مقاطع من سيرة أدبية ربطت بين الثقافي والسياسي

«في حداثة الرواية العربية.. قراءة الذائقة» لأحمد المديني

مقاطع من سيرة أدبية ربطت بين الثقافي والسياسي
TT

مقاطع من سيرة أدبية ربطت بين الثقافي والسياسي

مقاطع من سيرة أدبية ربطت بين الثقافي والسياسي

في كتابه الجديد تحت عنوان «في حداثة الرواية العربية.. قراءة الذائقة»، الصادر أخيراً عن منشورات «دار الأمان» بالرباط، يقترح الأديب المغربي أحمد المديني رؤيته وتأملاته في حداثة الرواية العربية، انطلاقاً من تجربته التي راكمها منذ نهاية ستينيات القرن الماضي، مع تقديم متن قراءة وتحليل وقراءات مونوغرافية لأعمال سردية عربية، وتناول قضايا أدبية من صلب الرواية.
يتعلق الأمر بكتاب مهم، على أكثر من مستوى، يمكّن القارئ من التعرف على ما يمكن اعتباره سيرة أدبية للمديني، من جهة، كما يقترح على قارئه، من جهة ثانية، وجهة نظر كاتب عارف متمرس إبداعياً ومتابع، على مستوى القراءة والنقد، لتطور الرواية العربية، منذ نشأتها إلى اليوم، بما مكّنه من تقديم ملاحظات وقف عليها واستخلصها من قراءة طويلة ممتدة على مدى سنوات لمجموعة أعمال في متن روائي متنوع وواسع نوعاً وفناً وأعماراً وبلداناً.
يقترح المديني، في مطلع كتابه، ما يمكن اعتباره مقطعاً من سيرة أدبية، منطلقاً من سنوات طفولته الأولى، في علاقة بالقراءة، وكيف «تنامت وانتظمت لتصبح مساراً وعضواً كاملاً في جسد الحياة».
لكنْ لماذا التركيز على الرواية العربية وحداثتها في العنوان الرئيسي، وقراءة الذائقة في العنوان الفرعي. يفتتح المديني كتابه رابطاً بين السيرة الذاتية والاهتمام النقدي بالرواية، قائلاً: «منذ تخرُّجي من كلية الآداب المغربية في نهاية الستينات، وشروعي في إعداد رسالتي لدبلوم الدراسات العليا، وأنا معنيٌّ بالرواية، والكتابة السردية التخييلية عامة، وهو ما جعلني أخصص موضوع بحثي للقصة القصيرة في أدبنا المغربي، نشأة وبناء وأشكالاً، واتصل هذا الاهتمام كتابة وبحثاً لما اخترت لإعداد أطروحتي لدكتوراه الدولة (بالجامعة الفرنسية - السوربون الرابعة) درس الرؤية الواقعية للرواية في أدب المغرب في سياق تطور الرواية العربية أشكالاً ورؤى، عامة».
في سياق استعراض جانب من سيرته الأدبية وما توفَّر له من إمكانيات لصقل وإنضاج تجربته، يعود المديني بقارئه إلى محطة أساسية من تاريخ العلاقة التي ربطت السياسي بالثقافي في العالم العربي، فيقول: «بموازاة البحث الأكاديمي، لازم هواي الأدبي كتابة القصة، بالأحرى ما ظننته من قبيلتها، وظهر زمنها مختلفاً كثيراً عن المتداول منها، بنزعة وخيال قلم ناشئ عدّه معلقو وقته صعب التصنيف، وهذا صحيح؛ إذ اعتبرت الأدب قاصراً، مبتور التكوين، وشاحب التعبير ما بقي في حدود واقعية حرفية أو نقدية فجة، رؤيته مُملاة من خارجه، قبل أن تحضر ذاتية كاتبه، يخضع أكثر شيء لما يطلق عليه بتعميم، وكذلك بعسف كبير (الشروط الموضوعية) انسجاماً مع أوضاع سياسية واجتماعية يفترض في الأدب أن يؤدي خلالها دوراً من طبيعتها، وتتطلب من الأديب، الكاتب (بالمعنى الحديث) أن يكون منخرطاً في الصف الوطني والاجتماعي النضالي، أولاً، إما تلقائياً، وبالتبعية حزبياً لخدمة رسالة».
ويشدّد المديني على ميزة التواضع أمام المعرفة، والاعتراف بالفضل لمن أسهم في بناء شخصيته وتجربته. «هو العلم يعلمنا التواضع فالتواضع»، لذلك كرر المديني في أكثر من موقف أنه احتاج إلى زمن ليفهم عمق المدرسة الرومانسية، كما احتاج إلى وقت أطول ليجد سنداً فكرياً وأدبياً صلباً، ويشبع نظرياً، بما كان يؤمن به بداهة كالفطرة، ويختلف فيه تماماً مع أدباء جيله وثقافة محيطه العربي، ما أتاحته له الجامعة الفرنسية، دراسة وتدريساً، ومغامراته في الاطلاع على نصوص تحديثية بلُغتها الأصلية لا مشوَّهة، معطوبة الترجمة، والجلوس إلى شيوخ الدراسات الأدبية الرواد في العلوم الإنسانية بحقولها المختلفة، مما عزّز تكوينه الأصلي في الآداب العربية الكلاسيكية ولغتها شعراً ونثراً.
يعترف المديني بالفضل لمن أسهم في بناء شخصيته وتجربته. ومن بين «شيوخه»، يذكر أمجد الطرابلسي، الذي قال عنه إنه علَّمه وزملاءه في كلية الآداب كيف يقرأون النص ظاهره وباطنه، شكله ومضمونه العميق؛ ومحمد عزيز لحبابي الذي علّمهم كيف يطرحون السؤال على النص والعالم، ولا يخافون في العلم لومة لائم.
ويتحدث المديني عن «القارئ المحترف» الذي رغب دائماً أن يكون، وطمح أن يصل إليه بالتعلم والشغف والمواظبة. «هي مرتبة لا تدرَك، يقول المديني، لأنك تثابر على القراءة، وإنما لأنك تصبح المتلقي الطرف الآخر المطلوب لتمام وجود الكاتب؛ أي كتابه، وذلك بعد القراءة الأولى، بالفهم والتأويل، عمليتان تحتاجان، شأن أي حرفة، إلى عُدة».
«الحداثة حداثات، يقول المديني، والتسمية عنوان جامع لمفرد متعدد من العسف حبسه في معنى، وتقييده بخصائص نهائية مطلقة». وهذا التعدد للحداثات تسنده، يقول المديني، «النصوص الشعرية والسردية على امتداد العقود الخمسة الأخيرة على الأقل، وقدمت عنه عديد القراءات، منها قراءتي المتواضعة، وقمت بها بموازاة مع كتابتي القصصية والروائية»، فيما «قراءة الذائقة» هي المرحلة القصوى في مسار الناقد الدارس، وهو ينتقل إلى موقع القارئ المحترف، الذي بقدر ما يعتمد أدوات النقد المعيارية، يحتكم إلى ذائقة محنكة تصبح حاسته السادسة ومصفاة تختص به كما للكاتب أسلوبه.
يقاسم المديني القارئ قناعاته وحصيلة ما راكمه من تجارب، مشدداً على أنه بقدر ما أنتج من جهة النقد الأدبي، يبتغي فهم الأدب وتذوقه، واستخلاص المعرفة الأدبية والإنسانية، وتحديداً الرؤية الذاتية التي يملكها الكاتب تجعل منه مبدعاً مبتكراً لفنه بأسلوبه، مشدداً على أنه بقدر ما وضع القارئ نصب عينيه، إليه يتوجه عمله، فيما ينصرف همُّه للتحليل والإضاءة، لا ليعلم القارئ، ما دام أن لكل قارئ ملكاته وقدراته ترشده لما يقتني.
وتتوزع أربعة محاور جاءت تحت عناوين «أي حداثة لأي رواية، وما الذائقة؟»، «متن القراءة والتحليل»، و«قراءات مونوغرافية»، و«قضايا أدبية من صلب الرواية».
والمديني هو أحد أبرز الأسماء التي طبعت المشهد الثقافي المغربي على مدى العقود الستة الأخيرة؛ لقيمة وغزارة وتنوع كتاباته، التي تتوزعها حقول عدة؛ بينها القصة والرواية والدراسة النقدية، وعشرات الإصدارات، كما فاز بعدد من الجوائز؛ بينها جائزة المغرب للكتاب في صنف النقد والدراسات الأدبية في 2003، وفي صنف السرديات في 2009، و«جائزة محمد زفزاف للرواية العربية» في 2018، وهي الجائزة التي تسلمها «مؤسسة منتدى أصيلة» بالمغرب، فضلاً عن فوزه بجائزة ابن بطوطة لأدب الرحلة في 2020، التي يمنحها «المركز العربي للأدب الجغرافي - ارتياد الآفاق»، وذلك عن كتابه «مغربي في فلسطين رحلة الأشواق المغربية».


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

انتحار الممثل الأميركي جيمس رانسون

أرشيفية للممثل الأميركي جيمس رانسون (ا.ب)
أرشيفية للممثل الأميركي جيمس رانسون (ا.ب)
TT

انتحار الممثل الأميركي جيمس رانسون

أرشيفية للممثل الأميركي جيمس رانسون (ا.ب)
أرشيفية للممثل الأميركي جيمس رانسون (ا.ب)

توفي الممثل الأميركي جيمس رانسون، الذي جسد شخصية «زيجي سوبوتكا» في مسلسل قناة «إتش بي أو» الشهير «ذا واير» وظهر في العديد من المسلسلات التلفزيونية والأفلام الأخرى، عن 46 عاماً.

وذكر مكتب الطب الشرعي في مقاطعة لوس أنجليس في سجلاته المنشورة على الإنترنت أن رانسون توفي منتحراً يوم الجمعة.

وتشمل الأعمال السينمائية لرانسون أفلاما مثل «إت: الفصل الثاني»، و«الهاتف الأسود»، و«الهاتف الأسود 2»، كما ظهر في مسلسلات تلفزيونية من بينها دراما الشرطة «بوش» ومسلسل «بوكر فيس».


اعتقال موظف بقصر الإليزيه لاتهامه بسرقة أدوات مائدة قيّمة

أدوات مائدة وقائمة طعام في انتظار حضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لعشاء الكريسماس مع جنوده في أبوظبي (أ.ف.ب)
أدوات مائدة وقائمة طعام في انتظار حضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لعشاء الكريسماس مع جنوده في أبوظبي (أ.ف.ب)
TT

اعتقال موظف بقصر الإليزيه لاتهامه بسرقة أدوات مائدة قيّمة

أدوات مائدة وقائمة طعام في انتظار حضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لعشاء الكريسماس مع جنوده في أبوظبي (أ.ف.ب)
أدوات مائدة وقائمة طعام في انتظار حضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لعشاء الكريسماس مع جنوده في أبوظبي (أ.ف.ب)

أعلنت النيابة العامة في باريس أن 3 رجال سيمثلون أمام المحكمة، العام المقبل، بعد أن تمَّ اعتقال موظف فضيات يعمل في المقر الرسمي للرئيس الفرنسي، هذا الأسبوع، بتهمة سرقة أدوات فضية وأواني مائدة تقدر قيمتها بآلاف اليوروات.

وأفاد كبير موظفي الفضيات في قصر الإليزيه باختفاء هذه الأدوات، حيث قُدِّرت الخسائر بما بين 15 ألفاً و40 ألف يورو، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس».

وقد تمكَّن «مصنع سيفر»، الذي زوَّد القصر بمعظم الأثاث، من التعرُّف على عدد من القطع المفقودة بعد ظهورها على مواقع المزادات الإلكترونية. وأدت التحقيقات مع موظفي الإليزيه إلى الاشتباه بأحد موظفي الفضيات، إذ أظهرت سجلات الجرد الخاصة به أنه كان يخطط لعمليات سرقة مستقبلية.

قصر الإليزيه في باريس بفرنسا (رويترز)

وكشفت التحقيقات عن أن الرجل كان على علاقة بمديرة شركة متخصصة في بيع الأدوات المنزلية عبر الإنترنت، خصوصاً أدوات المائدة.

يأتي ذلك بعدما تمكَّن لصوص من الاستيلاء على 8 قطع مجوهرات «لا تُقدَّر بثمن» كانت مملوكة سابقاً لملكات وإمبراطورات فرنسيات، من بينها تيجان مرصعة بالأحجار الكريمة، وقلائد، وأقراط، وبروشات، قبل أن يضطروا إلى الفرار بعد تدخل موظفي المتحف.


«نوابغ العرب» تختار البروفسور اللبناني بادي هاني لجائزة «الاقتصاد»

حصل البروفسور اللبناني بادي هاني على جائزة فئة الاقتصاد لإسهاماته العلمية في الاقتصاد القياسي وتطوير نماذج تحليل البيانات الاقتصادية (الشرق الأوسط)
حصل البروفسور اللبناني بادي هاني على جائزة فئة الاقتصاد لإسهاماته العلمية في الاقتصاد القياسي وتطوير نماذج تحليل البيانات الاقتصادية (الشرق الأوسط)
TT

«نوابغ العرب» تختار البروفسور اللبناني بادي هاني لجائزة «الاقتصاد»

حصل البروفسور اللبناني بادي هاني على جائزة فئة الاقتصاد لإسهاماته العلمية في الاقتصاد القياسي وتطوير نماذج تحليل البيانات الاقتصادية (الشرق الأوسط)
حصل البروفسور اللبناني بادي هاني على جائزة فئة الاقتصاد لإسهاماته العلمية في الاقتصاد القياسي وتطوير نماذج تحليل البيانات الاقتصادية (الشرق الأوسط)

اختارت مبادرة «نوابغ العرب» البروفسور اللبناني بادي هاني للفوز بالجائزة عن فئة الاقتصاد، تقديراً لإسهاماته العلمية في الاقتصاد القياسي وتطوير نماذج تحليل البيانات الاقتصادية.

وهنّأ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، البروفسور هاني، مؤكداً أن استدامة النمو الاقتصادي المرن والمتوازن تُعد ركناً أساسياً لتقدم المجتمعات وازدهار الحضارة الإنسانية. وقال في منشور على منصة «إكس» إن هاني، أستاذ الاقتصاد في جامعة سيراكيوز، قدّم «إسهامات استثنائية» في الاقتصاد القياسي وتطوير نماذج تحليل البيانات الاقتصادية، لافتاً إلى أنه نشر أكثر من 200 بحث علمي، وأن كتابه في تحليل نماذج البيانات الاقتصادية بات مرجعاً للباحثين حول العالم.

وأشار الشيخ محمد بن راشد إلى حاجة المجتمعات العربية إلى اقتصاديين محترفين، مؤكداً أن السياسات الفاعلة تُبنى على علم راسخ وبيانات دقيقة، وأن «اقتصاد الأمة يُصنع بعقولها»، معبّراً عن تطلعه إلى «فصل عربي جديد» في مسيرة استئناف الحضارة العربية.

وجاء منح جائزة الاقتصاد هذا العام للبروفسور بادي هاني تقديراً لإسهاماته في تطوير أدوات التحليل الاقتصادي، خصوصاً في مجال «تحليل لوحة البيانات الاقتصادية»، الذي يعزز دقة دراسة البيانات عبر دمج معلومات من فترات زمنية ومصادر متعددة. وأسهمت ابتكاراته، بحسب المبادرة، في تحسين تقييم آثار السياسات الاقتصادية على المدى البعيد وعبر مناطق مختلفة، ما دفع حكومات ومؤسسات إلى تبنّي أساليبه في قياس كفاءة السياسات والإنفاق العام والأطر التنظيمية.

كما قدّم هاني دورات تدريبية لمختصين اقتصاديين ضمن مؤسسات دولية، بينها البنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي، وبنوك مركزية عدة. ونشر أكثر من 200 بحث علمي، وله مؤلفات أكاديمية مؤثرة، أبرزها كتاب «تحليل نماذج البيانات الاقتصادية» المرجعي. وهو يحمل درجة البكالوريوس في الإحصاء من الجامعة الأميركية في بيروت، والماجستير من جامعة كارنيجي ميلون، والدكتوراه في الاقتصاد من جامعة بنسلفانيا.

وفي إطار الإعلان عن الجائزة، أجرى محمد القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء ورئيس اللجنة العليا لمبادرة «نوابغ العرب»، اتصالاً مرئياً بالبروفسور بادي هاني أبلغه خلاله بفوزه بجائزة «نوابغ العرب 2025» عن فئة الاقتصاد، مشيراً إلى أهمية الأبحاث والنظريات والأدوات التي طورها على مدى عقود، والتي أصبحت ركيزة أساسية في التحليل الاقتصادي الاستراتيجي القائم على المعطيات والبيانات الدقيقة لاستشراف مستقبل التنمية وتعظيم فرصها.

واعتبر القرقاوي أن فوز هاني يمنح «دافعاً قوياً» لجيل جديد من الباحثين والمحللين والاقتصاديين العرب للإسهام في رسم المرحلة المقبلة من التنمية الشاملة في المنطقة.