أوروبا ضحية جانبية للمواجهة الاقتصادية بين واشنطن وبكين

«قانون خفض التضخم» أبرز الضربات

أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر المفوضية الأوروبية ببروكسل في بلجيكا (رويترز)
أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر المفوضية الأوروبية ببروكسل في بلجيكا (رويترز)
TT

أوروبا ضحية جانبية للمواجهة الاقتصادية بين واشنطن وبكين

أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر المفوضية الأوروبية ببروكسل في بلجيكا (رويترز)
أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر المفوضية الأوروبية ببروكسل في بلجيكا (رويترز)

وضعت المواجهة الاقتصادية بين الولايات المتحدة والصين، أوروبا في مرمى النيران فيما تهدّد خطة «قانون خفض التضخم» الأميركية لتعزيز الصناعات الخضراء بإحداث أضرار جانبية لحليف رئيسي لها.
وستكون هذه الخطة الأميركية على قائمة زيارة وزيرَي الاقتصاد الفرنسي برونو لومير والألماني روبرت هابيك لواشنطن الثلاثاء، قبل أن يعد الاتحاد الأوروبي ردّه على هذه الخطة، في مناسبة انعقاد قمة لرؤساء دول وحكومات التكتل يومي 9 و10 فبراير (شباط).
ونص «قانون خفض التضخم» الذي خصص له 430 مليار دولار، على تقديم إعانات للصناعات الخضراء مثل الشركات المصنعة لبطاريات السيارات الكهربائية والألواح الشمسية، على غرار النموذج الصيني للإعانات على أراضيها، شرط أن تصنع الشركات هذه المنتجات في الولايات المتحدة.
وقال الباحث في المجلس الأوروبي للعلاقات الدولية توبياس غيركه، وفق وكالة فرانس برس: «أحد الأهداف الرئيسية للقانون الأميركي لخفض التضخم هو استبعاد الموردين الصينيين من سلاسل إنتاج الطاقة النظيفة»، معتبرا أن الولايات المتحدة فكّرت «أولا وقبل كل شيء» في مصلحتها الخاصة من حيث استحداث فرص العمل والتصنيع وكذلك تقليل اعتمادها على الصين.
تشكل الصين لاعبا رئيسيا في قطاع السيارات الكهربائية مع سيطرتها على 78 في المائة من الإنتاج العالمي لخلايا البطاريات وثلاثة أرباع المصانع الكبرى لتصنيع بطاريات الليثيوم-أيون، وفقا لدراسة أجراها معهد بروكينغز إنستيتوسن في واشنطن.
وبالنسبة إلى الولايات المتحدة، لم تطرح مسألة أوروبا في هذا الملف إلا في مرحلة لاحقة، وفق ما أضاف غيركه، كما حصل بالنسبة إلى كوريا الجنوبية أو اليابان، وهما بلدان حليفان تقليديان لواشنطن لكنهما استثنيا من الإعانات، خلافا للمكسيك وكندا.
من جهتها، قالت سيسيليا مالمستروم المفوضة الأوروبية السابقة للتجارة والتي أصبحت الآن عضوا في معهد بيترسون للبحوث في واشنطن لوكالة فرانس برس، «أصبحت أوروبا ضحية نوعا ما» في هذا الجهد لتقليل الاعتماد على الصين، مضيفة: «لا أعتقد أنه كان مقصودا استهداف الأوروبيين».
فقد بدأت المواجهة الشرسة على المستويين الاقتصادي والتكنولوجي منذ وصول دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.
اتّخذ ذلك بداية شكل رسوم جمركية عقابية في وقت مبكر من العام 2018 بقيت سارية بعد انتخاب جو بايدن الذي اعتمد هو أيضا لهجة متشددة تجاه بكين.
بالإضافة إلى ذلك، فرضت واشنطن في أكتوبر (تشرين الأول) قيودا على تصدير بعض المكونات الإلكترونية إلى الصين باسم المصلحة الوطنية بتبنيها «قانون الرقائق الإلكترونية والعلوم» (تشيبس آكت) الذي يوفر حوالى 53 مليار دولار لدعم إنتاج أشباه الموصلات في الولايات المتحدة... وصولا إلى «قانون خفض التضخم».
وكتب جون بيتمان من مركز كارنيغي إندومنت للسلام الدولي للبحوث في مجلة فورين بوليسي أن الأميركيين سيسعون «إلى إبطاء الازدهار التكنولوجي للصين بأي ثمن».
وتعمّقت مخاوف أوروبا عقب الأزمة الاقتصادية وأزمة الإمداد اللتين تسببت بهما جائحة كوفيد والحرب في أوكرانيا التي وضعت قواعد العولمة محل تساؤل.
وتثير هذه الأولوية العالمية مخاوف من حدوث سباق للحصول على الإعانات في الولايات المتحدة وفي الصين، وكذلك في أوروبا حيث تريد المفوضية تسهيل توزيع مساعدات حكومية ردا على سياسات منافسيها.
وقال باسكال لامي، المدير العام السابق لمنظمة التجارة العالمية، إن على أوروبا «ممارسة الضغط» على واشنطن لأن الخطة «معادية لأوروبا أكثر مما هي معادية للصين».
كذلك، يثير هذا الجمود بين الحليفين التاريخيين مسألة الإستراتيجية الأوروبية تجاه الصين وفق توبياس غيركه في حين أصبحت المكونات الصينية في صلب عملية تصنيع السيارات الكهربائية في القارة.
وقال غيركه: «كما يحصل في الولايات المتحدة، فإن سلاسل إمداد الطاقة النظيفة في أوروبا تعتمد بشكل خطر على الصين»، مشيرا إلى أن «التركيز على هذا الارتهان يصب في المصلحة الاقتصادية للاتحاد الأوروبي وقد يقنع واشنطن بأن أوروبا حليف ضروري في مواجهة الصين».


مقالات ذات صلة

بايدن يستضيف رئيس الفلبين لمواجهة تصاعد التوترات مع الصين

الولايات المتحدة​ بايدن يستضيف رئيس الفلبين لمواجهة تصاعد التوترات مع الصين

بايدن يستضيف رئيس الفلبين لمواجهة تصاعد التوترات مع الصين

في تحول كبير نحو تعزيز العلاقات الأميركية - الفلبينية، يستضيف الرئيس الأميركي جو بايدن، الرئيس الفلبيني فرديناند ماركوس جونيور، في البيت الأبيض مساء الاثنين، في بداية أسبوع من اللقاءات رفيعة المستوى، تمثل تحولاً في العلاقة بين البلدين التي ظلت في حالة من الجمود لفترة طويلة. زيارة ماركوس لواشنطن التي تمتد 4 أيام، هي الأولى لرئيس فلبيني منذ أكثر من 10 سنوات.

هبة القدسي (واشنطن)
العالم الحرب الباردة بين أميركا والصين... هل تتغيّر حرارتها؟

الحرب الباردة بين أميركا والصين... هل تتغيّر حرارتها؟

من التداعيات المباشرة والأساسية للحرب في أوكرانيا عودة أجواء الحرب الباردة وبروز العقلية «التناحرية» التي تسود حالياً العلاقة بين الولايات المتحدة والصين. ومع كل ما يجري في العالم، نلمح الكثير من الشرارات المحتملة التي قد تؤدي إلى صدام بين القوتين الكبريين اللتين تتسابقان على احتلال المركز الأول وقيادة سفينة الكوكب في العقود المقبلة... كان لافتاً جداً ما قالته قبل أيام وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين وشكّل انعطافة كبيرة في مقاربة علاقات واشنطن مع بكين، من حيّز المصالح الاقتصادية الأميركية إلى حيّز الأمن القومي.

أنطوان الحاج
الاقتصاد الشركات الأميركية في الصين  تخشى مزيداً من تدهور علاقات البلدين

الشركات الأميركية في الصين تخشى مزيداً من تدهور علاقات البلدين

تخشى الشركات الأميركية في الصين بشكل متزايد من مزيد من التدهور في العلاقات بين البلدين، وفقاً لدراسة استقصائية أجرتها غرفة التجارة الأميركية في الصين. وأعرب 87 في المائة من المشاركين في الدراسة عن تشاؤمهم بشأن توقعات العلاقة بين أكبر الاقتصادات في العالم، مقارنة بنسبة 73 في المائة في استطلاع ثقة الأعمال الأخير. ويفكر ما يقرب من ربع هؤلاء الأشخاص، أو بدأوا بالفعل، في نقل سلاسل التوريد الخاصة بهم إلى دول أخرى.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد دعوات أميركية للحد من اعتماد الدول الغنية على السلع الصينية

دعوات أميركية للحد من اعتماد الدول الغنية على السلع الصينية

من المتوقع أن يبحث قادة مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى في قمتهم المقررة باليابان الشهر المقبل، الاتفاق على تحديد رد على التنمر الاقتصادي من جانب الصين.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد الصين تنتقد «الإكراه الاقتصادي» الأميركي

الصين تنتقد «الإكراه الاقتصادي» الأميركي

انتقدت بكين الجمعة، عزم واشنطن فرض قيود جديدة على استثمارات الشركات الأميركية في نظيرتها الصينية، معتبرة أن خطوة كهذه هي أقرب ما يكون إلى «إكراه اقتصادي فاضح وتنمّر تكنولوجي». وتدرس إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، برنامجاً لتقييد استثمارات خارجية أميركية، بما يشمل بعض التقنيات الحسّاسة التي قد تكون لها آثار على الأمن القومي. وتعاني طموحات الصين التكنولوجية أساساً من قيود تفرضها الولايات المتحدة ودول حليفة لها، ما دفع السلطات الصينية إلى إيلاء أهمية للجهود الرامية للاستغناء عن الاستيراد في قطاعات محورية مثل أشباه الموصلات. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ ونبين، إن «الولايات المتحد

«الشرق الأوسط» (بكين)

رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي متفائل بشأن الاقتصاد الألماني

فنّيون بجانب خطوط الإنتاج في أحد مصانع ألمانيا (رويترز)
فنّيون بجانب خطوط الإنتاج في أحد مصانع ألمانيا (رويترز)
TT

رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي متفائل بشأن الاقتصاد الألماني

فنّيون بجانب خطوط الإنتاج في أحد مصانع ألمانيا (رويترز)
فنّيون بجانب خطوط الإنتاج في أحد مصانع ألمانيا (رويترز)

أعرب رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي، بورغه برنده، عن ثقته بالتنمية الاقتصادية في ألمانيا على الرغم من الانكماش الاقتصادي الحالي.

وقال برنده، وفق وكالة الأنباء الألمانية: «أنا أكثر تفاؤلاً بالنسبة إلى ألمانيا لأنها تمتلك قاعدة صناعية وخبرة... يمكن نقل هذه المعرفة بسهولة من أحد مجالات الصناعة إلى مجالات جديدة. إنها في رؤوس الناس، في المنظمات والمؤسسات».

وذكر برنده أن ألمانيا تزيد بالفعل استثماراتها في مجالات أعمال جديدة مثل تقنيات أشباه الموصلات والمراكز السحابية ومراكز البيانات، مشيراً إلى أن «ألمانيا كانت تعد ذات يوم رجل أوروبا المريض قبل نحو عشرين عاماً»، ومنذ ذلك الحين وجدت طريقها إلى القدرة التنافسية من خلال سلسلة من الإصلاحات الهيكلية.

في المقابل، تشير المؤشرات الحالية إلى الركود، وبينما من المتوقع أن ينمو الاقتصاد العالمي بنسبة تزيد على 3 في المائة هذا العام، خفضت معاهد بحوث اقتصادية رائدة في ألمانيا مؤخراً توقعاتها بالنسبة لنمو الاقتصاد الألماني إلى 0.1 في المائة للعام الحالي. وأرجع برنده هذا إلى التداعيات اللاحقة للاعتماد السابق على الغاز الروسي أو السوق الصينية.

وفي ضوء ارتفاع أسعار الكهرباء في ألمانيا بمقدار الضعف عن أسعارها في الولايات المتحدة، قال برنده: «هذا يجعل الأمر صعباً على المدى القصير بالنسبة إلى الصناعات التي تعتمد بشكل كبير على الكهرباء»، مضيفاً في المقابل أن ألمانيا وجدت رغم ذلك بدائل للطاقة من خلال الغاز المسال، وهي الآن تصدر منتجات إلى الولايات المتحدة أكثر مما تصدره إلى الصين.

وشدد برنده على ضرورة أن تحرص ألمانيا على عدم خفوت الاستثمارات، مشيراً إلى أنه على الرغم من أن بلداناً أخرى ليس لديها مجال كبير لفعل ذلك حالياً بسبب ارتفاع الديون، فإن قيود الميزانية الألمانية مطبَّقة تلقائياً في شكل كبح الديون، ما يزيد من صعوبة الاستثمار في البنية التحتية أو البحث والتطوير أو توفير رأس المال الأوّلي ورأس المال المخاطر، وقال: «ليس هناك شك بأن رأس المال المتاح للشركات الناشئة في الولايات المتحدة أكبر مما هو موجود هنا في أوروبا».