عوائل نجت من الزلزال فباتت بلا مأوى في شمال غربي سوريا

«الخوذ البيضاء» تواجه صعوبات في عمليات الإنقاذ وانتشال الضحايا

فرق الدفاع المدني السوري تعمل على إنقاذ الضحايا في تجمع سكني مدمر بالزلزال في مدينة سرمدا شمال إدلب (الشرق الأوسط)
فرق الدفاع المدني السوري تعمل على إنقاذ الضحايا في تجمع سكني مدمر بالزلزال في مدينة سرمدا شمال إدلب (الشرق الأوسط)
TT

عوائل نجت من الزلزال فباتت بلا مأوى في شمال غربي سوريا

فرق الدفاع المدني السوري تعمل على إنقاذ الضحايا في تجمع سكني مدمر بالزلزال في مدينة سرمدا شمال إدلب (الشرق الأوسط)
فرق الدفاع المدني السوري تعمل على إنقاذ الضحايا في تجمع سكني مدمر بالزلزال في مدينة سرمدا شمال إدلب (الشرق الأوسط)

بينما تواصل فرق الدفاع المدني السوري «الخوذ البيضاء»، بمساعدة متطوعين مدنيين، عمليات إنقاذ العالقين تحت الأبنية المهدمة في المناطق التي ضربها الزلزال، فجر الاثنين، شمال غربي سوريا، يعيش آلاف المدنيين في العراء من دون مأوى، بعدما تمكنوا من النجاة خلال اللحظات الأولى للزلزال، والهرب من منازلهم قبيل أن تتساقط وتتحول إلى كتل من الركام المرعب.
«لم نعد نعرف أين نذهب! لم يبق عندنا بيت، وليس لدينا ألبسة ولا أغطية. نعيش منذ يومين داخل السيارة. طوال الليل نشغّل جهاز تسخين الهواء بالسيارة كي لا يبرد الأولاد». بهذه الكلمات وبصوت خافت وحزين تحدث «أبو زياد» الذي يعيش في سيارة مع أسرته المؤلفة من 6 أشخاص وزوجته. تهدم منزله في مدينة سرمدا، شمال إدلب، بُعيد مغادرته بغضون ثوان معدودة. لم يتمكن من أن يصطحب معه أي شيء، من أغطية أو ألبسة. ومثله كمئات المواطنين الآخرين الذين ينتظرون أن يتوفر لهم مأوى آخر.
يصف أبو زياد (55 عاماً)، وهو من مدينة سرمدا التي تبعد 35 كيلومتراً شمال إدلب، مشهد حدوث الزلزال منذ بداياته، قائلاً: «في نحو الساعة الرابعة والنصف فجراً (الاثنين)، شعرنا بهزة أرضية ولكن هذه المرة لم تكن كسابقاتها بعدما بدأ الاهتزاز بالتصاعد بشكل مخيف، وترافق مع صوت هدير مرعب، وصراخ من كل مكان في المنطقة. حينها بدأت جدران المنزل بالتشقق بسرعة عالية. قررنا على الفور إخراج الأطفال وهم نيام من داخل المنزل إلى خارجه، وسرعان ما انهار المنزل على الأرض، كما انهارت منازل وأبنية أخرى في الحي ذاته، وسقطت على عائلات كاملة لم تتمكن من الخروج وبقيت تحت الركام».
ويضيف: «نشعر جميعاً بأنه كتبت لنا حياة جديدة، بعد هذا الزلزال المدمر. إلا أننا نعيشها الآن في ظروف صعبة للغاية، حيث باتت السيارة، وهي آخر ما نملكه، مكان إقامتنا، بعيداً عن الأبنية. مئات بل آلاف العائلات تعيش على هذا النحو، إما تهدمت منازلهم وإما تصدعت بفعل الزلزال ولم تعد آمنة للسكن مجدداً، خصوصاً في ضوء الاهتزازات الأرضية الارتدادية عقب الزلزال، والتشققات والتصدعات في أجزاء الأبنية التي لم تعد قادرة على مقاومة الاهتزازات».
على طريق حارم - سلقين، غرب إدلب، تعيش أكثر من 400 عائلة في العراء تزامناً مع استمرار هطول الأمطار الغزيرة على المنطقة، فيما لجأت مئات العوائل إلى خيام النازحين التي تعطيهم الشعور بالأمان أكثر من الأبنية السكنية الخرسانية، بعد الصدمة التي مروا بها.
يقول أحمد (33 عاماً)، وهو من منطقة حارم غرب إدلب، إنه لجأ إلى أحد البساتين على الطريق الواصلة بين مدينته حارم وسلقين، واتخذ من «شادر» بلاستيكي خيمة مؤقتة وربطها بإحدى الأشجار كملجأ مؤقت لأسرته، بعدما تعرض منزله للتشقق بفعل الزلزال المدمر. ويضيف: «إنني حزين جداً بعد مشاهدتي مناظر فظيعة للغاية من الموت والدمار في مدينة حارم أثناء وقوع الزلزال». ويشير إلى أنه فقد عدداً كبيراً من أقاربه «لا يزال مصيرهم مجهولاً حتى الآن».
يضيف أحمد: «كنا سابقاً نسمع في القصص القديمة عن الزلازل والهزات الأرضية العنيفة، ولم نكن نعلم عنها شيئاً أو ما ستخلفه من كوارث، ولكن مع الزلزال المدمر الذي ضرب شمال غربي سوريا، وأحدث دماراً هائلاً في المباني السكنية، وتسبب بموت المئات، نعيش الآن حالة صدمة أو كابوس مرعب، ونحمد الله على نجاتنا وإنقاذ أطفالنا».
أما في منطقة جنديرس فالوضع كارثي للغاية، بحسب ما وصفه الناس هناك. فالدمار والموت في كل مكان، مئات المنازل انهارت وتحت أنقاضها مئات العالقين لا أحد يعلم عنهم شيئاً، على الرغم من الجهود التي تقوم بها فرق الدفاع المدني السوري «الخوذ البيضاء». ويقول سكان إنه لم يعد أمام الأهالي متسع من الوقت لحفر القبور الفردية، فذهب البعض إلى دفن قتلى الزلزال الذين يجري انتشالهم من تحت أنقاض المنازل المدمرة في جنديرس ضمن قبور جماعية، حيث تجاوز عدد القتلى في هذه المدينة نحو 230 قتيلاً وأكثر من 600 جريح، فيما لا يزال المئات تحت عشرات المنازل والأبنية المدمرة، وفقاً لناشطين.
وتحدث باسم منير المصطفى، نائب مدير الدفاع المدني السوري للشؤون الإنسانية، عن الصعوبات التي تواجه فرقهم أثناء عملية إنقاذ العالقين وإزالة الركام، قائلاً: «على الرغم من الصعوبات التي تواجه فرق الدفاع المدني السوري أثناء عملية إنقاذ العالقين وانتشال جثث القتلى على مدار الساعة، فإن الفرق تمكنت من انتشال ما يقارب من 733 قتيلاً، بينهم أطفال ونساء في المناطق التي تضررت بفعل الزلزال المدمر. وتركزت الإحصاءات الكبيرة لعدد القتلى في مدن سرمدا والدانا وجسر الشغور وحارم وسلقين وبسنيا بريف إدلب، ومناطق جنديرس وعفرين وأعزاز والباب بريف حلب، بينما بلغ عدد المصابين حتى الآن أكثر من 2380 جريح».
ولفت إلى أن «الوضع كارثي بكل ما تعنيه الكلمة في الشمال السوري. وأمام إمكانات فرق الدفاع المدني المحدودة وعلى رأسها المحروقات والمعدات التي بدأت بالنفاد، قد تتفاقم الكارثة إلى الأسوأ، ما لم يتدخل العالم في المساعدة لإنقاذ ما تبقى من أحياء تحت الركام».


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).