طهران تأسف لتقرير «الطاقة الذرية» عن أنشطتها في منشأة فوردو

قلّلت إيران من تقرير لـ«الوكالة الدولية للطاقة الذرية» كشف عن إجرائها تعديلات غير معلَنة على أجهزة الطرد المركزي في منشأة فوردو الواقعة تحت الجبال، حيث تُواصل طهران مراكمة مخزون اليورانيوم بدرجة نقاء 60 % في نسبة قريبة من 90 % المطلوبة لتطوير أسلحة نووية. وقالت «المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية» إن تقرير الوكالة يعود إلى «خطأ» من أحد أعضاء فريق مفتشي «الوكالة الدولية». ووبّخت الوكالة، التابعة للأمم المتحدة، إيران، الأربعاء، على إخفائها تغييراً في الربط بين مجموعتين من الأجهزة المتطورة التي تخصّب اليورانيوم لنسبة نقاء تصل إلى 60 % في منشأة فوردو. وأبدى المدير العام للوكالة رافايل غروسي قلقه من الخطوة الإيرانية في المنشأة الحسّاسة.
ونقل الإعلام الحكومي عن محمد إسلامي، رئيس «منظمة الطاقة الذرية الإيرانية» قوله إن «تفسير مفتش الوكالة الدولية للطاقة الذرية كان غير صائب، لكنه أبلغ الوكالة به... قدّمنا على الفور التفسير للوكالة في اليوم نفسه»، وفقاً لـ«رويترز».
وفي تقرير سريّ للدول الأعضاء، اطلعت عليه «رويترز»، لم تذكر «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» كيف تغيّر الربط بين سلسلتين من أجهزة الطرد المركزي من طراز «آي.آر-6» باستثناء أنها «كانت مترابطة بطريقة تختلف اختلافاً جوهرياً عن طريقة التشغيل التي أبلغت بها إيران الوكالة الدولية للطاقة الذرية».
بدوره قال المتحدث باسم «المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية» بهروز كمالوندي إن «أحد مفتشي الوكالة كان قد أفاد سهواً بأن إيران أجرت تغييرات في إجراءات التشغيل» في فوردو. وأضاف أنه في أعقاب تقديم طهران «إيضاحات» بهذا الشأن، «أدرك المفتّش خطأه، وبعد التنسيق مع أمانة الوكالة الذرية الدولية، جرى حلّ الأمر»، وفقاً لما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية» عن وكالة «أرنا» الرسمية.
وأفادت «الوكالة الدولية»، التي تتخذ من فيينا مقراً لها، بأن مفتشيها اكتشفوا، خلال عملية تفتيش غير معلَنة مسبقاً جرت في 21 يناير (كانون الثاني)، أن «سلسلتي طرد مركزي من طراز آي.آر-6... مترابطتان بطريقة تختلف اختلافاً جوهرياً عن طريقة التشغيل التي أعلنتها إيران للوكالة». وأضافت، في تقريرها إلى الدول الأعضاء، أن إيران استخدمت هاتين السلسلتين منذ أواخر عام 2021 لإنتاج اليورانيوم المخصّب بنسبة تصل إلى 60 %. وأشارت إلى أن إيران أبلغتها، في وقت لاحق بعد التفتيش، بأنها «أجرت هذا التغيير في 16 يناير». وتنطوي منشأة فوردو على قدر من الحساسية لدرجة أن الاتفاق النووي المبرَم عام 2015 بين إيران والقوى الكبرى حظر عمليات التخصيب هناك.
وفي آخِر تقرير لها في نوفمبر الماضي، قالت «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» إن إيران تملك 386.4 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بنسبة 20 %، و62.3 كيلوغرام من اليورانيوم المخصّب بنسبة 60 %.
وكان غروسي قد حذّر، الأسبوع الماضي، أمام البرلمان الأوروبي، من أن إيران «جمعت ما يكفي من المواد النووية لصنع الكثير من الأسلحة النووية»، خصوصاً اليورانيوم العالي التخصيب.
وانتهكت إيران عدداً من التزامات الاتفاق النووي، بعدما انسحب الرئيس الأميركي دونالد ترمب من الاتفاق النووي في 2018؛ بسبب مواصلة إيران تطوير الصواريخ الباليستية، بالإضافة إلى الدور الإقليمي المتمثل بأنشطة «الحرس الثوري». ومع تولي إدارة جو بايدن الذي تعهّد بالتراجع عن استراتيجية سلفه في فرض الضغوط القصوى على إيران وإحياء الاتفاق النووي، رفعت إيران مستوى التخصيب إلى 20 في المائة، قبل أن تبلغ مستوى 60 في المائة، بمنشأة نطنز، في الأسبوع الأول من انطلاق المحادثات النووية بين إيران والقوى الكبرى بهدف إحياء الاتفاق النووي، في أبريل (نيسان) 2021، كما أوقفت طهران الامتثال لبنود البروتوكول الإضافي الملحق بمعاهدة حظر الانتشار، وترفض طهران، منذ ذلك الحين، تسليم الوكالة الدولية تسجيلات كاميرات المراقبة.
وبعد تعثر مسار فيينا، المتقطع في مارس (آذار) العام الماضي، وإبقائها في حالة معلّقة، رفعت طهران مستوى التخصيب على دفعتين، ففي يوليو (تموز) الماضي بدأت التخصيب بنسبة 20 في المائة في منشأة فوردو، قبل أن ترفع نسبة التخصيب إلى 60 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني).
وفشل آخِر مساعي إعادة تنشيط المسار التفاوضي في سبتمبر (أيلول). وبعد اندلاع الاحتجاجات إثر وفاة مهسا أميني، أعلن مسؤولون أميركيون أن مسألة المفاوضات باتت خارج أولويات الإدارة الأميركية. وعلى خلاف ذلك، يتحدث المسؤولون الإيرانيون عن استمرار تبادل الرسائل مع الإدارة الأميركية. ولم تعلق «الخارجية» الأميركية على تقارير حول لقاءات جمعت المبعوث الأميركي الخاص بإيران روب مالي، ومندوب إيران الدائم لدى الأمم المتحدة سعيد إيرواني.
ونقل وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، من أطراف الاتفاق النووي إلى نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، لكن آل ثاني قال إن الرسالة لا تتعلق بالقضية النووية مباشرة.
وتعليقاً على الرسالة، قال نائب المتحدث باسم «الخارجية» الأميركية فيدانت باتيل، في مؤتمر صحافي، الأربعاء، إن «خطة العمل المشتركة الشاملة (الاسم الرسمي للاتفاق النووي) لم تكن على جدول الأعمال منذ شهور». وأضاف: «لقد قتل الإيرانيون فرصة العودة السريعة إلى التنفيذ الكامل للاتفاق النووي في سبتمبر عندما أداروا ظهورهم لصفقة كانت مطروحة على الطاولة وافق عليها الجميع. منذ سبتمبر، ينصبّ تركيزنا على الدفاع عن الحريات الأساسية للشعب الإيراني، والوقوف إلى جانب الشعب الإيراني، ومواجهة شراكة إيران العسكرية العميقة مع روسيا ودعمها للحرب الروسية غير الشرعية في أوكرانيا».