مع استمرار تنامي النفوذ الإرهابي في منطقة الساحل وغرب أفريقيا، تحاول غانا بدء المواجهة مبكراً من أراضي بوركينا فاسو المجاورة؛ حيث تعاني غانا ودول أخرى في المنطقة من هروب اللاجئين البوركينابيين إلى أراضيها، وسط أوضاع اقتصادية سيئة تعصف بالمنطقة برمتها، يفاقمها تمدد العنف.
وخلال لقاء بوزير المالية الألماني، قال الرئيس الغاني نانا أكوفو أدو، الأحد: «نتحدث عن عدد كبير من الأشخاص الذين يتجهون بالفعل جنوباً نتيجة للصعوبات في بوركينا فاسو... لدينا مصلحة مباشرة ومهمة واستراتيجية في القيام بكل ما في وسعنا لإنهاء هذا التمرد، والمساعدة في تحقيق الاستقرار في بوركينا فاسو».
والأسبوع الماضي أعلنت السلطات الغانية أن أكثر من 4000 مواطن من بوركينا فاسو فروا إلى البلاد، وقالت إن العدد الكبير من اللاجئين يمثل أعباء كبيرة على السكان الغانيين، فيما يخص الغذاء والمرافق الاجتماعية.
وتعاني غانا أزمة اقتصادية كبيرة، تسببت في زيادة أسعار الوقود والغذاء إلى مستويات قياسية، كما تجاوز تضخم أسعار المستهلكين 37 في المائة في سبتمبر (أيلول) الماضي، وهو أعلى مستوى منذ 21 عاماً.
وفي ديسمبر (كانون الأول) الماضي، حذرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين من تعاظم الاحتياجات الإنسانية للنازحين في بوركينا فاسو، ما قد يؤدي إلى زيادة عدد اللاجئين الفارين من البلاد، إذ أجبر استمرار العنف نحو 50 ألف لاجئ على الفرار إلى النيجر ومالي، وجنوباً إلى الولايات الساحلية في بنين وكوت ديفوار وتوغو وغانا، بحثاً عن الأمان في العامين الماضيين.
وقالت إنه مع وجود 1.76 مليون شخصٍ مسجلين بوصفهم نازحين داخلياً في البلاد، تشهد بوركينا فاسو واحدة من أزمات النزوح الأسرع نمواً في العالم، وهي أزمة تتسم بالعنف والفقر ونقص الغذاء، والتأثير المتزايد لأزمة المناخ، مشيرة إلى أن كارثة اللاجئين في بوركينا فاسو تزيد الضغط على منطقة الساحل الهشة. ورأت أن انتقال غياب الأمن إلى المناطق الحضرية والمدن في بوركينا فاسو، يحول العدد الكبير من النازحين في الداخل إلى نازحين لدول الجوار.
وفي مايو (أيار) الماضي، قالت «اللجنة الدولية للصليب الأحمر»، إن أكثر من 10.6 مليون شخص في بوركينا فاسو ومالي والنيجر وموريتانيا، يواجهون خطر الجوع بسبب الركود الزراعي؛ إذ يفاقم النزاع أزمة الغذاء المستمرة.
وأضافت أنه نزح ما لا يقل عن مليوني شخص عبر البلدان الأربعة، بسبب العنف والنزاعات: 70 في المائة منهم من بوركينا فاسو؛ حيث أجبر انعدام الأمن قرابة 10 في المائة من السكان، أي 1.8 مليون شخص، على الفرار من منازلهم بحثاً عن الأمان. وقالت اللجنة إنه في المناطق الشمالية لبوركينا فاسو، فُقد بين 30 في المائة و50 في المائة من الأراضي المزروعة نتيجة انعدام الأمن.
وتواجه بوركينا فاسو تحديات أمنية بسبب تمدد نفوذ جماعات مرتبطة بتنظيمي «داعش» و«القاعدة» في البلاد، منذ عام 2015.
ويرى عبد الفتاح الفالحي، مدير «مركز الصحراء وأفريقيا للدراسات الاستراتيجية» في المغرب، أن مختلف المؤشرات «تجعل من غانا بيئة حاضنة محتملة للإرهاب»؛ مشيراً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه من المتوقع أن «تنتقل إليها العمليات الإرهابية، بسبب تداعيات النزوح الجماعي غير المراقب من بوركينا فاسو».
واعتقد الفالحي أن ما يساعد غانا اليوم هو «استقرارها السياسي النسبي الذي لا يزال يوفر إمكانية لإدارة الأزمة، وتقليل مخاطر الغليان الاجتماعي الناجم عن الوضع الاقتصادي السيئ، والتهديد الإرهابي في غرب أفريقيا». وأنه: «على الرغم من التحديات، فإن أكرا يمكن التعويل عليها من قبل بعض القوى، مثل الولايات المتحدة، عبر دعمها لتلعب دوراً فعالاً في مكافحة الإرهاب، ودعم الاستقرار في دول الجوار».
بدوره، قال الخبير الاقتصادي الموريتاني، زكي أبو مدين، لـ«الشرق الأوسط»، إن موجات النزوح الكبرى والمستمرة الناجمة عن تهديد الإرهاب والعنف في بوركينا فاسو ومالي وغيرهما، من شأنها أن تؤثر سلباً على الاقتصادات المنهكة بالفعل في دول الجوار «بفعل الفساد، وضعف الإدارة، وقلة الموارد، والاختلالات البنيوية»، إضافة إلى «التحديات التي فرضتها جائحة (كوفيد) والحرب الروسية الأوكرانية».
ورأى أبو مدين أن دولاً مثل غانا والسنغال وساحل العاج وموريتانيا «لا يمكنها استيعاب أعداد كبيرة من اللاجئين والتعامل مع الهجرة غير المخططة؛ حيث يلزمها تخصيص مبالغ من ميزانيتها العاجزة لتوفير الخدمات الاجتماعية والصحية والأمنية والغذائية لهؤلاء اللاجئين، إضافة لمزاحمة اللاجئين للعمالة الوطنية في الوظائف، وهو ما يثقل كواهل هذه البلدان».
غانا تتعهد بمواجهة أي «تمدد إرهابي» محتمل في أراضيها
ازدياد النازحين من بوركينا فاسو بسبب التردي الأمني يؤرق دول الجوار
غانا تتعهد بمواجهة أي «تمدد إرهابي» محتمل في أراضيها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة