«النقد الدولي»: بدأنا طريق العودة للتعافي مع النمو المستدام والأسعار المستقرة

رفع توقعاته بنمو الاقتصاد العالمي إلى 2.9 %

غورينشاس يتوسط مديري قسم البحوث بالصندوق في مؤتمر صحافي أمس (أ.ف.ب)
غورينشاس يتوسط مديري قسم البحوث بالصندوق في مؤتمر صحافي أمس (أ.ف.ب)
TT

«النقد الدولي»: بدأنا طريق العودة للتعافي مع النمو المستدام والأسعار المستقرة

غورينشاس يتوسط مديري قسم البحوث بالصندوق في مؤتمر صحافي أمس (أ.ف.ب)
غورينشاس يتوسط مديري قسم البحوث بالصندوق في مؤتمر صحافي أمس (أ.ف.ب)

رفع صندوق النقد الدولي توقعاته بنمو الاقتصاد العالمي إلى 2.9 في المائة للعام الجاري، ارتفاعا من توقعاته السابقة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، والتي بلغت 2.7 في المائة، لكن التوقعات ما زالت متباطئة نسبياً مقارنة بالنمو البالغ 3.4 في المائة في عام 2022. فيما بدت نبرة تفاؤل في التوقعات بنمو الاقتصاد لعام 2024، حيث توقع الصندوق نمواً يبلغ 3.1 في المائة، ارتفاعاً من 3 في المائة في توقعاته السابقة.
واستبعد صندوق النقد أن ينزلق الاقتصاد العالمي إلى حالة من الركود الاقتصادي، وهو أمر لم يستبعده خبراء الاقتصاد أواخر العام الماضي.
وقال كبير الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي، بيير أوليفييه غورينشاس، في مؤتمر صحافي أمس: «لقد تحسنت الظروف العالمية مع بدء ضغوط التضخم في الانحسار... لقد بدأ للتو طريق العودة إلى التعافي الكامل مع النمو المستدام والأسعار المستقرة والتقدم للجميع».
وأشار غورينشاس إلى مساهمة كل من الصين والهند معاً في نصف النمو العالمي لهذا العام، بينما تساهم الولايات المتحدة وأوروبا بنسبة 10 في المائة. وأكد غورينشاس «إعادة فتح الصين بالتأكيد عامل إيجابي سيؤدي إلى مزيد من النشاط».
وقال الصندوق في تقرير «آفاق الاقتصاد العالمي» أمس الثلاثاء، إن أسباب تحسن توقعات نمو الاقتصادي ترجع إلى تخفيف الصين، ثاني أكبر اقتصاد عالمي، لسياساتها لتدابير «صفر كوفيد»، مما يمهد لانتعاش أفضل. كما قال صندوق النقد الدولي إن «إعادة فتح الصين في الآونة الأخيرة مهدت الطريق لانتعاش أسرع من المتوقع». كما أظهرت بعض دول العالم مرونة مفاجئة في مواجهة التضخم المرتفع، وأسعار الفائدة المرتفعة، وحرب روسيا المستمرة ضد أوكرانيا.
يتوقع صندوق النقد الدولي أن ينمو الاقتصاد الصيني بنسبة 5.2 في المائة هذا العام، ارتفاعاً من توقعات أكتوبر البالغة 4.4 في المائة. وحقق اقتصاد بكين نمواً بنسبة 3 في المائة فقط في عام 2022، وهو العام الأول منذ أكثر من 40 عاماً، كما أشار الصندوق، إلى أن الصين توسعت بشكل أبطأ من العالم ككل، لكن من المتوقع أن يؤدي إنهاء قيود «كورونا» إلى إحياء النشاط في عام 2023.
وتفاءل التقرير بالنمو في الهند، حيث توقع أن ينمو الاقتصاد الهندي إلى 6.1 في المائة خلال العام الحالي، ويرتفع إلى 6.8 في المائة خلال عام 2024.
وتوقع صندوق النقد نمو اقتصاد الولايات المتحدة بواقع 1.4 في المائة بزيادة 0.4 نقطة مئوية عن التوقعات السابقة، كما توقع التقرير توسع الاقتصاد الروسي بنسبة 0.3 في المائة بعد انكماش بنسبة 2.3 في المائة في أكتوبر الماضي. واستبعد التقرير أن يؤثر فرض سقف لأسعار النفط الروسي الذي فرضته مجموعة السبع على صادرات الخام الروسي، مع توجه روسيا لإرسال النفط إلى الدول غير الملتزمة بفرض هذه العقوبات.
وفي منطقة اليورو توقع الصندوق تحقيق نمو بنسبة 0.7 في المائة خلال عام 2023 أي بواقع 0.2 نقطة مئوية أعلى مما كان متوقعاً من قبل، وتوقع أن ينمو الاقتصاد الألماني بنسبة 1.4 في المائة العام المقبل، بينما خفّض توقعات النمو للاقتصاد البريطاني إلى 0.6 في المائة.
وجاءت توقعات الصندوق لاقتصادات الدول النامية والناشئة أفضل، حيث توقع نمواً بنسبة 4 في المائة بزيادة قدرها 0.3 في المائة من التوقعات السابقة، وأفضل نسبياً من معدل النمو في 2022 البالغ 3.9 في المائة.
وخفض الصندوق توقعاته لنمو الاقتصاد السعودي، أكبر الاقتصادات العربية، خلال عام 2023 إلى 2.6 في المائة، مقارنة مع توقعاته السابقة التي بلغت 3.7 في المائة، فيما توقع نمواً بنسبة 3.4 في المائة في عام 2024.
وأشاد التقرير بقدرة الدول المنتجة للنفط، والتي تملك احتياطيات مالية مثل المملكة العربية السعودية في إدارة التحديات الاقتصادية التي واجهت العالم، وأرجع التقرير ذلك إلى الملاءة المالية الجيدة التي تتمتع بها المملكة العربية السعودية بسبب عائدات النفط.
وخفض الصندوق من توقعاته بنمو اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى 3.2 في المائة، خلال العام الحالي، مقارنة مع 3.6 في المائة، مما كان متوقعاً في أكتوبر الماضي.
وجاء الخفض بسبب الأزمات الاقتصادية الخانقة التي تعاني منها الدول غير النفطية في منطقة الشرق الأوسط، وتداعيات وباء «كورونا»، وتأثيرات الحرب الروسية الأوكرانية، إضافة إلى سياسات التشديد النقدي وأزمات التضخم؛ مما يؤدي إلى ركود اقتصادي لبعض الدول خلال العام الحالي.
وتعاني مصر هبوطاً لعملتها أمام الدولار، كما تعاني دول مثل تونس والأردن والسودان ولبنان أزمات اقتصادية متباينة؛ لأسباب متعددة تتعلق بتأثير الحرب في أوكرانيا وتداعياتها على أسعار السلع الأساسية. وأشارت بيتيا كويفا بروكس نائبة مديرة إدارة البحوث بصندوق النقد، إلى أن «الوضع صعب للدول غير النفطية، ومعظم الدول مثقلة بالديون، ويشكل ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الغذائية عبئاً كبيراً».
وتوقع الصندوق تباطؤ معدلات التضخم هذا العام نتيجة الزيادات الحادة في أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي والبنوك المركزية الرئيسية الأخرى.
ومن المتوقع أن تؤدي هذه الزيادات في أسعار الفائدة إلى إبطاء طلب المستهلكين الذي أدى إلى ارتفاع الأسعار. على الصعيد العالمي، يتوقع صندوق النقد الدولي أن ينخفض تضخم المستهلك من 8.8 في المائة العام الماضي إلى 6.6 في المائة في عام 2023، و4.3 في المائة في عام 2024.


مقالات ذات صلة

الإمارات توافق على تمديد سداد ملياري دولار لباكستان

الاقتصاد منظر عام لمدينة أبوظبي (رويترز)

الإمارات توافق على تمديد سداد ملياري دولار لباكستان

قال رئيس وزراء باكستان، شهباز شريف، يوم الثلاثاء، إن الإمارات العربية المتحدة وافقت على تمديد سداد قرض بقيمة ملياري دولار كان من المقرر دفعه هذا الشهر.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد )
الاقتصاد العاصمة العمانية مسقط (وكالة الأنباء العمانية)

الإيرادات العمانية ترتفع 15 % في 2024 مدفوعة بزيادة أسعار النفط

كشفت البيانات الأولية الصادرة عن وزارة المالية العمانية، الخميس، تسجيل البلاد إيرادات تُقدر بنحو 12.7 مليار ريال عماني (33 مليار دولار) في عام 2024.

«الشرق الأوسط» (مسقط)
الاقتصاد سكان محليون يشترون طعاماً من سوق أمام مبنى سكني تضرر ببلدة بوردينكا في بداية الهجوم الروسي على أوكرانيا (رويترز)

أوكرانيا تتلقى 1.1 مليار دولار من صندوق النقد الدولي

أعلن رئيس الوزراء الأوكراني، دينيس شميهال، أن بلاده تلقت دفعة جديدة بقيمة 1.1 مليار دولار من صندوق النقد الدولي ستخصَّص لتغطية النفقات الحيوية في الموازنة.

«الشرق الأوسط» (كييف)
المشرق العربي حزم من الليرة السورية في المصرف التجاري السوري بدمشق نوفمبر 2022 (أ.ف.ب)

صندوق النقد: مستعدون لمساعدة سوريا في إعادة الإعمار عندما تسمح الظروف

قالت المتحدثة باسم صندوق النقد الدولي جولي كوزاك اليوم الخميس إن الصندوق مستعد لمساعدة سوريا في إعادة الإعمار مع المجتمع الدولي.

«الشرق الأوسط» «الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد الرئيس الغاني المنتخب جون دراماني ماهاما خلال المقابلة مع «رويترز» (رويترز)

رئيس غانا: لا انسحاب من اتفاق صندوق النقد الدولي... بل تعديلات

قال الرئيس الغاني المنتخب جون دراماني ماهاما إنه لن يتخلى عن حزمة الإنقاذ البالغة 3 مليارات دولار والتي حصلت عليها البلاد من صندوق النقد الدولي.

«الشرق الأوسط» (أكرا)

هل يؤكد «الفيدرالي» توقف خفض الفائدة في محضر اجتماع ديسمبر؟

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

هل يؤكد «الفيدرالي» توقف خفض الفائدة في محضر اجتماع ديسمبر؟

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

أشار مسؤولو «الاحتياطي الفيدرالي» إلى أن تخفيضات أسعار الفائدة الإضافية مؤجلة حالياً بسبب تباطؤ التقدم في محاربة التضخم والاقتصاد الأميركي القوي، لكن محضر اجتماع البنك المركزي في ديسمبر (كانون الأول) قد يظهر مدى توافق هذه الرؤية بين صانعي السياسات الذين يواجهون بيئة اقتصادية غير مؤكدة مع قدوم إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وبعد خفض الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية في اجتماع 17-18 ديسمبر، قال رئيس «الاحتياطي الفيدرالي»، جيروم باول، إن صانعي السياسات قد يكونون الآن «حذرين» بشأن تخفيضات إضافية، وأشار إلى أن بعض المسؤولين بدأوا في اتخاذ قراراتهم المقبلة، كما لو كانوا «يقدون في ليلة ضبابية أو يدخلون غرفة مظلمة مليئة بالأثاث» بسبب الغموض بشأن تأثير مقترحات التعريفات والضرائب والسياسات الأخرى لترمب.

ومن المتوقع أن يساعد محضر الاجتماع، الذي سيتم نشره في الساعة 18:00 (بتوقيت غرينتش)، يوم الأربعاء، في توضيح كيفية تعامل صانعي السياسات مع تخفيضات الفائدة المستقبلية. وأظهرت التوقعات الصادرة بعد اجتماع ديسمبر أن المسؤولين يتوقعون خفضاً بمقدار نصف نقطة مئوية هذا العام، مقارنة مع نقطة مئوية كاملة في سبتمبر (أيلول).

وقال محللون من «سيتي بنك»: «من المرجح أن يعكس المحضر وجهة النظر المتشددة نسبياً بالكامل». وأضافوا أن هذا قد يتضمن مناقشة المخاوف من أن التضخم قد يظل مرتفعاً إذا لم تبقَ أسعار الفائدة مرتفعة بما فيه الكفاية، وربما يتناول المحضر أيضاً أن معدل الفائدة المطلوب لإعادة التضخم إلى هدف «الاحتياطي الفيدرالي» البالغ 2 في المائة قد ارتفع.

«سيكون هذا جزءاً من مبررات اللجنة التي تخطط الآن لتقليل وتيرة تخفيضات الفائدة»، كما كتب فريق «سيتي بنك».

وخفض «الاحتياطي الفيدرالي» سعر الفائدة بمقدار نقطة مئوية كاملة في آخر ثلاثة اجتماعات له في عام 2024، ليصبح النطاق المرجعي للفائدة الآن بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة.

ومنذ ذلك الحين، بقيت البيانات الاقتصادية مستقرة عبر عدة مجالات مهمة، مع استمرار النمو فوق 2 في المائة، وبقاء معدل البطالة في نطاق منخفض يصل إلى 4 في المائة، بينما سجل مؤشر الأسعار المفضل لدى «الاحتياطي الفيدرالي»، الذي يُعرف بمؤشر الإنفاق الاستهلاكي الشخصي، مؤخراً 2.4 في المائة.

وقال مسؤولو «الاحتياطي الفيدرالي» الذين تحدثوا علناً منذ الاجتماع الأخير، إنه لا يوجد سبب للاستعجال في تخفيضات إضافية حتى يتضح أن هناك تغييراً في البيانات، مثل انخفاض واضح في التوظيف وارتفاع في البطالة، أو انخفاض مجدد في التضخم نحو هدف 2 في المائة.

على سبيل المثال، قال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في ريتشموند توماس باركين، الأسبوع الماضي، إنه يعتقد أنه يجب على «الفيدرالي» الحفاظ على ظروف الائتمان مشددة حتى تكون هناك «ثقة حقيقية في أن التضخم قد انخفض بشكل مستقر إلى هدف 2 في المائة... ثانياً، سيكون هناك ضعف كبير في جانب الطلب في الاقتصاد».

وسيُظهر تقرير الوظائف الجديد يوم الجمعة كيف تغيّر التوظيف والأجور في ديسمبر. كما أظهر مسح منفصل لسوق العمل في نوفمبر (تشرين الثاني)، الذي صدر يوم الثلاثاء، صورة عامة من الاستقرار -أو على الأقل التغير البطيء. وكانت هناك زيادة صغيرة في فرص العمل، وهو ما يُعد علامة على استمرار القوة الاقتصادية، لكن كان هناك انخفاض طفيف في التوظيف وعدد العمال الذين استقالوا طواعية، وهو ما يُعد علامات على بيئة توظيف أضعف.

ومن المحتمل أن يظهر محضر الاجتماع أيضاً مناقشات مفصلة بين مسؤولي «الاحتياطي الفيدرالي» حول موعد إيقاف جهودهم الحالية لتقليص حجم ميزانية البنك المركزي. وبعد خفض نحو 2 تريليون دولار من حيازاتهم من السندات منذ صيف 2022، من المتوقع على نطاق واسع أن يُنهي المسؤولون هذه الجهود في وقت ما من عام 2025.

ويتوقع بعض مراقبي «الفيدرالي» أن يوفر المحضر معلومات جديدة حول نهاية ما يُعرف بتشديد السياسة النقدية الكمي.