باحثون: مسببات الأمراض الفطرية تتكيف مع الاحتباس الحراري بشكل خطير!

باحثون: مسببات الأمراض الفطرية تتكيف مع الاحتباس الحراري بشكل خطير!
TT

باحثون: مسببات الأمراض الفطرية تتكيف مع الاحتباس الحراري بشكل خطير!

باحثون: مسببات الأمراض الفطرية تتكيف مع الاحتباس الحراري بشكل خطير!

أظهر باحثون كيف يمكن للفطريات المسببة للأمراض أن تتطور في مناخ دافئ لتحمّل بشكل أفضل الحرارة داخل أجسامنا.
وبالنظر إلى أن الحرارة هي التي تقوم بمعظم مهمة حمايتنا من هذه التهديدات، فإن المعنى الضمني هو أن هذه العوامل الممرضة قد تصبح خطرًا أكبر من حيث المرض لأنها تتكيف مع كوكب يزداد سخونة باستمرار.
وتقول عالمة الوراثة الجزيئية عالمة الأحياء المجهرية آسيا جوسا من كلية الطب بجامعة ديوك بنورث كارولينا «هذه ليست أمراضًا معدية بالمعنى الساري؛ فنحن لا ننقل الفطريات لبعضنا البعض. إننا نتنفس جراثيم الفطريات طوال الوقت وأن جهاز المناعة لدينا مجهز لمكافحتها».
فقد نظر فريق الدراسة الجديدة بالتفصيل في فطر ممرض يسمى «Cryptococcus deneoformans» ووضعه في ظروف معملية ورفع درجة حرارته من 30 درجة مئوية (86 درجة فهرنهايت) إلى 37 درجة مئوية (98.6 درجة فهرنهايت). وقد أدت هذه الضغوط الحرارية إلى تغيير المشهد الجيني للفطريات بشكل كبير، وفق موقع «ساينس إليرت» العلمي المتخصص نقلا عن PNAS.
وعلى وجه التحديد، كان هناك المزيد من الحركة بين «الجينات القافزة»؛ تلك العناصر القابلة للنقل داخل الحمض النووي التي يمكن أن تغير موضعها في الجينوم خمسة أضعاف الحركة عند درجة حرارة أعلى. وفي حين أن هذه العناصر القابلة للنقل لا تصنع البروتينات بشكل مباشر، إلا أنها يمكن أن تؤثر على طريقة عمل الجينات الأخرى.
وتم تعقب ثلاثة جينات قافزة على وجه الخصوص: T1 و Tcn12 و Cnl1، تشير التحولات التي أجراها الفريق داخل الجينات والجينوم إلى أنها قد تغير طريقة ترميز الجينات، وربما تؤدي إلى مقاومة الأدوية. فيما لا يزال من غير الواضح تمامًا النتيجة النهائية لهذا النشاط المتزايد.
وفي هذا الاطار، تم إجراء مزيد من الاختبارات على الفئران؛ حيث كان نشاط العناصر القابلة للنقل أكثر وضوحًا. لذلك يعتقد الباحثون أن وجود الحيوان في الواقع، مع استجابته المناعية وعمليات أخرى، قد يزيد من الحركة.
وتؤكد جوسا «لقد رأينا دليلًا على تعبئة جميع العناصر الثلاثة القابلة للنقل في جينوم الفطريات بغضون 10 أيام فقط من إصابة الفأر. من المحتمل أن تساهم هذه العناصر المتحركة في التكيف في البيئة وأثناء الإصابة. ويمكن أن يحدث هذا بشكل أسرع لأن الإجهاد الحراري يسرع من عدد الطفرات التي تحدث».
لم يحن الوقت بعد لبناء مخبأ تحت الأرض، إذ لا يزال البحث في مراحله الأولى ولا يشمل بشرًا حقيقيين. والأكثر من ذلك، أن الجراثيم الفطرية عمومًا أكبر من الفيروسات، لذا فإن الاحتياطات مثل أقنعة الوجه ستكون أكثر فعالية ضدها. لكن ما أظهره البحث هو أن زيادة الحرارة تؤدي إلى تغيرات جينية أسرع في «C. deneoformans». والخلاصة هي أن الفطريات الخطرة يمكن أن تتطور بسرعة أكبر مما كنا نظن مع ارتفاع درجات الحرارة في جميع أنحاء العالم.
أما المرحلة التالية فهي دراسة مسببات الأمراض من الأشخاص الذين أصيبوا بعدوى فطرية انتكاسية. حيث تقتل عدوى مثل هذه بالفعل مئات الآلاف من الأشخاص سنويًا، ولكن في الوقت الحالي لا يتعرض للخطر سوى الأشخاص الذين يعانون من ضعف شديد في المناعة. ويمكن أن يبدأ هذا في التغيير يومًا ما، وفق جوسا، التي تؤكد «هذا هو بالضبط نوع الشيء الذي أتحدث عنه. الأمراض الفطرية آخذة في الارتفاع، ويرجع ذلك إلى حد كبير لزيادة عدد الأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة أو الظروف الصحية الأساسية».


مقالات ذات صلة

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

المشرق العربي فلسطيني يحمل طفلة صغيرة مصابة داخل مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة (أ.ف.ب)

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

حذرت وزارة الصحة في قطاع غزة من توقف جميع مستشفيات القطاع عن العمل أو تقليص خدماتها خلال 48 ساعة بسبب نقص الوقود، إذ ترفض إسرائيل دخوله للقطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
صحتك سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

تعتمد الأوساط الطبية بالعموم في تحديد «مقدار وزن الجسم» على عدد الكيلوغرامات بوصفه «رقماً»

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

كشفت أحدث دراسة تناولت العوامل المؤثرة على ضغط الدم، عن الخطورة الكبيرة للحياة الخاملة الخالية من النشاط على الصحة بشكل عام، وعلى الضغط بشكل خاص.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك الصداع النصفي: خيارات العلاج المستهدف

الصداع النصفي: خيارات العلاج المستهدف

الصداع النصفي ليس مجرد صداع عادي يعاني منه الجميع في وقتٍ ما، بل هو اضطراب عصبي معقد يمكن أن يُشعر المريض وكأن العالم قد توقف.

د. عبد الحفيظ يحيى خوجة (جدة)
صحتك استشارات طبية: المغنيسيوم والنوم... وعدم تحمّل دواء خفض الكوليسترول

استشارات طبية: المغنيسيوم والنوم... وعدم تحمّل دواء خفض الكوليسترول

ما تأثير تناول المغنيسيوم الغذائي بالعموم، أو أقراص مكملات المغنيسيوم، على النوم؟

د. حسن محمد صندقجي

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
TT

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

وقّعت هذه المرأة الأميركية التي تعيش وتعمل في العاصمة الألمانية، عقداً مع شركة «توموروو بايوستيتس» الناشئة المتخصصة في حفظ الموتى في درجات حرارة منخفضة جداً لإعادة إحيائهم في حال توصّل التقدم العلمي إلى ذلك يوماً ما.

وعندما تتوفى زيغلر، سيضع فريق من الأطباء جثتها في حوض من النيتروجين السائل عند حرارة 196 درجة مئوية تحت الصفر، ثم ينقلون الكبسولة إلى مركز في سويسرا.

وتقول زيغلر، وهي مديرة لقسم المنتجات في إحدى شركات التكنولوجيا في كاليفورنيا، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «بشكل عام، أحب الحياة ولدي فضول لمعرفة كيف سيبدو عالمنا في المستقبل».

ولم يعد علم حفظ الجسم بالتبريد الذي ظهر في ستينات القرن العشرين، مقتصراً على أصحاب الملايين أو الخيال العلمي كما ظهر في فيلم «ذي إمباير سترايكس باك» الذي تم فيه تجميد هان سولو، وفيلم «هايبرنيتس» حين يعود رجل تحرر من الجليد القطبي، إلى الحياة.

توفّر شركات في الولايات المتحدة هذه الخدمة أصلاً، ويُقدّر عدد الأشخاص الذي وُضعت جثثهم في التبريد الأبدي بـ500 فرد.

50 يورو شهرياً

تأسست «توموروو بايوستيتس» عام 2020 في برلين، وهي الشركة الأولى من نوعها في أوروبا.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول إميل كيندزورا، أحد مؤسسي الشركة، إن أحد أهدافها «هو خفض التكاليف حتى يصبح تبريد الجثة في متناول الجميع».

إميل كيندزورا أحد مؤسسي «توموروو بايوستيتس» يقف داخل إحدى سيارات الإسعاف التابعة للشركة خارج مقرها في برلين (أ.ف.ب)

ولقاء مبلغ شهري قدره 50 يورو (نحو 52.70 دولار) تتقاضاه من زبائنها طيلة حياتهم، تتعهد الشركة الناشئة بتجميد جثثهم بعد وفاتهم.

يضاف إلى الـ50 يورو مبلغ مقطوع قدره 200 ألف يورو (نحو 211 ألف دولار) يُدفع بعد الوفاة - 75 ألف يورو (نحو 79 ألف دولار) لقاء تجميد الدماغ وحده - ويمكن أن يغطيه نظام تأمين على الحياة.

ويقول كيندزورا (38 سنة) المتحدر من مدينة دارمشتات في غرب ألمانيا، إنه درس الطب وتخصص في الأبحاث المتعلقة بالسرطان، قبل أن يتخلى عن هذا الاختصاص بسبب التقدم البطيء في المجال.

وتشير «توموروو بايوستيتس» إلى أنّ نحو 700 زبون متعاقد معها. وتقول إنها نفذت عمليات تبريد لأربعة أشخاص بحلول نهاية عام 2023.

ويلفت كيندزورا إلى أنّ غالبية زبائنه يتراوح عمرهم بين 30 و40 سنة، ويعملون في قطاع التكنولوجيا، والذكور أكثر من الإناث.

عندما يموت أحد الزبائن، تتعهد «توموروو بايوستيتس» بإرسال سيارة إسعاف مجهزة خصيصاً لتبريد المتوفى باستخدام الثلج والماء. يتم بعد ذلك حقن الجسم بمادة «حفظ بالتبريد» ونقله إلى المنشأة المخصصة في سويسرا.

دماغ أرنب

في عام 2016، نجح فريق من العلماء في حفظ دماغ أرنب بحال مثالية بفضل عملية تبريد. وفي مايو (أيار) من هذا العام، استخدم باحثون صينيون من جامعة فودان تقنية جديدة لتجميد أنسجة المخ البشري، تبين أنها تعمل بكامل طاقتها بعد 18 شهراً من التخزين المبرد.

لكنّ هولغر رينش، الباحث في معهد «آي إل كاي» في دريسدن (شرق ألمانيا)، يرى أنّ الآمال في إعادة شخص متجمد إلى الحياة في المستقبل القريب ضئيلة جداً.

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نشكّ في ذلك. أنصح شخصياً بعدم اللجوء إلى مثل هذا الإجراء».

ويتابع: «في الممارسة الطبية، إنّ الحدّ الأقصى لبنية الأنسجة التي يمكن حفظها بالتبريد هو بحجم وسمك ظفر الإبهام، والوضع لم يتغير منذ سبعينات القرن العشرين».

ويقرّ كيندزورا بعدم وجود ضمانات، ويقول: «لا نعرف ما إذا كان ذلك ممكناً أم لا. أعتقد أن هناك فرصة جيدة، لكن هل أنا متأكد؟ قطعاً لا».

بغض النظر عما يمكن أن يحدث في المستقبل، تقول زيغلر إنها متأكدة من أنها لن تندم على قرارها. وتضيف: «قد يبدو الأمر غريباً، لكن من ناحية أخرى، البديل هو أن يضعوك داخل تابوت وتأكلك الديدان».