ماذا تضمنت اجتماعات لجان «التحول الديمقراطي» السودانية في القاهرة؟

مصادر أكدت سعي مصر لـ«توافق واسع»... وانفتاحها على «غير المشاركين»

صورة بثتها فضائية (إكسترا نيوز) المحلية المصرية السبت للقاء قوى سودانية في القاهرة
صورة بثتها فضائية (إكسترا نيوز) المحلية المصرية السبت للقاء قوى سودانية في القاهرة
TT

ماذا تضمنت اجتماعات لجان «التحول الديمقراطي» السودانية في القاهرة؟

صورة بثتها فضائية (إكسترا نيوز) المحلية المصرية السبت للقاء قوى سودانية في القاهرة
صورة بثتها فضائية (إكسترا نيوز) المحلية المصرية السبت للقاء قوى سودانية في القاهرة

تواصلت في القاهرة لليوم الرابع على التوالي أعمال ورشة «آفاق التحول الديمقراطي نحو سودان يسع الجميع»، التي تشارك فيها شخصيات سياسية ومدنية سودانية. وقالت مصادر مصرية مقربة من لقاءات القوى السودانية، إن الهدف الأساسي من استضافة القاهرة لهذا التجمع من الأطراف والقوى الفاعلة في الساحة السودانية هو «التشاور بشأن الوضع الراهن، والخروج بصيغة توافقية بين أكبر قدر ممكن من أطراف العملية السياسية في السودان».
وأوضحت المصادر التي طلبت عدم نشر هويتها لـ«الشرق الأوسط» أن الورشة «يشارك فيها نحو 85 شخصية سودانية تمثل أكثر من 35 فصيلا ومكونا سياسيا ومن المجتمع المدني السوداني باختلاف انتماءاته وفصائله وتياراته».
وجاءت الدعوة المصرية للقوى السودانية في أعقاب زيارة أجراها الوزير عباس كامل، مدير الاستخبارات المصرية، إلى الخرطوم في مطلع يناير (كانون الثاني) الماضي، وذلك بعد نحو شهر من توقيع الاتفاق الإطاري، برعاية الآلية الثلاثية (الأمم المتحدة - الاتحاد الأفريقي - منظمة إيجاد)، والآلية الرباعية والمكونة من (الولايات المتحدة، المملكة المتحدة، السعودية، الإمارات).
وأوضحت المصادر أن القاهرة «تقف على مسافة واحدة من كل الفصائل والقوى السودانية، ولا تسعى للتدخل في الشأن السوداني، وإنما (تعمل على) توفير فرصة مواتية للحوار البناء بين أكبر قدر ممكن من القوى السودانية». ولفتت إلى أن الدعوة للمشاركة في أعمال الورشة وجهت إلى كل الأطراف الفاعلة على الساحة السودانية، ومن بينها «قوى لها مواقف سابقة غير إيجابية تجاه القاهرة، وأن بعض تلك القوى لم تتجاوب لأسباب خاصة بها».
ولمحت المصادر إلى أن «مواقف بعض القوى الرافضة للحوار والتشاور ترتبط بمواقف أعمق بشأن رفض العملية الانتخابية حتى لا تظهر الأوزان النسبية الحقيقية لتلك القوى في الشارع السوداني، كما أن بعضها له ارتباطات إقليمية ودولية».
ونبهت المصادر إلى أن استقرار السودان «يمثل أولوية قصوى لمصر»، وأن «الاتصالات متواصلة ومستمرة مع كل الأطراف»، وأن «باب مصر مفتوح للجميع دون تفرقة حتى لغير المشاركين في الورشة الحالية».
وكانت قوى الحرية والتغيير (الكتلة الديمقراطية) قد أعلنت على لسان محمد زكريا، الناطق باسم الحركة ترحيبها بدعوة القاهرة للتشاور، والذي اعتبر التجاوب مع دعوة القاهرة جاء من منطلق الحرص على أن تؤدي هذه الدعوة إلى تقريب وجهات النظر بين الفرقاء السودانيين، لا سيما أن الحرية والتغيير (الكتلة الديمقراطية) قد عارضت الاتفاق الإطاري ولم توقع عليه، في حين رفضت قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) الدعوة المصرية.
واعتبر الدكتور السيد فليفل، العميد السابق لكلية الدراسات الأفريقية بجامعة القاهرة، الدعوة المصرية للقوى السودانية للقاء والحوار «مبادرة إيجابية لتوفير مناخ ملائم بعيداً عن التوتر السائد ومناخ المنافسة الحاد بين القوى السودانية».
وأضاف فليفل في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «الحوار يعتمد على منح القوى السودانية التي لديها وجهات نظر بشأن اتفاق جوبا والاتفاق الإطاري الذي جرى توقيعه في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، فرصة للنقاش والحوار على أرضية وطنية تصون للسودان انتماءه العربي والأفريقي والإسلامي».
حول المتوقع لمخرجات هذا الحوار السوداني، أكد العميد السابق لكلية الدراسات الأفريقية على أن الأطراف المشاركة وحدها هي من سيحدد شكل هذه المخرجات. وأضاف: «لا يمكن الحديث عن أي أفكار مسبقة»، وأن القوى المشاركة في الحوار «تتفاعل إيجابياً، وتدرك خطورة اللحظة الراهنة التي يعيشها السودان، في ظل العديد من المزايدات والضغوط الإقليمية والدولية».
وأوضح فليفل أن الوصول إلى توافق سياسي ومجتمعي «هو مسؤولية السودانيين وحدهم»، منوهاً بأن «من يريد أن يبني وطنه لا يعبأ بالمؤثرات، والشعب صاحب الإرادة قادر على تجاوز كل العقبات».
من جانبه أكد الدكتور رامي زهدي، الباحث المختص بالشؤون الأفريقية، أن «مصر تعتمد في دعوتها للقوى السودانية للحوار في القاهرة على تاريخ متراكم من الدعم للشعب السوداني، وأن الحفاظ على السودان هادئاً ومتماسكاً ويسير في طريق التنمية يمثل مصلحة مصرية».
وتابع زهدي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن بعض القوى المعارضة للحوار السوداني - السوداني في القاهرة «لا تعتمد على رؤية واقعية أو حجج قوية»، مضيفاً أن الحوار في حد ذاته «فرصة يجب اغتنامها، وعندما يكون في إطار يوفر التوافق أو يسعى إليه، فيجب الحرص أكثر عليه».
وأضاف الباحث المختص بالشؤون الأفريقية، أن بنود الاتفاق الإطاري «لم تحقق من وجهة نظر العديد من القوى السودانية التصور المأمول لاستعادة الأوضاع الطبيعية في الداخل السوداني، ومن ثم فإن ذلك ربما يقود إلى انقسامات متصاعدة تهدد المسار المستقبلي في السودان».
وأشار زهدي إلى وجود «انقسامات عميقة بين مكونات الشعب السوداني حالياً، وبين قوى المجتمع المدني المختلفة، فضلاً عن ضعف مستوى الثقة من جانب المكون المدني في المكون العسكري». وأضاف أن الأمر «يتطلب فرصة للحوار الجاد والبناء، بعيداً عن فرض الإملاءات أو التدخلات الخارجية، وهو ما تسعى القاهرة إلى توفيره في المشاورات الجارية حالياً»، مشدداً على «صعوبة أن يفرض طرف على شعب بطبيعة وتكوين الشعب السوداني أمراً لا يقبله هذا الشعب».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.