ترميم منزل ألدوس هكسلي في جنوب فرنسا

عاش في الريفيرا 7 سنوات وكتب فيها روايته الشهيرة «عالم جديد شجاع»

هكسلي في وسط الصورة ويبدو دي. إتش. لورانس على اليسار   -
هكسلي في وسط الصورة ويبدو دي. إتش. لورانس على اليسار -
TT

ترميم منزل ألدوس هكسلي في جنوب فرنسا

هكسلي في وسط الصورة ويبدو دي. إتش. لورانس على اليسار   -
هكسلي في وسط الصورة ويبدو دي. إتش. لورانس على اليسار -

كيف ارتبطت حياة الكاتب البريطاني ألدوس هكسلي (1894-1963) بفرنسا؟ تلك قصة يرويها الكاتب نفسه، بعد تخرجه بدرجة البكالوريوس في جامعة أكسفورد؛ حيث عمل أستاذاً للغة الفرنسية في مدرسة إيتون، بالقرب من وندسور في إنجلترا لفترة من الزمن. ثم انتقل للعمل مزارعاً من أجل دعم المجهود الحربي؛ حيث التقى بزوجته الأولى، ماريا نيس، اللاجئة البلجيكية. ومعها انتقل إلى جنوب فرنسا بعد عدة سنوات. عند وصولهما إلى «كوت دازور»، الساحل اللازوردي، مكثوا في فندق «بوريفاج» الأنيق في منطقة باندول، وسرعان ما انتقلوا إلى الفيللا التي سميت باسم الكاتب.
كتب روايته الشهيرة «عالم جديد شجاع» في غضون 4 أشهر قصيرة، في هذه الفيللا التي تطل على البحر الأبيض المتوسط، كما نشر روايته الأخرى «إليز» وأعمالاً أخرى عززت سمعته بوصفه كاتب مقالات وروائياً في آن واحد. سافر الزوجان في سيارة «بوجاتي» حمراء على طول الساحل اللازوردي، واجتمعا مع أصدقائهما الكتّاب والفنانين الذين توافدوا إلى الريفييرا خلال الثلاثينات، بما في ذلك فيرجينيا وولف، وسيريل كونيلي، وكاثرين مانسفيلد، وصديقه دي. إتش. لورانس الذي كاد أن يموت في منطقة غراس؛ إذ لازم هكسلي سريره حتى رحيله، وشارك في دفنه. بعد مرور 5 أعوام، قامت زوجة لورانس، فريدا، باستخراج الرفات وحرقه. وكانت تنوي تحصيل أموال من السائحين لزيارة ضريحه. آنذاك تعهد هكسلي بسرقة رماد لورانس ونثره في رياح الصحراء، من أجل تعزيز رمزية الصحراء عند الأخير. وكان على خلاف مع زوجة صديقه الراحل مما تسبب في أزمة بينهما.
اعتادت فرنسا أن تهتم بمنازل الأدباء الذين أقاموا على أرضها، كما حصل مع عدد من الكتّاب والفنانين، أمثال الكاتب الروسي إيفان تورجنيف الذي أمضى معظم حياته في فرنسا؛ لكن عدم توفر ميزانية خاصة أدى إلى إهمال منزل الكاتب البريطاني هكسلي الذي عاش سبع سنوات في جنوب فرنسا، من أجل الحفاظ على ذكرى الكاتب وذاكرته.
وكان صعود الفاشية ومعاداة السامية خلال الثلاثينات من القرن الماضي قد أدى إلى هجرة عدد من الكتّاب والفنانين المغتربين إلى هذا المكان المنزوي والهادئ. وسرعان ما أصبح هذا المرفأ ملجأ للمثقفين، من أمثال الناقد البريطاني سيريل كونولي، والروائي الألماني توماس مان، وابنه، وفيرجينيا وولف، وسيريل كونيلي، وكاثرين مانسفيلد، وصديقه دي. إتش. لورانس، غيرهم.
وكان الكاتب والروائي البريطاني صاحب رواية «أفضل ما في العالم» قد لجأ إلى فرنسا في 1930، وعمل فترة من الزمن صحافياً في جريدة «فرنس سوار» المعروفة؛ حيث أطلقت الصحيفة اليومية قسماً بعنوان أوروبا على عتبة عام 1935، يبعث إليه المراسلون الخاصون في البلدان المجاورة، مقالاتهم وتحقيقاتهم وتقاريرهم كل أسبوع. وبعد لندن وبرلين وروما، بدأت الصحيفة المذكورة تكلف صحافيين وكتّاباً أجانب للتعبير عن وجهات نظرهم المغايرة لما يجري في فرنسا، ومن خلال ذلك، طلبت من الكاتب هكسلي القيام بهذه المهمة الصحافية والكتابية.
هكذا، بدأ يكتب في صحيفة «فرنس سوار» مقالاته من 16 مارس (آذار) 1934، والتي لم تنحصر بالأفكار الأدبية والفنية؛ بل عالجت أيضاً الشؤون الاجتماعية والاقتصادية، بما فيها العقارات والتربية. وكتب الكثير عن تخطيط ضواحي المدن الكبيرة التي شوهت الحياة الفرنسية وطقوسها، ووصفها بأنها أكثر سوءاً من قرى كبيرة في غواتيمالا أو جنوب المكسيك. إلا أنه على الرغم من ذلك أشاد بتصميم مدارسها الفرنسية، واعتبرها «المثل الأعلى في الحياة التربوية». كما اهتم بجنوب فرنسا، من مدينة مرسيليا إلى الحدود الإيطالية.
سكن الكاتب البريطاني فيما أطلق عليه «فيللا هكسلي» على بعد خطوات قليلة من شاطئ «لا جوركوت». وكانت ملكاً له ولزوجته الأولى ماريا التي تزوجها في 1919، وحظيا بابن، إلا أنها رحلت في 1955، بسبب سرطان الثدي. وفي العام التالي تزوج من الكاتبة لورا أرتشيرا.
جعل هكسلي من هذه الفيللا مكاناً لقضاء إجازاته بعد سنوات منفاه، وكان يُرحّب بالكتّاب والفنانين المنفيين من كل أوروبا، وخصوصاً الألمان. ويأتي اعتزازه بهذا المكان من أنه كتب أشهر أعماله فيه: «عالم جديد شجاع»، وهي يوتوبيا تحاكي رواية «1984» لجورج أورويل.
أصبحت الفيللا مكاناً للتأمل والقراءة والكتابة والاستماع إلى الموسيقى. خلال هذه السنوات، كان لا يتوقف عن دعوة أصدقائه من الشعراء والكتّاب والفنانين الفرنسيين والعالميين المرموقين، من أمثال بول فاليري، وإديث وارثون، وفيكتوريا أوكامبو، ونويل كوارد، إليها. ومع ذلك، لم تكن «فيللا هكسلي» مفتوحة للجميع؛ لأنه كان يكتب بانتظام، بما في ذلك أيام الآحاد والعطلات، تحت سحر البحر الأبيض المتوسط، في هذا المرفأ الذي أحبّه، والذي لا يبعد سوى ثلاثين دقيقة من مرسيليا، وعشر دقائق عن مدينة طولون. كان يبتهج بلقاء أصدقائه هناك، وخصوصاً صديقه الروائي دي. إتش. لورانس؛ حيث كتب إلى أخت زوجته في إحدى رسائله: «هنا، كل شيء جميل بشكل رائع، الشمس والورود والفاكهة والدفء».
هكذا أصبحت «فيللا هكسلي» رمزاً للكتّاب والأدباء المنفيين الذين كانوا يتوافدون على المنطقة، بعد أن انتقلت ملكيتها إلى جمعية «بيب 13» في 1998، وحولتها إلى مركز عطلات وترحيب بالزوار والمكتشفين. والهدف من وراء ذلك هو استعادة مكانتها التاريخية، باعتبارها نصباً تذكارياً لكاتب مهم ومؤثر في الحياة الثقافية الفرنسية والأوروبية والعالمية. لذلك بادرت الجمعية المذكورة إلى ترميم الفيللا، وإصلاحها، وتخصيص الغرفة القديمة التي كان الكاتب يشغلها مكتباً له من أجل عرض محتويات الكاتب ومخطوطاته؛ إذ كتب فيها من عام 1930 حتى 1937.
وتُذكِّر «فيللا هكسلي» بالفترة التاريخية التي عاشها الكاتب البريطاني، وما كتبه فيها من أعمال أدبية أثرت في الثقافة الأوروبية؛ حيث تم تخصيص غرف ستكون سكناً مؤقتاً للكتّاب والفنانين الشباب ممن يحبون هذا الكاتب، ويعرفون أعماله الروائية ومواقفه الفكرية؛ إذ مدت الجمعية جسور شراكات واسعة مع الجمعيات المحلية والإقليمية والوطنية والدولية، من أجل إقامة المؤتمرات والندوات، والجولات المصحوبة بمرشدين للأفراد والمدارس وغيرها، من أجل بعث المكان من جديد في الذاكرة الأدبية. كانت هذه الفيللا التاريخية على وشك الاختفاء، لولا ما بذلته الجمعية المذكورة من جهود، وجمع التبرعات لترميمها وبعثها من جديد. واستعانت بالصورة الأرشيفية من أجل إعادة بناء مدخلها، والمساحات الخارجية، وإنشاء اللوحة الجدارية التي تجسد رونق المبنى.
لم يتمكن هكسلي من العودة إلى بريطانيا، فقرر الانتقال مع زوجته إلى أميركا، وهناك تقدم بطلب للحصول على الجنسية الأميركية؛ لكن السلطات هناك رفضت ذلك بحجة أنه لم يحمل السلاح للدفاع عن الولايات المتحدة والحلفاء، على الرغم من كرمه وسخائه في مساعدة اللاجئين الهاربين من ألمانيا الهتلرية وإيوائهم. لكن عدم حصوله على الجنسية الأميركية لم يمنعه من العمل كاتب سيناريو في كاليفورنيا.
كانت نهايته حزينة بعد أن أصيب بسرطان الحنجرة؛ حيث طلب من زوجته إعطاءه جرعة قاتلة خلال احتضاره، وهو ما فعلته في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 1963. لقد ترك هكسلي إرثاً أدبياً وفكرياً وعلمياً بارزاً؛ خصوصاً في تحذيره من المخاطر المحدقة بحرية الإنسان نتيجة للتطور التكنولوجي ومظالم السلطة.


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

أمير المصري لـ«الشرق الأوسط»: خضت تدريبات شاقة من أجل «العملاق»

الفنان أمير المصري في «مهرجان القاهرة السينمائي» (صفحته على «إنستغرام»)
الفنان أمير المصري في «مهرجان القاهرة السينمائي» (صفحته على «إنستغرام»)
TT

أمير المصري لـ«الشرق الأوسط»: خضت تدريبات شاقة من أجل «العملاق»

الفنان أمير المصري في «مهرجان القاهرة السينمائي» (صفحته على «إنستغرام»)
الفنان أمير المصري في «مهرجان القاهرة السينمائي» (صفحته على «إنستغرام»)

أكد الفنان المصري - البريطاني أمير المصري أنه يترقب عرض فيلمين جديدين له خلال عام 2025، هما الفيلم المصري «صيف 67» الذي يلعب دور البطولة فيه أمام نيللي كريم، وإخراج أبو بكر شوقي؛ والفيلم البريطاني «العملاق» الذي يجسِّد فيه شخصية الملاكم اليمني الأسطورة نسيم حميد الملقب بـ«البرنس»، ويشاركه البطولة بيرس بروسنان نجم أفلام «جيمس بوند».

وقال المصري في حوار لـ«الشرق الأوسط» إنه يهتم بتقديم أعمال فنية مصرية وعربية إلى جانب عمله في السينما والدراما البريطانية، مشيراً إلى أن الفنان لا بدّ أن يخطّط لما يريده، وعبّر عن سعادته بالمشاركة بفيلم «In Camera» الذي عُرض في «مهرجان القاهرة السينمائي» الـ45.

وشارك أمير المصري في فيلم بـ«مهرجان القاهرة» للمرة الثالثة، بعد مشاركته بفيلمي «دانيال» و«ليمبو»، وقد حاز عن الأخير 3 جوائز، كما حصل على جائزة «البافتا» 2021 لأفضل ممثل عن دوره في الفيلم نفسه.

أمير المصري في أحد مشاهد فيلم «In Camera» (صفحته على «إنستغرام»)

ويكشف الفنان المصري البريطاني أنه قدم أحدث أفلامه «In Camera» منذ العام الماضي للمهرجان، حسبما يقول: «كنت حريصاً على المشاركة في الفيلم خلال العام الماضي، وقد اختير ليكون أحد أفلام المسابقة الدّولية ومع تأجيل الدورة الماضية، شارك الفيلم بمهرجانات أخرى من بينها (كارلو في فاري) و(لندن)، ورفضنا مهرجانات أخرى كي يُعرض في القاهرة حتى لو كان خارج المسابقة، فالمهم أن يُعرض وسط أصحابي وأهلي وناسي».

وحرص المصري على حضور العرض الخاص وسط الجمهور الذي تفاعل مع مواقف كوميدية عدة في الفيلم، ويوضح أنه «على الرغم من اختلاف ثقافات كل مجتمع، فإن الفيلم أثار ضحك الجمهور في جميع عروضه، وأنا ممتن لمخرجه نقَّاش خالد، وقد تحمست له أكثر من الفكرة نفسها، فهو أستاذ جامعي مثقف للغاية، وهناك ما يجمعنا، فهو بريطاني من أصل باكستاني، وقدم لي معالجة للفيلم في 200 صفحة تضمّنت صوراً ولوحات، وأعجبني اهتمامه بالبروفات، فقد طلب أن نُذاكر المَشاهد معاً لمدة أسبوع قبل التصوير، كما أعجبني أن هناك مخرجين يفكرون بالفن أكثر من المكاسب المادية، وبصفتي ممثلاً يهمني أن أخوض تجارب فنية متباينة».

كان المصري قد شارك في لجنة تحكيم الأفلام القصيرة بمهرجان «الجونة السينمائي» خلال دورته المنقضية، التي يصفها بأنها «تجربة ممتعة»، قائلاً: «استمتعت بمشاركتي في لجنة التحكيم برفقة الفنانات أمينة خليل وركين سعد ولينا سويلم، وأنا أحب الأفلام القصيرة التي كشفت لنا عن مواهب واعدة تشقّ طريقها بثقة عبر تجارب سينمائية مميزة».

يبدو الفنان كأنه يوازن بدقة بين أعماله في كلٍّ من مصر والخارج، فقد انتهى من تصوير فيلمين جديدين يُعوِّل عليهما كثيراً لتميّز تجربته بهما، ويترقب عرضهما في 2025، وهو يشدّد على أهمية أن يكون له حضوره في السينما المصرية والعربية إلى جانب أعماله الفنية في أوروبا، لذا يتنقل كثيراً بين القاهرة ولندن.

ويتحدث بسعادة عن فيلم «صيف 67» الذي انتهى أخيراً من تصويره في مصر، موضحاً: «هو فيلم اجتماعي تدور أحداثه عبر عائلة مصرية تعيش في القاهرة خلال فترة الستينات وتشاركني بطولته الفنانة نيللي كريم ومن إخراج أبو بكر شوقي الذي يُعدّ من أهم المخرجين في السينما العربية حالياً، وقد أعجبني فيلماه (يوم الدين) و(هجان)، فهو مخرج زكي وموهوب وكنت محظوظاً باختياره لي في هذا الفيلم».

خلال تدريبات الملاكمة قبل تصوير «العملاق» («إنستغرام» أمير المصري)

ويترقب المصري أيضاً عرض الفيلم البريطاني «العملاق» الذي يتناول سيرة ذاتية للملاكم اليمني العالمي نسيم حميد ومدربه بريندان إنجل، ويؤدي المصري شخصية الملاكم الملقب بـ«البرنس»، في حين يؤدي شخصية مدربه النجم بيرس بروسنان، وعن هذا الفيلم يقول: «خضعت لتدريب 12 ساعة يومياً على رياضة الملاكمة قبل وفي أثناء التصوير، كما خضعت لنظام غذائي يعتمد على تناول وجبات صغيرة جداً 5 مرات في اليوم لتخفيض وزني 8 كيلوغرامات، كما تدرّبت على اللهجة التي كان يتحدث بها، وكان معي فريق عمل بقيادة مدربة عملت معي من قبل في مسلسل (The Crawn) لتدريبي على الحركة، كانت تجربة صعبة لكنني أحببتها كثيراً، وقضيت شهراً بعد التصوير أواصل التدريب بعدما راقت لي رياضة الملاكمة. وأتوقع أن نشارك به في مهرجانات خلال العام المقبل».

وشارك المصري في مسلسل «مليحة» خلال رمضان الماضي، الذي تناول قصة عائلة فلسطينية تنزح لغزة عبر مصر بعد وقوع الحرب في ليبيا، وعنه يقول: «شعرت أنني لا بد أن أشارك به لأجل القضية الفلسطينية، كان هذا هدفي وقراري في المقام الأول، كما كنت أجرّب شيئاً جديداً بالنسبة لي، وشخصية قريبة من الناس، ولم أكن أعلم بحجم الدور، ففي أثناء التنفيذ أشياء عديدة قد تتغير».

سنوات قطعها أمير المصري في مشواره الفني قدم خلالها أعمالاً كثيرة، ويكشف عمّا تغيَّر فيه قائلاً: «أصبحت صبوراً بشكل أكبر، وواقعياً في أشياء كثيرة، وعلى المستوى الفني أحاول اختيار أعمال جيدة وأعرف ماذا أريده وأخطط له، وأسعى لتنفيذ ما أستطيعه، فأحيانا نخطط لشيء وتذهب بنا الحياة إلى اتجاه آخر، والفن عمل جماعي تشاركني فيه أطراف أخرى من إنتاج وفريق عمل ومخرج، وعلى الرغم من ذلك حققت نسبة كبيرة مما خططت له، لذا أشعر بتفاؤل وأراه مفتاح الوصول إلى ما أطمح إليه».