سلام «غير مسبوقة» بين حكومة إثيوبيا ومتمردي «أورومو»

تنطلق في تنزانيا، الثلاثاء، محادثات سلام غير مسبوقة بين الحكومة الفيدرالية الإثيوبية ومتمردي إقليم أوروميا، ممثلين في «جبهة تحرير أورومو» التي تخوض معارك مع القوات الحكومية بشكل متقطع منذ عقود. وتسعى أديس أبابا لإبرام اتفاق سلام دائم مع متمردي الإقليم، الذي يشغل معظم مناطق وسط البلاد، ويضم مجموعة من الفصائل المسلحة التابعة لقومية الأورومو، على غرار ما حدث في «تيغراي» شمالاً، قبل 5 أشهر، خشية دخول البلاد في حرب جديدة مع تصاعد التوتر بين الجانبين. وأعلن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، الذي زار مدينة نكيمتي بالإقليم مؤخراً، أن «جولة مفاوضات ستبدأ معهم (جيش تحرير أورومو) الثلاثاء في تنزانيا»، في أ

محمد عبده حسنين (القاهرة)
شمال افريقيا هل تستغل إثيوبيا اضطرابات السودان لحسم «الخلاف الحدودي»؟

هل تستغل إثيوبيا اضطرابات السودان لحسم «الخلاف الحدودي»؟

عاد الخلاف الحدودي بين إثيوبيا والسودان، بشأن منطقة «الفشقة»، إلى الواجهة، بعد أنباء سودانية عن نشاط «غير اعتيادي» للقوات الإثيوبية ومعسكراتها، في المنطقة المتنازع عليها، منذ بداية الاضطرابات الأخيرة في السودان.

محمد عبده حسنين (القاهرة)
أفريقيا إثيوبيا: متمردو تيغراي يُظهرون «جدية» في تنفيذ اتفاق السلام

إثيوبيا: متمردو تيغراي يُظهرون «جدية» في تنفيذ اتفاق السلام

أظهر متمردو إقليم «تيغراي» شمال إثيوبيا، «جدية» في تنفيذ اتفاق السلام، الموقَّع قبل نحو 5 أشهر، مع الحكومة الفيدرالية بأديس أبابا، وذلك بتسليمهم مزيداً الأسلحة، ضمن عملية نزع سلاح الإقليم ودمج مقاتليه في الجيش الوطني. وحسب نائب مفوض «إعادة التأهيل الوطني»، العميد ديريبي ميكوريا، اليوم (الخميس)، فإن «الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي سلمت الدفعة الأولى من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة المتنوعة التي تم جمعها حول منطقة دينقولات في إقليم تيغراي». وأنهى اتفاق السلام، الموقّع في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، حرباً عنيفة استمرت عامين، راح ضحيتها الآلاف، حسب منظمات دولية.

محمد عبده حسنين (القاهرة)

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.