تونس: معركة شرعيات بين أنصار سعيّد ومعارضيه

المشهد السياسي بعد انتخاب البرلمان الجديد

تونس: معركة شرعيات بين أنصار سعيّد ومعارضيه
TT

تونس: معركة شرعيات بين أنصار سعيّد ومعارضيه

تونس: معركة شرعيات بين أنصار سعيّد ومعارضيه

فجّر الإعلان عن نتائج الانتخابات البرلمانية التونسية في دورها الثاني، أزمات سياسية اجتماعية و«معركة شرعيات» غير مسبوقة بين أنصار الرئيس التونسي قيس سعيّد ومعارضيه السياسيين وداخل النقابات والمجتمع المدني. وفي الوقت الذي نوّه الرئيس سعيّد بنجاح أنصاره في إنجاز الطور الأخير من «خريطة الطريق» السياسية والانتخابية التي كان قد أعلن عنها قبل سنة وبضعة أشهر، تعمَّق الانقسام داخل الطبقة السياسية بين الداعمين للسلطة من جهة، وقيادات «الاتحاد العام التونسي للشغل» والأحزاب السياسية المعارضة من جهة ثانية. وفي الوقت عينه، عمّقت الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية حالة التصدّع بين السلطات وخصومها، وأدت إلى «تقارب» غير مسبوق بين خصوم قصري قرطاج (مقر الرئاسة التونسية) والقصبة بأنواعهم، بمن فيهم الأطراف التي كانت تساند قرارات «25 يوليو (تموز) 2021»، وتعتبرها «تصحيحاً للمسار» وليس «انقلاباً على الدستور وعلى البرلمان الشرعي» مثلما تُورد المعارضة. ومن ثم تتزايد علامات الاستفهام عن المسار المستقبلي للأمور في تونس بعد الانتخابات الجديدة التي قدَّرت السلطات أن 11.3 % فقط من الناخبين شاركوا فيها، مثلما سبق للغالبية الساحقة ممن يحقّ لهم الاقتراع أن قاطعت الاستفتاء على «دستور يوليو» الماضي، بينما لم تتجاوز نسبة المشاركة في «الاستشارة الإلكترونية» نسبة الـ6 %.
نوّه الرئيس التونسي قيس سعيّد مجدداً بالمسار السياسي الذي يقوده، وجدّد الثقة في رئيسة الحكومة نجلاء بودن وفريقها، رغم مطالبة أحزاب عدة بتغييرهما مع اتهامهما بـ«الفشل». ومن جانب آخر اكتفى سعيّد بتعديل جزئي في الحكومة عيَّن بمقتضاه الجنرال المنعم بالعاتي، المراقب العام لوزارة الدفاع، على رأس وزارة الفلاحة (الزراعة)، وكذلك جرى تعيين النقابي محمد علي البوغديري، الذي يتزعم منذ سنتين المعارضة داخل قيادة «الاتحاد العام التونسي للشغل»، وزيراً للتربية.
وفي هذه الأثناء، في حين رجّح القاضي فاروق بوعسكر، رئيس «الهيئة العليا للانتخابات»، تنصيب «البرلمان الجديد» رسمياً خلال شهر مارس (آذار) المقبل، أعلنت النقابات والأحزاب خطة تصعيد جديدة تشمل تنظيم إضرابات عامة ومظاهرات يطالب بعضها بإسقاط الحكومة، والبعض الآخر باستقالة رئيس الدولة.

أنصار الرئيس وخصومه
من خلال قراءة مختلف ردود الفعل على نتائج انتخابات 29 يناير (كانون الثاني) الأخيرة وعلى «خريطة الطريق الرئاسية» يلاحظ المراقبون تعمّق الهوة واتساعها داخل المشهد السياسي التونسي بين أنصار الرئيس سعيّد وخصومه، وبين 4 مبادرات سياسية يزعم قادة كل منها الحرص والعمل على «إنقاذ البلاد» من أزماتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المتراكمة. وفي هذا الإطار أورد الحقوقي حسين بوشيبة، الكاتب العام للشبكة التونسية للعدالة الانتقالية والخبير في قضايا «الانتقال الديمقراطي»، في تصريح أدلى به، لـ«الشرق الأوسط»، أن «المبادرات السياسية التي قدّمتها النقابات والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني أربعة تنقسم إلى شقين: الشق الأول يشمل كل المبادرات التي تعترف بشرعية مسار قيس سعيّد باعتباره رئيساً منتخباً، بينما يشمل الشق الثاني المبادرات التي لا تعترف بشرعية رئيس الدولة بعد 25 يوليو (تموز) 2021... بل وتطالب برحيله وتعتبر قراراته منذ سنة ونصف السنة كانت انقلاباً، وأن كل الإجراءات التي أعلنها باطلة وغير شرعية، بما فيها الانتخابات الجديدة».

4 مبادرات سياسية
ومن ثم يمكن تلخيص المبادرات السياسية المقترحة بـ4 مبادرات، اثنتان منها داعمتان للرئيس التونسي، واثنتان معارضتان له. ومن هنا، وفق المبادرة الأولى التي يقدمها المحسوبون على «حراك 25 يوليو»، و«مسار الشعب يريد»، والأحزاب القومية العروبية واليسارية التي تدعم سعيّد، لا يوجد حالياً في البلاد «صراع شرعيات ولا أزمة سياسية»، بل يساند هؤلاء تصريحات الرئيس التي نوّه فيها بـ«احترام المواعيد» الانتخابية و«خريطة الطريق» السياسية، ثم إنهم يدعون إلى تثبيت مكانة الرئيس سعيّد وحكومته وإلى أن تصبّ كل مبادرات النقابات والأحزاب والمجتمع المدني والنخب في اتجاه إيجاد حلول لـ«الأزمة الاجتماعية والاقتصادية» وفي «محاربة الفساد والفاسدين ومحاكمة السياسيين ورجال الأعمال المسؤولين عن الإخفاقات والفساد منذ ثورة يناير 2011».
في المقابل تدعو «المبادرة الثانية» لتيار آخر من أنصار الرئيس إلى رفض مطالب المعارضين بتنظيم «انتخابات رئاسية مبكّرة» وبتشكيل «حكومة من شخصيات مستقلة». ويبرّر أركان هذا التيار موقفهم بكون الرئيس قيس سعيّد رئيساً شرعياً فعلياً في قصر قرطاج خارج نطاق الجدل، وبناءً عليه لا بد من التواصل معه حتى انتهاء عهدته في نهاية العام المقبل. إلا أن أصحاب هذه المبادرة يدعون السلطات، في المقابل، إلى القيام بإصلاحات تشمل ملفات الحقوق، والحريات، واستقلال القضاء، التي تعقدت في أعقاب حل «المجلس الأعلى للقضاء» المنتخَب، وإحالة معارضين ونشطاء إلى المحاكم، وملاحقة بعضهم أمام القضاء العسكري. ويعتبر عبيد البريكي، أمين عام «تونس إلى الأمام»، أن الأحزاب المساندة للرئيس و«مسار 25 يوليو» يعتبرون أن «المبادرات التي تدعو إلى إقالة رئيس الدولة أو إلى إسقاطه فشلت، وأن الفراغ السياسي على رأس هرم الدولة قد يجرّ البلاد إلى مخاطر تفكيك الدولة والاحتراب الداخلي». ومن هذا المنطلق يعتبر البريكي - وهو قيادي نقابي ووزير سابق - أن استمرارية الدولة أهم من أي أولوية، وأن «الرئاسة مؤسسة وليست شخصاً».

مبادرات المعارضين والنقابات
غير أن للمعارضين وللقيادات النقابية رأياً آخر تعكسه مبادراتهم السياسية، وعلى رأسها اثنتان:
المبادرة الأولى تدعو إلى استقالة رئيس الدولة «تفاعلاً مع الرسائل السياسية التي وجّهها نحو 88 % من الناخبين الذين قاطعوا الانتخابات مرتين في ظرف شهر ونصف الشهر، أو امتنعوا عن المشاركة فيها تعبيراً عن رفضهم لكل النخب السياسية الرسمية ولخريطة الطريق الرئاسية». وفي الوقت نفسه تدعو هذه المبادرة إلى أن يبقى الرئيس سعيد «مؤقتاً» في الحكم، لكن مع تعيين «حكومة إنقاذ وطني» تكون مهمتها أساساً اقتصادية اجتماعية، إلى جانب الإشراف على تنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة، هذا العام، وذلك مع التفاعل مع مبادرات «الحوار الوطني الشامل» التي دعت لها النقابات والمنظمات الحقوقية والمهنية والأحزاب.
أما المبادرة الثانية للمعارضين فتستبعد «سيناريو» استقالة الرئيس وحكومته الحالية، وبدلاً من ذلك تدعو إلى «حوار وطني سياسي» بين المعارضين والنقابات والمجتمع المدني يتزامن مع تصعيد الإضرابات والاحتجاجات السياسية في الشارع من أجل «إسقاط منظومة الحكم التي تسيطر على المشهد منذ 25 يوليو 2021». وبطبيعة الحال، ثمة من يتساءل إلى أي حد سيُكتب لمثل هذه المبادرات أن ترى النور بعد التصعيد الجديد بين السلطات من جهة، والمركزية النقابية وقيادات المعارضة بزعامة «جبهة الخلاص الوطني» من جهة ثانية.
على صعيد متصل، وتعقيباً على تصريحات الرئيس سعيّد التي اتهم فيها قيادات نقابية بـ«التوظيف السياسي للمنظمة النقابية»، اعتبر قياديون في «الاتحاد العام التونسي للشغل»، بينهم الناطق الرسمي باسمه الزعيم اليساري سامي الطاهري، أن «تصعيد سعيد يستهدف مبادرته للحوار الوطني» مع نقابة المحامين ورابطة حقوق الإنسان ومنظمة «منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية». بدوره انتقد حفيظ حفيظ، الزعيم النقابي الاشتراكي والأمين العام المساعد في الاتحاد، تصريحات الرئيس، وأعلن باسم المركزية النقابية رفض المنظمة ما وصفه بـ«التهم الباطلة التي صرّحت بها النيابة العمومية» في حق الزعيم النقابي أنيس الكعبي، الذي جرى إيقافه أخيراً. وقال المسؤول الكبير في «اتحاد الشغل»: «إن تعرّض الكعبي للإيقاف إنما يأتي في إطار مواصلة التضييق على الحريات العامة والفردية»، ثم أعلن أن القيادات النقابية تعترض بقوة على ما اعتبره «الخطاب الاستفزازي والتحريضي الصادر من طرف رئاسة الجمهورية في حق الاتحاد العام التونسي للشغل». وأيضاً اعترض المسؤول على تصريح لرئيس الجمهورية حول وجود «أهداف سياسية» وراء إضراب نقابة مؤسسة «تونس للطرقات السيارة»، الذي قال بيان عن مؤسسة قضائية في تونس العاصمة إنه تسبَّب في خسائر للدولة بمئات ملايين الدنانير.

غلق الطرقات وسكك الحديد
وفي الاتجاه نفسه، اعتبر حفيظ حفيظ أيضاً، في بيان رسمي نقلت وكالة الأنباء الحكومية تونس، «أن الاتحاد العام التونسي للشغل يتعرض لاستهداف واضح من طرف رئاسة الجمهورية باعتباره منظمة كانت وستبقى في الصفوف الأولى؛ بهدف منعها من لعب دورها الوطني، خصوصاً بعد تقدمها بمبادرة الإنقاذ الوطني مع شركائها في عمادة المحامين والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان». من جانبه لم يستبعد زميله سامي الطاهري، الناطق الرسمي باسم «الاتحاد»، أن تقرر النقابات، في الفترة المقبلة، تنظيم «سلسلة من الإضرابات القطاعية والعامة» في مواجهة «حملة الاستهداف التي تطال المنظمة ومبادراتها السياسية لإنقاذ تونس من سيناريو الاقتتال والأزمات الخطيرة».
وضمن هذا الإطار تجد الإشارة إلى أن «الاتحاد العام التونسي للشغل» - وهو أكبر منظمة نقابية في البلاد وأكثرها نفوذاً - كان قد ندّد، في بيان أصدره عقب اجتماع طارئ لمكتبه التنفيذي الوطني، بعمليّة إيقاف كاتب عام النقابة من طرف قوّات أمنية. واعتبر، في البيان، أن «عملية الاعتقال تمثّل ضرباً للعمل النقابي وانتهاكاً للحقوق النقابية وخرقاً للاتفاقيات الدولية المصادَق عليها من طرف الدولة التونسية، ولِما ورد في دستور الجمهورية التونسية من فصول تنصّ على احترام الحريات النقابية وحقّ الإضراب».
مقابل ذلك، صعّد أنصار الرئيس سعيّد، لأول مرة منذ سنوات، لهجة حملتهم الإعلامية ضد القيادات النقابية وزعيمها نور الدين الطبوبي، وبلغت حد الاتهام بـ«الفساد والبيروقراطية ومعاداة الرئيس قيس سعيّد ومشروعه الإصلاحي»، إذ سجّل أخيراً رفع بعض المحسوبين على الرئيس وعلى مناصريه، وبينهم المحامية وفاء الشاذلي، والإعلامي رياض جراد، نبرة انتقاداتهم في وسائل الإعلام للقيادات النقابية بزعامة نور الدين الطبوبي، وللمعارضة السياسية بزعامة أحمد نجيب الشابي رئيس «جبهة الخلاص الوطني» التي تضم 10 أطراف سياسية؛ بينها أحزاب حركة «النهضة» و«قلب تونس» وائتلاف «الكرامة» و«عمل» و«إنجاز».
كذلك أعلن المناصرون لرئيس الدولة وعدد من الفائزين في الانتخابات البرلمانية الجديدة، مثل نقيب المحامين السابق إبراهيم بودربالة، موافقتهم على التصريح الجديد الذي أدلى به سعيّد أمام كوادر أمنية في ثكنة الحرس الوطني بالعاصمة تونس. وكان الرئيس سعيّد قد لوّح، في هذا التصريح علناً وصراحةً، بمحاسبة بعض القياديين في النقابات الذين قال عنهم إنهم «يقومون بقطع الطرق وسكك الحديد أو التهديد بذلك بتعلّات واهية». وتابع قائلاً إنهم «لا يمكن أن يبقوا خارج دائرة المساءلة»، مضيفاً «إن الحق النقابي مضمون بالدستور، ولا يمكن أن يتحول إلى غطاء لمآرب سياسية لم تعد تخفى على أحد».

تعليقات خبراء تونسيين على قانون المالية ورجال الأعمال
> لم تتأثر متغيرات المشهد السياسي التونسي في الآونة الأخيرة فقط بالرسائل السياسية التي وجّهها غالبية الناخبين وزعماء المعارضة والنقابات بمناسبة انتخابات 29 يناير (كانون الثاني)، «بل تأثرت كذلك بالمستجدّات السلبية في عالمي المال والأعمال بعد ارتفاع الأسعار ونسب التضخم والفقر والبطالة»، على حد تعبير الخبير الاقتصادي جمال الدين عويديد، الذي سجّل، في تصريح إلى «الشرق الأوسط»، معارضة نقابات رجال الأعمال لقانون المالية الجديد ولتضخم الضرائب والأداءات.
من ناحية ثانية، تفاقمت «الأزمة بأبعادها المالية الاقتصادية والاجتماعية السياسية»، في نظر الأكاديمي والاقتصادي الجامعي رضا الشكندالي، بعد التصنيفات الخطيرة الجديدة التي أصدرتها وكالة موديز العالمية للبنك المركزي التونسي ولعدد من البنوك، وإنزالها إلى درجة «ج سلبي 2»، أي إلى درجة واحدة قبل الإعلان عن «إفلاس الدولة».
كذلك لاحظ عز الدين سعيدان، الخبير الاقتصادي والمسؤول السابق في عدد من البنوك العربية والتونسية، خلال تصريح إلى «الشرق الأوسط»، أن هذه «التصنيفات أزعجت رجال الأعمال والمستثمرين»، ومن شأنها «أن تَحرم تونس مجدداً من فرص الحصول على قروض من صندوق النقد الدولي، وأيضاً من السوق المالية العربية والعالمية». وبرَّر سعيدان استنتاجه بكون الصناديق والبنوك الدولية تعتمد عدة مقاييس في تقييم علاقاتها بالبنوك والدول في العالم؛ بينها «الحوكمة الرشيدة»، و«الشفافية السياسية والديمقراطية».

رغم التشاؤم... الورقتان الإقليمية والدولية قد تلعبان لصالح السلطات التونسية
> يرى متابعون في تونس أنه على الرغم من التقييمات المتشائمة من المرجعيات الاقتصادية والأكاديمية، يعتبر عدد من أنصار السلطة أن «الورقتين الإقليمية والدولية تلعبان راهناً لصالح السلطات التونسية». ويعدِّد هؤلاء بين «الأسباب العديدة» الدعم الذي تقدمه للسلطات التونسية كل من باريس والجزائر والعواصم الغربية، التي - حسب هؤلاء - لم تعد تهمّها كثيراً ملفات الديمقراطية بقدر ما يهمّها تعاونها في مجالي «مكافحة الإرهاب» ومنع تسلل مزيد من المهاجرين غير القانونيين إلى أوروبا عبر السواحل التونسية.
في هذا الإطار، يتابع صُنّاع القرار والمراقبون في العاصمة التونسية نتائج زيارتيْ رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني إلى الجزائر وليبيا، وكذلك زيارة وزيري الخارجية والداخلية الإيطاليين إلى تونس ودول المنطقة؛ من أجل بحث ملفات الإرهاب والهجرة غير القانونية. هذا وقد اكتسبت مشاورات روما والجزائر أهمية خاصة بالنسبة للسياسيين والمراقبين في تونس؛ لأن رئيسة الحكومة الإيطالية اليمينية - المتشددة في موضوع الهجرة - كانت قد أعلنت، في أعقابها، أنها بحثت في الجزائر «سيناريوهات تطور الأوضاع في تونس». وللعلم، سبَق للرئيس الجزائري عبد المجيد تبّون أن صرّح، قبل نصف سنة، من العاصمة الإيطالية روما بأنه بحث مع المسؤولين الإيطاليين سبل «مساعدة تونس للعودة إلى المسار الديمقراطي». وبالتزامن مع كل هذا أعلنت السفارة الأميركية في تونس أن السفير الأميركي الجديد جوي هود أدى، قبل أيام، رسمياً اليمين استعداداً لمجيئه إلى تونس، وتمنّت له ولفريقه الجديد «النجاح والتوفيق». وفي هذا الشأن خصوصاً، كانت السلطات ووسائل الإعلام التونسية قد انتقدت تعيين هود، كما انتقدت كلامه عند ترشيحه من قِبل «الكونغرس»، الذي أعلن فيه أن برنامجه يشمل «دعم الديمقراطية والتنمية في تونس»، و«ضمان حياد المؤسسة العسكرية»، إلى جانب دعم «مسار التطبيع مع إسرائيل».
وثمة من يربط وصول السفير الأميركي الجديد وتعاقب التصريحات في عواصم غربية وإقليمية عن «دعم تونس»، بتسريح القروض والتمويلات لفائدة الدولة التونسية لمساعدتها على كسب معاركها مع النقابات والمعارضة. طبعاً كل السيناريوهات واردة إذا تواصلت معركة الشرعيات داخلياً وتوظيف (الخارج) للتناقضات الداخلية والإقليمية؛ خدمة لأجنداته. إلا أن الانهيار الاقتصادي المالي قد يزيد المشهد السياسي تعقيداً، والأوضاع الأمنية والاجتماعية غموضاً، بما يؤثر على بلدان الجوار الأكثر اضطراباً وهشاشة، وخصوصاً في ليبيا، التي تَعتبر تونس «رئتها الثانية» منذ بدء مسلسل الحروب فيها مطلع 2011.


مقالات ذات صلة

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

شمال افريقيا تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على  أمن الدولة»

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

وجه القطب القضائي لمكافحة الإرهاب طلبا رسميا إلى رئيس الفرع الجهوي للمحامين بتونس لبدء تحقيق ضدّ المحامين بشرى بلحاج حميدة، والعيّاشي الهمّامي، وأحمد نجيب الشابي، ونور الدين البحيري، الموقوف على ذمة قضايا أخرى، وذلك في إطار التحقيقات الجارية في ملف «التآمر على أمن الدولة». وخلفت هذه الدعوة ردود فعل متباينة حول الهدف منها، خاصة أن معظم التحقيقات التي انطلقت منذ فبراير (شباط) الماضي، لم تفض إلى اتهامات جدية. وفي هذا الشأن، قال أحمد نجيب الشابي، رئيس جبهة الخلاص الوطني المعارضة، وأحد أهم رموز النضال السياسي ضد نظام بن علي، خلال مؤتمر صحافي عقدته اليوم الجبهة، المدعومة من قبل حركة النهضة، إنّه لن

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

أعلنت نقابة الصحافيين التونسيين أمس رصد مزيد من الانتهاكات ضد حرية التعبير، مع تعزيز الرئيس قيس سعيد لسلطاته في الحكم، وذلك ردا على نفي الرئيس أول من أمس مصادرة كتب، وتأكيده أن «الحريات لن تهدد أبدا»، معتبرا أن الادعاءات مجرد «عمليات لتشويه تونس». وكان سحب كتاب «فرانكشتاين تونس» للروائي كمال الرياحي من معرض تونس الدولي للكتاب قد أثار جدلا واسعا في تونس، وسط مخاوف من التضييق على حرية الإبداع. لكن الرئيس سعيد فند ذلك خلال زيارة إلى مكتبة الكتاب بشارع الحبيب بورقيبة وسط تونس العاصمة قائلا: «يقولون إن الكتاب تم منعه، لكنه يباع في مكتبة الكتاب في تونس...

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

بعد مصادقة البرلمان التونسي المنبثق عن انتخابات 2022، وما رافقها من جدل وقضايا خلافية، أبرزها اتهام أعضاء البرلمان بصياغة فصول قانونية تعزز مصالحهم الشخصية، وسعي البرلمانيين لامتلاك الحصانة البرلمانية لما تؤمِّنه لهم من صلاحيات، إضافة إلى الاستحواذ على صلاحيات مجلس الجهات والأقاليم (الغرفة النيابية الثانية)، وإسقاط صلاحية مراقبة العمل الحكومي، يسعى 154 نائباً لتشكيل كتل برلمانية بهدف خلق توازنات سياسية جديدة داخل البرلمان الذي يرأسه إبراهيم بودربالة، خلفاً للبرلمان المنحل الذي كان يرأسه راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة». ومن المنتظر حسب النظام الداخلي لعمل البرلمان الجديد، تشكيل كتل برلمانية قبل

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

أكد وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج نبيل عمار أمس، الاثنين، أنه لا مجال لإرساء ديكتاتورية في تونس في الوقت الحالي، مشيراً إلى أن التونسيين «لن ينتظروا أي شخص أو شريك للدفاع عن حرياتهم»، وفق ما جاء في تقرير لـ«وكالة أنباء العالم العربي». وأشار التقرير إلى أن عمار أبلغ «وكالة تونس أفريقيا للأنباء» الرسمية قائلاً: «إذا اعتبروا أنهم مهددون، فسوف يخرجون إلى الشوارع بإرادتهم الحرة للدفاع عن تلك الحريات». وتتهم المعارضة الرئيس التونسي قيس سعيد بوضع مشروع للحكم الفردي، وهدم مسار الانتقال الديمقراطي بعد أن أقر إجراءات استثنائية في 25 يوليو (تموز) 2021 من بينها حل البرلمان.

المنجي السعيداني (تونس)

ليبيا: الخصوم السياسيون يستدعون «أذرعهم الشعبية» لتعزيز مواقفهم

مشاركون في ملتقى الأعيان برعاية المجلس الرئاسي الليبي (المجلس)
مشاركون في ملتقى الأعيان برعاية المجلس الرئاسي الليبي (المجلس)
TT

ليبيا: الخصوم السياسيون يستدعون «أذرعهم الشعبية» لتعزيز مواقفهم

مشاركون في ملتقى الأعيان برعاية المجلس الرئاسي الليبي (المجلس)
مشاركون في ملتقى الأعيان برعاية المجلس الرئاسي الليبي (المجلس)

أصبح الانقسام السياسي في ليبيا سبب استدعاء الأفرقاء السياسيين للموالين لهم في مناطق سيطرتهم بشرق البلاد وغربها، قصد كسب الدعم لملفات مهمة يعملون عليها، وعلى رأسها «المصالحة الوطنية»، وملف تشكيل «الحكومة الجديدة الموحدة» المرتقبة.

أهمية الأذرع الشعبية

منذ تصاعد الانقسام الحكومي والسياسي في ليبيا، بدأ الماسكون بزمام السلطة يلجأون إلى «أذرعتهم الشعبية»، الممثلة في القبائل المقربة منهم؛ لبحث قضايا عالقة، وهذا ما تجلى خلال «ملتقى الأعيان والمشايخ والحكماء»، الذي رعاه المجلس الرئاسي.

وتطرق الملتقى، الذي عقد في العاصمة طرابلس، مساء الأربعاء، إلى قضايا سياسية، ونقاط خلافية بين جبهتي غرب ليبيا وشرقها، وخلص في بيانه الختامي إلى أن «ملف المصالحة الوطنية، والإشراف على الانتخابات، وصفة القائد الأعلى للجيش الليبي، هي من اختصاص المجلس الرئاسي»، مستنداً إلى ما سبق أن تم الاتفاق عليه في مؤتمر جنيف سنة 2021.

عدد من المشاركين في ملتقى الأعيان والمشايخ والحكماء بطرابلس (المجلس الرئاسي الليبي)

وسبق أن صوّت مجلس النواب في شرق البلاد بالإجماع على أن «القائد الأعلى للجيش هو عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب»، مستنداً في ذلك هو الآخر إلى الإعلان الدستوري، وقرار للمجلس بهذا الشأن.

كما بحث الملتقى قضايا عالقة، مشدداً على مسار «المصالحة الوطنية»، و«عدم تجاوز قانون العدالة الانتقالية لسنة 2013»، الصادر عن المؤتمر الوطني العام، وتنفيذه لتحقيق السلم الاجتماعي.

ويعد هذان الملفان من القضايا، التي يقول مجلس النواب إنه يضطلع بها، وقطع فيها شوطاً كبيراً، وهذا ما يقوي الصراع بين الجبهتين، ويدفعهما إلى تعزيز موقفهما من خلال «أذرعهما الشعبية»، وفق متابعين ومحللين.

وعدّ رئيس حزب «صوت الشعب»، فتحي الشبلي، استدعاء هذه القبائل من قبل القوى السياسية بأنه «استعراض» من وصفهم بـ«الأخوة الأعداء»، بأنهم يدعمونهم على طول الخط، «لكننا لا نعتقد ذلك لأن القبيلة وتأثيرها في ليبيا أصبحا معدومَين، وشيوخ القبائل في ليبيا لم تعد لهم كلمة على قبائلهم»، وأرجع ذلك إلى «انتشار السلاح في يد فئة الشباب».

وطالب «ملتقى الأعيان والمشايخ والحكماء» بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، ومجلس الأمن الدولي، والاتحاد الأفريقي، بـ«الوقوف مع المجلس الرئاسي ودعمه»، بهدف تحقيق المصالحة الوطنية المنشودة، محملاً من في السلطة «مسؤولية القيام بواجباته، تجاه الوطن والمواطن».

مجلس النواب أكد أنه يعتزم إصدار قانون العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية (المجلس)

وفي نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، قال مجلس النواب، إنه يعتزم إصدار قانون العدالة الانتقالية، والمصالحة الوطنية خلال الأيام المقبلة، وهو الأمر الذي أكده صالح خلال لقائه بمجموعة من المشايخ والأعيان والحكماء، مشيراً إلى أن هذا القانون، الذي يأتي بعد سلسلة من الحوارات والنقاشات بين المكونات الاجتماعية والخبراء والمستشارين القانونيين، «يهدف إلى بناء الدولة، وتوحيد المجتمع الليبي وتقوية نسيجه الاجتماعي».

سلوك شائع

يعد استدعاء ما يوصف بـ«الأذرع الشعبية» من قبل ساسة ليبيا سلوكاً شائعاً؛ فقد سبق أن طالب عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، المواطنين بالخروج للتظاهر؛ اعتراضاً على سحب البرلمان الثقة من حكومته، وقال لهم: «اخرجوا وعبِّروا عن آرائكم ولا تخشوا إلا الله».

وعادة ما يلتقي الدبيبة بأعيان ومشايخ ورؤساء أحزاب بغرب ليبيا، وينتهي اللقاء بهم بدعم قضايا متنازع عليها مع جبهة الشرق، من بينها الاستفتاء على الدستور، بوصفه القضية التي يراهن عليها الدبيبة لحشد الشارع في مواجهة البرلمان.

وبالمثل، يلتقي رئيس مجلس النواب والقائد العام لـ«الجيش الوطني»، المشير خليفة حفتر، بوفود مشايخ وأعيان من شرق ليبيا، كما تتمدد اللقاءات لتشمل وفوداً من غرب ليبيا، كنوع من المناكفات السياسية، كما حدث خلال اجتماع صالح بوجهاء والمجلس الاجتماعي لسوق الجمعة، والنواحي الأربع بغرب ليبيا.

وفي اللقاء الذي تم في نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي، نقل مكتب صالح أنه ناقش مع وفد سوق الجمعة والنواحي الأربع، «ضرورة تشكيل حكومة موحدة جديدة»، وإشادة الوفد بـ«الدور الوطني المشرف، الذي يقوم به صالح من أجل تحقيق دولة المؤسسات والقانون».

بدء خطة لتأمين الحقول النفطية (رئاسة أركان القوات البرية بالجيش الوطني الليبي)

في غضون ذلك، تعمل شعبة المخابرة برئاسة أركان القوات البرية التابعة لـ«الجيش الوطني»، على تأمين الاتصال بالحقول النفطية التابعة لحرس المنشآت النفطية في جنوب ليبيا. وتحدث رئيس أركان القوات البرية، الفريق ركن صدام حفتر، اليوم الخميس، عن «وضع خطة متكاملة تهدف إلى تعزيز الأمن والاستقرار في المناطق الحيوية، خاصة تلك المتعلقة بالموارد النفطية».

الإعلان عن بدء خطة لتأمين الحقول النفطية (رئاسة أركان القوات البرية بالجيش الوطني الليبي)

وأضافت رئاسة أركان القوات البرية أنه «تم تأمين جميع القطاعات الدفاعية التابعة لمنطقة سبها العسكرية، ما يعكس الجهود المبذولة لضمان سلامة هذه المناطق»، مشيرة إلى أنه «تم ربط جميع المناطق العسكرية بغرفة القيادة والسيطرة التابعة للرئاسة؛ مما يسهل التنسيق والاتصال بين الوحدات المختلفة، ويعزز فاعلية العمليات العسكرية».

ويأتي هذا التحرك على خلفية سيطرة قوات الجيش على معسكر (تيندي) بمدينة أوباري (جنوب غرب)، التابع للمجلس الرئاسي، والاستيلاء على جميع العتاد الموجود به، ما أعاد حالة التوتر بين الجانبين، وسط اتهامات بخرق «اتفاقية وقف إطلاق النار».